محتويات
من هو أبو صخر الهذلي؟
هو عبد الله بن سلمة السمهي من بني مرمض ويرجع نسبه إلى بني هذيل، أحد الشعراء العرب المعروفين والمشهورين في العصر الأموي، والتي اشتهرت مدائحه وعرفت في الأوساط الأدبية قديماً وحديثاً، وكان قد سخر جلَّ شعره لمدح بني أمية ومدح الخليفة عبد الملك بن مروان تحديداً.[١]
حكاية الهذلي مع عبدالله بن الزبير
كان أبو صخر الهذلي من أشدِّ المحبين لبني أميَّة وأكثر المادحين لهم، فمدح عبد الملك بن مروان وأخاه عبدالعزيز وغيرهم من أشراف بني أمية، وقد كانت له قصة مع عبدالله بن الزبير تتعلق بحبه لبني أمية، حيث أنه حين ظهر عبدالله بن الزبير على حكم الحجز، توجه إليه أبو صخر الهذلي طالباً منه العطاء، فصدَّه ابن الزبير طالباً منه أن يذهب إلى بني أمية ويطلب عطائهم، لأنه يعرف أن الشاعر يهوى بني أمية ويسرف في مدحهم.
وقد ردَّ الهذلي على ابن الزبير حين منعه قائلاً: “علام تمنعني حقاً لي، وأنا امرؤ مسلم ما أحدثت بعد الإسلام حدثاً”، فقال له عبد الله بن الزبير:” عليك ببني أمية، فاطلب منهم عطاءك”.
فردَّ عليه أبو صخر الهذلي قائلاً:” إذاً أجدهم سباطاً أكفُّهم، سمحةً أنفسهم، بذلاء لأموالهم، وهابين لمجتديهم، كريمة أعراقهم، شريفةً أصولهم، زاكيةً فروعهم، قريباً من رسول الله نسبهم وسببهم، ليسوا إذا نسبوا بأذناب ولا وشائظ ولا أتباع، ولا هم في قريش كفقعة القاع، لهم السؤدد في الجاهلية،والملك في الإسلام، لا كمن لا يعد في عيرها ولا نفيرها، ولا حكم آباؤه في نفيرها ولا قطميرها، ليس من أخلاقها الطيبين، ولا من ساداتها المطعمين ولا من دودائها الوهابين.
فغضب عليه ابن الزبير وأمر بسجنه وأقسم أنه لن يعطيه عطاء مع المسلمين أبداً.
شعر الهذلي
كان أهم موضوع شعري عند أبي صخر الهذلي هو مدح الأمويين، فقد كتب الكثير من القصائد التي تمحورت حول مديحهم، لكنَّ له قصائد في الغزل فعبّر عن المرأة التي أحبها والتي قيل إن اسمها ليلى بنت سعد، وكتب كذلك قصائد في الفخر افتخر فيها بقومه ونسبهم وأمجادهم، أما أسلوبه فقد عرف بكون أسلوباً سهلاً وسلساً.
كما تعكس قصائد أبي صخر الهذلي معرفة وثقافة واسعتين، بل تكاد أن تكون معجماً لأسماء البلدان والأماكن، وهو كذلك يجمع رقة المشاعر مع غرابة الألفاظ، واستعمل كذلك صيغة القسم كثيراً والألفاظ الدالة على الإيمان، وقد أنصفه شعره، حيث كان شعراً جيداً استقبله الناس وأنشدوه وأعجبوا فيه، ولا يزال شعره حيَّاً ومتداولاً الآن، لما يتمتع به من معانٍ عظيمة وألفاظٍ سهلة.[٢]
نماذج من شعر أبي صخر الهذلي
كتب أبو صخر الهذلي الكثير من القصائد التي لا تزال متداولة حتى وقتنا الحالي ومن هذه القصائد:
قصيدة مدح عبدالملك بن مروان
كتب أبو صخر الهذلي هذه القصيدة في مديح عبدالملك بن مروان حين قابله في الحج، بعد أن كان عبدالملك قد سمع بقصة أبي صخر مع عبدالله بن الزبير وذكر له أنه يقدر موالاته وحبه لبني أمية، فطلب منه أبو صخر أن ينشد له هذه القصيدة:
عفت ذا عرق عصلها فرئامـهـا
-
- فدهناؤها وحش أجلى سوامـهـا
على أن مرسى خيمة خف أهلهـا
-
- بأبطح محلال وهيهات عامـهـا
إذا اعتلجت فيها الرياح فأدرجـت
-
- عشياً جرى في جانبيها قمامـهـا
وإن معاجي في الديار وموقـفـي
-
- بدارسة الربعين بال ثمـامـهـا
لجهل ولكني أسـلـي ضـمـانة
-
- يضعف أسرار الفؤاد سقامـهـا
فأقصر فلا ما قد مضى لك راجع
-
- ولا لذة الـدنـيا يدوم دوامـهـا
وفد أمير المؤمنين الـذي رمـى
-
- بجأواء جمهور تسيل إكـامـهـا
من أرض قرى الزيتون مكة بعدما
-
- غلبنا عليها واستحل حـرامـهـا
قصيدة غزل
كانت المرأة في شعر أبي صخر الهذلي حاضرة دائماً، لكن غزله فيها لم يخرج عمَا كان عليه قومه في الغزل، وقد قال في إحدى قصائده:
ألـم خـيال طـارق مـــتـــأوب
-
- لأم حكيم بعدمـا نـمـت مـوصـب
وقد دنت الـجـوزاء وهـي كـأنـهـا
-
- ومرزمها بـالـغـور ثـور وربـرب
فبات شرابي في المنام مـع الـمـنـى
-
- غريض اللمى يشفي جوى الحزن أشنب
قضـاعـية أدنـى ديار تـحـلـهــا
-
- قناة وأني من قـنـاة الـمـحـصـب
سراج الدجى تغتل بالمـسـك طـفـلة
-
- فلا هي متفال ولا الـلـون أكـهـب
دميثة ما تـحـت الـثـياب عـمـيمة
-
- هضيم الحشا بكـر الـمـجـسة ثـيب
تعلقتـهـا نـفـوداً لـذيذاً حـديثـهـا
-
- ليالي لا عمـى ولا هـي تـحـجـب
فكان لها ودي ومـحـض عـلاقـتـي
-
- وليداً إلـى أن رأسـي الـيوم أشـيب
فلم أر مثلي أيأست بعـد عـلـمـهـا
-
- بودي ولا مثلي على الـيأس يطـلـب
ولو تلتقي أصداؤنـا بـعـد مـوتـنـا
-
- ومن دون رمسينا من الأرض سبسـب