الخوف من الله
كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أشدّ الناس خوفاً من الله تعالى، ومن بَعدِه الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً، والخوف والرجاء من الله من الأمور التي يجب أن يتحلّى بها المؤمن، فلا أحد يأمنُ مكرَ الله ولا أحد يقنَطُ من رحمته، فكلّما عرفنا الله وجب أن نخافه، حيث قال في محكم كتابه: (غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) {غافر:3}. وهي صفةٌ من صفاتِ المؤمنين وأعظمُ خصال المتّقين، وهي من أسباب التمكين في الأرض.
أساليب زيادة الخشية والخوف من الله
الأمور التي تُسبّب الخوفَ من اللهِ تعالى كثيرة ومتعدّدة، من عَمل بها وتذكّرها وتدبّرها أحدَثت في قلبه رقّة وذكّرتهُ بموعودِ اللهِ تعالى ويشتاقُ لرؤية ربه وهي:
- معرفة الله تعالى: حيث قال تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ) {الزمر:67} فمن عرف الله عرف أنّه قويّ شديد العقاب قادرٌ على كلّ شيء، وكل شيء يأتمر بأمره ولا يسير إلا بإذنه، ويعرفون أيضا أنه رؤوفٌ رحيم.
- زيارة المقابر: لقد أمرنا الحبيبُ بزيارة المقابر لِما فيها من عِظةٍ وعِبرةٍ، ففيها الأقاربُ، والأصحابُ، والأهلُ، والأحبّةُ، والغنيّ، والفقيرُ، والقويّ، والضّعيف، فقد شغلتنا الحياة كثيراً حتى بتنا لا نجدُ وقتاً نكون فيه مع أنفسنا ونزور أحبّتنا في القبور وأن ندعُوَ لهم، فما كان أمر الحبيب المصطفى لنا بزيارة المقابر إلّا لأخذِ العبرةِ والعظة وأن نتذكّر دوماً أنّ هناك موتاً وحياةً أُخرى يجبُ أن نَعملَ لها.
- استشعارُ رقابَة الله تعالى لنا في كلّ أعمالِنا، فهذا يدفَعُنا للحَياءِ منه والخوف من أن نعمل شيئا يُغضبه، أو يطردنا من رحمته.
- تذكّر الموت دائماً: كلما أصبحنا وأمسينا، فإنّ دوام تذكر الموت يشعرنا برهبته ويزداد خوفنا من الله تعالى، ففي نهاية كلٍّ منّا هناك موتُ وهناك بعثٌ وحساب. وتذكرنا الدائم هذا يجعلنا نفكر بأعمالنا وأقوالنا قبل أن نقوم أو نتلفّظَ بها خوفا من أن يحاسبنا الله عليها.
- استشعار عظمة الخالق: وأنّ معصيته ستؤدي بنا إلى غضبه، ونهاية غضبه النار والعياذ بالله.
- النّظرُ في أخبارِ الخائفينَ من الأنبياءِ والصّحابةِ والصّالحين والتّابعين ومَن بعدَهُم وكيف أنّهم كانوا يخافون الله ويعبدونه.
- استشعار حقارة الدنيا وسرعة انقضائها وأنّها عند الله لا تساوي جناح بعوضة.
- صُحبةُ الصالحين الذين يخافونَ الله سبحانهُ وتعالى ويعيشون في دنياهم لآخِرَتِهم، فهم لا يَحرِمونَ أنفُسَهُم من مَتاعِ الدّنيا ولا ينسون العمل بهذا المتاعِ للآخرة.
- المواظبةُ على تلاوةِ القرآن الكريم فهومن أعظم الأسباب التي تَجلبُ الخوف، لما فيه من قَصَصٍ وعِبر.
- أن نستشعِر فَقرنا وضَعفنا وقلّة حيلَتِنا وعدم مقدرتنا على تحمل عذاب الآخرة.