محتويات
أسباب فتح مكة
مكة المكرمة مهبط الوحي وبلد الله الأمين، ومهوى فؤاد النبي -صلى الله عليه وسلم-، التي قال فيها: (ما أطيبَكِ من بلدٍ وأحبَّكِ إليَّ ولولَا أنَّ قومِي أخرجُوني مِنكِ ما سَكَنْتُ غيرَكِ)،[١] والتي أُخرج منها قسراً، بل طارده أهلها وحاربوه، وقد كانت الحروب سجالاً بين المسلمين وبين أهلها من كفار قريش.
ولم يستعجل رسول الله النصر والفتح، فقد حدث الفتح لمكة بعد بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- بأكثر من عشرين سنة، وفي هذا دلالة على عدم استعجال النصر، والثقة بوعد الله -عز وجل-؛ حيث وعد الله في القرآن المؤمنين بفتح مكة قبل فتحها بسنتين، فأنزل -تعالى-: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ).[٢][٣]
دور قريش في محاربة الإسلام
من أهم أسباب فتح مكة ما كان لدور قريش في محاربة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهم أول من عاند النبي، وساهم في صد الناس عنه في مكة أول البعثة، وهم من اتهموا النبي بالسحر والجنون وغيره، بل كانوا يعذبون من يسلم ويسومونه ألوان العذاب، وآذوا المهاجرين ومنعوهم من الهجرة.[٤]
وكانت قريش بعد هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، من أوائل من حارب النبي عسكرياً، وخاضوا معه عدة معارك منها بدر وأحد، وألبوا العرب على قتال النبي في الخندق، وحزبوا لذلك الأحزاب، ولذلك كان لابد من تحييد قوة قريش؛ حتى يستطيع الإسلام الإنتشار، وتزول الغمامة عن قلوب الناس في جزيرة العرب.
صلح الحديبة ودوره في الفتح
كانت قريش قد منعت النبي -صلى الله عليه وسلم- حين أراد أداء العمرة، وهموا بقتاله دون دخوله الحرم، وخافوا على مكانتهم عند العرب إن هم قاتوا المعتمرين من الصحابة، فاضطروا إلى عقد صلح مع النبي، سمي بعد ذلك بصلح الحديبية.[٥]
وكانت من بنود ذلك الصلح أن توقف الحرب بين النبي وقريش لمدة عشر سنين، وأن من أسلم من أهل مكة وأراد الذهاب إلى المدينة فإنه يعاد إليها، أما من أراد الكفر من أهل المدينة والعودة إلى مكة فإنه لا يمنع، ومن أهم الشروط التي أدت فيما بعد إلى فتح مكة؛ أن من أراد الدخول إلى حلف النبي فله ذلك ومن أراد الدخول في حلف قريش فله ذلك.[٦]
وقد دخلت قبيلة خزاعة في حلف النبي -صلى الله عليه وسلم-، ودخلت قبيلة بني بكر في حلف قريش، وكانت بين خزاعة وبني بكر ثأر قديم، ومناوشات عديدة، وقد توقفت بسبب صلح الحديبية.[٧]
وفي العام الثاني من الصلح، ذهبت مجموعة كبيرة من قبيلة خزاعة لأداء العمرة في مكة، وكان معهم زعيمهم عمرو بن سالم الخزاعي، ولوجود الصلح فقد أتت خزاعة بلا سلاح فقط كانوا مطمئنين لذلك.[٧]
الغدر والخيانة وموقف الرسول من ذلك
واستغلت بنو بكر الموقف، وأرادت أن تحقق ثأرها من خزاعة، ولو أدى ذلك إلى نقض العهد، واستشاوا حلفائهم من قريش، فأعطوهم الموافقة، وفي الليل حين كانت خزاعة في حدود الحرم وكانوا نائمين، استغفلتهم بنو بكر وهجموا عليهم، واستحر فيهم القتل فهربوا إلى الحرم، ولم يمنع ذلك بنو بكر بل طاردوهم إلى الحرم وأوقعوا فيهم القتل.[٨]
استطاع زعيم خزاعة عمرو بن سالم أن ينجو من القتل، ومع طلوع الصبح ذهب إلى المدينة المنورة؛ مستنجداً برسول الله ليخبره بنقض العهد من قريش، فغضب لذلك رسول الله -صلى الله عليه وسل-، وتحرك في جيش مقداره عشرة آلاف مقاتل إلى مكة، وكان من ذلك فتح مكة، ودخول الرسول إليها وهدم الأصنام، وإظهار التوحيد في جزيرة العرب.[٩]
المراجع
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3926، حسن.
- ↑ سورة النصر، آية:1
- ↑ راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 7. بتصرّف.
- ↑ راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 9. بتصرّف.
- ↑ صالح بن طه عبد الواحد، سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام، صفحة 447. بتصرّف.
- ↑ صالح بن طه عبد الواحد، سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام، صفحة 454. بتصرّف.
- ^ أ ب راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 8. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن بن وهف القحطاني، غزوة فتح مكة في ضوء السنة المطهرة، صفحة 96. بتصرّف.
- ↑ راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 11. بتصرّف.