شعر غزل

جديد أجمل قصائد الغزل لنزار قباني

مقالات ذات صلة

إلى حبيبتي في رأس السنة

أنقل حبي لك من عامٍ إلى عام

كما ينقل التلميذ فروضه المدرسية إلى دفترٍ جديد

أنقل صوتك ورائحتك ورسائلك

ورقم هاتفك وصندوق بريدك

وأعلقها في خزانة العام الجديد

وأمنحك تذكرة إقامة دائمة في قلبي

إنني أحبك

ولن أتركك وحدك على ورقة 31 ديسمبر أبداً

سأحملك على ذراعي

وأتنقل بك بين الفصول الأربعه

ففي الشتاء سأضع على رأسك قبعة صوف حمراء

كي لا تبردي

وفي الخريف سأعطيك معطف المطر الوحيد

الذي أمتلكه

كي لا تتبللي

وفي الربيع

سأتركك تنامين على الحشائش الطازجه

وتتناولين طعام الإفطار

مع الجنادب والعصافير

وفي الصيف

سأشتري لك شبكة صيدٍ صغيره

لتصطادي المحار

وطيور البحر

والأسماك المجهولة العناوين

إنني أحبك

ولا أريد أن أربطك بذاكرة الأفعال الماضيه

ولا بذاكرة القطارات المسافره

فأنت القطار الأخير الذي يسافر ليلاً ونهاراً

فوق شرايين يدي

أنت قطاري الأخير

وأنا محطتك الأخيره

إنني أحبك

ولا أريد أن أربطك بالماء أو الريح

أو بالتاريخ الميلادي أو الهجري

ولا بحركات المد والجزر

أو ساعات الخسوف والكسوف

لا يهمني ما تقوله المراصد

وخطوط فناجين القهوه

فعيناك وحدهما هما النبوءه

وهما المسؤولتان عن فرح هذا العالم

أحبك

وأحب أن أربطك بزمني وبطقسي

وأجعلك نجمةً في مداري

أريد أن تأخذي شكل الكلمة

ومساحة الورقه

حتى إذا نشرت كتاباً وقرأه الناس

عثروا عليك كالوردة في داخله

أريد أن تأخذي شكل فمي

حتى إذا تكلمت

وجدك الناس تستحمين في صوتي

أريدك أن تأخذي شكل يدي

حتى إذا وضعتها على الطاولة

وجدك الناس نائمةً في جوفها

كفراشةٍ في يد طفل

إنني لا أحترف طقوس التهنئة

إنني أحترف العشق

وأحترفك

يتجول هو فوق جلدي

وتتجولين أنت تحت جلدي

وأما أنا

فأحمل الشوارع والأرصفة المغسولة بالمطر

على ظهري وأبحث عنك

لماذا تتآمرين علي مع المطر ما دمت تعرفين

أن كل تاريخي معك مقترنٌ بسقوط المطر

وأن الحساسية الوحيدة التي تصيبني

عندما أشم رائحة نهديك

هي حساسية المطر

لماذا تتآمرين علي ما دمت تعرفين

أن الكتاب الوحيد الذي أقرؤه بعدك

هو كتاب المطر

إنني أحبك

هذه هي المهنة الوحيدة التي أتقنها

ويحسدني عليها أصدقائي وأعدائي

قبلك كانت الشمس والجبال والغابات

في حالة بطالة

واللغة بحالة بطالة والعصافير بحالة بطالة

فشكراً لأنك أدخلتني المدرسه

وشكراً لأنك علمتني أبجدية العشق

وشكراً لأنك قبلت أن تكوني حبيبتي[١]

أحبك أحبك

هل عندك شك انك أحلى امرأه في الدنيا

وأهم امرأه في الدنيا

هل عندك شك أني حين عثرت عليك

ملكت مفاتيح الدنيا

هل عندك شك أن دخولك في قلبي

هو أعظم يوم في التاريخ

وأجمل خبر في الدنيا

هل عندك شك في من أنت

يا من تحتل بعينيها اجزاء الوقت

يا امرأه تكسر حين تمر جدار الصوت

لا أدري ماذا يحدث لي

فكأنك أنثاي الأولى

وكأني قبلك ما أحببت

وكأني ما مارست الحب ولا قبلت ولا قبلت

ميلادي أنت وقبلك لا أتذكر أني كنت

وغطائي أنت وقبل حنانك لا أتذكر أني عشت

وكأني أيتها الملكه

من بطنك كالعصفور خرجت

هل عندك شك أنك جزء من ذاتي

وبأني من عينيك سرقت النار

و قمت بأ خطر ثوراتي

أيتها الورده والياقوته والريحانه

والسلطانه

والشعبيه

والشرعيه بين جميع الملكات

يا سمكا يسبح في ماء حياتي

ياقمرا يطلع كل مساء من نافذه الكلمات

يا أعظم فتح بين جميع فتوحاتي

يا أ خر وطن أولد فيه

وأدفن فيه

وأنشر فيه كتاباتي

يا أمرأه الدهشه يا أمرأتي

لا أدري كيف رماني الموج على قدميك

لا أدري كيف مشيت إلي

وكيف مشيت اليك

يا من تتزاحم كل طيور البحر

لكي تستوطن في نهديك

كم كان كبيرا حظي حين عليك

يا أمرأة تدخل في تركيب الشعر

دافئه أنت كرمل البحر

رائعه أنت كليله قدر

من يوم طرقت الباب علي ابتدأ العمر

كم صار جميلا شعري

حين تثقف بين يديك

كم صرت غنيا وقويا

لما أهداك الله إلي

هل عندك شك أنك قبس من عيني

ويداك هما استمرار ضوئي ليدي

هل عندك شك

أن كلامك يخرج من شفتي

هل عندك شك

أني فيك وأنك في

يا نارا تجتاح كياني

يا ثمرا يملأ أغصاني

يا جسدا يقطع مثل السيف

ويضرب مثل البركان

يا نهدا يعبق مثل حقول التبغ

ويركض نحوي كحصان

قولي لي

كيف سأنقذ نفسي من أمواج الطوفان

قولي لي

ماذا أفعل فيك أنا في حاله أدمان

قولي ما الحل فأ شواقي

وصلت لحدود الهذيان

يا ذات الأنف الأ غريقي

وذات الشعر الأسباني

يا أ مراه لا تتكرر في آلاف الأزمان

يا أمراه ترقص حافيه القدمين بمدخل شرياني

من أين أتيت وكيف أتيت

وكيف عصفتي بوجداني

يا إحدى نعم الله علي

وغيمه حب وحنان

يا أغلى لؤلؤه بيدي

آه كم ربي أعطاني[٢]

القبلة الأولى

عامان مرا عليها يا مقبلتي

وعطرها لم يزل يجري على شفتي

كأنها الآن لم تذهب حلاوتها

ولا يزال شذاها ملء صومعتي

إذ كان شعرك في كفي زوبعة

وكأن ثغرك أحطابي وموقدتي

قولي. أأفرغت في ثغري الجحيم وهل

من الهوى أن تكوني أنت محرقتي

لما تصالب ثغرانا بدافئة

لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

تروي الحكايات أن الثغر معصية

حمراء إنك قد حببت معصيتي

ويزعم الناس أن الثغر ملعبها

فما لها التهمت عظمي وأوردتي

يا طيب قبلتك الأولى يرف بها

شذا جبالي وغاباتي وأوديتي

ويا نبيذية الثغر الصبي إذا

ذكرته غرقت بالماء حنجرتي

ماذا على شفتي السفلى تركت وهل

طبعتها في فمي الملهوب أم رئتي

لم يبق لي منك إلا خيط رائحة

يدعوك أن ترجعي للوكر سيدتي[٣]

المراجع

  1. نزار قباني، “إلى حبيبتي في رأس السنة”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-2-28.
  2. نزار قباني، “أحبك أحبك”، www.poetsgate.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-2-28.
  3. علي هاشم (1988)، تسعون قصيدة غزل من دواوين الشعر (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفكر العربي، صفحة 219-220.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى