إني أرى، فأرى جموعا جمة
إني أرى، فَأرَى جُمُوعاً جَمَّة ً
-
-
-
-
- لكنّها تحيا بِلاَ ألْبابِ
-
-
-
يَدْوِي حوالَيْها الزَّمانُ، كأنَّما
-
-
-
-
- يدوي حوالَي جندلٍ وترابِ
-
-
-
وإذا استجَابُوا للزمانِ تَنَاكروا
-
-
-
-
- وَتَرَاشَقُوا بالشَّوكِ والأحْصَابِ
-
-
-
وقضَوا على رُوح الأخوَّة ِ بينهم
-
-
-
-
- جَهلاً وعاشُوا عِيشة َ الأَغرابِ
-
-
-
فرِحتْ بهم غولُ التّعاسة ِ والفَنَا
-
-
-
-
- وَمَطَامِعُ السّلاَّب والغَلاّبِ
-
-
-
لُعَبٌ، تُحرِّكُها المَطامعُ، واللّهى
-
-
-
-
- وصَغائِرُ الأحقادِ والآرابِ
-
-
-
وأرى نفوساً، مِنْ دُخانٍ، جامدٍ
-
-
-
-
- مَيْتٍ، كأشباحٍ، وراءَ ضَبَابِ
-
-
-
مَوتى ، نَسُوا شَوقَ الحياة ِ وعزمَها
-
-
-
-
- وتحرَّكوا كتحرُّكِ الأنصابِ
-
-
-
وخبَا بهمْ لَهَبُ الوجودِ، فما بقُوا
-
-
-
-
- إلاَّ كمحترِقٍ من الأخشابِ
-
-
-
لا قلبَ يقتحمُ الحياة َ، ولا حِجَى ً
-
-
-
-
- يسمُو سُمُوَّ الطَّائر الجوَّابِ
-
-
-
بلْ في الترابِ المَيتِ، في حَزن الثَّرى
-
-
-
-
- تنمو مَشَاعِرُهُمْ مع الأَعشابِ
-
-
-
وتموتُ خاملة ً، كَزَهرٍ بائسٍ
-
-
-
-
- ينمو ويذبُل في ظَلامِ الغَابِ
-
-
-
أبداً تُحدِّقُ في التراب..، ولا تَرَى
-
-
-
-
- نورَ السماءِ..، فروحُها كتُرابِ..!
-
-
-
الشَّاعرُ الموهوبُ يَهْرِق فنَّه
-
-
-
-
- هدراً على الأَقْدامِ والأَعْتابِ
-
-
-
ويعيشُ في كونٍ، عقيمٍ، ميِّتٍ
-
-
-
-
- قَدْ شيَّدتْهُ غباوة ُ الأَحقَابِ
-
-
-
والعاِلِمُ النِّحريرُ يُنفقُ عُمره
-
-
-
-
- في فهمِ ألفاظٍ، ودرسِ كتابِ
-
-
-
يَحيا على رِمَمِ القديم المُجتَوَى
-
-
-
-
- كالدُّود في حِمَمِ الرَّماد الخابي
-
-
-
والشَّعبُ بينهما قطيعٌ، ضَائعٌ
-
-
-
-
- دُنياه دنيا مأكلٍ وشرابِ
-
-
-
الوَيلُ للحسَّاسِ في دُنياهمُ
-
-
-
-
- ماذا يُلاقي من أَسَى ّ وعَذِابِ![١]
-
-
-
تسائلني ما لي سكت ولم أهب
يقول أبو القاسم الشابي:
تُسائلني مَا لي سَكَتُّ ولم أُهِب
-
-
-
-
- بقومي وديجورُ المصائبِ مُظْلِمُ
-
-
-
وسَيْلُ الرَّزايا جارفٌ متدفّعٌ
-
-
-
-
- غضوبٌ ووجهُ الدَّهرِ أربدُ أَقتَمُ
-
-
-
سَكَتُّ وقد كانت قناتي غضَّةً
-
-
-
-
- تُصيخُ إلى هَمْسِ النَّسيم وتحلُمُ
-
-
-
وقلتُ وقد أصغت إلى الرِّيحِ مرَّةً
-
-
-
-
- فجاشَ بها إعصارُهُ المتهزِّمُ
-
-
-
وقلتُ وقد جاشَ القريضُ بخاطري
-
-
-
-
- كما جاشَ صخَّابُ الأَواذي أَسْحَمُ
-
-
-
أرى المجدَ معصوبَ الجبين مجدَّلاً
-
-
-
-
- على حَسَكِ الآلام يغمرهُ الدَّمُ
-
-
-
وقد كانَ وضَّاحَ الأَساريرِ باسماً
-
-
-
-
- يهبُّ إلى الجلَّى ولا يَتَبَرّمُ
-
-
-
فيا أَيُّها الظُّلْمُ المصعِّرُ خَدَّهُ
-
-
-
-
- رويدكَ إنَّ الدَّهْرَ يبني ويهدُمُ
-
-
-
سيثأرُ للعزِّ المحطّم تاجُهُ
-
-
-
-
- رجالٌ إِذا جاشَ الرَّدى فهُمُ هُمُ
-
-
-
رجالٌ يَرَوْنَ الذُّلَّ عاراً وسُبَّةً
-
-
-
-
- ولا يرْهبون الموتَ والموتُ مقدمُ
-
-
-
وهل تعتلي إلاَّ نُفُوسٌ أَبيَّةٌ
-
-
-
-
- تصدِّع أَغلالَ الهوانِ وتحطِمُ[٢]
-
-
-
المراجع
- ↑ أحمد حسن بسج، ديوان أبي القاسم الشابي، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 35-36.
- ↑ أبو القاسم الشابي، “تسائلني ما لي سكت ولم أهب”، www.poetsgate.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-21.