محتويات
'); }
أنواع الطلاق
باعتبار الحُكم
قسّمَ العلماء الطلاق باعتبار حُكمه إلى نوعَين، هما:
الطلاق السنّي
هو طلاق المرأة المدخول بها ولم تكن حائضاً، وهو مباح في الشرع،[١] ولصحّة حصول الطلاق السنّي، يجب أن تتحقّق فيه عدّة شروط على النحو الآتي:[٢]
- أن لا تكون المرأة حائضاً حال طلاقها، وعلى الرغم من أنّ الطلاق يقع إذا طلّق الرجل المرأة وهي حائض، إلّا أنّه يكون قد اقترف ذنباً عليه الاستغفار والتوبة منه.
- أن لا تكون المرأة في طُهر جامعها فيه الرجل، وإذا طلّقها الرجل في هذه الحالة فإنّ الطلاق يقع، ويكون الرجل قد اقترف ذنباً عليه الاستغفار والتوبة منه، وحتى يقع الطلاق صحيحاً يجب أن ينتظرها حتى تحيض وتطهر ولا يجامعها، ثمّ يُطلّقها بقوله: “أنت طالق”، أو “طلّقتك”، أو “زوجتي فلانة طالق”، وإذا قال: “أنتِ طالق بالثلاثة”، أو “أنتِ طالق طالق طالق”، فإنّه لا حاجة لهذه الزيادة؛ لأنّها لا تقع إلّا طلقة واحدة، ويُعَدّ الزوج آثماً بقولها، ويحتاج إلى التوبة، والاستغفار.
'); }
الطلاق البدعيّ
قسّم العلماء هذا النوع من الطلاق البدعي الذي يُعَدّ مُخالفاً للشرع إلى نوعَين، هما:[٣]
- طلاق بدعيّ من حيث الوقت: بمعنى أنّ الوقت الذي طلّقها فيه كان في وقت حيضتها، أو نفاسها، أو في وقت طُهرٍ جامعها فيه ولم يتبيّن حملها، وهذا النوع من الطلاق يقع إلّا أنّ فاعله يأثم، وعليه أن يراجع زوجته إن لم تكن الطلقة الثالثة، ويكون ذلك على النحو الوارد في قوله -صلّى الله عليه وسلّم- لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما سأله عن ابنه الذي طلّق زوجته وهي حائض: (مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيَتْرُكْهَا حتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وإنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ).[٤]
- طلاق بدعيّ من حيث العدد: بمعنى أنّ عدد الطلقات التي طلّقها بها لا تصحّ؛ كأن يقول لها: “أنتِ طالق بالثلاثة”، أو يقول لها: “أنتِ طالق، طالق، طالق” في المجلس نفسه، إذ إنّ هذا النوع من الطلاق يقع طلقة واحدة مع إثم فاعله، أمّا إذا كانت غير مدخول بها، أو كانت صغيرة لم تَحِض بعد، أو كبيرة قد أَيِست من المحيض، فله أن يُطلّقها متى شاء، ولا بدعة في طلاقها.
باعتبار جواز الرجعة
الطلاق الرجعي
هو أن يُطلّق الرجل زوجته طلقة أولى أو ثانية، ويمكن أن يراجعها قبل أن تنتهي العدّة، أمّا إذا انتهت العدّة ولم يُراجعها، فإنّه يتحوّل إلى طلاق بائن بينونة صُغرى، وفي ما يأتي أحكام تتعلّق بهذا الطلاق:[٥]
- لا تُعَدّ موافقة الزوجة على الرجعة شرطاً في الطلاق الرجعي، ولا يحتاج الزوج إلى عَقد ومَهر جديدَين لإرجاعها.
- تُعَدّ العدّة في الطلاق الرجعي امتداداً للزوجيّة؛ ممّا يعني أنّه إذا تُوفِّي أحد الزوجين، فإنّ الآخر يَرِثه.
- لا يجوز للزوج أن يُخرج المرأة من بيتها، ولا يجوز لها أن تَخرج من بيت الزوجية؛ لقوله -تعالى-: (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّـهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا)،[٦] وفي ذلك حكمة شرعية تتلخّص في أنّ قُرب الزوجَين من بعضهما قد يُؤدّي إلى الإصلاح بينهما، أمّا بالنسبة إلى المرأة التي تمارس الفُحش في القول، أو العمل، فإنّ الإسلام لا يحرص على إبقائها في بيتها، بل ربّما يكون خروجها أفضل.
- يُؤدّي الطلاق الرجعيّ إلى إنقاص عدد الطلقات التي شرعها الله -تعالى-.
- يُعَدّ الحظر هو الأصل في الطلاق، إلّا أنّ الله -تعالى- شرعه؛ للضرورة، ودعا إلى الرجعة.
- تجوز للزوج مراجعة الزوجة ما دامت في العدّة، ولو بدون رضاها، وذلك بقوله: “أمسكتها”، أو “راجعتها”، أو “رددتها إلى نكاحي”، إلّا أن يكون طلاقاً على مال، فإنّه يصير طلاقاً بائناً.[٧]
الطلاق البائن
قسَّم العلماء الطلاق البائن إلى نوعَين على النحو الآتي:[٧]
- الطلاق البائن بينونة صُغرى: وهو أن يُطلّق الرجل زوجته قبل الدخول، أو يُطلّقها بعد الدخول بعِوض راجع له (الخُلع)، بشرط أن لا تبلغ الطلقات الثلاث؛ حيث إنّ المرأة حينها لا تحلّ لزوجها إلّا بمهر وعَقد جديدَين وبإذن وَليّها، ويُشار إلى أنّ هذه الطلقة تُحسَب من عدد الطلقات المُتبقِّية، ويجب على الزوج أن يُوفّر لها مسكناً أثناء العدّة، كما تجب عليه نفقتها إذا كانت حاملاً.
- الطلاق البائن بينونة كُبرى: وهو أن يُطلّق الرجل زوجته ثلاث طلقات، سواء كان هناك عِوض، أم لا، ولا تحلّ المرأة لزوجها بعد هذا الطلاق إلّا بانقضاء عدّتها من زوجها الذي طلّقها، ثمّ زواجها زواجاً آخرَ بحيث يكون زواجاً صحيحاً يُدخل بها فيه، ثمّ طلاقها من الزوج الآخر طلاقاً بائناً، وانقضاء عدّتها منه، وفي حال توفّرت هذه الشروط، فإنّها تعود إلى زوجها الأوّل بثلاث طلقات جديدة، أمّا في ما يتعلّق بنفقتها أثناء العدّة؛ فيكون لها نفقة المُطلّقة طلاقاً بائناً بينونة صُغرى.
باعتبار العِوض
قسَّم العلماء الطلاق باعتبار العِوض إلى نوعَين، هما:[٨]
- الطلاق بدون عِوض: وهو حلّ عَقد التزويج، ودليل جوازه قوله -تعالى-: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ).[٩][١٠]
- الطلاق بعوض: وهو الخُلع؛ أي فراق الرجل زوجته مقابل بدل مالي يحصل عليه الزوج بلفظ الطلاق أو الخلع، وهو مأخوذ من النزع؛ لأنّ كلّاً من الزوجين لباس للآخر بنصّ القرآن الكريم، وذلك في قوله -تعالى-: (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ).[١١][١٢] والخلع جائز شرعاً، إلّا أنّه مكروه؛ لما فيه من قَطع النكاح الذي هو مطلوب شرعاً، وقد ثبتت مشروعيّة الخُلع في القرآن، والسنّة النبويّة؛[١٢] فقد قال -تعالى- في مُحكَم كتابه العزيز: (فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا)،[١٣] ومن السنّة ما رواه البخاري في ما يتعلّق بأوّل خُلع حصل في الإسلام، وهو: (أنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بنِ قَيْسٍ أتَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بنُ قَيْسٍ، ما أعْتِبُ عليه في خُلُقٍ ولَا دِينٍ، ولَكِنِّي أكْرَهُ الكُفْرَ في الإسْلَامِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أتَرُدِّينَ عليه حَدِيقَتَهُ؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً).[١٤][١٢]
ويمكن تلخيص الفرق بين الطلاق والخُلع فيما يأتي:[١٥]
- يتمّ الطلاق دون عِوض يُقدَّم للزوج، أمّا الخلع فهو يتمّ مقابل عِوض يُقدَّم له.
- يستطيع المُطلِّق أن يراجع زوجته إذا لم تخرج من العدّة بحيث لم يكن قد طلّقها ثلاث مرّات، أمّا المُخالع فلم تعد العصمة بيده؛ إذ إنّها انحلّت بعِوض، وقال البعض إنّ الخُلع طلاق بائن بينونة صُغرى، وبالتالي فهو يأخذ أحكامه.
للمزيد من التفاصيل عن الخلع الاطّلاع على مقالة: ((شروط طلب الخلع))
باعتبار تعليق الطلاق وعدمه
قسَّم العلماء الطلاق من حيث تعليق الطلاق أو عدمه إلى عدّة أنواع، وذلك على النحو الآتي:[١٦]
- الطلاق المُنجَز: وهو الطلاق الذي يقع فور صدوره من الزوج، كأن يقول الزوج لزوجته: “أنتِ طالق”، أو “طلّقتكِ”، أو نحو ذلك، وهذا النوع من الطلاق يقع في الحال.
- الطلاق المُضاف: وهو الطلاق الذي يقع عند حلول الأجل الذي حدّده الزوج له، كأن يقول لزوجته: “أنتِ طالق بعد غدٍ”، أو “أنتِ طالق بعد شهر” أو أنتِ طالق بعد سنة”، أو نحو ذلك.
- الطلاق المُعلَّق: وهو الطلاق الذي رُبِط وقوعه بحصول أمر ما في المستقبل، ويتمّ ذلك بأداة من أدوات الشرط، أو ما يشابهها، وهو ينقسم إلى نوعَين، وبيانهما فيما يأتي:[١٧]
- تعليق لفظي: وهو الطلاق الذي تُذكَر فيه أداة من أدوات الشرط، مثل: إن، وإذا، ومتى، ونحوها، ومثاله أن يقول الرجل لزوجته: “إن خرجتِ من البيت فأنتِ طالق”.
- تعليق معنوي: وهو الطلاق الذي لا تُذكَر فيه أداة الشرط بشكل صريح، وإنّما تكون مذكورة من حيث المعنى، ومثال ذلك أن يقول الرجل: “علي الطلاق لا أفعلنّ كذا”، فأراد بذلك أنّه إن لم يفعل الأمر فالطلاق يلزمُه.
وقد ذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، وجمهور الحنابلة إلى أنّ الطلاق المُعلَّق على شرط يقع عند تحقُّق ذلك الشرط،[١٨] واستدلّوا بقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)؛[١٩] فالآية الكريمة تُفيد وجوب الوفاء بالعقود بشكل عامّ، ومنها الوفاء بالأمر الذي عُلِّق عليه الطلاق، وبالتالي وقوعه، بالإضافة إلى قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (المسلِمونَ عند شروطِهم، إلَّا شرطًا أحلَّ حرامًا أو حرَّمَ حلالًا)؛[٢٠] فالطلاق المُعلَّق على شرط ليس فيه تحريم حلال، أو تحليل حرام، وبالتالي وقوعه.[١٨]
باعتبار صيغته
قسَّم العلماء الطلاق من حيث صيغته إلى نوعَين، هما:[٢١]
- الطلاق الصريح: وهو أن يُطلِّق الرجل زوجته باستخدام لفظ يُراد به الطلاق، وغلب استعماله لذلك، كأن يقول لها: “أنتِ طالق”، أو “طلّقتكِ”، أو “أنتِ مُطلَّقة”، ويقع بمُجرَّد التلفُّظ بأحد الألفاظ السابقة، أو نحوها، ولا يحتاج إلى نيّة، أو دلالة طلاق، ولا يُنظَر إلى ادّعاء الزوج بأنّه لم يكن يقصد الطلاق.
- الطلاق الكنائي: وهو أن يُطلّق الرجل زوجته باستخدام لفظ يحتمل الطلاق، ويحتمل غيره، وغير مُتعارف على استخدامه عند الناس للطلاق، ومثال ذلك قول الرجل لزوجته: “الحقي بأهلك”، أو “اخرجي”، أو”أنتِ بائن”، وغيرها من الألفاظ التي لم تُوضَع للطلاق، وإنّما يُفهَم الطلاق منها بالقرينة، أودلالة الحال، وقد اختلف الفقهاء في صحّة وقوعه على النحو الآتي:[٢٢]
- يرى الحنفيّة والحنابلة أنّ الطلاق يقع بألفاظ الكناية مع النيّة، أو بدلالة الحال، كأن يتخاصم الزوجان، فيذكر الزوج الطلاقَ مع ذِكره للفظ الكنائي وهو قاصد الطلاقَ.
- يرى المالكية والشافعية أنّ الطلاق لا يقع بالكناية إلّا بوجود النيّة، ولا اعتبار بدلالة الحال من خصومة وما إلى ذلك.
الطلاق بغير سبب (التعسّفي)
يُقصَد بالتعسّف: إساءة استخدام الحقّ الشخصيّ بحيث يلحق ضرراً بالغير، إمّا لتجاوز حقّ الاستعمال المُباح عادة، أو لترتُّب ضرر بالغير بشكل أكبر من تحقيق منفعة صاحب الحقّ،[٢٣] وقد سُمِّي الطلاق التعسُّفي بذلك؛ لأنّ الزوج استخدم حقّه في الطلاق كوسيلة؛ لإيذاء الزوجة،[٢١] والتعسُّف في استخدام الطلاق يكون في حالتَين، هما:[٢٤]
- طلاق مرض الموت، أو ما في حكمه؛ إذ اتّفق الفقهاء على أنّ الرجل إذا طلّق زوجته طلاقاً بائناً في هذه الحالة، فإنّ الطلاق يقع، إلّا أنّهم اختلفوا فيما إذا كانت المرأة تَرث منه، أم لا، وذلك على النحو الآتي:
- ذهب الشافعية إلى أنّها لا ترث حتى لو مات في العدّة؛ لأنّ الطلاق البائن يقطع الزوجيّة.
- ذهب الجمهور من غير الشافعية إلى أنّها ترث إذا مات وهي في العدّة، واشترط الحنابلة عدم زواجها بآخر بعد انقضاء العدّة، أمّا المالكيّة فيرون أنّها ترث حتى لو تزوّجت بآخر؛ والسبب في تقرير الإرث للزوجة معاملة الزوج بنقيض مقصوده؛ فهو أراد حرمانها من الإرث والشرع يُقرّه لها.
- الطلاق بغير سبب واضح؛ فإذا كان الزوج مُتعسِّفاً في طلاق الزوجة دون سبب واضح، بحيث ستتضرّر الزوجة بذلك، فيجوز للقاضي أن يحكم لها بتعويض على التعسُّف.
تعريف الطلاق وحكمة مشروعيته
عُرِّف الطلاق في اللغة بأنّه: حلّ وثاق الشيء، وهو مأخوذ من الإطلاق بمعنى: الإرسال والترك، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ، فقد عُرِّف بأنّه: حلّ عقدة الزواج، ويُشار إلى أنّ الطلاق لفظ كان يُستخدَم في الجاهلية، وأقرّته الشريعة الإسلامية، إذ يُقال: طَلُقت المرأة، أو طُلِّقت المرأة،[١٠] وقد حثَّ الإسلام الرجل والمرأة على حُسن اختيار الشريك عند الخِطبة، وأرشد إلى الاختيار على أساس الدين، ومن ذلك قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ).[٢٥][٢٦]
وقد وجّه الرسول -عليه السلام- المُقدمين على تزويج بناتهم، فقال: (إذا جاءَكم مَن ترضَونَ دينَه وخُلقَه فأنكِحوهُ، إلَّا تفعلوا تَكن فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ)،[٢٧] إلّا أن هذا قد لا يكفي لمَنع حدوث الخلاف والنزاع بين الزوجَين؛ إذ قد تتسبّب أمور مُتعدّدة في حدوث الطلاق، مثل: مرض أحد الزوجَين، أو عجزه، أو تغيُّر القلب وتقلُّبه، أو التقصير من أحد الزوجَين، أو تأثير عناصر خارجية في العلاقة كالأهل والجيران، وفي هذه الأحوال جميعها يتمّ اللجوء بدايةً إلى الإصلاح بين الزوجَين، ونُصحهما، وحثّهما على التحمُّل والصبر، إلّا أنّ بعض الأمور قد يصعب تحمُّلها، وعندها تفقد الحياة الزوجية دورها في توفير المودّة، والرحمة، والسكينة التي وُجدت من أجلها، فلا يبقى حلّ سوى الطلاق الذي من شأنه أن يُنهي الخلاف بين الزوجَين، ويُتيح لهما الفرصة لاستكمال الحياة بشكل منفرد، ومريح، أو الارتباط بشخص آخر مناسب، قال -تعالى-: (وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّـهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّـهُ وَاسِعًا حَكِيمًا).[٢٨][٢٦]
حُكم الطلاق
يختلف حُكم الطلاق من حالة إلى أخرى، وذلك على النحو الآتي:[٢٩][٣٠]
- الطلاق المُحرَّم: وهو الطلاق الذي يقع في حال كانت المرأة حائضاً، أو نفساء، أو في حال طهرٍ جامعها فيه.
- الطلاق الواجب: إذ يجب على الزوج أن يُطلّق زوجته إذا تسبّب هذا الزواج في مخالفة الأحكام التي أوجبها الله، أو نهى عنها؛ ومثال ذلك أن يطلّق الزوج زوجته إذا كان لا يستطيع أن يُنفِق عليها إلّا من مال مُحرَّم، بحيث لا يكون خائفاً على نفسه من الوقوع في الزنا، كما يجب الطلاق على من حلف أن يمتنع عن جماع زوجته؛ وهو ما يسمّى بـ “المولي”، حيث يُمهل مدة أربعة أشهر، ففي حال عدم رجوعه عن يمينه يجب أن يطلّق حتى لا يسبب الضرر لزوجته، كما يجب الطلاق كذلك في حالات التحكيم القضائي بين الزوجين في الشقاق والنزاع، ويؤثم الزوج إن امتنع عن ذلك، وعند ذلك يجوز للحاكم إيقاع الطلاق.
- الطلاق المكروه: إذ يُكرَه أن يُطلّق الرجل زوجته وهي في حالة طُهر جامعها فيه، بشرط أن لا تكون صغيرة لا تحيض، ولا يائسة، ولا حاملاً، كما يُكره الطلاق عند عدم الوجود الحاجة إليه؛ وذلك لما يسببه من الإضرار للزوج والزوجة والحرمان من مصالح النكاح بغير حاجة.
- الطلاق المُستحَبّ: يكون الطلاق مُستحَبّاً إذا إذا صعبت العشرة بين الزوجين وتعذّرت؛ كالطلاق في حالات الشقاق والنزاع، أو في حال تفريط أحد الزوجين في حقوق الله تعالى المفروضة عليهم، ولم يُجدِ عندها النصح والوعظ، ويُستحب كذلك في حال طلب الزوجة الخلع لتعذّر العشرة بين الزوجين، فيطلّقها حينئذٍ لمنع الضرر.
- الطلاق المباح: يكون مباحاً عند الحاجة إليه؛ لتعذّر تحقيق مصالح النكاح الشرعية، أو لسوء أخلاق الزوجة، في حال لم يخشَ الزوج على نفسه من الزنا إن طلّق زوجته.
للمزيد من التفاصيل عن الطلاق وأنواعه الاطّلاع على مقالة: ((تعريف الطلاق وأنواعه))
وللمزيد من التفاصيل عن مقالات أخرى مشابهة الاطّلاع على المقالات الآتية:
- ((شروط طلاق الزوجة)).
- ((متى يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق)).
- ((حقوق الزوجة بعد الطلاق)).
- ((كيفية إرجاع الزوجة بعد الطلاق)).
الهامش
- آيسة من المحيض: وهي المرأة التي بلغت سنًا كبيرة أنقطع فيه الحيض عنها، أو التي لم تحض أبداً.[٣١]
المراجع
- ↑ النووي (1991)، روضة الطالبين وعمدة المفتين (الطبعة الثالثة)، بيروت: المكتب الإسلامي، صفحة 3، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الصاعدي، “الإرشاد إلى أحكام الطلاق”، www.saaid.net. بتصرّف.
- ↑ “الطلاق البدعي”، www.al-eman.com. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1471، صحيح.
- ↑ محمود غريب (2004)، الطلاق تحسبونه هينا وهو عند الله عظيم (الطبعة الثانية)، القاهرة: دار القلم للتراث، صفحة 7-8. بتصرّف.
- ↑ سورة الطلاق، آية: 1.
- ^ أ ب محمد بن سالم بن حفيظ، المفتاح لباب النكاح، صفحة 22-23. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت-لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 347، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 229.
- ^ أ ب مصطفى العدوي (1988)، أحكام الطلاق في الشريعة الإسلامية (الطبعة الأولى)، القاهرة: مكتبة ابن تيمية، صفحة 9. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 187.
- ^ أ ب ت الخطيب الشربيني (1994)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (الطبعة الأولى)، بيروت-لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 430، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 4.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 5273، صحيح.
- ↑ “الفـرق بـيـن الـطـلاق والـخـلع”، www.islamweb.net، 21-12-2002، اطّلع عليه بتاريخ 7-1-2020. بتصرّف.
- ↑ “الحالات التي يطلق فيها القاضي”، www.al-eman.com. بتصرّف.
- ↑ علي الزقيلي (2009)، “الطلاق المعلق: مفهومه وأثره في الفقه الإسلامي”، المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، العدد 1، المجلد 5، صفحة 48. بتصرّف.
- ^ أ ب علي الزقيلي (2009)، “الطلاق المعلق: مفهومة وأثره في الفقه الإسلامي”، المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، العدد 1، المجلد 5، صفحة 48-50. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية: 1.
- ↑ رواه الألباني، في التعليقات الرضية، عن -، الصفحة أو الرقم: 2/174، حسن نظرا لطرقه وشواهده.
- ^ أ ب محمد اسماعيل ومحمد زبير (2005)، “المدخل للطلاق في الشريعة الإسلامية”، ايكتا اسلاميكا، العدد 1، المجلد 3، صفحة 79. بتصرّف.
- ↑ بسام حسين صالح أحمد (2014)، طلاق الكناية دراسة فقهية مقارنة بقانون الأحوال الشخصية المعمول به في الضفة الغربية، صفحة 27. بتصرّف.
- ↑ ساجدة عتيلي، “الطلاق التعسفي والتعويض عنه بين الشريعة الإسلامية والقانون الأردني”، www.riyadhalelm.com. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا-دمشق: دار الفكر، صفحة 7064-7065، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1466، صحيح.
- ^ أ ب ” حكمة تشريع الطّلاق”، www.al-eman.com. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي حاتم المزني، الصفحة أو الرقم: 1085، حسن لغيره.
- ↑ سورة النساء، آية: 130.
- ↑ عبده عيسى (1991)، فقه الطلاق (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الجيل، صفحة 20-23. بتصرّف.
- ↑ “حكم الطلاق”، www.alukah.net، 26-3-2013، اطّلع عليه بتاريخ 13-2-2020. بتصرّف.
- ↑ “تعريف و معنى آيسة في معجم المعاني الجامع “، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-1-2020. بتصرّف.