دعاء 2

أفضل أوقات الدعاء المستجاب

مقالات ذات صلة

أفضل أوقات الدعاء المستجاب

أعظم ما يريده المسلم الداعي أن يستجيبَ اللهُ دعاءَه؛ ولهذا ينبغي عليه أن يتخيّر في دعائِه أوقات الإجابة؛ لعلّ الله أن يستجيب له، ومن تلك الأوقات التي يُتحرّى فيها الدعاء:[١][٢]

  • الدعاء بين الأذان والإقامة للصلاة؛ كما ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (لا يُرَدُّ الدُّعاءُ بينَ الأذانِ والإقامةِ)،[٣] وكذلك عند رَفع الأذان؛ لِما ورد عن الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (إذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ أدْبَرَ الشَّيْطانُ له ضُراطٌ، حتَّى لا يَسْمع التَّأْذِينَ، فإذا قُضِيَ التَّأْذِينُ أقْبَلَ حتَّى إذا ثُوِّبَ بالصَّلاةِ أدْبَرَ حتَّى إذا قُضِيَ التَّثْوِيبُ).[٤]
  • الدعاء في سجود الصلاة؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ).[٥]
  • الدعاء قبل السلام من الصلاة؛ فقد علّم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابَه الدعاء بعد التشهُّد: (ثمَّ لِيَتخَيَّرْ أحَدُكم مِن الدُّعاءِ أعجَبَه إليه فيَدعوَ به).[٦]
  • الدعاء في جوف ومنتصف الليل؛ ففي الليل ساعةٌ لا يُرَدّ فيها الدعاء، كما في الحديث عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (تُفتَحُ أبوابُ السماءِ نصفُ الليلِ، فينادي مُنادٍ: هل من داعٍ فيُستجابُ له؟ هل من سائلٍ فيُعطَى؟ هل من مكروبٍ فيُفرَّجُ عنه؟ فلا يبقى مسلمٌ يدعو بدعوةٍ إلا استجاب اللهُ له، إلا زانيةً تسعى بفَرْجِها، أو عَشَّارًا)،[٧] وقد ثبت في صحيح البخاريّ أنّها ساعةٌ في الثُّلث الأخير من الليل، كما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له).[٨]
  • الدعاء يوم الجمعة؛ فقد أخبر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن استجابة الدعاء في ساعةٍ من يوم الجمعة، وذكر أنّ في يوم الجمعة ساعة يُستجاب فيها الدعاء، كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكَرَ يَومَ الجُمُعَةِ، فَقالَ: فيه سَاعَةٌ، لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وهو قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شيئًا، إلَّا أعْطَاهُ إيَّاهُ وأَشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا)،[٩] وقد ورد أنّها من حين جلوس الإمام على المنبر، إلى قضاء الصلاة؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: (هي ما بيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإمَامُ إلى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ)،[١٠] وورد أنّها من آخر نهار الجمعة إلى غروب الشمس.
  • الدعاء في السنّة القبليّة لصلاة الظهر؛ كما في حديث عبدالله بن السائب -رضي الله عنه-: (أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعًا بعد أن تزولَ الشمسُ قبل الظهرِ، وقال : إنها ساعةٌ تُفتَحُ فيها أبوابُ السماءِ ، وأُحِبُّ أن يصعدَ لي فيها عملٌ صالحٌ).[١١]
  • الدعاء بين الظهر والعصر من يوم الأربعاء؛ ففي حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دعا في مسجدِ الفتحِ ثلاثًا يومَ الإثنين ويومَ الثُّلاثاءِ ويومَ الأربعاءِ فاسْتُجيب له يومَ الأربعاءِ بين الصَّلاتَيْن فعُرِف البِشرُ في وجهِه قال جابرٌ فلم ينزلْ بي أمرٌ مهمٌّ غليظٌ إلَّا توخَّيتُ تلك السَّاعةَ فأدعو فيها فأعرفُ الإجابةَ).[١٢]
  • الدعاء في الحجّ والعُمرة؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (الغازي في سبيلِ اللهِ، والحاجُّ، والمعتمِرُ؛ وفدُ اللهِ، دعاهُم فأجابوهُ، وسأَلوه فأعطاهُم).[١٣]
  • الدعاء يوم عرفة؛ فقد ثبت في صحيح مسلم عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).[١٤]
  • الدعاء حين الصعود على الصفا والمروة أثناء السَّعي؛ كما في حديث جابر -رضي الله عنه- الذي وصف فيه حجّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (ثُمَّ خَرَجَ مِنَ البَابِ إلى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: {إنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ} أَبْدَأُ بما بَدَأَ اللَّهُ به فَبَدَأَ بالصَّفَا، فَرَقِيَ عليه، حتَّى رَأَى البَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، وَقالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَعَا بيْنَ ذلكَ، قالَ: مِثْلَ هذا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إلى المَرْوَةِ، حتَّى إذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ في بَطْنِ الوَادِي سَعَى، حتَّى إذَا صَعِدَتَا مَشَى، حتَّى أَتَى المَرْوَةَ، فَفَعَلَ علَى المَرْوَةِ كما فَعَلَ علَى الصَّفَا).[١٥]
  • الدعاء حين الوقوف في مزدلفة يوم النَّحر؛ كما ثبت في حديث جابر بن عبدالله: (ثُمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ، حتَّى أَتَى المَشْعَرَ الحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ).[١٥]
  • الدعاء بعد رَمْي الجمرة الصُّغرى والوُسطى أيّام التشريق؛ كما ثبت في صحيح البخاريّ عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، كانَ يَرْمِي الجَمْرَةَ الدُّنْيَا بسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ يُكَبِّرُ علَى إثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فيُسْهِلُ، فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ الوُسْطَى كَذلكَ، فَيَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فيُسْهِلُ ويقومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ ذَاتَ العَقَبَةِ مِن بَطْنِ الوَادِي، ولَا يَقِفُ عِنْدَهَا، ويقولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفْعَلُ).[١٦]
  • الدعاء داخل الكعبة، وداخل الحِجْر؛ كما ثبت في حديث ابن عباس -رضي لله عنهما-: (لَمَّا دَخَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ البَيْتَ، دَعَا في نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، ولَمْ يُصَلِّ حتَّى خَرَجَ منه، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ في قُبُلِ الكَعْبَةِ، وقالَ: هذِه القِبْلَةُ).[١٧]
  • الدعاء عند شُرب ماء زمزم؛ لقَوْل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (ماءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِب له).[١٨]
  • الدعاء حين الصيام والسَّفر؛ كما ورد في حديث أنس بن مالك عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ، ودعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المسافِرِ).[١٩]
  • الدعاء عند نزول المطر؛ لحديث سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ثِنتانِ ما تُرَدّانِ: الدُّعاءُ عند النِّداءِ، و تحْتَ المَطَرِ).[٢٠]

هَدْي النبيّ في الدعاء

يُعَدّ الدعاء عبادةً من العبادات، وطاعةً من الطاعات؛ ولذلك يجدر الالتزام بهَدْي النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيها، واتّباع طريقته، وهو ما بيّنه النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ فذكر للأمّة الأدعية المُتعلّقة بأوقاتٍ مُعيّنةٍ، أو مواضع مُعيّنةٍ، أو أحوالٍ مًعيّنةٍ، كما بيّن حال الدعاء؛ إن كان مُطلقاً، أو مُقيَّداً، وذكر بعض الأوقات الفاضلة المُستحَبّة للدعاء، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأدعية الواردة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- تشمل أحوال المسلم جميعها، وبيّن ما يُحقّق الخير والبِرّ في جميع تلك الأحوال.[٢١]

أهميّة الثقة بالله في استجابة الدعاء

تجدر بالمسلم الصادق الثقة بربّه -عزّ وجلّ- في كلّ أمور حياته؛ فهو -سبحانه- المُقدِّر والمُدبِّر لأموره، وتلك سِمة الأنبياء والصالحين -رضي الله عنهم-، ومن صُور تلك الثقة أن يثق العبد في استجابة الله لدعائه، دون تردُّدٍ أو شَكٍّ؛ فالله أَمرَه بالدعاء، وهو -سبحانه- المُتكفِّل بالإجابة، قال -تعالى-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،[٢٢] ومن الأمور اللازمة في تحقيق الثقة بالله -سبحانه-:[٢٣]

  • توحيد الله في الدعاء؛ فالدعاء عبادةٌ فيها إظهار التذلُّل، والحاجة، والضعف، وذلك لا يكون إلّا لله؛ عملاً بما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ..).[٢٤]
  • سؤال الله بكلّ ما يريده المسلم، دون أن يستعظم شيئاً على الله؛ فهو العظيم -سبحانه-، والذي لا يُعجزه أيّ أَمرٍ.
  • الصبر، وعدم استعجال الإجابة، مع عدم اليأس والقنوط من إجابة الدعاء؛ فقد ثبت في صحيح الإمام البخاريّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي).[٢٥]

ما يمنع من استجابة الدعاء

يجدر بالمسلم أن يتوجّه إلى الله -سبحانه- بالدعاء بإخلاصٍ، وتضرُّعٍ، وخشوعٍ، وصدقٍ، ورجاءٍ، ويقينٍ باستجابته،[٢٦] ما لم يأتِ المسلم بأيّ مانعٍ من موانع استجابة الدعاء، ومنها:[٢٧]

  • ارتكاب الأمور المُحرَّمة في الطعام، أو الشراب، أو اللباس؛ لِما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- من أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟).[٢٨]
  • الوقوع في الذنوب والمعاصي التي تُغضب الله -تعالى-.
  • التقصير في بعض الواجبات والفرائض، كالأمر بالمعروف، والنَّهي عن المُنكر؛ فقد ورد عن حذيفة بن اليمان عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (والذي نفسي بيدِه لتَأمرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عن المنكرِ أوليُوشِكَنَّ اللهُ أن يَبعثَ عليكمْ عقابًا منهُ فتدعونهُ فلا يَستجيبُ لكمْ).[٢٩]
  • الدعاء بالإثم أو قطيعة الرَّحِم؛ ففي حديث عبادة بن الصامت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما على الأرض مسلمٌ يدعو اللهَ تعالى بدعوةٍ إلا آتاه اللهُ إياها أو صَرَف عنه من السوءِ مثلَها ما لم يدعُ بمأثمٍ أو قطيعةِ رَحِمٍ فقال رجلٌ من القوم إذا نُكثِرُ قال اللهُ أكثرُ).[٣٠]
  • الاستعجال في إجابة الدعاء؛ إذ ورد النَّهي عن الاستعجال في في الدعاء، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي).[٢٥]

أنواع الدعاء

يتفرّع الدعاء في الشرع إلى نوعَين؛ فإمّا أن يكون دعاء العبادة، أو دعاء المسألة، وتفصيل كلٍّ منهما فيما يأتي:[٣١]

  • دعاء العبادة: ويُراد به جميع ما يتقرّب به العبد إلى ربّه من أنواع العبادات الظاهرة، والباطنة، كالخوف، والرجاء، والصلاة، والصيام، ونحو ذلك، مع الإخلاص لله وحده.
  • دعاء المسألة: ويُراد به ما يطلبه العبد من ربّه؛ لتحصيل ما ينفعه من خيرَي الدُّنيا والآخرة، أو دَفع ما يضرّه من شرّهما، كالدعاء بدخول الجنّة، والنجاة من النار، أو الدعاء بسعة الرزق، وكَفِّ الشرّ، ونحو ذلك.

وتجدر الإشارة إلى أنّ كلّ ما ورد في الشرع من الأمر بدعاء الله، والثناء عليه، وعدم الإشراك به، يشمل كلا النوعَين؛ لأنّ كلّاً منهما مُستلزمٌ للآخر؛ ذلك أنّ دعاء المسألة نوعٌ من العبادة؛ فالداعي يُقبل إلى الله بتضرُّعٍ وابتهالٍ؛ وبهذا فإنّ دعاء المسألة داخلٌ في دعاء العبادة، وكذلك دعاء العبادة إنّما القَصد منه نَيْل رضى الله، والفوز بالجنّة، والنجاة من النار؛ فيلزم من الدعاء به حصول دعاء المسألة.[٣٢]

المراجع

  1. عبدالعزيز بن باز، “الأوقات التي تجاب فيها الدعوات”، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 20-4-2020. بتصرّف.
  2. صلاح قمصان، أسباب استجابة الدعاء، موقع إلكتروني: شبكة الألوكة، صفحة 38-64. بتصرّف.
  3. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 212، حسن صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 389، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 482، صحيح.
  6. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 968، صحيح.
  7. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عثمان بن أبي العاص الثقفي، الصفحة أو الرقم: 786، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7494، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 935، صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 853، صحيح.
  11. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن السائب، الصفحة أو الرقم: 478، صحيح.
  12. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 1185، حسن.
  13. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1108، حسن.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم المؤمنين عائشة، الصفحة أو الرقم: 1348، صحيح.
  15. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1218 ، صحيح.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1752، صحيح.
  17. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 398، صحيح.
  18. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2/201، إسناده صحيح.
  19. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3032، صحيح.
  20. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن سهل بن سعد، الصفحة أو الرقم: 3078 ، صحيح.
  21. عبدالرزاق البدر (2003م )، فقه الأدعية والأذكار (الطبعة الثانية)، الكويت: الكويت، صفحة 114-115، جزء 2. بتصرّف.
  22. سورة البقرة، آية: 186.
  23. محمد الرومي (1013)، ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الأولى)، السعودية: كنوز اشبيليا، صفحة 23/17ـ24. بتصرّف.
  24. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2516، صحيح.
  25. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6340، صحيح.
  26. عبدالغني المقدسي (1995)، الترغيب في الدعاء (الطبعة الأولى)، بيروت: دار ابن حزم، صفحة 9. بتصرّف.
  27. خالد الربعي (2002)، من عجائب الدعاء (الطبعة الاولى)، السعودية: دار القاسم، صفحة 10/11. بتصرّف.
  28. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1015، صحيح.
  29. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 2169، حسن.
  30. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 3573 ، حسن صحيح.
  31. محمد التويجري (2010)، كتاب مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشر)، السعودية: دار أصداء المجتمع، صفحة 391. بتصرّف.
  32. ماهر مقدم، شرح الدعاء من الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 12.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق

مقالات ذات صلة

أفضل أوقات الدعاء المستجاب

أعظم ما يريده المسلم الداعي أن يستجيبَ اللهُ دعاءَه؛ ولهذا ينبغي عليه أن يتخيّر في دعائِه أوقات الإجابة؛ لعلّ الله أن يستجيب له، ومن تلك الأوقات التي يُتحرّى فيها الدعاء:[١][٢]

  • الدعاء بين الأذان والإقامة للصلاة؛ كما ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (لا يُرَدُّ الدُّعاءُ بينَ الأذانِ والإقامةِ)،[٣] وكذلك عند رَفع الأذان؛ لِما ورد عن الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (إذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ أدْبَرَ الشَّيْطانُ له ضُراطٌ، حتَّى لا يَسْمع التَّأْذِينَ، فإذا قُضِيَ التَّأْذِينُ أقْبَلَ حتَّى إذا ثُوِّبَ بالصَّلاةِ أدْبَرَ حتَّى إذا قُضِيَ التَّثْوِيبُ).[٤]
  • الدعاء في سجود الصلاة؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ).[٥]
  • الدعاء قبل السلام من الصلاة؛ فقد علّم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابَه الدعاء بعد التشهُّد: (ثمَّ لِيَتخَيَّرْ أحَدُكم مِن الدُّعاءِ أعجَبَه إليه فيَدعوَ به).[٦]
  • الدعاء في جوف ومنتصف الليل؛ ففي الليل ساعةٌ لا يُرَدّ فيها الدعاء، كما في الحديث عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (تُفتَحُ أبوابُ السماءِ نصفُ الليلِ، فينادي مُنادٍ: هل من داعٍ فيُستجابُ له؟ هل من سائلٍ فيُعطَى؟ هل من مكروبٍ فيُفرَّجُ عنه؟ فلا يبقى مسلمٌ يدعو بدعوةٍ إلا استجاب اللهُ له، إلا زانيةً تسعى بفَرْجِها، أو عَشَّارًا)،[٧] وقد ثبت في صحيح البخاريّ أنّها ساعةٌ في الثُّلث الأخير من الليل، كما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له).[٨]
  • الدعاء يوم الجمعة؛ فقد أخبر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن استجابة الدعاء في ساعةٍ من يوم الجمعة، وذكر أنّ في يوم الجمعة ساعة يُستجاب فيها الدعاء، كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكَرَ يَومَ الجُمُعَةِ، فَقالَ: فيه سَاعَةٌ، لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وهو قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شيئًا، إلَّا أعْطَاهُ إيَّاهُ وأَشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا)،[٩] وقد ورد أنّها من حين جلوس الإمام على المنبر، إلى قضاء الصلاة؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: (هي ما بيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإمَامُ إلى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ)،[١٠] وورد أنّها من آخر نهار الجمعة إلى غروب الشمس.
  • الدعاء في السنّة القبليّة لصلاة الظهر؛ كما في حديث عبدالله بن السائب -رضي الله عنه-: (أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعًا بعد أن تزولَ الشمسُ قبل الظهرِ، وقال : إنها ساعةٌ تُفتَحُ فيها أبوابُ السماءِ ، وأُحِبُّ أن يصعدَ لي فيها عملٌ صالحٌ).[١١]
  • الدعاء بين الظهر والعصر من يوم الأربعاء؛ ففي حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دعا في مسجدِ الفتحِ ثلاثًا يومَ الإثنين ويومَ الثُّلاثاءِ ويومَ الأربعاءِ فاسْتُجيب له يومَ الأربعاءِ بين الصَّلاتَيْن فعُرِف البِشرُ في وجهِه قال جابرٌ فلم ينزلْ بي أمرٌ مهمٌّ غليظٌ إلَّا توخَّيتُ تلك السَّاعةَ فأدعو فيها فأعرفُ الإجابةَ).[١٢]
  • الدعاء في الحجّ والعُمرة؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (الغازي في سبيلِ اللهِ، والحاجُّ، والمعتمِرُ؛ وفدُ اللهِ، دعاهُم فأجابوهُ، وسأَلوه فأعطاهُم).[١٣]
  • الدعاء يوم عرفة؛ فقد ثبت في صحيح مسلم عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).[١٤]
  • الدعاء حين الصعود على الصفا والمروة أثناء السَّعي؛ كما في حديث جابر -رضي الله عنه- الذي وصف فيه حجّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (ثُمَّ خَرَجَ مِنَ البَابِ إلى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: {إنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ} أَبْدَأُ بما بَدَأَ اللَّهُ به فَبَدَأَ بالصَّفَا، فَرَقِيَ عليه، حتَّى رَأَى البَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، وَقالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَعَا بيْنَ ذلكَ، قالَ: مِثْلَ هذا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إلى المَرْوَةِ، حتَّى إذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ في بَطْنِ الوَادِي سَعَى، حتَّى إذَا صَعِدَتَا مَشَى، حتَّى أَتَى المَرْوَةَ، فَفَعَلَ علَى المَرْوَةِ كما فَعَلَ علَى الصَّفَا).[١٥]
  • الدعاء حين الوقوف في مزدلفة يوم النَّحر؛ كما ثبت في حديث جابر بن عبدالله: (ثُمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ، حتَّى أَتَى المَشْعَرَ الحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ).[١٥]
  • الدعاء بعد رَمْي الجمرة الصُّغرى والوُسطى أيّام التشريق؛ كما ثبت في صحيح البخاريّ عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، كانَ يَرْمِي الجَمْرَةَ الدُّنْيَا بسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ يُكَبِّرُ علَى إثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فيُسْهِلُ، فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ الوُسْطَى كَذلكَ، فَيَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فيُسْهِلُ ويقومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ ذَاتَ العَقَبَةِ مِن بَطْنِ الوَادِي، ولَا يَقِفُ عِنْدَهَا، ويقولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفْعَلُ).[١٦]
  • الدعاء داخل الكعبة، وداخل الحِجْر؛ كما ثبت في حديث ابن عباس -رضي لله عنهما-: (لَمَّا دَخَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ البَيْتَ، دَعَا في نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، ولَمْ يُصَلِّ حتَّى خَرَجَ منه، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ في قُبُلِ الكَعْبَةِ، وقالَ: هذِه القِبْلَةُ).[١٧]
  • الدعاء عند شُرب ماء زمزم؛ لقَوْل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (ماءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِب له).[١٨]
  • الدعاء حين الصيام والسَّفر؛ كما ورد في حديث أنس بن مالك عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ، ودعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المسافِرِ).[١٩]
  • الدعاء عند نزول المطر؛ لحديث سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ثِنتانِ ما تُرَدّانِ: الدُّعاءُ عند النِّداءِ، و تحْتَ المَطَرِ).[٢٠]

هَدْي النبيّ في الدعاء

يُعَدّ الدعاء عبادةً من العبادات، وطاعةً من الطاعات؛ ولذلك يجدر الالتزام بهَدْي النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيها، واتّباع طريقته، وهو ما بيّنه النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ فذكر للأمّة الأدعية المُتعلّقة بأوقاتٍ مُعيّنةٍ، أو مواضع مُعيّنةٍ، أو أحوالٍ مًعيّنةٍ، كما بيّن حال الدعاء؛ إن كان مُطلقاً، أو مُقيَّداً، وذكر بعض الأوقات الفاضلة المُستحَبّة للدعاء، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأدعية الواردة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- تشمل أحوال المسلم جميعها، وبيّن ما يُحقّق الخير والبِرّ في جميع تلك الأحوال.[٢١]

أهميّة الثقة بالله في استجابة الدعاء

تجدر بالمسلم الصادق الثقة بربّه -عزّ وجلّ- في كلّ أمور حياته؛ فهو -سبحانه- المُقدِّر والمُدبِّر لأموره، وتلك سِمة الأنبياء والصالحين -رضي الله عنهم-، ومن صُور تلك الثقة أن يثق العبد في استجابة الله لدعائه، دون تردُّدٍ أو شَكٍّ؛ فالله أَمرَه بالدعاء، وهو -سبحانه- المُتكفِّل بالإجابة، قال -تعالى-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،[٢٢] ومن الأمور اللازمة في تحقيق الثقة بالله -سبحانه-:[٢٣]

  • توحيد الله في الدعاء؛ فالدعاء عبادةٌ فيها إظهار التذلُّل، والحاجة، والضعف، وذلك لا يكون إلّا لله؛ عملاً بما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ..).[٢٤]
  • سؤال الله بكلّ ما يريده المسلم، دون أن يستعظم شيئاً على الله؛ فهو العظيم -سبحانه-، والذي لا يُعجزه أيّ أَمرٍ.
  • الصبر، وعدم استعجال الإجابة، مع عدم اليأس والقنوط من إجابة الدعاء؛ فقد ثبت في صحيح الإمام البخاريّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي).[٢٥]

ما يمنع من استجابة الدعاء

يجدر بالمسلم أن يتوجّه إلى الله -سبحانه- بالدعاء بإخلاصٍ، وتضرُّعٍ، وخشوعٍ، وصدقٍ، ورجاءٍ، ويقينٍ باستجابته،[٢٦] ما لم يأتِ المسلم بأيّ مانعٍ من موانع استجابة الدعاء، ومنها:[٢٧]

  • ارتكاب الأمور المُحرَّمة في الطعام، أو الشراب، أو اللباس؛ لِما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- من أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟).[٢٨]
  • الوقوع في الذنوب والمعاصي التي تُغضب الله -تعالى-.
  • التقصير في بعض الواجبات والفرائض، كالأمر بالمعروف، والنَّهي عن المُنكر؛ فقد ورد عن حذيفة بن اليمان عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (والذي نفسي بيدِه لتَأمرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عن المنكرِ أوليُوشِكَنَّ اللهُ أن يَبعثَ عليكمْ عقابًا منهُ فتدعونهُ فلا يَستجيبُ لكمْ).[٢٩]
  • الدعاء بالإثم أو قطيعة الرَّحِم؛ ففي حديث عبادة بن الصامت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما على الأرض مسلمٌ يدعو اللهَ تعالى بدعوةٍ إلا آتاه اللهُ إياها أو صَرَف عنه من السوءِ مثلَها ما لم يدعُ بمأثمٍ أو قطيعةِ رَحِمٍ فقال رجلٌ من القوم إذا نُكثِرُ قال اللهُ أكثرُ).[٣٠]
  • الاستعجال في إجابة الدعاء؛ إذ ورد النَّهي عن الاستعجال في في الدعاء، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي).[٢٥]

أنواع الدعاء

يتفرّع الدعاء في الشرع إلى نوعَين؛ فإمّا أن يكون دعاء العبادة، أو دعاء المسألة، وتفصيل كلٍّ منهما فيما يأتي:[٣١]

  • دعاء العبادة: ويُراد به جميع ما يتقرّب به العبد إلى ربّه من أنواع العبادات الظاهرة، والباطنة، كالخوف، والرجاء، والصلاة، والصيام، ونحو ذلك، مع الإخلاص لله وحده.
  • دعاء المسألة: ويُراد به ما يطلبه العبد من ربّه؛ لتحصيل ما ينفعه من خيرَي الدُّنيا والآخرة، أو دَفع ما يضرّه من شرّهما، كالدعاء بدخول الجنّة، والنجاة من النار، أو الدعاء بسعة الرزق، وكَفِّ الشرّ، ونحو ذلك.

وتجدر الإشارة إلى أنّ كلّ ما ورد في الشرع من الأمر بدعاء الله، والثناء عليه، وعدم الإشراك به، يشمل كلا النوعَين؛ لأنّ كلّاً منهما مُستلزمٌ للآخر؛ ذلك أنّ دعاء المسألة نوعٌ من العبادة؛ فالداعي يُقبل إلى الله بتضرُّعٍ وابتهالٍ؛ وبهذا فإنّ دعاء المسألة داخلٌ في دعاء العبادة، وكذلك دعاء العبادة إنّما القَصد منه نَيْل رضى الله، والفوز بالجنّة، والنجاة من النار؛ فيلزم من الدعاء به حصول دعاء المسألة.[٣٢]

المراجع

  1. عبدالعزيز بن باز، “الأوقات التي تجاب فيها الدعوات”، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 20-4-2020. بتصرّف.
  2. صلاح قمصان، أسباب استجابة الدعاء، موقع إلكتروني: شبكة الألوكة، صفحة 38-64. بتصرّف.
  3. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 212، حسن صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 389، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 482، صحيح.
  6. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 968، صحيح.
  7. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عثمان بن أبي العاص الثقفي، الصفحة أو الرقم: 786، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7494، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 935، صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 853، صحيح.
  11. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن السائب، الصفحة أو الرقم: 478، صحيح.
  12. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 1185، حسن.
  13. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1108، حسن.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم المؤمنين عائشة، الصفحة أو الرقم: 1348، صحيح.
  15. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1218 ، صحيح.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1752، صحيح.
  17. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 398، صحيح.
  18. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2/201، إسناده صحيح.
  19. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3032، صحيح.
  20. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن سهل بن سعد، الصفحة أو الرقم: 3078 ، صحيح.
  21. عبدالرزاق البدر (2003م )، فقه الأدعية والأذكار (الطبعة الثانية)، الكويت: الكويت، صفحة 114-115، جزء 2. بتصرّف.
  22. سورة البقرة، آية: 186.
  23. محمد الرومي (1013)، ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الأولى)، السعودية: كنوز اشبيليا، صفحة 23/17ـ24. بتصرّف.
  24. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2516، صحيح.
  25. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6340، صحيح.
  26. عبدالغني المقدسي (1995)، الترغيب في الدعاء (الطبعة الأولى)، بيروت: دار ابن حزم، صفحة 9. بتصرّف.
  27. خالد الربعي (2002)، من عجائب الدعاء (الطبعة الاولى)، السعودية: دار القاسم، صفحة 10/11. بتصرّف.
  28. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1015، صحيح.
  29. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 2169، حسن.
  30. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 3573 ، حسن صحيح.
  31. محمد التويجري (2010)، كتاب مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشر)، السعودية: دار أصداء المجتمع، صفحة 391. بتصرّف.
  32. ماهر مقدم، شرح الدعاء من الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 12.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق

مقالات ذات صلة

أفضل أوقات الدعاء المستجاب

أعظم ما يريده المسلم الداعي أن يستجيبَ اللهُ دعاءَه؛ ولهذا ينبغي عليه أن يتخيّر في دعائِه أوقات الإجابة؛ لعلّ الله أن يستجيب له، ومن تلك الأوقات التي يُتحرّى فيها الدعاء:[١][٢]

  • الدعاء بين الأذان والإقامة للصلاة؛ كما ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (لا يُرَدُّ الدُّعاءُ بينَ الأذانِ والإقامةِ)،[٣] وكذلك عند رَفع الأذان؛ لِما ورد عن الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (إذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ أدْبَرَ الشَّيْطانُ له ضُراطٌ، حتَّى لا يَسْمع التَّأْذِينَ، فإذا قُضِيَ التَّأْذِينُ أقْبَلَ حتَّى إذا ثُوِّبَ بالصَّلاةِ أدْبَرَ حتَّى إذا قُضِيَ التَّثْوِيبُ).[٤]
  • الدعاء في سجود الصلاة؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ).[٥]
  • الدعاء قبل السلام من الصلاة؛ فقد علّم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابَه الدعاء بعد التشهُّد: (ثمَّ لِيَتخَيَّرْ أحَدُكم مِن الدُّعاءِ أعجَبَه إليه فيَدعوَ به).[٦]
  • الدعاء في جوف ومنتصف الليل؛ ففي الليل ساعةٌ لا يُرَدّ فيها الدعاء، كما في الحديث عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (تُفتَحُ أبوابُ السماءِ نصفُ الليلِ، فينادي مُنادٍ: هل من داعٍ فيُستجابُ له؟ هل من سائلٍ فيُعطَى؟ هل من مكروبٍ فيُفرَّجُ عنه؟ فلا يبقى مسلمٌ يدعو بدعوةٍ إلا استجاب اللهُ له، إلا زانيةً تسعى بفَرْجِها، أو عَشَّارًا)،[٧] وقد ثبت في صحيح البخاريّ أنّها ساعةٌ في الثُّلث الأخير من الليل، كما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له).[٨]
  • الدعاء يوم الجمعة؛ فقد أخبر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن استجابة الدعاء في ساعةٍ من يوم الجمعة، وذكر أنّ في يوم الجمعة ساعة يُستجاب فيها الدعاء، كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكَرَ يَومَ الجُمُعَةِ، فَقالَ: فيه سَاعَةٌ، لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وهو قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شيئًا، إلَّا أعْطَاهُ إيَّاهُ وأَشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا)،[٩] وقد ورد أنّها من حين جلوس الإمام على المنبر، إلى قضاء الصلاة؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: (هي ما بيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإمَامُ إلى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ)،[١٠] وورد أنّها من آخر نهار الجمعة إلى غروب الشمس.
  • الدعاء في السنّة القبليّة لصلاة الظهر؛ كما في حديث عبدالله بن السائب -رضي الله عنه-: (أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعًا بعد أن تزولَ الشمسُ قبل الظهرِ، وقال : إنها ساعةٌ تُفتَحُ فيها أبوابُ السماءِ ، وأُحِبُّ أن يصعدَ لي فيها عملٌ صالحٌ).[١١]
  • الدعاء بين الظهر والعصر من يوم الأربعاء؛ ففي حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دعا في مسجدِ الفتحِ ثلاثًا يومَ الإثنين ويومَ الثُّلاثاءِ ويومَ الأربعاءِ فاسْتُجيب له يومَ الأربعاءِ بين الصَّلاتَيْن فعُرِف البِشرُ في وجهِه قال جابرٌ فلم ينزلْ بي أمرٌ مهمٌّ غليظٌ إلَّا توخَّيتُ تلك السَّاعةَ فأدعو فيها فأعرفُ الإجابةَ).[١٢]
  • الدعاء في الحجّ والعُمرة؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (الغازي في سبيلِ اللهِ، والحاجُّ، والمعتمِرُ؛ وفدُ اللهِ، دعاهُم فأجابوهُ، وسأَلوه فأعطاهُم).[١٣]
  • الدعاء يوم عرفة؛ فقد ثبت في صحيح مسلم عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).[١٤]
  • الدعاء حين الصعود على الصفا والمروة أثناء السَّعي؛ كما في حديث جابر -رضي الله عنه- الذي وصف فيه حجّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (ثُمَّ خَرَجَ مِنَ البَابِ إلى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: {إنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ} أَبْدَأُ بما بَدَأَ اللَّهُ به فَبَدَأَ بالصَّفَا، فَرَقِيَ عليه، حتَّى رَأَى البَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، وَقالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَعَا بيْنَ ذلكَ، قالَ: مِثْلَ هذا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إلى المَرْوَةِ، حتَّى إذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ في بَطْنِ الوَادِي سَعَى، حتَّى إذَا صَعِدَتَا مَشَى، حتَّى أَتَى المَرْوَةَ، فَفَعَلَ علَى المَرْوَةِ كما فَعَلَ علَى الصَّفَا).[١٥]
  • الدعاء حين الوقوف في مزدلفة يوم النَّحر؛ كما ثبت في حديث جابر بن عبدالله: (ثُمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ، حتَّى أَتَى المَشْعَرَ الحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ).[١٥]
  • الدعاء بعد رَمْي الجمرة الصُّغرى والوُسطى أيّام التشريق؛ كما ثبت في صحيح البخاريّ عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، كانَ يَرْمِي الجَمْرَةَ الدُّنْيَا بسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ يُكَبِّرُ علَى إثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فيُسْهِلُ، فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ الوُسْطَى كَذلكَ، فَيَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فيُسْهِلُ ويقومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ ذَاتَ العَقَبَةِ مِن بَطْنِ الوَادِي، ولَا يَقِفُ عِنْدَهَا، ويقولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفْعَلُ).[١٦]
  • الدعاء داخل الكعبة، وداخل الحِجْر؛ كما ثبت في حديث ابن عباس -رضي لله عنهما-: (لَمَّا دَخَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ البَيْتَ، دَعَا في نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، ولَمْ يُصَلِّ حتَّى خَرَجَ منه، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ في قُبُلِ الكَعْبَةِ، وقالَ: هذِه القِبْلَةُ).[١٧]
  • الدعاء عند شُرب ماء زمزم؛ لقَوْل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (ماءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِب له).[١٨]
  • الدعاء حين الصيام والسَّفر؛ كما ورد في حديث أنس بن مالك عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ، ودعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المسافِرِ).[١٩]
  • الدعاء عند نزول المطر؛ لحديث سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ثِنتانِ ما تُرَدّانِ: الدُّعاءُ عند النِّداءِ، و تحْتَ المَطَرِ).[٢٠]

هَدْي النبيّ في الدعاء

يُعَدّ الدعاء عبادةً من العبادات، وطاعةً من الطاعات؛ ولذلك يجدر الالتزام بهَدْي النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيها، واتّباع طريقته، وهو ما بيّنه النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ فذكر للأمّة الأدعية المُتعلّقة بأوقاتٍ مُعيّنةٍ، أو مواضع مُعيّنةٍ، أو أحوالٍ مًعيّنةٍ، كما بيّن حال الدعاء؛ إن كان مُطلقاً، أو مُقيَّداً، وذكر بعض الأوقات الفاضلة المُستحَبّة للدعاء، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأدعية الواردة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- تشمل أحوال المسلم جميعها، وبيّن ما يُحقّق الخير والبِرّ في جميع تلك الأحوال.[٢١]

أهميّة الثقة بالله في استجابة الدعاء

تجدر بالمسلم الصادق الثقة بربّه -عزّ وجلّ- في كلّ أمور حياته؛ فهو -سبحانه- المُقدِّر والمُدبِّر لأموره، وتلك سِمة الأنبياء والصالحين -رضي الله عنهم-، ومن صُور تلك الثقة أن يثق العبد في استجابة الله لدعائه، دون تردُّدٍ أو شَكٍّ؛ فالله أَمرَه بالدعاء، وهو -سبحانه- المُتكفِّل بالإجابة، قال -تعالى-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،[٢٢] ومن الأمور اللازمة في تحقيق الثقة بالله -سبحانه-:[٢٣]

  • توحيد الله في الدعاء؛ فالدعاء عبادةٌ فيها إظهار التذلُّل، والحاجة، والضعف، وذلك لا يكون إلّا لله؛ عملاً بما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ..).[٢٤]
  • سؤال الله بكلّ ما يريده المسلم، دون أن يستعظم شيئاً على الله؛ فهو العظيم -سبحانه-، والذي لا يُعجزه أيّ أَمرٍ.
  • الصبر، وعدم استعجال الإجابة، مع عدم اليأس والقنوط من إجابة الدعاء؛ فقد ثبت في صحيح الإمام البخاريّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي).[٢٥]

ما يمنع من استجابة الدعاء

يجدر بالمسلم أن يتوجّه إلى الله -سبحانه- بالدعاء بإخلاصٍ، وتضرُّعٍ، وخشوعٍ، وصدقٍ، ورجاءٍ، ويقينٍ باستجابته،[٢٦] ما لم يأتِ المسلم بأيّ مانعٍ من موانع استجابة الدعاء، ومنها:[٢٧]

  • ارتكاب الأمور المُحرَّمة في الطعام، أو الشراب، أو اللباس؛ لِما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- من أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟).[٢٨]
  • الوقوع في الذنوب والمعاصي التي تُغضب الله -تعالى-.
  • التقصير في بعض الواجبات والفرائض، كالأمر بالمعروف، والنَّهي عن المُنكر؛ فقد ورد عن حذيفة بن اليمان عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (والذي نفسي بيدِه لتَأمرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عن المنكرِ أوليُوشِكَنَّ اللهُ أن يَبعثَ عليكمْ عقابًا منهُ فتدعونهُ فلا يَستجيبُ لكمْ).[٢٩]
  • الدعاء بالإثم أو قطيعة الرَّحِم؛ ففي حديث عبادة بن الصامت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما على الأرض مسلمٌ يدعو اللهَ تعالى بدعوةٍ إلا آتاه اللهُ إياها أو صَرَف عنه من السوءِ مثلَها ما لم يدعُ بمأثمٍ أو قطيعةِ رَحِمٍ فقال رجلٌ من القوم إذا نُكثِرُ قال اللهُ أكثرُ).[٣٠]
  • الاستعجال في إجابة الدعاء؛ إذ ورد النَّهي عن الاستعجال في في الدعاء، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي).[٢٥]

أنواع الدعاء

يتفرّع الدعاء في الشرع إلى نوعَين؛ فإمّا أن يكون دعاء العبادة، أو دعاء المسألة، وتفصيل كلٍّ منهما فيما يأتي:[٣١]

  • دعاء العبادة: ويُراد به جميع ما يتقرّب به العبد إلى ربّه من أنواع العبادات الظاهرة، والباطنة، كالخوف، والرجاء، والصلاة، والصيام، ونحو ذلك، مع الإخلاص لله وحده.
  • دعاء المسألة: ويُراد به ما يطلبه العبد من ربّه؛ لتحصيل ما ينفعه من خيرَي الدُّنيا والآخرة، أو دَفع ما يضرّه من شرّهما، كالدعاء بدخول الجنّة، والنجاة من النار، أو الدعاء بسعة الرزق، وكَفِّ الشرّ، ونحو ذلك.

وتجدر الإشارة إلى أنّ كلّ ما ورد في الشرع من الأمر بدعاء الله، والثناء عليه، وعدم الإشراك به، يشمل كلا النوعَين؛ لأنّ كلّاً منهما مُستلزمٌ للآخر؛ ذلك أنّ دعاء المسألة نوعٌ من العبادة؛ فالداعي يُقبل إلى الله بتضرُّعٍ وابتهالٍ؛ وبهذا فإنّ دعاء المسألة داخلٌ في دعاء العبادة، وكذلك دعاء العبادة إنّما القَصد منه نَيْل رضى الله، والفوز بالجنّة، والنجاة من النار؛ فيلزم من الدعاء به حصول دعاء المسألة.[٣٢]

المراجع

  1. عبدالعزيز بن باز، “الأوقات التي تجاب فيها الدعوات”، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 20-4-2020. بتصرّف.
  2. صلاح قمصان، أسباب استجابة الدعاء، موقع إلكتروني: شبكة الألوكة، صفحة 38-64. بتصرّف.
  3. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 212، حسن صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 389، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 482، صحيح.
  6. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 968، صحيح.
  7. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عثمان بن أبي العاص الثقفي، الصفحة أو الرقم: 786، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7494، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 935، صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 853، صحيح.
  11. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن السائب، الصفحة أو الرقم: 478، صحيح.
  12. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 1185، حسن.
  13. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1108، حسن.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم المؤمنين عائشة، الصفحة أو الرقم: 1348، صحيح.
  15. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1218 ، صحيح.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1752، صحيح.
  17. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 398، صحيح.
  18. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2/201، إسناده صحيح.
  19. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3032، صحيح.
  20. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن سهل بن سعد، الصفحة أو الرقم: 3078 ، صحيح.
  21. عبدالرزاق البدر (2003م )، فقه الأدعية والأذكار (الطبعة الثانية)، الكويت: الكويت، صفحة 114-115، جزء 2. بتصرّف.
  22. سورة البقرة، آية: 186.
  23. محمد الرومي (1013)، ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الأولى)، السعودية: كنوز اشبيليا، صفحة 23/17ـ24. بتصرّف.
  24. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2516، صحيح.
  25. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6340، صحيح.
  26. عبدالغني المقدسي (1995)، الترغيب في الدعاء (الطبعة الأولى)، بيروت: دار ابن حزم، صفحة 9. بتصرّف.
  27. خالد الربعي (2002)، من عجائب الدعاء (الطبعة الاولى)، السعودية: دار القاسم، صفحة 10/11. بتصرّف.
  28. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1015، صحيح.
  29. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 2169، حسن.
  30. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 3573 ، حسن صحيح.
  31. محمد التويجري (2010)، كتاب مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشر)، السعودية: دار أصداء المجتمع، صفحة 391. بتصرّف.
  32. ماهر مقدم، شرح الدعاء من الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 12.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق

مقالات ذات صلة

أفضل أوقات الدعاء المستجاب

أعظم ما يريده المسلم الداعي أن يستجيبَ اللهُ دعاءَه؛ ولهذا ينبغي عليه أن يتخيّر في دعائِه أوقات الإجابة؛ لعلّ الله أن يستجيب له، ومن تلك الأوقات التي يُتحرّى فيها الدعاء:[١][٢]

  • الدعاء بين الأذان والإقامة للصلاة؛ كما ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (لا يُرَدُّ الدُّعاءُ بينَ الأذانِ والإقامةِ)،[٣] وكذلك عند رَفع الأذان؛ لِما ورد عن الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (إذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ أدْبَرَ الشَّيْطانُ له ضُراطٌ، حتَّى لا يَسْمع التَّأْذِينَ، فإذا قُضِيَ التَّأْذِينُ أقْبَلَ حتَّى إذا ثُوِّبَ بالصَّلاةِ أدْبَرَ حتَّى إذا قُضِيَ التَّثْوِيبُ).[٤]
  • الدعاء في سجود الصلاة؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ).[٥]
  • الدعاء قبل السلام من الصلاة؛ فقد علّم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابَه الدعاء بعد التشهُّد: (ثمَّ لِيَتخَيَّرْ أحَدُكم مِن الدُّعاءِ أعجَبَه إليه فيَدعوَ به).[٦]
  • الدعاء في جوف ومنتصف الليل؛ ففي الليل ساعةٌ لا يُرَدّ فيها الدعاء، كما في الحديث عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (تُفتَحُ أبوابُ السماءِ نصفُ الليلِ، فينادي مُنادٍ: هل من داعٍ فيُستجابُ له؟ هل من سائلٍ فيُعطَى؟ هل من مكروبٍ فيُفرَّجُ عنه؟ فلا يبقى مسلمٌ يدعو بدعوةٍ إلا استجاب اللهُ له، إلا زانيةً تسعى بفَرْجِها، أو عَشَّارًا)،[٧] وقد ثبت في صحيح البخاريّ أنّها ساعةٌ في الثُّلث الأخير من الليل، كما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له).[٨]
  • الدعاء يوم الجمعة؛ فقد أخبر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن استجابة الدعاء في ساعةٍ من يوم الجمعة، وذكر أنّ في يوم الجمعة ساعة يُستجاب فيها الدعاء، كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكَرَ يَومَ الجُمُعَةِ، فَقالَ: فيه سَاعَةٌ، لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وهو قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شيئًا، إلَّا أعْطَاهُ إيَّاهُ وأَشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا)،[٩] وقد ورد أنّها من حين جلوس الإمام على المنبر، إلى قضاء الصلاة؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: (هي ما بيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإمَامُ إلى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ)،[١٠] وورد أنّها من آخر نهار الجمعة إلى غروب الشمس.
  • الدعاء في السنّة القبليّة لصلاة الظهر؛ كما في حديث عبدالله بن السائب -رضي الله عنه-: (أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعًا بعد أن تزولَ الشمسُ قبل الظهرِ، وقال : إنها ساعةٌ تُفتَحُ فيها أبوابُ السماءِ ، وأُحِبُّ أن يصعدَ لي فيها عملٌ صالحٌ).[١١]
  • الدعاء بين الظهر والعصر من يوم الأربعاء؛ ففي حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دعا في مسجدِ الفتحِ ثلاثًا يومَ الإثنين ويومَ الثُّلاثاءِ ويومَ الأربعاءِ فاسْتُجيب له يومَ الأربعاءِ بين الصَّلاتَيْن فعُرِف البِشرُ في وجهِه قال جابرٌ فلم ينزلْ بي أمرٌ مهمٌّ غليظٌ إلَّا توخَّيتُ تلك السَّاعةَ فأدعو فيها فأعرفُ الإجابةَ).[١٢]
  • الدعاء في الحجّ والعُمرة؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (الغازي في سبيلِ اللهِ، والحاجُّ، والمعتمِرُ؛ وفدُ اللهِ، دعاهُم فأجابوهُ، وسأَلوه فأعطاهُم).[١٣]
  • الدعاء يوم عرفة؛ فقد ثبت في صحيح مسلم عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).[١٤]
  • الدعاء حين الصعود على الصفا والمروة أثناء السَّعي؛ كما في حديث جابر -رضي الله عنه- الذي وصف فيه حجّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (ثُمَّ خَرَجَ مِنَ البَابِ إلى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: {إنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ} أَبْدَأُ بما بَدَأَ اللَّهُ به فَبَدَأَ بالصَّفَا، فَرَقِيَ عليه، حتَّى رَأَى البَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، وَقالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَعَا بيْنَ ذلكَ، قالَ: مِثْلَ هذا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إلى المَرْوَةِ، حتَّى إذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ في بَطْنِ الوَادِي سَعَى، حتَّى إذَا صَعِدَتَا مَشَى، حتَّى أَتَى المَرْوَةَ، فَفَعَلَ علَى المَرْوَةِ كما فَعَلَ علَى الصَّفَا).[١٥]
  • الدعاء حين الوقوف في مزدلفة يوم النَّحر؛ كما ثبت في حديث جابر بن عبدالله: (ثُمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ، حتَّى أَتَى المَشْعَرَ الحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ).[١٥]
  • الدعاء بعد رَمْي الجمرة الصُّغرى والوُسطى أيّام التشريق؛ كما ثبت في صحيح البخاريّ عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، كانَ يَرْمِي الجَمْرَةَ الدُّنْيَا بسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ يُكَبِّرُ علَى إثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فيُسْهِلُ، فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ الوُسْطَى كَذلكَ، فَيَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فيُسْهِلُ ويقومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ ذَاتَ العَقَبَةِ مِن بَطْنِ الوَادِي، ولَا يَقِفُ عِنْدَهَا، ويقولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفْعَلُ).[١٦]
  • الدعاء داخل الكعبة، وداخل الحِجْر؛ كما ثبت في حديث ابن عباس -رضي لله عنهما-: (لَمَّا دَخَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ البَيْتَ، دَعَا في نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، ولَمْ يُصَلِّ حتَّى خَرَجَ منه، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ في قُبُلِ الكَعْبَةِ، وقالَ: هذِه القِبْلَةُ).[١٧]
  • الدعاء عند شُرب ماء زمزم؛ لقَوْل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (ماءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِب له).[١٨]
  • الدعاء حين الصيام والسَّفر؛ كما ورد في حديث أنس بن مالك عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ، ودعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المسافِرِ).[١٩]
  • الدعاء عند نزول المطر؛ لحديث سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ثِنتانِ ما تُرَدّانِ: الدُّعاءُ عند النِّداءِ، و تحْتَ المَطَرِ).[٢٠]

هَدْي النبيّ في الدعاء

يُعَدّ الدعاء عبادةً من العبادات، وطاعةً من الطاعات؛ ولذلك يجدر الالتزام بهَدْي النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيها، واتّباع طريقته، وهو ما بيّنه النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ فذكر للأمّة الأدعية المُتعلّقة بأوقاتٍ مُعيّنةٍ، أو مواضع مُعيّنةٍ، أو أحوالٍ مًعيّنةٍ، كما بيّن حال الدعاء؛ إن كان مُطلقاً، أو مُقيَّداً، وذكر بعض الأوقات الفاضلة المُستحَبّة للدعاء، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأدعية الواردة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- تشمل أحوال المسلم جميعها، وبيّن ما يُحقّق الخير والبِرّ في جميع تلك الأحوال.[٢١]

أهميّة الثقة بالله في استجابة الدعاء

تجدر بالمسلم الصادق الثقة بربّه -عزّ وجلّ- في كلّ أمور حياته؛ فهو -سبحانه- المُقدِّر والمُدبِّر لأموره، وتلك سِمة الأنبياء والصالحين -رضي الله عنهم-، ومن صُور تلك الثقة أن يثق العبد في استجابة الله لدعائه، دون تردُّدٍ أو شَكٍّ؛ فالله أَمرَه بالدعاء، وهو -سبحانه- المُتكفِّل بالإجابة، قال -تعالى-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،[٢٢] ومن الأمور اللازمة في تحقيق الثقة بالله -سبحانه-:[٢٣]

  • توحيد الله في الدعاء؛ فالدعاء عبادةٌ فيها إظهار التذلُّل، والحاجة، والضعف، وذلك لا يكون إلّا لله؛ عملاً بما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ..).[٢٤]
  • سؤال الله بكلّ ما يريده المسلم، دون أن يستعظم شيئاً على الله؛ فهو العظيم -سبحانه-، والذي لا يُعجزه أيّ أَمرٍ.
  • الصبر، وعدم استعجال الإجابة، مع عدم اليأس والقنوط من إجابة الدعاء؛ فقد ثبت في صحيح الإمام البخاريّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي).[٢٥]

ما يمنع من استجابة الدعاء

يجدر بالمسلم أن يتوجّه إلى الله -سبحانه- بالدعاء بإخلاصٍ، وتضرُّعٍ، وخشوعٍ، وصدقٍ، ورجاءٍ، ويقينٍ باستجابته،[٢٦] ما لم يأتِ المسلم بأيّ مانعٍ من موانع استجابة الدعاء، ومنها:[٢٧]

  • ارتكاب الأمور المُحرَّمة في الطعام، أو الشراب، أو اللباس؛ لِما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- من أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟).[٢٨]
  • الوقوع في الذنوب والمعاصي التي تُغضب الله -تعالى-.
  • التقصير في بعض الواجبات والفرائض، كالأمر بالمعروف، والنَّهي عن المُنكر؛ فقد ورد عن حذيفة بن اليمان عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (والذي نفسي بيدِه لتَأمرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عن المنكرِ أوليُوشِكَنَّ اللهُ أن يَبعثَ عليكمْ عقابًا منهُ فتدعونهُ فلا يَستجيبُ لكمْ).[٢٩]
  • الدعاء بالإثم أو قطيعة الرَّحِم؛ ففي حديث عبادة بن الصامت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما على الأرض مسلمٌ يدعو اللهَ تعالى بدعوةٍ إلا آتاه اللهُ إياها أو صَرَف عنه من السوءِ مثلَها ما لم يدعُ بمأثمٍ أو قطيعةِ رَحِمٍ فقال رجلٌ من القوم إذا نُكثِرُ قال اللهُ أكثرُ).[٣٠]
  • الاستعجال في إجابة الدعاء؛ إذ ورد النَّهي عن الاستعجال في في الدعاء، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي).[٢٥]

أنواع الدعاء

يتفرّع الدعاء في الشرع إلى نوعَين؛ فإمّا أن يكون دعاء العبادة، أو دعاء المسألة، وتفصيل كلٍّ منهما فيما يأتي:[٣١]

  • دعاء العبادة: ويُراد به جميع ما يتقرّب به العبد إلى ربّه من أنواع العبادات الظاهرة، والباطنة، كالخوف، والرجاء، والصلاة، والصيام، ونحو ذلك، مع الإخلاص لله وحده.
  • دعاء المسألة: ويُراد به ما يطلبه العبد من ربّه؛ لتحصيل ما ينفعه من خيرَي الدُّنيا والآخرة، أو دَفع ما يضرّه من شرّهما، كالدعاء بدخول الجنّة، والنجاة من النار، أو الدعاء بسعة الرزق، وكَفِّ الشرّ، ونحو ذلك.

وتجدر الإشارة إلى أنّ كلّ ما ورد في الشرع من الأمر بدعاء الله، والثناء عليه، وعدم الإشراك به، يشمل كلا النوعَين؛ لأنّ كلّاً منهما مُستلزمٌ للآخر؛ ذلك أنّ دعاء المسألة نوعٌ من العبادة؛ فالداعي يُقبل إلى الله بتضرُّعٍ وابتهالٍ؛ وبهذا فإنّ دعاء المسألة داخلٌ في دعاء العبادة، وكذلك دعاء العبادة إنّما القَصد منه نَيْل رضى الله، والفوز بالجنّة، والنجاة من النار؛ فيلزم من الدعاء به حصول دعاء المسألة.[٣٢]

المراجع

  1. عبدالعزيز بن باز، “الأوقات التي تجاب فيها الدعوات”، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 20-4-2020. بتصرّف.
  2. صلاح قمصان، أسباب استجابة الدعاء، موقع إلكتروني: شبكة الألوكة، صفحة 38-64. بتصرّف.
  3. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 212، حسن صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 389، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 482، صحيح.
  6. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 968، صحيح.
  7. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عثمان بن أبي العاص الثقفي، الصفحة أو الرقم: 786، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7494، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 935، صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 853، صحيح.
  11. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن السائب، الصفحة أو الرقم: 478، صحيح.
  12. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 1185، حسن.
  13. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1108، حسن.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم المؤمنين عائشة، الصفحة أو الرقم: 1348، صحيح.
  15. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1218 ، صحيح.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1752، صحيح.
  17. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 398، صحيح.
  18. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2/201، إسناده صحيح.
  19. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3032، صحيح.
  20. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن سهل بن سعد، الصفحة أو الرقم: 3078 ، صحيح.
  21. عبدالرزاق البدر (2003م )، فقه الأدعية والأذكار (الطبعة الثانية)، الكويت: الكويت، صفحة 114-115، جزء 2. بتصرّف.
  22. سورة البقرة، آية: 186.
  23. محمد الرومي (1013)، ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الأولى)، السعودية: كنوز اشبيليا، صفحة 23/17ـ24. بتصرّف.
  24. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2516، صحيح.
  25. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6340، صحيح.
  26. عبدالغني المقدسي (1995)، الترغيب في الدعاء (الطبعة الأولى)، بيروت: دار ابن حزم، صفحة 9. بتصرّف.
  27. خالد الربعي (2002)، من عجائب الدعاء (الطبعة الاولى)، السعودية: دار القاسم، صفحة 10/11. بتصرّف.
  28. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1015، صحيح.
  29. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 2169، حسن.
  30. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 3573 ، حسن صحيح.
  31. محمد التويجري (2010)، كتاب مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشر)، السعودية: دار أصداء المجتمع، صفحة 391. بتصرّف.
  32. ماهر مقدم، شرح الدعاء من الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 12.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أفضل أوقات الدعاء المستجاب

أعظم ما يريده المسلم الداعي أن يستجيبَ اللهُ دعاءَه؛ ولهذا ينبغي عليه أن يتخيّر في دعائِه أوقات الإجابة؛ لعلّ الله أن يستجيب له، ومن تلك الأوقات التي يُتحرّى فيها الدعاء:[١][٢]

  • الدعاء بين الأذان والإقامة للصلاة؛ كما ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (لا يُرَدُّ الدُّعاءُ بينَ الأذانِ والإقامةِ)،[٣] وكذلك عند رَفع الأذان؛ لِما ورد عن الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (إذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ أدْبَرَ الشَّيْطانُ له ضُراطٌ، حتَّى لا يَسْمع التَّأْذِينَ، فإذا قُضِيَ التَّأْذِينُ أقْبَلَ حتَّى إذا ثُوِّبَ بالصَّلاةِ أدْبَرَ حتَّى إذا قُضِيَ التَّثْوِيبُ).[٤]
  • الدعاء في سجود الصلاة؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ).[٥]
  • الدعاء قبل السلام من الصلاة؛ فقد علّم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابَه الدعاء بعد التشهُّد: (ثمَّ لِيَتخَيَّرْ أحَدُكم مِن الدُّعاءِ أعجَبَه إليه فيَدعوَ به).[٦]
  • الدعاء في جوف ومنتصف الليل؛ ففي الليل ساعةٌ لا يُرَدّ فيها الدعاء، كما في الحديث عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (تُفتَحُ أبوابُ السماءِ نصفُ الليلِ، فينادي مُنادٍ: هل من داعٍ فيُستجابُ له؟ هل من سائلٍ فيُعطَى؟ هل من مكروبٍ فيُفرَّجُ عنه؟ فلا يبقى مسلمٌ يدعو بدعوةٍ إلا استجاب اللهُ له، إلا زانيةً تسعى بفَرْجِها، أو عَشَّارًا)،[٧] وقد ثبت في صحيح البخاريّ أنّها ساعةٌ في الثُّلث الأخير من الليل، كما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له).[٨]
  • الدعاء يوم الجمعة؛ فقد أخبر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن استجابة الدعاء في ساعةٍ من يوم الجمعة، وذكر أنّ في يوم الجمعة ساعة يُستجاب فيها الدعاء، كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكَرَ يَومَ الجُمُعَةِ، فَقالَ: فيه سَاعَةٌ، لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وهو قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شيئًا، إلَّا أعْطَاهُ إيَّاهُ وأَشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا)،[٩] وقد ورد أنّها من حين جلوس الإمام على المنبر، إلى قضاء الصلاة؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: (هي ما بيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإمَامُ إلى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ)،[١٠] وورد أنّها من آخر نهار الجمعة إلى غروب الشمس.
  • الدعاء في السنّة القبليّة لصلاة الظهر؛ كما في حديث عبدالله بن السائب -رضي الله عنه-: (أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعًا بعد أن تزولَ الشمسُ قبل الظهرِ، وقال : إنها ساعةٌ تُفتَحُ فيها أبوابُ السماءِ ، وأُحِبُّ أن يصعدَ لي فيها عملٌ صالحٌ).[١١]
  • الدعاء بين الظهر والعصر من يوم الأربعاء؛ ففي حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دعا في مسجدِ الفتحِ ثلاثًا يومَ الإثنين ويومَ الثُّلاثاءِ ويومَ الأربعاءِ فاسْتُجيب له يومَ الأربعاءِ بين الصَّلاتَيْن فعُرِف البِشرُ في وجهِه قال جابرٌ فلم ينزلْ بي أمرٌ مهمٌّ غليظٌ إلَّا توخَّيتُ تلك السَّاعةَ فأدعو فيها فأعرفُ الإجابةَ).[١٢]
  • الدعاء في الحجّ والعُمرة؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (الغازي في سبيلِ اللهِ، والحاجُّ، والمعتمِرُ؛ وفدُ اللهِ، دعاهُم فأجابوهُ، وسأَلوه فأعطاهُم).[١٣]
  • الدعاء يوم عرفة؛ فقد ثبت في صحيح مسلم عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).[١٤]
  • الدعاء حين الصعود على الصفا والمروة أثناء السَّعي؛ كما في حديث جابر -رضي الله عنه- الذي وصف فيه حجّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (ثُمَّ خَرَجَ مِنَ البَابِ إلى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: {إنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ} أَبْدَأُ بما بَدَأَ اللَّهُ به فَبَدَأَ بالصَّفَا، فَرَقِيَ عليه، حتَّى رَأَى البَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، وَقالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَعَا بيْنَ ذلكَ، قالَ: مِثْلَ هذا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إلى المَرْوَةِ، حتَّى إذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ في بَطْنِ الوَادِي سَعَى، حتَّى إذَا صَعِدَتَا مَشَى، حتَّى أَتَى المَرْوَةَ، فَفَعَلَ علَى المَرْوَةِ كما فَعَلَ علَى الصَّفَا).[١٥]
  • الدعاء حين الوقوف في مزدلفة يوم النَّحر؛ كما ثبت في حديث جابر بن عبدالله: (ثُمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ، حتَّى أَتَى المَشْعَرَ الحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ).[١٥]
  • الدعاء بعد رَمْي الجمرة الصُّغرى والوُسطى أيّام التشريق؛ كما ثبت في صحيح البخاريّ عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، كانَ يَرْمِي الجَمْرَةَ الدُّنْيَا بسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ يُكَبِّرُ علَى إثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فيُسْهِلُ، فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ الوُسْطَى كَذلكَ، فَيَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فيُسْهِلُ ويقومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ ذَاتَ العَقَبَةِ مِن بَطْنِ الوَادِي، ولَا يَقِفُ عِنْدَهَا، ويقولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفْعَلُ).[١٦]
  • الدعاء داخل الكعبة، وداخل الحِجْر؛ كما ثبت في حديث ابن عباس -رضي لله عنهما-: (لَمَّا دَخَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ البَيْتَ، دَعَا في نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، ولَمْ يُصَلِّ حتَّى خَرَجَ منه، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ في قُبُلِ الكَعْبَةِ، وقالَ: هذِه القِبْلَةُ).[١٧]
  • الدعاء عند شُرب ماء زمزم؛ لقَوْل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (ماءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِب له).[١٨]
  • الدعاء حين الصيام والسَّفر؛ كما ورد في حديث أنس بن مالك عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ، ودعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المسافِرِ).[١٩]
  • الدعاء عند نزول المطر؛ لحديث سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ثِنتانِ ما تُرَدّانِ: الدُّعاءُ عند النِّداءِ، و تحْتَ المَطَرِ).[٢٠]

هَدْي النبيّ في الدعاء

يُعَدّ الدعاء عبادةً من العبادات، وطاعةً من الطاعات؛ ولذلك يجدر الالتزام بهَدْي النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيها، واتّباع طريقته، وهو ما بيّنه النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ فذكر للأمّة الأدعية المُتعلّقة بأوقاتٍ مُعيّنةٍ، أو مواضع مُعيّنةٍ، أو أحوالٍ مًعيّنةٍ، كما بيّن حال الدعاء؛ إن كان مُطلقاً، أو مُقيَّداً، وذكر بعض الأوقات الفاضلة المُستحَبّة للدعاء، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأدعية الواردة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- تشمل أحوال المسلم جميعها، وبيّن ما يُحقّق الخير والبِرّ في جميع تلك الأحوال.[٢١]

أهميّة الثقة بالله في استجابة الدعاء

تجدر بالمسلم الصادق الثقة بربّه -عزّ وجلّ- في كلّ أمور حياته؛ فهو -سبحانه- المُقدِّر والمُدبِّر لأموره، وتلك سِمة الأنبياء والصالحين -رضي الله عنهم-، ومن صُور تلك الثقة أن يثق العبد في استجابة الله لدعائه، دون تردُّدٍ أو شَكٍّ؛ فالله أَمرَه بالدعاء، وهو -سبحانه- المُتكفِّل بالإجابة، قال -تعالى-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،[٢٢] ومن الأمور اللازمة في تحقيق الثقة بالله -سبحانه-:[٢٣]

  • توحيد الله في الدعاء؛ فالدعاء عبادةٌ فيها إظهار التذلُّل، والحاجة، والضعف، وذلك لا يكون إلّا لله؛ عملاً بما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ..).[٢٤]
  • سؤال الله بكلّ ما يريده المسلم، دون أن يستعظم شيئاً على الله؛ فهو العظيم -سبحانه-، والذي لا يُعجزه أيّ أَمرٍ.
  • الصبر، وعدم استعجال الإجابة، مع عدم اليأس والقنوط من إجابة الدعاء؛ فقد ثبت في صحيح الإمام البخاريّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي).[٢٥]

ما يمنع من استجابة الدعاء

يجدر بالمسلم أن يتوجّه إلى الله -سبحانه- بالدعاء بإخلاصٍ، وتضرُّعٍ، وخشوعٍ، وصدقٍ، ورجاءٍ، ويقينٍ باستجابته،[٢٦] ما لم يأتِ المسلم بأيّ مانعٍ من موانع استجابة الدعاء، ومنها:[٢٧]

  • ارتكاب الأمور المُحرَّمة في الطعام، أو الشراب، أو اللباس؛ لِما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- من أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟).[٢٨]
  • الوقوع في الذنوب والمعاصي التي تُغضب الله -تعالى-.
  • التقصير في بعض الواجبات والفرائض، كالأمر بالمعروف، والنَّهي عن المُنكر؛ فقد ورد عن حذيفة بن اليمان عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (والذي نفسي بيدِه لتَأمرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عن المنكرِ أوليُوشِكَنَّ اللهُ أن يَبعثَ عليكمْ عقابًا منهُ فتدعونهُ فلا يَستجيبُ لكمْ).[٢٩]
  • الدعاء بالإثم أو قطيعة الرَّحِم؛ ففي حديث عبادة بن الصامت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما على الأرض مسلمٌ يدعو اللهَ تعالى بدعوةٍ إلا آتاه اللهُ إياها أو صَرَف عنه من السوءِ مثلَها ما لم يدعُ بمأثمٍ أو قطيعةِ رَحِمٍ فقال رجلٌ من القوم إذا نُكثِرُ قال اللهُ أكثرُ).[٣٠]
  • الاستعجال في إجابة الدعاء؛ إذ ورد النَّهي عن الاستعجال في في الدعاء، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي).[٢٥]

أنواع الدعاء

يتفرّع الدعاء في الشرع إلى نوعَين؛ فإمّا أن يكون دعاء العبادة، أو دعاء المسألة، وتفصيل كلٍّ منهما فيما يأتي:[٣١]

  • دعاء العبادة: ويُراد به جميع ما يتقرّب به العبد إلى ربّه من أنواع العبادات الظاهرة، والباطنة، كالخوف، والرجاء، والصلاة، والصيام، ونحو ذلك، مع الإخلاص لله وحده.
  • دعاء المسألة: ويُراد به ما يطلبه العبد من ربّه؛ لتحصيل ما ينفعه من خيرَي الدُّنيا والآخرة، أو دَفع ما يضرّه من شرّهما، كالدعاء بدخول الجنّة، والنجاة من النار، أو الدعاء بسعة الرزق، وكَفِّ الشرّ، ونحو ذلك.

وتجدر الإشارة إلى أنّ كلّ ما ورد في الشرع من الأمر بدعاء الله، والثناء عليه، وعدم الإشراك به، يشمل كلا النوعَين؛ لأنّ كلّاً منهما مُستلزمٌ للآخر؛ ذلك أنّ دعاء المسألة نوعٌ من العبادة؛ فالداعي يُقبل إلى الله بتضرُّعٍ وابتهالٍ؛ وبهذا فإنّ دعاء المسألة داخلٌ في دعاء العبادة، وكذلك دعاء العبادة إنّما القَصد منه نَيْل رضى الله، والفوز بالجنّة، والنجاة من النار؛ فيلزم من الدعاء به حصول دعاء المسألة.[٣٢]

المراجع

  1. عبدالعزيز بن باز، “الأوقات التي تجاب فيها الدعوات”، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 20-4-2020. بتصرّف.
  2. صلاح قمصان، أسباب استجابة الدعاء، موقع إلكتروني: شبكة الألوكة، صفحة 38-64. بتصرّف.
  3. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 212، حسن صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 389، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 482، صحيح.
  6. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 968، صحيح.
  7. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عثمان بن أبي العاص الثقفي، الصفحة أو الرقم: 786، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7494، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 935، صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 853، صحيح.
  11. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن السائب، الصفحة أو الرقم: 478، صحيح.
  12. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 1185، حسن.
  13. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1108، حسن.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم المؤمنين عائشة، الصفحة أو الرقم: 1348، صحيح.
  15. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1218 ، صحيح.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1752، صحيح.
  17. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 398، صحيح.
  18. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2/201، إسناده صحيح.
  19. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3032، صحيح.
  20. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن سهل بن سعد، الصفحة أو الرقم: 3078 ، صحيح.
  21. عبدالرزاق البدر (2003م )، فقه الأدعية والأذكار (الطبعة الثانية)، الكويت: الكويت، صفحة 114-115، جزء 2. بتصرّف.
  22. سورة البقرة، آية: 186.
  23. محمد الرومي (1013)، ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الأولى)، السعودية: كنوز اشبيليا، صفحة 23/17ـ24. بتصرّف.
  24. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2516، صحيح.
  25. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6340، صحيح.
  26. عبدالغني المقدسي (1995)، الترغيب في الدعاء (الطبعة الأولى)، بيروت: دار ابن حزم، صفحة 9. بتصرّف.
  27. خالد الربعي (2002)، من عجائب الدعاء (الطبعة الاولى)، السعودية: دار القاسم، صفحة 10/11. بتصرّف.
  28. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1015، صحيح.
  29. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 2169، حسن.
  30. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 3573 ، حسن صحيح.
  31. محمد التويجري (2010)، كتاب مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشر)، السعودية: دار أصداء المجتمع، صفحة 391. بتصرّف.
  32. ماهر مقدم، شرح الدعاء من الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 12.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أفضل أوقات الدعاء المستجاب

أعظم ما يريده المسلم الداعي أن يستجيبَ اللهُ دعاءَه؛ ولهذا ينبغي عليه أن يتخيّر في دعائِه أوقات الإجابة؛ لعلّ الله أن يستجيب له، ومن تلك الأوقات التي يُتحرّى فيها الدعاء:[١][٢]

  • الدعاء بين الأذان والإقامة للصلاة؛ كما ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (لا يُرَدُّ الدُّعاءُ بينَ الأذانِ والإقامةِ)،[٣] وكذلك عند رَفع الأذان؛ لِما ورد عن الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (إذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ أدْبَرَ الشَّيْطانُ له ضُراطٌ، حتَّى لا يَسْمع التَّأْذِينَ، فإذا قُضِيَ التَّأْذِينُ أقْبَلَ حتَّى إذا ثُوِّبَ بالصَّلاةِ أدْبَرَ حتَّى إذا قُضِيَ التَّثْوِيبُ).[٤]
  • الدعاء في سجود الصلاة؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ).[٥]
  • الدعاء قبل السلام من الصلاة؛ فقد علّم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابَه الدعاء بعد التشهُّد: (ثمَّ لِيَتخَيَّرْ أحَدُكم مِن الدُّعاءِ أعجَبَه إليه فيَدعوَ به).[٦]
  • الدعاء في جوف ومنتصف الليل؛ ففي الليل ساعةٌ لا يُرَدّ فيها الدعاء، كما في الحديث عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (تُفتَحُ أبوابُ السماءِ نصفُ الليلِ، فينادي مُنادٍ: هل من داعٍ فيُستجابُ له؟ هل من سائلٍ فيُعطَى؟ هل من مكروبٍ فيُفرَّجُ عنه؟ فلا يبقى مسلمٌ يدعو بدعوةٍ إلا استجاب اللهُ له، إلا زانيةً تسعى بفَرْجِها، أو عَشَّارًا)،[٧] وقد ثبت في صحيح البخاريّ أنّها ساعةٌ في الثُّلث الأخير من الليل، كما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له).[٨]
  • الدعاء يوم الجمعة؛ فقد أخبر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن استجابة الدعاء في ساعةٍ من يوم الجمعة، وذكر أنّ في يوم الجمعة ساعة يُستجاب فيها الدعاء، كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكَرَ يَومَ الجُمُعَةِ، فَقالَ: فيه سَاعَةٌ، لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وهو قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شيئًا، إلَّا أعْطَاهُ إيَّاهُ وأَشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا)،[٩] وقد ورد أنّها من حين جلوس الإمام على المنبر، إلى قضاء الصلاة؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: (هي ما بيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإمَامُ إلى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ)،[١٠] وورد أنّها من آخر نهار الجمعة إلى غروب الشمس.
  • الدعاء في السنّة القبليّة لصلاة الظهر؛ كما في حديث عبدالله بن السائب -رضي الله عنه-: (أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعًا بعد أن تزولَ الشمسُ قبل الظهرِ، وقال : إنها ساعةٌ تُفتَحُ فيها أبوابُ السماءِ ، وأُحِبُّ أن يصعدَ لي فيها عملٌ صالحٌ).[١١]
  • الدعاء بين الظهر والعصر من يوم الأربعاء؛ ففي حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دعا في مسجدِ الفتحِ ثلاثًا يومَ الإثنين ويومَ الثُّلاثاءِ ويومَ الأربعاءِ فاسْتُجيب له يومَ الأربعاءِ بين الصَّلاتَيْن فعُرِف البِشرُ في وجهِه قال جابرٌ فلم ينزلْ بي أمرٌ مهمٌّ غليظٌ إلَّا توخَّيتُ تلك السَّاعةَ فأدعو فيها فأعرفُ الإجابةَ).[١٢]
  • الدعاء في الحجّ والعُمرة؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (الغازي في سبيلِ اللهِ، والحاجُّ، والمعتمِرُ؛ وفدُ اللهِ، دعاهُم فأجابوهُ، وسأَلوه فأعطاهُم).[١٣]
  • الدعاء يوم عرفة؛ فقد ثبت في صحيح مسلم عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).[١٤]
  • الدعاء حين الصعود على الصفا والمروة أثناء السَّعي؛ كما في حديث جابر -رضي الله عنه- الذي وصف فيه حجّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (ثُمَّ خَرَجَ مِنَ البَابِ إلى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: {إنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ} أَبْدَأُ بما بَدَأَ اللَّهُ به فَبَدَأَ بالصَّفَا، فَرَقِيَ عليه، حتَّى رَأَى البَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، وَقالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَعَا بيْنَ ذلكَ، قالَ: مِثْلَ هذا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إلى المَرْوَةِ، حتَّى إذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ في بَطْنِ الوَادِي سَعَى، حتَّى إذَا صَعِدَتَا مَشَى، حتَّى أَتَى المَرْوَةَ، فَفَعَلَ علَى المَرْوَةِ كما فَعَلَ علَى الصَّفَا).[١٥]
  • الدعاء حين الوقوف في مزدلفة يوم النَّحر؛ كما ثبت في حديث جابر بن عبدالله: (ثُمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ، حتَّى أَتَى المَشْعَرَ الحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ).[١٥]
  • الدعاء بعد رَمْي الجمرة الصُّغرى والوُسطى أيّام التشريق؛ كما ثبت في صحيح البخاريّ عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، كانَ يَرْمِي الجَمْرَةَ الدُّنْيَا بسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ يُكَبِّرُ علَى إثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فيُسْهِلُ، فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ الوُسْطَى كَذلكَ، فَيَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فيُسْهِلُ ويقومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ ذَاتَ العَقَبَةِ مِن بَطْنِ الوَادِي، ولَا يَقِفُ عِنْدَهَا، ويقولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفْعَلُ).[١٦]
  • الدعاء داخل الكعبة، وداخل الحِجْر؛ كما ثبت في حديث ابن عباس -رضي لله عنهما-: (لَمَّا دَخَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ البَيْتَ، دَعَا في نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، ولَمْ يُصَلِّ حتَّى خَرَجَ منه، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ في قُبُلِ الكَعْبَةِ، وقالَ: هذِه القِبْلَةُ).[١٧]
  • الدعاء عند شُرب ماء زمزم؛ لقَوْل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (ماءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِب له).[١٨]
  • الدعاء حين الصيام والسَّفر؛ كما ورد في حديث أنس بن مالك عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ، ودعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المسافِرِ).[١٩]
  • الدعاء عند نزول المطر؛ لحديث سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ثِنتانِ ما تُرَدّانِ: الدُّعاءُ عند النِّداءِ، و تحْتَ المَطَرِ).[٢٠]

هَدْي النبيّ في الدعاء

يُعَدّ الدعاء عبادةً من العبادات، وطاعةً من الطاعات؛ ولذلك يجدر الالتزام بهَدْي النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيها، واتّباع طريقته، وهو ما بيّنه النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ فذكر للأمّة الأدعية المُتعلّقة بأوقاتٍ مُعيّنةٍ، أو مواضع مُعيّنةٍ، أو أحوالٍ مًعيّنةٍ، كما بيّن حال الدعاء؛ إن كان مُطلقاً، أو مُقيَّداً، وذكر بعض الأوقات الفاضلة المُستحَبّة للدعاء، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأدعية الواردة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- تشمل أحوال المسلم جميعها، وبيّن ما يُحقّق الخير والبِرّ في جميع تلك الأحوال.[٢١]

أهميّة الثقة بالله في استجابة الدعاء

تجدر بالمسلم الصادق الثقة بربّه -عزّ وجلّ- في كلّ أمور حياته؛ فهو -سبحانه- المُقدِّر والمُدبِّر لأموره، وتلك سِمة الأنبياء والصالحين -رضي الله عنهم-، ومن صُور تلك الثقة أن يثق العبد في استجابة الله لدعائه، دون تردُّدٍ أو شَكٍّ؛ فالله أَمرَه بالدعاء، وهو -سبحانه- المُتكفِّل بالإجابة، قال -تعالى-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،[٢٢] ومن الأمور اللازمة في تحقيق الثقة بالله -سبحانه-:[٢٣]

  • توحيد الله في الدعاء؛ فالدعاء عبادةٌ فيها إظهار التذلُّل، والحاجة، والضعف، وذلك لا يكون إلّا لله؛ عملاً بما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ..).[٢٤]
  • سؤال الله بكلّ ما يريده المسلم، دون أن يستعظم شيئاً على الله؛ فهو العظيم -سبحانه-، والذي لا يُعجزه أيّ أَمرٍ.
  • الصبر، وعدم استعجال الإجابة، مع عدم اليأس والقنوط من إجابة الدعاء؛ فقد ثبت في صحيح الإمام البخاريّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي).[٢٥]

ما يمنع من استجابة الدعاء

يجدر بالمسلم أن يتوجّه إلى الله -سبحانه- بالدعاء بإخلاصٍ، وتضرُّعٍ، وخشوعٍ، وصدقٍ، ورجاءٍ، ويقينٍ باستجابته،[٢٦] ما لم يأتِ المسلم بأيّ مانعٍ من موانع استجابة الدعاء، ومنها:[٢٧]

  • ارتكاب الأمور المُحرَّمة في الطعام، أو الشراب، أو اللباس؛ لِما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- من أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟).[٢٨]
  • الوقوع في الذنوب والمعاصي التي تُغضب الله -تعالى-.
  • التقصير في بعض الواجبات والفرائض، كالأمر بالمعروف، والنَّهي عن المُنكر؛ فقد ورد عن حذيفة بن اليمان عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (والذي نفسي بيدِه لتَأمرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عن المنكرِ أوليُوشِكَنَّ اللهُ أن يَبعثَ عليكمْ عقابًا منهُ فتدعونهُ فلا يَستجيبُ لكمْ).[٢٩]
  • الدعاء بالإثم أو قطيعة الرَّحِم؛ ففي حديث عبادة بن الصامت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما على الأرض مسلمٌ يدعو اللهَ تعالى بدعوةٍ إلا آتاه اللهُ إياها أو صَرَف عنه من السوءِ مثلَها ما لم يدعُ بمأثمٍ أو قطيعةِ رَحِمٍ فقال رجلٌ من القوم إذا نُكثِرُ قال اللهُ أكثرُ).[٣٠]
  • الاستعجال في إجابة الدعاء؛ إذ ورد النَّهي عن الاستعجال في في الدعاء، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي).[٢٥]

أنواع الدعاء

يتفرّع الدعاء في الشرع إلى نوعَين؛ فإمّا أن يكون دعاء العبادة، أو دعاء المسألة، وتفصيل كلٍّ منهما فيما يأتي:[٣١]

  • دعاء العبادة: ويُراد به جميع ما يتقرّب به العبد إلى ربّه من أنواع العبادات الظاهرة، والباطنة، كالخوف، والرجاء، والصلاة، والصيام، ونحو ذلك، مع الإخلاص لله وحده.
  • دعاء المسألة: ويُراد به ما يطلبه العبد من ربّه؛ لتحصيل ما ينفعه من خيرَي الدُّنيا والآخرة، أو دَفع ما يضرّه من شرّهما، كالدعاء بدخول الجنّة، والنجاة من النار، أو الدعاء بسعة الرزق، وكَفِّ الشرّ، ونحو ذلك.

وتجدر الإشارة إلى أنّ كلّ ما ورد في الشرع من الأمر بدعاء الله، والثناء عليه، وعدم الإشراك به، يشمل كلا النوعَين؛ لأنّ كلّاً منهما مُستلزمٌ للآخر؛ ذلك أنّ دعاء المسألة نوعٌ من العبادة؛ فالداعي يُقبل إلى الله بتضرُّعٍ وابتهالٍ؛ وبهذا فإنّ دعاء المسألة داخلٌ في دعاء العبادة، وكذلك دعاء العبادة إنّما القَصد منه نَيْل رضى الله، والفوز بالجنّة، والنجاة من النار؛ فيلزم من الدعاء به حصول دعاء المسألة.[٣٢]

المراجع

  1. عبدالعزيز بن باز، “الأوقات التي تجاب فيها الدعوات”، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 20-4-2020. بتصرّف.
  2. صلاح قمصان، أسباب استجابة الدعاء، موقع إلكتروني: شبكة الألوكة، صفحة 38-64. بتصرّف.
  3. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 212، حسن صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 389، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 482، صحيح.
  6. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 968، صحيح.
  7. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عثمان بن أبي العاص الثقفي، الصفحة أو الرقم: 786، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7494، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 935، صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 853، صحيح.
  11. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن السائب، الصفحة أو الرقم: 478، صحيح.
  12. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 1185، حسن.
  13. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1108، حسن.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم المؤمنين عائشة، الصفحة أو الرقم: 1348، صحيح.
  15. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1218 ، صحيح.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1752، صحيح.
  17. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 398، صحيح.
  18. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2/201، إسناده صحيح.
  19. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3032، صحيح.
  20. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن سهل بن سعد، الصفحة أو الرقم: 3078 ، صحيح.
  21. عبدالرزاق البدر (2003م )، فقه الأدعية والأذكار (الطبعة الثانية)، الكويت: الكويت، صفحة 114-115، جزء 2. بتصرّف.
  22. سورة البقرة، آية: 186.
  23. محمد الرومي (1013)، ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الأولى)، السعودية: كنوز اشبيليا، صفحة 23/17ـ24. بتصرّف.
  24. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2516، صحيح.
  25. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6340، صحيح.
  26. عبدالغني المقدسي (1995)، الترغيب في الدعاء (الطبعة الأولى)، بيروت: دار ابن حزم، صفحة 9. بتصرّف.
  27. خالد الربعي (2002)، من عجائب الدعاء (الطبعة الاولى)، السعودية: دار القاسم، صفحة 10/11. بتصرّف.
  28. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1015، صحيح.
  29. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 2169، حسن.
  30. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 3573 ، حسن صحيح.
  31. محمد التويجري (2010)، كتاب مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشر)، السعودية: دار أصداء المجتمع، صفحة 391. بتصرّف.
  32. ماهر مقدم، شرح الدعاء من الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 12.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى