محتويات
النجوم
تختلفُ النجوم عن بعضها البعض في الشكل، والحجم، واللون، ودرجة اللمعان. وتُعرّف النجوم على أنّها أجرام سماويّة تُطلِق كميّات كبيرة جداً من الإشعاعات الكهرومغناطيسية نتيجة التفاعلات الحاصلة داخلها، وجميع النّجوم هي عبارةٌ عن كُراتٍ غازيّة عملاقة مُكوّنة في مُعظمها من عنصري الهيدروجين والهليوم، وهي البناءُ الأساسي للمادة في المجرّات والكون وأكثرُ الأجرام السماوية شُيوعاً بالفضاء. أما الفارقُ الأساسي الذي يُميّز النجم عن الكوكب فهو أن للنجوم مصدراً للطّاقة، إذ تستمدُّ طاقتها من عملية فيزيائية تجري في مراكزها تُسمّى الاندماج النووي.
تمر النجوم عند ولادتها بمراحل عدة، أهمها: مرحلة التكاثف التي يأخذ النجم فيها شكلاً كروياً، ومرحلة الانكماش التي يُصاحبها ارتفاع درجة حرارة باطن النجم إلى مستويات عالية جداً، ومرحلة الاندماج النووي؛ التي تنتج عنها الطاقة الهائلة التي تُضيء النجم وتبعث منه الضوء والحرارة.[١]
الكون مليءٌ بمليارات الترليونات من النجوم التي تتوزَّعُ على عشرات مليارات المجرّات، ففي مجرّة درب التبانة لوحدها يُوجد ما يُقدّر بـ100 إلى 400 مليار نجم تشغلُ مساحة شاسعة من الفضاء. وعند النظر إلى السّماء في الليل من موقعٍ مُظلمٍ تماماً تظهر وكأنها مُرصَّعة بالنجوم، لكن لا يظهرُ للعين المجردة سوى عدد صغير جداً من نجوم درب التبانة وحدها، كما لا يمكن رؤية نجوم أي مجرّات أخرى من الأرض. ويُقدّر علماء الفلك عدد النجوم في الكون بأرقام عملاقة جداً، أحد التقديرات يُشير إلى أن في الكون عشر سكستليوناتٍ من النجوم، وهذا الرقم يُعادل العدد واحد وعلى يمينه 22 صفراً. لهذا السَّبب من الرائج بين عُلماء الفلك القول إن “عدد النجوم في الكون أكثرُ من عدد حبيبات الرمال على جميع شواطئ الأرض مُجتمعة”، وتُشير بعض التقديرات الرياضية إلى أنَّ هذه المقولة قد تكون دقيقةً جداً.[٢]
دورة حياة النجوم
تبدأُ النجوم حياتها من سُحبٍ عملاقة من الغاز تطفُو في الفضاء، وهي تُسمّى السُّدم (بالإنكليزيّة: Nebulae)، هذه السّحب موجودةٌ بكثرة في المجرات، ومن المُمكن أن يعاد تشكيلها باستمرارٍ بعد موت النجوم. مع مُرور الوقت تميلُ أجزاءٌ من هذه السحب الغازيّة للتكاثف والتقاربُ من بعضها بفعل قوى الجاذبيّة، ومع تطوّر هذه العملية تنقسمُ السحابة إلى عددٍ من الكرات الغازيّة العملاقة الكثيفة، التي تجتذبُ إليها مُعظم جزيئات الغاز التي كانت تُؤلّف السحابة في السابق. وليس بالضّرورة أن تمتصَّ هذه الكرة كلَّ المادة: فهي تجتذبُ معظمها، لكن من الشائع أن تبقى حولها بقايا كثيرةٌ من الغاز والغُبار والتي تتكاثفُ لاحقاً لتتحوَّل إلى كواكب ومُذنّبات، وغير ذلك من الأجرام المُحيطة بالنجوم.[٣]
عندما يزدادُ حجم الكرة الغازيّة كثيراً يُصبح وزنها ثقيلاً جداً، لأنَّ ثمة كميّة هائلة من المادّة التي تنجذبُ نحو مركزها، وبالتالي تنهارُ تلقائيّاً على نفسها، ويُسبّب هذا الانهيار عمليّةً مُهمةً جداً في حياة النجوم، وهي تُسمّى بالاندماج النووي. يبدأ الاندماجُ النووي عندما ترتفعُ درجة الحرارة في باطن النجم بفعل الضغط الواقع عليه، وهذه الحرارة عندما تصلُ إلى درجة عالية جداً تجعلُ ذرات الهيدروجين الموجودة في مركز النجم تندمجُ مع بعضها البعض، إذ تتَّحدُ كل ذرَّتين من الهيدروجين معاً لتُكوّنا ذرة هليوم واحدة، فلدى عُنصر الهيدروجين بروتون واحد في نواة ذرّته، بينما لذرّة الهليوم بروتونان، وعندما تجتمع ذرات الهيدروجين لتتحوَّلَ إلى الهليوم تقعُ عملية فيزيائيّة تُحرِّر كميّة هائلة من الطاقة، وتنبعثُ هذه الطاقة على هيئة موجاتٍ كهرومغناطيسية تُرسل الكثير من الضوء والحرارة حول النجم. وبهذه الطَّريقة يكونُ النجم قد بدأ المرحلة الأساسيّة في حياته، وهي المرحلة التي تمرُّ بها الشمس في الوقت الحاضر.[٣]
خلال هذه المرحلة يكونُ النجم أشبه بمُحرّك يحرق الوقود ليُنتج الطاقة، فالوقودُ الذي يستهلكه هو غاز الهيدروجين، والطاقة التي يُنتجها هي الضوء والحرارة. وتُعرَف النجوم التي تمرُّ بهذه المرحلة باسم النجوم المُتسلسلة (بالإنكليزيّة: Main Sequence Stars)، ويُمكن تقسيمُ هذه النجوم إلى أنواعٍ بحسب أطيافها الحراريّة، كما هو مُوضَّحٌ في الفقرة أدناه.[٣]
وبصُورة عامة كلّما ازداد حجمُ النجم تُصبح حياته أقصر. فالنجوم الصّغيرة تعيشُ لمليارات السنين على هيئة نُجوم متسلسلة، وأما تلك كبيرة الحجم فهيَ سُرعان ما تمرّ بالكثير من الاضطرابات، وتبدأ المرحلة المُتأخّرة من حياة النجم عندما يستنزفُ كلّ ما في داخله من غاز الهيدروجين، وبالتالي يفقدُ الوقود الذي يُمكّنه من إنتاج الطاقة، وتتوقَّفُ التفاعلات النووية في داخله. وتمرُّ النجوم بالعديد من الأطوار غير المُستقرّة بعد ذلك، تبعاً لحجمها وطبيعتها، ومن ثمَّ تنتهي حياتُها بالعديد من الطّرق، فقد تتحوَّل إلى نُجومٍ نيوترونية شديدة الكثافة، أو تنفجرُ بشكلٍ عنيف جداً يُعرَف بالمستعر الأعظم (بالإنكليزيّة: Supernova)، أو تتحوَّلُ إلى ثقوبٍ سوداء.[٣]
أنواع النجوم
أنواع النجوم بحسب التصنيف الطيفيّ
جميعُ النجوم المُتسلسلة أي النجوم التي تمر بالمرحلة الأساسيّة في حياتها تُشعّ الكثير من الأمواج الكهرومغناطيسيّة، لكنَّ هذه الموجات تتركَّزُ عادةً عند أجزاءٍ مُعيّنة الطيف، والسَّببُ في ذلك أن النجوم كُلّما كانت أكبر حجماً ترتفعُ حرارتها، وتُصدر موجات كهرومغناطيسية ذات تُردّدات عالية، ولذلك يبدُو لونها قريباً من الأزرق، وأما النجوم الأصغر حجماً فتكون قليلة الحرارة، وتُصدر موجات كهرومغناطيسيّة لها تردّدات مُنخفضة، ولذلك يكون لونها مائلاً للأحمر. ويُقسّم علماء الفلك النجوم إلى سبعة أنواعٍ بحسب أطيافها:[٤]
- O: نجومٌ زرقاء اللون، حرارتها 30,000 – 60,000 كلفن.
- B: لونها بين الأبيض والأزرق، حرارتها 10,000 – 30,000 كلفن.
- A: نجوم بيضاء، حرارتها 7,500 – 10,000 كلفن.
- F: لونها بين الأبيض والأصفر، حرارتها 6,000 – 7,500 كلفن.
- G: نجوم صفراء، حرارتها 5,000 – 6,000 كلفن، وأشهرها هي الشمس.
- K: تتراوحُ بين الصفراء والبرتقالية، حرارتها 3,500 – 5,000 كلفن.
- M: نجومٌ حمراء، تكون حرارتها أقلّ من 3,500 كلفن. منها العمالقة الحمراء، ومن أشهرها نجمُ قلب العقرب.
أنواع النجوم بحسب التطوّر النجمي
تمرُّ النجوم أثناء مراحل تطوّرها من الولادة وحتى الموت بأطوارٍ كثيرة جداً، ولكُلّ نجمٍ دورة حياة مُختلفة تعودُ إلى حجمه وكتلته، ومن أهمّ هذه الأنواع ما يأتي:[٥]
- النجوم العملاقة: هي نجوم كبيرة الحجم ولمعانها شديد جداً، وتكونُ كتلتها (كمية المادّة فيها) أكبر من الشمس ببضعٍ عشرات من المرات.
- القزم البنيّ: وهي نجومٌ كتلتها أقلّ بكثيرٍ من أن تُولّد الحرارة الكافية في باطنها لتنطلق عمليّة الاندماج النووي، ولذا تبقَى كُراتٍ غازيةً باردةً شبيهةً بالكواكب، وتُسمّى نجوماً فاشلة.
- النجوم المتسلسلة: تعتبر هذه النجوم من النجوم العاديّة الشبيهة بالشمس.
- القزم الأحمر: هو نجم مُتسلسل لكنَّ كتلته صغيرة جداً، ولذا يتميّز بأن له لوناً أحمر قوياً ناتجاً عن ضعفِ التفاعلات النوويّة في داخله. تكونُ هذه النجوم أصغر بكثيرٍ من الشمس وأقلَّ حرارة، لكنها تظلّ موجودة لفتراتٍ طويلة جداً، لأنها تستهلكُ وقودها الهيدروجيني بُبطءٍ شديد، وتعتبر الأقزام الحمراء أكثر النجوم عدداً في الكون.
- العملاق الأحمر: تتسم هذه النجوم بأنها في مراحلها الأخيرة حيث انتهي الوقود الهيدروجيني في باطنها، ولذا تبدأ في دمج عنصر الهليوم الموجود في طبقاتها الخارجيّة، ممَّا يجعلُها تنتفخ بسُرعة شديدة بحيث تجعل حجم النجم يتضاعفُ مراتٍ كثيرةً.
- القزم الأبيض: هي نجوم مُحتضِرَة تمرُّ بالمراحل الأخيرة من حياتها، وتُطلَق هذه التسمية على النجوم المتوسطة الحجم التي مرت بمرحلة العملاق الأحمر، وتتسم هذه النجوم بأنّها تبرد لتصبح قزماً أسود، ولا تحدث أي تفاعلات في داخلها، لكنها تبقى ساخنةً بسبب الحرارة المحتبسة في مراحلها السابقة.
- المُستعر الأعظم: وتُسمّى السوبرنوفا (بالإنكليزيّة: Supernova)، وهي طريقةٌ تنتهي بها حياة النجوم، وهي عبارةٌ عن انفجارٍ عنيف جداً يُحرّر كمياتٍ هائلةً من الطاقة، وتتناثرُ بفعله جُزيئات النجم في مُختلف أنحاء الكون، وقد تتحوَّلُ البقايا التي يتركُها هذا الانفجار إلى أجرامٍ سماوية غريبة، منها السدم الكوكبيّة، والأقزام البيضاء، والنجوم النيوترونيّة، والثقوب السوداء.
- النجوم النيترونية: وهي من بقايا المستعمرات العظمى، وتتسم هذه النجوم بكثافتها الهائلة، وتحركها بسرعة كبيرة جداً أثناء دورانها حول نفسها، فهي تستطيعُ إكمال عشرات الدورات حول محورها في الثانية، وتكونُ كتلة النجم النيوتروني حوالي ضعفي كتلة الشمس، وعادةً ما تتألَّفُ كتلتها بالكامل من النيوترونات.
المراجع
- ↑ “Star | Astronomy”, Britannica, Retrieved 20-11-2016.
- ↑ Fraser Cain, “ARE THERE MORE GRAINS OF SAND THAN STARS?”، Universe Today, Retrieved 20-11-2016.
- ^ أ ب ت ث “Science Mission Directory | Stars”, NASA, Retrieved 20-11-2016.
- ↑ “Stellar Spectral Types”, Georgia State University, Retrieved 20-11-2016.
- ↑ Fraser Cain, “WHAT ARE THE DIFFERENT TYPES OF STARS?”، Universe Today, Retrieved 20-11-2016.