السيرة النبوية

جديد أكبر بنات النبي

أكبر بنات النبي

نقل أبو عُمر الاتّفاق على أن زينب -رضي الله عنها- هي أكبر بنات النبي -عليه الصلاة والسلام-، واختلف العُلماء في ترتيب غيرها من بناته، والأكثر على أن التي تليها رُقية، ثُم فاطمة، ثُمّ أُم كُلثوم،[١] وقال ابن شهابٍ -رحمه الله-: “كَانَ أَكْبَرُ بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ بِنْتَ خَدِيجَةَ”، وقد وُلدت -رضي الله عنها- بعد مولد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بثلاثين سنة؛[٢] وذلك قبل البعثة بعشر أعوام.[٣]

تزوّجت زينب -رضي الله عنها- من ابن خالتها أبي العاص، فأنجبت له أُمامة وعليّ -رضي الله عنهما-، وجاء عن ابن سعد أن زواجها كان قبل البعثة، فأسلمت، ثُمّ هاجرت قبل أن يُسلم زوجها بستِّ سنوات، وثبت أن زوجها كان من أسرى بدر، فبعثت مع خديجة -رضي الله عنها- بقلادةٍ لتفتدي بها زوجها، فلما رآها النبي -عليه الصلاة والسلام- عرفها، واستشار الصحابة -رضي الله عنهم- في إطلاق سراحه، فقالوا: نعم، فخلّى سبيله لها، ثُمّ أسلم بعد ذلك في شهر مُحرّم من السنة السابعة، ولما توفّيت -رضي الله عنها- طلب النبي -عليه الصلاة والسلام- من النساء فقال: (اغْسِلْنَهَا وِتْرًا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، وَاجْعَلْنَ في الخَامِسَةِ كَافُورًا، أَوْ شيئًا مِن كَافُورٍ، فَإِذَا غَسَلْتُنَّهَا، فأعْلِمْنَنِي قالَتْ: فأعْلَمْنَاهُ، فأعْطَانَا حَقْوَهُ وَقالَ أَشْعِرْنَهَا إيَّاهُ).[٤][٥]

بنات النبي صلى الله عليه وسلم

وُلد للنبي -عليه الصلاة والسلام- أربعٌ من البنات، أوّلهنّ: زينب -رضي الله عنها-، وورد ذكرها في الفقرات السابقة، وفيما يأتي ذكر تلخيصٍ عن بنات النبيّ الأخريات -رضي الله عنهم-:

  • رُقيّة -رضي الله عنها-: نقل ابن عبد البر -رحمه الله- أنها وُلدت في السنة الثالثة والثلاثين من مولد النبيّ، وتزوّجت قبل الهجرة بِعُتبة ابن أبي لهب، وكانت أُختُها أمّ كلثوم متزوّجةً من أخيه الآخر، فلمّا نزل قول الله -تعالى-: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)،[٦] قال أبو لهب وزوجته لابنيهما: “رأسي من رأسيكما حرامٌ إن لم تفارقا ابنتيّ محمد”، ففارقوهما، وطلبا من النبي -عليه الصلاة والسلام- الطّلاق من ابنتيْه، وتم ذلك، فأبدل الله -تعالى- رقيّة -رضي الله عنها- بخيرٍ منه؛ وهو عُثمان بن عفان -رضي الله عنه- أحد المُبشّرين بالجنة، وولدت له عبد الله فمات صغيراً، ومرضت -رضي الله عنها- يوم غزوة بدر، فأمر النبيّ عثمان أن يبقى إلى جانبها، وتوفّيت في ذلك اليوم.[٧]
  • أُم كُلثوم -رضي الله عنها-: وهو اسمُها وكُنيتُها، وُلدت بعد بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتزوّجت بِعُثمان بن عفان -رضي الله عنه- بعد موت أُختها رُقيّة -رضي الله عنها- في السنة الثالثة من الهجرة، وبسبب زواجه من ابنتيّ النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لُقّب بذي النّوريْن، وتوفّيت أُمُ كُلثوم في حياة أبيها وزوجها.[٨]
  • فاطمة -رضي الله عنها-: وُلدت بعد مولد النبي -عليه الصلاة والسلام- بواحدٍ وأربعين سنة، وتزوّجت من علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بعد غزوة أُحد، وقد بشّرها النبي -عليه السّلام- بالجنّة قبل وفاته فقال: (أما تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أهْلِ الجَنَّةِ، أوْ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ فَضَحِكْتُ لذلكَ).[٩][١٠]

وجميع بنات النبي -عليه الصلاة والسلام- تمسّكْن بالأخلاق الحسنة التي كان يتّصف بها أبيهنّ؛ فهو خير قدوةٍ لهنّ، بالإضافة إلى بُعدهنّ عن عادات الجاهلية من عبادة الأصنام، وبعد بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- أسلمن جميعهنّ، وهاجرن مع النبي -عليه الصلاة والسلام-،[١١] وجميع بنات النبي -عليه الصلاة والسلام- أُمُّهنّ خديجة -رضي الله عنها-، وكُلّهنّ توفّين في حال حياته، باستثناء ابنته فاطمة -رضي الله عنها-؛ حيث توفّيت بعدة بستّةِ أشهُرٍ أو أقلّ بقليل.[١٢]

حب النبي صلى الله عليه وسلم لبناته

كان النبي -عليه الصلاة والسلام- رحيماً ببناته، ويحزن لفراقهنّ وموتهنّ، فقد جاء عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يبكي لوفاة بناته، فيقول: (شَهِدْنَا بنْتًا لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَالِسٌ علَى القَبْرِ، قالَ: فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمعانِ)،[١٣] كما أنه كان يحزن لوفاة أبنائهنّ، ومن شدّة حُبّه لَهُنّ كان يسرّ لهنّ بأسراره دون غيرهنّ، ولا يبخل عليهنّ بأمواله، ويهتم بأمورهنّ مع أزواجهنّ ويُصلِح بينهم في حال الخلاف، وهذه الرحمة لا تقف بينه وبين أن يكون حازماً إن كان الأمر يتعلّق بحق الله -تعالى-، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام- لابنته فاطمة -رضي الله عنها-: (ويَا فَاطِمَةُ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي ما شِئْتِ مِن مَالِي لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شيئًا)،[١٤][١٥] ومن تربيته لهُنّ في طُفولتهنّ فَرَحه وسُروره بولادتهنّ، فقد جاء عنه أنه استبشر وفرح بولادة ابنته فاطمة -رضي الله عنها-، ورأى فيها الخير والبركة، ولقّبها بالزهراء، وكنّاها بأُمّ أبيها.[١٦]

المراجع

  1. مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف، الموسوعة التاريخية وصفه: موجز مرتب مؤرخ لأحداث التاريخ الإسلامي منذ مولد النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – حتى عصرنا الحالي، www.dorar.net، صفحة 39، جزء 1. بتصرّف.
  2. أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع (1990)، المستدرك على الصحيحين (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 45، جزء 4. بتصرّف.
  3. “السيدة زينب بنت رسول الله”، www.islamstory.com، 8-4-2019، اطّلع عليه بتاريخ 17-9-2020. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم عطية نسيبة بنت كعب، الصفحة أو الرقم: 939، صحيح.
  5. شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (1985)، سير أعلام النبلاء (الطبعة الثالثة)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 246-250، جزء 2. بتصرّف.
  6. سورة المسد، آية: 1.
  7. مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف، الموسوعة العقدية، www.dorar.net، صفحة 455، جزء 7. بتصرّف.
  8. حسين حسينى معدى (1419)، الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في عيون غربية منصفة (الطبعة الأول)، دمشق: دار الكتاب العربى، صفحة 215. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3623، صحيح.
  10. أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري (1992)، الاستيعاب في معرفة الأصحاب (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الجيل، صفحة 1893، جزء 4. بتصرّف.
  11. موسى بن راشد العازمي (2011)، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون «دراسة محققة للسيرة النبوية» (الطبعة الأولى)، الكويت: المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 200، جزء 1. بتصرّف.
  12. يوسف بن تغري بردي بن عبد الله الظاهري الحنفي، أبو المحاسن، جمال الدين، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة، القاهرة: دار الكتب المصرية، صفحة 33، جزء 1. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1285، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 4771، صحيح.
  15. أحمد الزومان (22-9-2011)، “عاطفة الأبوة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم “، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-9-2020. بتصرّف.
  16. محمد بن يوسف عفيفي (2002)، من الهدي النبوي في تربية البنات، المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، صفحة 396، جزء 117. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى