صحة

آلية مرض الباركنسون

مرض الباركنسون

يعود مرض الباركنسون (بالإنجليزية: Parkinson’s disease) إلى خمسة ألاف عام قبل الميلاد، وقد عُرف لأول مرة في الحضارة الهندية القديمة، وأطلق عليه اسم (Kampavata)، وقد عُولج باستخدام بذور بعض النباتات المحتوية على ما يُعرف اليوم باسم ليفودوبا (بالإنجليزية: Levodopa)، وفي عام 1817 م أوضح الطبيب البريطانيّ جيمس باركنسون حقيقة المرض، ومن يومها عُرف هذا الداء بهذا الاسم. يُعتبر مرض باركنسون من أشهر المشاكل والاضطرابات العصبية، إضافة إلى أنّه أكثر اضطرابات الحركة شيوعاً وانتشاراً، ويُصيب هذا الداء في العادة الأشخاص الذين تجاوزا الستين من العمر، وهذا لا يمنع احتمالية ظهوره في المراحل العمرية الأخرى، ويمكن ببساطة فهم الداء ببيان أنّه يتمثل بفقدان السيطرة على العضلات بشكل يتطور بمرور الوقت، ممّا يتسبب بمعاناة الشخص من ارتعاش الأطراف واهتزاز الرأس أثناء الراحة، إضافة إلى مواجهة الشخص مشاكل على مستوى التوازن وبطء الحركة، وتجدر الإشارة إلى أنّ قدرة المرض على التأثير في الجسم تتفاوت بين المصابين، فالبعض قادر على القيام بوظائفه ومهامه اليومية بشكلٍ عاديّ، أمّا البعض الآخر فقد يتسبب الداء بمنعهم من ممارسة أنشطتهم اليومية كما يجب، ومن الجدير بالذكر أنّ المرض قد يتقدم إلى مرحلة يتسبب بعدم قدرة الشخص على الكلام، أو المشي، أو إتمام المهام البسيطة الموكلة إليه. وفي ظل هذا الكلام يجدر التنبيه إلى أنّ الأعمار المتوقعة للمصابين بمرض باركنسون لا تختلف عن الأشخاص غير المصابين به، بمعنى آخر أنّ هذا الداء لا يتسبب بالموت، وهذا لا يمنع أنّه يزيد من خطر معاناة الشخص من بعض المضاعفات التي قد تتسبب بوفاته مثل الإصابة بالالتهاب الرئويّ (بالإنجليزية: Pneumonia) والتعرّض للضربات والوقوع.[١]

آلية مرض الباركنسون

من التراكيب العصبية الموجودة في الدماغ ما يُعرف بالعقد القاعدية (بالإنجليزية: Basal Ganglia)، وتتكون من مجموعة كبيرة من الأعصاب المهمة، وتتمثل وظيفتها الأساسية بتنسيق حركات العضلات وتسهيلها، إضافة إلى تنسيق وتنظيم تغيرات وضعيات الجسم المختلفة، وكما هو معروف؛ حتى تتحرك العضلة كما هو الحال عند رفع الذراع مثلاً، فإنّ الدماغ يُرسل إشارة عصبية إلى العقد القاعدية لتقوم العقد القاعدية بدورها بإطلاق ما يُعرف بالنواقل العصبية (بالإنجليزية: Neurotransmitters)، وفي الحقيقة يُمثّل الدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine) الناقل العصبيّ الرئيسيّ في العقد القاعدية، وبإطلاق العقد القاعدية هذه النواقل العصبية، تقوم النواقل العصبية بتحفيز الخلايا العصبية المجاورة، ليتسمر انتقال الإشارة المنقولة من الدماغ بين الأعصاب وصولاً إلى العضو أو الجزء المعنيّ، وهو الذراع في مثالنا السابق. وفي الحقيقة يتمثل مرض الباركنسون بحدوث تلف في الخلايا العصبية الموجودة في العقد القاعدية، ممّا يُقلل من قدرتها على إنتاج الدوبامين وإطلاقه، وهذا بدوره يُحدث اختلالات في قدرة الأعصاب المعنيّة على التواصل فيما بينها، ممّا يتسبب بمعاناة المصاب من مشاكل على مستوى التحكم بالعضلات وحركتها، فيُعاني المصاب من الرعاش، واضطرابات في الحركة عامة.[٢]

على الرغم من عدم معرفة المُسبّب الحقيقي لحدوث مرض باركنسون، ولكن أوضحت نظرية أنّ هناك تفسير قد يكون مقبولاً لحدوث هذا الداء، وبيّنت هذه النظرية أنّ الأمر قائم على تراكم غير طبيعي لبروتين مسؤول عن تحقيق التواصل الصحيح بين الخلايا العصبية، ويُعرف هذا البروتين بساينوسلين (بالإنجليزية: Synuclein)، ويُعرف هذا التراكم غير الطبيعيّ بأجسام ليوي (بالإنجليزية: Lewy bodies)، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الأجسام تتراكم في أجزاء مختلفة من الدماغ فتؤثر بشكلٍ سلبيّ في وظيفته وقدرته على القيام بمهامّه، إضافة إلى ما سبق وُجد أنّ الأشخاص الذين يُعانون من مرض الباركنسون لديهم أقارب يُعانون منه كذلك، وهذا ما يُعطي انطباعاً باحتمالية وجود تأثير للجينات في ظهور هذا الداء.[٢]

علاج مرض الباركنسون

حتى هذه اللحظة، لا يوجد علاج لمرض الباركنسون، ولكن يُعتقد أنّ هناك مجموعة من الخيارات العلاجية التي لها القدرة في السيطرة على الأعراض بالإضافة إلى تحسين نوعية حياة المصاب، نذكر منها ما يأتي:[٣]

  • الخيارات الدوائية: وتُستخدم للسيطرة على الأعراض الرئيسية لمرض الباركنسون والتي تتمثل بالرعاش والمعاناة من اضطرابات الحركة، ويجدر التنبيه إلى أنّ الأدوية المتوافرة لا تُجدي نفعاً في علاج كل المصابين بمرض الباركنسون، ويمكن تقسيم الخيارات الدوائية التي يمكن استخدامها في علاج مرض الباركنسون كما يأتي:
    • ليفودوبا.
    • محفز للدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine agonists).
    • مثبطات أكسيداز أحادي الأمين (بالإنجليزية: Monoamine oxidase-B inhibitors)، ومن الأمثلة عليها راساجيلين (بالإنجليزية: Rasagiline) وسيليجيلين (بالإنجليزية: Selegiline).
    • مثبطات ناقلة ميثيل الكاتيكول (بالإنجليزية: Catechol-O-methyltransferase inhibitors).
    • آبومورفين (بالإنجليزية: Apomorphine).
    • الديودوبا (بالإنجليزية: Duodopa).
  • الخيارات الجراحية: يندر استخدام الخيارات الجراحية في السيطرة على مرض الباركنسون، وإنّ النوع المعتمد من الجراحة في مثل هذه الحالات هو ما يُعرف بتحفيز عميق للدماغ (بالإنجليزية: Deep brain stimulation).
  • علاجات أخرى: وتهدف إلى دعم المريض وذلك بغرض تسهيل حياته ومساعدته على التأقلم مع أعراض المرض، ومنها العلاج الفيزيائيّ (بالإنجليزية: Physiotherapy) الذي يقوم على ممارسة التمارين الرياضية والحركة لتخفيف آلام المفاصل وتيبّس العضلات وتصلّبها، والعلاج الوظيفي (بالإنجليزية: Occupational therapy) الذي يقوم على معرفة الصعوبات والمشاكل التي تواجه المصاب ومحاولة إيجاد حلول لها وزيادة قدرته على الاعتماد على نفسه، ومن العلاجات الأخرى المتبعة أيضاً ما يُعرف بالعلاج المتعلق بالنطق واللغة، وكذلك هناك بعض النصائح على مستوى التغذية التي تُقدّم للمصابين بمرض الباركنسون مثل ضرورة الإكثار من تناول الألياف وشرب الماء لتجنب الإصابة بالإمساك، وإجراء بعض التغييرات على مستوى الغذاء لتجنب فقدان الوزن غير المقصود.

فيديو عن علاقة العمر والتاريخ الوراثي لمرضى الرعاش

يتحدّث الفيديو عن علاقة العمر والتاريخ الوراثي بمرض الرعاش.

المراجع

  1. “Parkinson’s Disease Symptoms, Signs, Causes, Stages, and Treatment”, www.medicinenet.com, Retrieved May 10, 2018. Edited.
  2. ^ أ ب “Parkinson Disease (PD)”, www.msdmanuals.com, Retrieved May 10, 2018. Edited.
  3. “Parkinson’s disease”, www.nhs.uk, Retrieved May 10, 2018. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

مرض الباركنسون

يعود مرض الباركنسون (بالإنجليزية: Parkinson’s disease) إلى خمسة ألاف عام قبل الميلاد، وقد عُرف لأول مرة في الحضارة الهندية القديمة، وأطلق عليه اسم (Kampavata)، وقد عُولج باستخدام بذور بعض النباتات المحتوية على ما يُعرف اليوم باسم ليفودوبا (بالإنجليزية: Levodopa)، وفي عام 1817 م أوضح الطبيب البريطانيّ جيمس باركنسون حقيقة المرض، ومن يومها عُرف هذا الداء بهذا الاسم. يُعتبر مرض باركنسون من أشهر المشاكل والاضطرابات العصبية، إضافة إلى أنّه أكثر اضطرابات الحركة شيوعاً وانتشاراً، ويُصيب هذا الداء في العادة الأشخاص الذين تجاوزا الستين من العمر، وهذا لا يمنع احتمالية ظهوره في المراحل العمرية الأخرى، ويمكن ببساطة فهم الداء ببيان أنّه يتمثل بفقدان السيطرة على العضلات بشكل يتطور بمرور الوقت، ممّا يتسبب بمعاناة الشخص من ارتعاش الأطراف واهتزاز الرأس أثناء الراحة، إضافة إلى مواجهة الشخص مشاكل على مستوى التوازن وبطء الحركة، وتجدر الإشارة إلى أنّ قدرة المرض على التأثير في الجسم تتفاوت بين المصابين، فالبعض قادر على القيام بوظائفه ومهامه اليومية بشكلٍ عاديّ، أمّا البعض الآخر فقد يتسبب الداء بمنعهم من ممارسة أنشطتهم اليومية كما يجب، ومن الجدير بالذكر أنّ المرض قد يتقدم إلى مرحلة يتسبب بعدم قدرة الشخص على الكلام، أو المشي، أو إتمام المهام البسيطة الموكلة إليه. وفي ظل هذا الكلام يجدر التنبيه إلى أنّ الأعمار المتوقعة للمصابين بمرض باركنسون لا تختلف عن الأشخاص غير المصابين به، بمعنى آخر أنّ هذا الداء لا يتسبب بالموت، وهذا لا يمنع أنّه يزيد من خطر معاناة الشخص من بعض المضاعفات التي قد تتسبب بوفاته مثل الإصابة بالالتهاب الرئويّ (بالإنجليزية: Pneumonia) والتعرّض للضربات والوقوع.[١]

آلية مرض الباركنسون

من التراكيب العصبية الموجودة في الدماغ ما يُعرف بالعقد القاعدية (بالإنجليزية: Basal Ganglia)، وتتكون من مجموعة كبيرة من الأعصاب المهمة، وتتمثل وظيفتها الأساسية بتنسيق حركات العضلات وتسهيلها، إضافة إلى تنسيق وتنظيم تغيرات وضعيات الجسم المختلفة، وكما هو معروف؛ حتى تتحرك العضلة كما هو الحال عند رفع الذراع مثلاً، فإنّ الدماغ يُرسل إشارة عصبية إلى العقد القاعدية لتقوم العقد القاعدية بدورها بإطلاق ما يُعرف بالنواقل العصبية (بالإنجليزية: Neurotransmitters)، وفي الحقيقة يُمثّل الدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine) الناقل العصبيّ الرئيسيّ في العقد القاعدية، وبإطلاق العقد القاعدية هذه النواقل العصبية، تقوم النواقل العصبية بتحفيز الخلايا العصبية المجاورة، ليتسمر انتقال الإشارة المنقولة من الدماغ بين الأعصاب وصولاً إلى العضو أو الجزء المعنيّ، وهو الذراع في مثالنا السابق. وفي الحقيقة يتمثل مرض الباركنسون بحدوث تلف في الخلايا العصبية الموجودة في العقد القاعدية، ممّا يُقلل من قدرتها على إنتاج الدوبامين وإطلاقه، وهذا بدوره يُحدث اختلالات في قدرة الأعصاب المعنيّة على التواصل فيما بينها، ممّا يتسبب بمعاناة المصاب من مشاكل على مستوى التحكم بالعضلات وحركتها، فيُعاني المصاب من الرعاش، واضطرابات في الحركة عامة.[٢]

على الرغم من عدم معرفة المُسبّب الحقيقي لحدوث مرض باركنسون، ولكن أوضحت نظرية أنّ هناك تفسير قد يكون مقبولاً لحدوث هذا الداء، وبيّنت هذه النظرية أنّ الأمر قائم على تراكم غير طبيعي لبروتين مسؤول عن تحقيق التواصل الصحيح بين الخلايا العصبية، ويُعرف هذا البروتين بساينوسلين (بالإنجليزية: Synuclein)، ويُعرف هذا التراكم غير الطبيعيّ بأجسام ليوي (بالإنجليزية: Lewy bodies)، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الأجسام تتراكم في أجزاء مختلفة من الدماغ فتؤثر بشكلٍ سلبيّ في وظيفته وقدرته على القيام بمهامّه، إضافة إلى ما سبق وُجد أنّ الأشخاص الذين يُعانون من مرض الباركنسون لديهم أقارب يُعانون منه كذلك، وهذا ما يُعطي انطباعاً باحتمالية وجود تأثير للجينات في ظهور هذا الداء.[٢]

علاج مرض الباركنسون

حتى هذه اللحظة، لا يوجد علاج لمرض الباركنسون، ولكن يُعتقد أنّ هناك مجموعة من الخيارات العلاجية التي لها القدرة في السيطرة على الأعراض بالإضافة إلى تحسين نوعية حياة المصاب، نذكر منها ما يأتي:[٣]

  • الخيارات الدوائية: وتُستخدم للسيطرة على الأعراض الرئيسية لمرض الباركنسون والتي تتمثل بالرعاش والمعاناة من اضطرابات الحركة، ويجدر التنبيه إلى أنّ الأدوية المتوافرة لا تُجدي نفعاً في علاج كل المصابين بمرض الباركنسون، ويمكن تقسيم الخيارات الدوائية التي يمكن استخدامها في علاج مرض الباركنسون كما يأتي:
    • ليفودوبا.
    • محفز للدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine agonists).
    • مثبطات أكسيداز أحادي الأمين (بالإنجليزية: Monoamine oxidase-B inhibitors)، ومن الأمثلة عليها راساجيلين (بالإنجليزية: Rasagiline) وسيليجيلين (بالإنجليزية: Selegiline).
    • مثبطات ناقلة ميثيل الكاتيكول (بالإنجليزية: Catechol-O-methyltransferase inhibitors).
    • آبومورفين (بالإنجليزية: Apomorphine).
    • الديودوبا (بالإنجليزية: Duodopa).
  • الخيارات الجراحية: يندر استخدام الخيارات الجراحية في السيطرة على مرض الباركنسون، وإنّ النوع المعتمد من الجراحة في مثل هذه الحالات هو ما يُعرف بتحفيز عميق للدماغ (بالإنجليزية: Deep brain stimulation).
  • علاجات أخرى: وتهدف إلى دعم المريض وذلك بغرض تسهيل حياته ومساعدته على التأقلم مع أعراض المرض، ومنها العلاج الفيزيائيّ (بالإنجليزية: Physiotherapy) الذي يقوم على ممارسة التمارين الرياضية والحركة لتخفيف آلام المفاصل وتيبّس العضلات وتصلّبها، والعلاج الوظيفي (بالإنجليزية: Occupational therapy) الذي يقوم على معرفة الصعوبات والمشاكل التي تواجه المصاب ومحاولة إيجاد حلول لها وزيادة قدرته على الاعتماد على نفسه، ومن العلاجات الأخرى المتبعة أيضاً ما يُعرف بالعلاج المتعلق بالنطق واللغة، وكذلك هناك بعض النصائح على مستوى التغذية التي تُقدّم للمصابين بمرض الباركنسون مثل ضرورة الإكثار من تناول الألياف وشرب الماء لتجنب الإصابة بالإمساك، وإجراء بعض التغييرات على مستوى الغذاء لتجنب فقدان الوزن غير المقصود.

فيديو عن علاقة العمر والتاريخ الوراثي لمرضى الرعاش

يتحدّث الفيديو عن علاقة العمر والتاريخ الوراثي بمرض الرعاش.

المراجع

  1. “Parkinson’s Disease Symptoms, Signs, Causes, Stages, and Treatment”, www.medicinenet.com, Retrieved May 10, 2018. Edited.
  2. ^ أ ب “Parkinson Disease (PD)”, www.msdmanuals.com, Retrieved May 10, 2018. Edited.
  3. “Parkinson’s disease”, www.nhs.uk, Retrieved May 10, 2018. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

مرض الباركنسون

يعود مرض الباركنسون (بالإنجليزية: Parkinson’s disease) إلى خمسة ألاف عام قبل الميلاد، وقد عُرف لأول مرة في الحضارة الهندية القديمة، وأطلق عليه اسم (Kampavata)، وقد عُولج باستخدام بذور بعض النباتات المحتوية على ما يُعرف اليوم باسم ليفودوبا (بالإنجليزية: Levodopa)، وفي عام 1817 م أوضح الطبيب البريطانيّ جيمس باركنسون حقيقة المرض، ومن يومها عُرف هذا الداء بهذا الاسم. يُعتبر مرض باركنسون من أشهر المشاكل والاضطرابات العصبية، إضافة إلى أنّه أكثر اضطرابات الحركة شيوعاً وانتشاراً، ويُصيب هذا الداء في العادة الأشخاص الذين تجاوزا الستين من العمر، وهذا لا يمنع احتمالية ظهوره في المراحل العمرية الأخرى، ويمكن ببساطة فهم الداء ببيان أنّه يتمثل بفقدان السيطرة على العضلات بشكل يتطور بمرور الوقت، ممّا يتسبب بمعاناة الشخص من ارتعاش الأطراف واهتزاز الرأس أثناء الراحة، إضافة إلى مواجهة الشخص مشاكل على مستوى التوازن وبطء الحركة، وتجدر الإشارة إلى أنّ قدرة المرض على التأثير في الجسم تتفاوت بين المصابين، فالبعض قادر على القيام بوظائفه ومهامه اليومية بشكلٍ عاديّ، أمّا البعض الآخر فقد يتسبب الداء بمنعهم من ممارسة أنشطتهم اليومية كما يجب، ومن الجدير بالذكر أنّ المرض قد يتقدم إلى مرحلة يتسبب بعدم قدرة الشخص على الكلام، أو المشي، أو إتمام المهام البسيطة الموكلة إليه. وفي ظل هذا الكلام يجدر التنبيه إلى أنّ الأعمار المتوقعة للمصابين بمرض باركنسون لا تختلف عن الأشخاص غير المصابين به، بمعنى آخر أنّ هذا الداء لا يتسبب بالموت، وهذا لا يمنع أنّه يزيد من خطر معاناة الشخص من بعض المضاعفات التي قد تتسبب بوفاته مثل الإصابة بالالتهاب الرئويّ (بالإنجليزية: Pneumonia) والتعرّض للضربات والوقوع.[١]

آلية مرض الباركنسون

من التراكيب العصبية الموجودة في الدماغ ما يُعرف بالعقد القاعدية (بالإنجليزية: Basal Ganglia)، وتتكون من مجموعة كبيرة من الأعصاب المهمة، وتتمثل وظيفتها الأساسية بتنسيق حركات العضلات وتسهيلها، إضافة إلى تنسيق وتنظيم تغيرات وضعيات الجسم المختلفة، وكما هو معروف؛ حتى تتحرك العضلة كما هو الحال عند رفع الذراع مثلاً، فإنّ الدماغ يُرسل إشارة عصبية إلى العقد القاعدية لتقوم العقد القاعدية بدورها بإطلاق ما يُعرف بالنواقل العصبية (بالإنجليزية: Neurotransmitters)، وفي الحقيقة يُمثّل الدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine) الناقل العصبيّ الرئيسيّ في العقد القاعدية، وبإطلاق العقد القاعدية هذه النواقل العصبية، تقوم النواقل العصبية بتحفيز الخلايا العصبية المجاورة، ليتسمر انتقال الإشارة المنقولة من الدماغ بين الأعصاب وصولاً إلى العضو أو الجزء المعنيّ، وهو الذراع في مثالنا السابق. وفي الحقيقة يتمثل مرض الباركنسون بحدوث تلف في الخلايا العصبية الموجودة في العقد القاعدية، ممّا يُقلل من قدرتها على إنتاج الدوبامين وإطلاقه، وهذا بدوره يُحدث اختلالات في قدرة الأعصاب المعنيّة على التواصل فيما بينها، ممّا يتسبب بمعاناة المصاب من مشاكل على مستوى التحكم بالعضلات وحركتها، فيُعاني المصاب من الرعاش، واضطرابات في الحركة عامة.[٢]

على الرغم من عدم معرفة المُسبّب الحقيقي لحدوث مرض باركنسون، ولكن أوضحت نظرية أنّ هناك تفسير قد يكون مقبولاً لحدوث هذا الداء، وبيّنت هذه النظرية أنّ الأمر قائم على تراكم غير طبيعي لبروتين مسؤول عن تحقيق التواصل الصحيح بين الخلايا العصبية، ويُعرف هذا البروتين بساينوسلين (بالإنجليزية: Synuclein)، ويُعرف هذا التراكم غير الطبيعيّ بأجسام ليوي (بالإنجليزية: Lewy bodies)، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الأجسام تتراكم في أجزاء مختلفة من الدماغ فتؤثر بشكلٍ سلبيّ في وظيفته وقدرته على القيام بمهامّه، إضافة إلى ما سبق وُجد أنّ الأشخاص الذين يُعانون من مرض الباركنسون لديهم أقارب يُعانون منه كذلك، وهذا ما يُعطي انطباعاً باحتمالية وجود تأثير للجينات في ظهور هذا الداء.[٢]

علاج مرض الباركنسون

حتى هذه اللحظة، لا يوجد علاج لمرض الباركنسون، ولكن يُعتقد أنّ هناك مجموعة من الخيارات العلاجية التي لها القدرة في السيطرة على الأعراض بالإضافة إلى تحسين نوعية حياة المصاب، نذكر منها ما يأتي:[٣]

  • الخيارات الدوائية: وتُستخدم للسيطرة على الأعراض الرئيسية لمرض الباركنسون والتي تتمثل بالرعاش والمعاناة من اضطرابات الحركة، ويجدر التنبيه إلى أنّ الأدوية المتوافرة لا تُجدي نفعاً في علاج كل المصابين بمرض الباركنسون، ويمكن تقسيم الخيارات الدوائية التي يمكن استخدامها في علاج مرض الباركنسون كما يأتي:
    • ليفودوبا.
    • محفز للدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine agonists).
    • مثبطات أكسيداز أحادي الأمين (بالإنجليزية: Monoamine oxidase-B inhibitors)، ومن الأمثلة عليها راساجيلين (بالإنجليزية: Rasagiline) وسيليجيلين (بالإنجليزية: Selegiline).
    • مثبطات ناقلة ميثيل الكاتيكول (بالإنجليزية: Catechol-O-methyltransferase inhibitors).
    • آبومورفين (بالإنجليزية: Apomorphine).
    • الديودوبا (بالإنجليزية: Duodopa).
  • الخيارات الجراحية: يندر استخدام الخيارات الجراحية في السيطرة على مرض الباركنسون، وإنّ النوع المعتمد من الجراحة في مثل هذه الحالات هو ما يُعرف بتحفيز عميق للدماغ (بالإنجليزية: Deep brain stimulation).
  • علاجات أخرى: وتهدف إلى دعم المريض وذلك بغرض تسهيل حياته ومساعدته على التأقلم مع أعراض المرض، ومنها العلاج الفيزيائيّ (بالإنجليزية: Physiotherapy) الذي يقوم على ممارسة التمارين الرياضية والحركة لتخفيف آلام المفاصل وتيبّس العضلات وتصلّبها، والعلاج الوظيفي (بالإنجليزية: Occupational therapy) الذي يقوم على معرفة الصعوبات والمشاكل التي تواجه المصاب ومحاولة إيجاد حلول لها وزيادة قدرته على الاعتماد على نفسه، ومن العلاجات الأخرى المتبعة أيضاً ما يُعرف بالعلاج المتعلق بالنطق واللغة، وكذلك هناك بعض النصائح على مستوى التغذية التي تُقدّم للمصابين بمرض الباركنسون مثل ضرورة الإكثار من تناول الألياف وشرب الماء لتجنب الإصابة بالإمساك، وإجراء بعض التغييرات على مستوى الغذاء لتجنب فقدان الوزن غير المقصود.

فيديو عن علاقة العمر والتاريخ الوراثي لمرضى الرعاش

يتحدّث الفيديو عن علاقة العمر والتاريخ الوراثي بمرض الرعاش.

المراجع

  1. “Parkinson’s Disease Symptoms, Signs, Causes, Stages, and Treatment”, www.medicinenet.com, Retrieved May 10, 2018. Edited.
  2. ^ أ ب “Parkinson Disease (PD)”, www.msdmanuals.com, Retrieved May 10, 2018. Edited.
  3. “Parkinson’s disease”, www.nhs.uk, Retrieved May 10, 2018. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

مرض الباركنسون

يعود مرض الباركنسون (بالإنجليزية: Parkinson’s disease) إلى خمسة ألاف عام قبل الميلاد، وقد عُرف لأول مرة في الحضارة الهندية القديمة، وأطلق عليه اسم (Kampavata)، وقد عُولج باستخدام بذور بعض النباتات المحتوية على ما يُعرف اليوم باسم ليفودوبا (بالإنجليزية: Levodopa)، وفي عام 1817 م أوضح الطبيب البريطانيّ جيمس باركنسون حقيقة المرض، ومن يومها عُرف هذا الداء بهذا الاسم. يُعتبر مرض باركنسون من أشهر المشاكل والاضطرابات العصبية، إضافة إلى أنّه أكثر اضطرابات الحركة شيوعاً وانتشاراً، ويُصيب هذا الداء في العادة الأشخاص الذين تجاوزا الستين من العمر، وهذا لا يمنع احتمالية ظهوره في المراحل العمرية الأخرى، ويمكن ببساطة فهم الداء ببيان أنّه يتمثل بفقدان السيطرة على العضلات بشكل يتطور بمرور الوقت، ممّا يتسبب بمعاناة الشخص من ارتعاش الأطراف واهتزاز الرأس أثناء الراحة، إضافة إلى مواجهة الشخص مشاكل على مستوى التوازن وبطء الحركة، وتجدر الإشارة إلى أنّ قدرة المرض على التأثير في الجسم تتفاوت بين المصابين، فالبعض قادر على القيام بوظائفه ومهامه اليومية بشكلٍ عاديّ، أمّا البعض الآخر فقد يتسبب الداء بمنعهم من ممارسة أنشطتهم اليومية كما يجب، ومن الجدير بالذكر أنّ المرض قد يتقدم إلى مرحلة يتسبب بعدم قدرة الشخص على الكلام، أو المشي، أو إتمام المهام البسيطة الموكلة إليه. وفي ظل هذا الكلام يجدر التنبيه إلى أنّ الأعمار المتوقعة للمصابين بمرض باركنسون لا تختلف عن الأشخاص غير المصابين به، بمعنى آخر أنّ هذا الداء لا يتسبب بالموت، وهذا لا يمنع أنّه يزيد من خطر معاناة الشخص من بعض المضاعفات التي قد تتسبب بوفاته مثل الإصابة بالالتهاب الرئويّ (بالإنجليزية: Pneumonia) والتعرّض للضربات والوقوع.[١]

آلية مرض الباركنسون

من التراكيب العصبية الموجودة في الدماغ ما يُعرف بالعقد القاعدية (بالإنجليزية: Basal Ganglia)، وتتكون من مجموعة كبيرة من الأعصاب المهمة، وتتمثل وظيفتها الأساسية بتنسيق حركات العضلات وتسهيلها، إضافة إلى تنسيق وتنظيم تغيرات وضعيات الجسم المختلفة، وكما هو معروف؛ حتى تتحرك العضلة كما هو الحال عند رفع الذراع مثلاً، فإنّ الدماغ يُرسل إشارة عصبية إلى العقد القاعدية لتقوم العقد القاعدية بدورها بإطلاق ما يُعرف بالنواقل العصبية (بالإنجليزية: Neurotransmitters)، وفي الحقيقة يُمثّل الدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine) الناقل العصبيّ الرئيسيّ في العقد القاعدية، وبإطلاق العقد القاعدية هذه النواقل العصبية، تقوم النواقل العصبية بتحفيز الخلايا العصبية المجاورة، ليتسمر انتقال الإشارة المنقولة من الدماغ بين الأعصاب وصولاً إلى العضو أو الجزء المعنيّ، وهو الذراع في مثالنا السابق. وفي الحقيقة يتمثل مرض الباركنسون بحدوث تلف في الخلايا العصبية الموجودة في العقد القاعدية، ممّا يُقلل من قدرتها على إنتاج الدوبامين وإطلاقه، وهذا بدوره يُحدث اختلالات في قدرة الأعصاب المعنيّة على التواصل فيما بينها، ممّا يتسبب بمعاناة المصاب من مشاكل على مستوى التحكم بالعضلات وحركتها، فيُعاني المصاب من الرعاش، واضطرابات في الحركة عامة.[٢]

على الرغم من عدم معرفة المُسبّب الحقيقي لحدوث مرض باركنسون، ولكن أوضحت نظرية أنّ هناك تفسير قد يكون مقبولاً لحدوث هذا الداء، وبيّنت هذه النظرية أنّ الأمر قائم على تراكم غير طبيعي لبروتين مسؤول عن تحقيق التواصل الصحيح بين الخلايا العصبية، ويُعرف هذا البروتين بساينوسلين (بالإنجليزية: Synuclein)، ويُعرف هذا التراكم غير الطبيعيّ بأجسام ليوي (بالإنجليزية: Lewy bodies)، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الأجسام تتراكم في أجزاء مختلفة من الدماغ فتؤثر بشكلٍ سلبيّ في وظيفته وقدرته على القيام بمهامّه، إضافة إلى ما سبق وُجد أنّ الأشخاص الذين يُعانون من مرض الباركنسون لديهم أقارب يُعانون منه كذلك، وهذا ما يُعطي انطباعاً باحتمالية وجود تأثير للجينات في ظهور هذا الداء.[٢]

علاج مرض الباركنسون

حتى هذه اللحظة، لا يوجد علاج لمرض الباركنسون، ولكن يُعتقد أنّ هناك مجموعة من الخيارات العلاجية التي لها القدرة في السيطرة على الأعراض بالإضافة إلى تحسين نوعية حياة المصاب، نذكر منها ما يأتي:[٣]

  • الخيارات الدوائية: وتُستخدم للسيطرة على الأعراض الرئيسية لمرض الباركنسون والتي تتمثل بالرعاش والمعاناة من اضطرابات الحركة، ويجدر التنبيه إلى أنّ الأدوية المتوافرة لا تُجدي نفعاً في علاج كل المصابين بمرض الباركنسون، ويمكن تقسيم الخيارات الدوائية التي يمكن استخدامها في علاج مرض الباركنسون كما يأتي:
    • ليفودوبا.
    • محفز للدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine agonists).
    • مثبطات أكسيداز أحادي الأمين (بالإنجليزية: Monoamine oxidase-B inhibitors)، ومن الأمثلة عليها راساجيلين (بالإنجليزية: Rasagiline) وسيليجيلين (بالإنجليزية: Selegiline).
    • مثبطات ناقلة ميثيل الكاتيكول (بالإنجليزية: Catechol-O-methyltransferase inhibitors).
    • آبومورفين (بالإنجليزية: Apomorphine).
    • الديودوبا (بالإنجليزية: Duodopa).
  • الخيارات الجراحية: يندر استخدام الخيارات الجراحية في السيطرة على مرض الباركنسون، وإنّ النوع المعتمد من الجراحة في مثل هذه الحالات هو ما يُعرف بتحفيز عميق للدماغ (بالإنجليزية: Deep brain stimulation).
  • علاجات أخرى: وتهدف إلى دعم المريض وذلك بغرض تسهيل حياته ومساعدته على التأقلم مع أعراض المرض، ومنها العلاج الفيزيائيّ (بالإنجليزية: Physiotherapy) الذي يقوم على ممارسة التمارين الرياضية والحركة لتخفيف آلام المفاصل وتيبّس العضلات وتصلّبها، والعلاج الوظيفي (بالإنجليزية: Occupational therapy) الذي يقوم على معرفة الصعوبات والمشاكل التي تواجه المصاب ومحاولة إيجاد حلول لها وزيادة قدرته على الاعتماد على نفسه، ومن العلاجات الأخرى المتبعة أيضاً ما يُعرف بالعلاج المتعلق بالنطق واللغة، وكذلك هناك بعض النصائح على مستوى التغذية التي تُقدّم للمصابين بمرض الباركنسون مثل ضرورة الإكثار من تناول الألياف وشرب الماء لتجنب الإصابة بالإمساك، وإجراء بعض التغييرات على مستوى الغذاء لتجنب فقدان الوزن غير المقصود.

فيديو عن علاقة العمر والتاريخ الوراثي لمرضى الرعاش

يتحدّث الفيديو عن علاقة العمر والتاريخ الوراثي بمرض الرعاش.

المراجع

  1. “Parkinson’s Disease Symptoms, Signs, Causes, Stages, and Treatment”, www.medicinenet.com, Retrieved May 10, 2018. Edited.
  2. ^ أ ب “Parkinson Disease (PD)”, www.msdmanuals.com, Retrieved May 10, 2018. Edited.
  3. “Parkinson’s disease”, www.nhs.uk, Retrieved May 10, 2018. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مرض الباركنسون

يعود مرض الباركنسون (بالإنجليزية: Parkinson’s disease) إلى خمسة ألاف عام قبل الميلاد، وقد عُرف لأول مرة في الحضارة الهندية القديمة، وأطلق عليه اسم (Kampavata)، وقد عُولج باستخدام بذور بعض النباتات المحتوية على ما يُعرف اليوم باسم ليفودوبا (بالإنجليزية: Levodopa)، وفي عام 1817 م أوضح الطبيب البريطانيّ جيمس باركنسون حقيقة المرض، ومن يومها عُرف هذا الداء بهذا الاسم. يُعتبر مرض باركنسون من أشهر المشاكل والاضطرابات العصبية، إضافة إلى أنّه أكثر اضطرابات الحركة شيوعاً وانتشاراً، ويُصيب هذا الداء في العادة الأشخاص الذين تجاوزا الستين من العمر، وهذا لا يمنع احتمالية ظهوره في المراحل العمرية الأخرى، ويمكن ببساطة فهم الداء ببيان أنّه يتمثل بفقدان السيطرة على العضلات بشكل يتطور بمرور الوقت، ممّا يتسبب بمعاناة الشخص من ارتعاش الأطراف واهتزاز الرأس أثناء الراحة، إضافة إلى مواجهة الشخص مشاكل على مستوى التوازن وبطء الحركة، وتجدر الإشارة إلى أنّ قدرة المرض على التأثير في الجسم تتفاوت بين المصابين، فالبعض قادر على القيام بوظائفه ومهامه اليومية بشكلٍ عاديّ، أمّا البعض الآخر فقد يتسبب الداء بمنعهم من ممارسة أنشطتهم اليومية كما يجب، ومن الجدير بالذكر أنّ المرض قد يتقدم إلى مرحلة يتسبب بعدم قدرة الشخص على الكلام، أو المشي، أو إتمام المهام البسيطة الموكلة إليه. وفي ظل هذا الكلام يجدر التنبيه إلى أنّ الأعمار المتوقعة للمصابين بمرض باركنسون لا تختلف عن الأشخاص غير المصابين به، بمعنى آخر أنّ هذا الداء لا يتسبب بالموت، وهذا لا يمنع أنّه يزيد من خطر معاناة الشخص من بعض المضاعفات التي قد تتسبب بوفاته مثل الإصابة بالالتهاب الرئويّ (بالإنجليزية: Pneumonia) والتعرّض للضربات والوقوع.[١]

آلية مرض الباركنسون

من التراكيب العصبية الموجودة في الدماغ ما يُعرف بالعقد القاعدية (بالإنجليزية: Basal Ganglia)، وتتكون من مجموعة كبيرة من الأعصاب المهمة، وتتمثل وظيفتها الأساسية بتنسيق حركات العضلات وتسهيلها، إضافة إلى تنسيق وتنظيم تغيرات وضعيات الجسم المختلفة، وكما هو معروف؛ حتى تتحرك العضلة كما هو الحال عند رفع الذراع مثلاً، فإنّ الدماغ يُرسل إشارة عصبية إلى العقد القاعدية لتقوم العقد القاعدية بدورها بإطلاق ما يُعرف بالنواقل العصبية (بالإنجليزية: Neurotransmitters)، وفي الحقيقة يُمثّل الدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine) الناقل العصبيّ الرئيسيّ في العقد القاعدية، وبإطلاق العقد القاعدية هذه النواقل العصبية، تقوم النواقل العصبية بتحفيز الخلايا العصبية المجاورة، ليتسمر انتقال الإشارة المنقولة من الدماغ بين الأعصاب وصولاً إلى العضو أو الجزء المعنيّ، وهو الذراع في مثالنا السابق. وفي الحقيقة يتمثل مرض الباركنسون بحدوث تلف في الخلايا العصبية الموجودة في العقد القاعدية، ممّا يُقلل من قدرتها على إنتاج الدوبامين وإطلاقه، وهذا بدوره يُحدث اختلالات في قدرة الأعصاب المعنيّة على التواصل فيما بينها، ممّا يتسبب بمعاناة المصاب من مشاكل على مستوى التحكم بالعضلات وحركتها، فيُعاني المصاب من الرعاش، واضطرابات في الحركة عامة.[٢]

على الرغم من عدم معرفة المُسبّب الحقيقي لحدوث مرض باركنسون، ولكن أوضحت نظرية أنّ هناك تفسير قد يكون مقبولاً لحدوث هذا الداء، وبيّنت هذه النظرية أنّ الأمر قائم على تراكم غير طبيعي لبروتين مسؤول عن تحقيق التواصل الصحيح بين الخلايا العصبية، ويُعرف هذا البروتين بساينوسلين (بالإنجليزية: Synuclein)، ويُعرف هذا التراكم غير الطبيعيّ بأجسام ليوي (بالإنجليزية: Lewy bodies)، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الأجسام تتراكم في أجزاء مختلفة من الدماغ فتؤثر بشكلٍ سلبيّ في وظيفته وقدرته على القيام بمهامّه، إضافة إلى ما سبق وُجد أنّ الأشخاص الذين يُعانون من مرض الباركنسون لديهم أقارب يُعانون منه كذلك، وهذا ما يُعطي انطباعاً باحتمالية وجود تأثير للجينات في ظهور هذا الداء.[٢]

علاج مرض الباركنسون

حتى هذه اللحظة، لا يوجد علاج لمرض الباركنسون، ولكن يُعتقد أنّ هناك مجموعة من الخيارات العلاجية التي لها القدرة في السيطرة على الأعراض بالإضافة إلى تحسين نوعية حياة المصاب، نذكر منها ما يأتي:[٣]

  • الخيارات الدوائية: وتُستخدم للسيطرة على الأعراض الرئيسية لمرض الباركنسون والتي تتمثل بالرعاش والمعاناة من اضطرابات الحركة، ويجدر التنبيه إلى أنّ الأدوية المتوافرة لا تُجدي نفعاً في علاج كل المصابين بمرض الباركنسون، ويمكن تقسيم الخيارات الدوائية التي يمكن استخدامها في علاج مرض الباركنسون كما يأتي:
    • ليفودوبا.
    • محفز للدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine agonists).
    • مثبطات أكسيداز أحادي الأمين (بالإنجليزية: Monoamine oxidase-B inhibitors)، ومن الأمثلة عليها راساجيلين (بالإنجليزية: Rasagiline) وسيليجيلين (بالإنجليزية: Selegiline).
    • مثبطات ناقلة ميثيل الكاتيكول (بالإنجليزية: Catechol-O-methyltransferase inhibitors).
    • آبومورفين (بالإنجليزية: Apomorphine).
    • الديودوبا (بالإنجليزية: Duodopa).
  • الخيارات الجراحية: يندر استخدام الخيارات الجراحية في السيطرة على مرض الباركنسون، وإنّ النوع المعتمد من الجراحة في مثل هذه الحالات هو ما يُعرف بتحفيز عميق للدماغ (بالإنجليزية: Deep brain stimulation).
  • علاجات أخرى: وتهدف إلى دعم المريض وذلك بغرض تسهيل حياته ومساعدته على التأقلم مع أعراض المرض، ومنها العلاج الفيزيائيّ (بالإنجليزية: Physiotherapy) الذي يقوم على ممارسة التمارين الرياضية والحركة لتخفيف آلام المفاصل وتيبّس العضلات وتصلّبها، والعلاج الوظيفي (بالإنجليزية: Occupational therapy) الذي يقوم على معرفة الصعوبات والمشاكل التي تواجه المصاب ومحاولة إيجاد حلول لها وزيادة قدرته على الاعتماد على نفسه، ومن العلاجات الأخرى المتبعة أيضاً ما يُعرف بالعلاج المتعلق بالنطق واللغة، وكذلك هناك بعض النصائح على مستوى التغذية التي تُقدّم للمصابين بمرض الباركنسون مثل ضرورة الإكثار من تناول الألياف وشرب الماء لتجنب الإصابة بالإمساك، وإجراء بعض التغييرات على مستوى الغذاء لتجنب فقدان الوزن غير المقصود.

فيديو عن علاقة العمر والتاريخ الوراثي لمرضى الرعاش

يتحدّث الفيديو عن علاقة العمر والتاريخ الوراثي بمرض الرعاش.

المراجع

  1. “Parkinson’s Disease Symptoms, Signs, Causes, Stages, and Treatment”, www.medicinenet.com, Retrieved May 10, 2018. Edited.
  2. ^ أ ب “Parkinson Disease (PD)”, www.msdmanuals.com, Retrieved May 10, 2018. Edited.
  3. “Parkinson’s disease”, www.nhs.uk, Retrieved May 10, 2018. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق

مقالات ذات صلة

مرض الباركنسون

يعود مرض الباركنسون (بالإنجليزية: Parkinson’s disease) إلى خمسة ألاف عام قبل الميلاد، وقد عُرف لأول مرة في الحضارة الهندية القديمة، وأطلق عليه اسم (Kampavata)، وقد عُولج باستخدام بذور بعض النباتات المحتوية على ما يُعرف اليوم باسم ليفودوبا (بالإنجليزية: Levodopa)، وفي عام 1817 م أوضح الطبيب البريطانيّ جيمس باركنسون حقيقة المرض، ومن يومها عُرف هذا الداء بهذا الاسم. يُعتبر مرض باركنسون من أشهر المشاكل والاضطرابات العصبية، إضافة إلى أنّه أكثر اضطرابات الحركة شيوعاً وانتشاراً، ويُصيب هذا الداء في العادة الأشخاص الذين تجاوزا الستين من العمر، وهذا لا يمنع احتمالية ظهوره في المراحل العمرية الأخرى، ويمكن ببساطة فهم الداء ببيان أنّه يتمثل بفقدان السيطرة على العضلات بشكل يتطور بمرور الوقت، ممّا يتسبب بمعاناة الشخص من ارتعاش الأطراف واهتزاز الرأس أثناء الراحة، إضافة إلى مواجهة الشخص مشاكل على مستوى التوازن وبطء الحركة، وتجدر الإشارة إلى أنّ قدرة المرض على التأثير في الجسم تتفاوت بين المصابين، فالبعض قادر على القيام بوظائفه ومهامه اليومية بشكلٍ عاديّ، أمّا البعض الآخر فقد يتسبب الداء بمنعهم من ممارسة أنشطتهم اليومية كما يجب، ومن الجدير بالذكر أنّ المرض قد يتقدم إلى مرحلة يتسبب بعدم قدرة الشخص على الكلام، أو المشي، أو إتمام المهام البسيطة الموكلة إليه. وفي ظل هذا الكلام يجدر التنبيه إلى أنّ الأعمار المتوقعة للمصابين بمرض باركنسون لا تختلف عن الأشخاص غير المصابين به، بمعنى آخر أنّ هذا الداء لا يتسبب بالموت، وهذا لا يمنع أنّه يزيد من خطر معاناة الشخص من بعض المضاعفات التي قد تتسبب بوفاته مثل الإصابة بالالتهاب الرئويّ (بالإنجليزية: Pneumonia) والتعرّض للضربات والوقوع.[١]

آلية مرض الباركنسون

من التراكيب العصبية الموجودة في الدماغ ما يُعرف بالعقد القاعدية (بالإنجليزية: Basal Ganglia)، وتتكون من مجموعة كبيرة من الأعصاب المهمة، وتتمثل وظيفتها الأساسية بتنسيق حركات العضلات وتسهيلها، إضافة إلى تنسيق وتنظيم تغيرات وضعيات الجسم المختلفة، وكما هو معروف؛ حتى تتحرك العضلة كما هو الحال عند رفع الذراع مثلاً، فإنّ الدماغ يُرسل إشارة عصبية إلى العقد القاعدية لتقوم العقد القاعدية بدورها بإطلاق ما يُعرف بالنواقل العصبية (بالإنجليزية: Neurotransmitters)، وفي الحقيقة يُمثّل الدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine) الناقل العصبيّ الرئيسيّ في العقد القاعدية، وبإطلاق العقد القاعدية هذه النواقل العصبية، تقوم النواقل العصبية بتحفيز الخلايا العصبية المجاورة، ليتسمر انتقال الإشارة المنقولة من الدماغ بين الأعصاب وصولاً إلى العضو أو الجزء المعنيّ، وهو الذراع في مثالنا السابق. وفي الحقيقة يتمثل مرض الباركنسون بحدوث تلف في الخلايا العصبية الموجودة في العقد القاعدية، ممّا يُقلل من قدرتها على إنتاج الدوبامين وإطلاقه، وهذا بدوره يُحدث اختلالات في قدرة الأعصاب المعنيّة على التواصل فيما بينها، ممّا يتسبب بمعاناة المصاب من مشاكل على مستوى التحكم بالعضلات وحركتها، فيُعاني المصاب من الرعاش، واضطرابات في الحركة عامة.[٢]

على الرغم من عدم معرفة المُسبّب الحقيقي لحدوث مرض باركنسون، ولكن أوضحت نظرية أنّ هناك تفسير قد يكون مقبولاً لحدوث هذا الداء، وبيّنت هذه النظرية أنّ الأمر قائم على تراكم غير طبيعي لبروتين مسؤول عن تحقيق التواصل الصحيح بين الخلايا العصبية، ويُعرف هذا البروتين بساينوسلين (بالإنجليزية: Synuclein)، ويُعرف هذا التراكم غير الطبيعيّ بأجسام ليوي (بالإنجليزية: Lewy bodies)، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الأجسام تتراكم في أجزاء مختلفة من الدماغ فتؤثر بشكلٍ سلبيّ في وظيفته وقدرته على القيام بمهامّه، إضافة إلى ما سبق وُجد أنّ الأشخاص الذين يُعانون من مرض الباركنسون لديهم أقارب يُعانون منه كذلك، وهذا ما يُعطي انطباعاً باحتمالية وجود تأثير للجينات في ظهور هذا الداء.[٢]

علاج مرض الباركنسون

حتى هذه اللحظة، لا يوجد علاج لمرض الباركنسون، ولكن يُعتقد أنّ هناك مجموعة من الخيارات العلاجية التي لها القدرة في السيطرة على الأعراض بالإضافة إلى تحسين نوعية حياة المصاب، نذكر منها ما يأتي:[٣]

  • الخيارات الدوائية: وتُستخدم للسيطرة على الأعراض الرئيسية لمرض الباركنسون والتي تتمثل بالرعاش والمعاناة من اضطرابات الحركة، ويجدر التنبيه إلى أنّ الأدوية المتوافرة لا تُجدي نفعاً في علاج كل المصابين بمرض الباركنسون، ويمكن تقسيم الخيارات الدوائية التي يمكن استخدامها في علاج مرض الباركنسون كما يأتي:
    • ليفودوبا.
    • محفز للدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine agonists).
    • مثبطات أكسيداز أحادي الأمين (بالإنجليزية: Monoamine oxidase-B inhibitors)، ومن الأمثلة عليها راساجيلين (بالإنجليزية: Rasagiline) وسيليجيلين (بالإنجليزية: Selegiline).
    • مثبطات ناقلة ميثيل الكاتيكول (بالإنجليزية: Catechol-O-methyltransferase inhibitors).
    • آبومورفين (بالإنجليزية: Apomorphine).
    • الديودوبا (بالإنجليزية: Duodopa).
  • الخيارات الجراحية: يندر استخدام الخيارات الجراحية في السيطرة على مرض الباركنسون، وإنّ النوع المعتمد من الجراحة في مثل هذه الحالات هو ما يُعرف بتحفيز عميق للدماغ (بالإنجليزية: Deep brain stimulation).
  • علاجات أخرى: وتهدف إلى دعم المريض وذلك بغرض تسهيل حياته ومساعدته على التأقلم مع أعراض المرض، ومنها العلاج الفيزيائيّ (بالإنجليزية: Physiotherapy) الذي يقوم على ممارسة التمارين الرياضية والحركة لتخفيف آلام المفاصل وتيبّس العضلات وتصلّبها، والعلاج الوظيفي (بالإنجليزية: Occupational therapy) الذي يقوم على معرفة الصعوبات والمشاكل التي تواجه المصاب ومحاولة إيجاد حلول لها وزيادة قدرته على الاعتماد على نفسه، ومن العلاجات الأخرى المتبعة أيضاً ما يُعرف بالعلاج المتعلق بالنطق واللغة، وكذلك هناك بعض النصائح على مستوى التغذية التي تُقدّم للمصابين بمرض الباركنسون مثل ضرورة الإكثار من تناول الألياف وشرب الماء لتجنب الإصابة بالإمساك، وإجراء بعض التغييرات على مستوى الغذاء لتجنب فقدان الوزن غير المقصود.

فيديو عن علاقة العمر والتاريخ الوراثي لمرضى الرعاش

يتحدّث الفيديو عن علاقة العمر والتاريخ الوراثي بمرض الرعاش.

المراجع

  1. “Parkinson’s Disease Symptoms, Signs, Causes, Stages, and Treatment”, www.medicinenet.com, Retrieved May 10, 2018. Edited.
  2. ^ أ ب “Parkinson Disease (PD)”, www.msdmanuals.com, Retrieved May 10, 2018. Edited.
  3. “Parkinson’s disease”, www.nhs.uk, Retrieved May 10, 2018. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق

مقالات ذات صلة

مرض الباركنسون

يعود مرض الباركنسون (بالإنجليزية: Parkinson’s disease) إلى خمسة ألاف عام قبل الميلاد، وقد عُرف لأول مرة في الحضارة الهندية القديمة، وأطلق عليه اسم (Kampavata)، وقد عُولج باستخدام بذور بعض النباتات المحتوية على ما يُعرف اليوم باسم ليفودوبا (بالإنجليزية: Levodopa)، وفي عام 1817 م أوضح الطبيب البريطانيّ جيمس باركنسون حقيقة المرض، ومن يومها عُرف هذا الداء بهذا الاسم. يُعتبر مرض باركنسون من أشهر المشاكل والاضطرابات العصبية، إضافة إلى أنّه أكثر اضطرابات الحركة شيوعاً وانتشاراً، ويُصيب هذا الداء في العادة الأشخاص الذين تجاوزا الستين من العمر، وهذا لا يمنع احتمالية ظهوره في المراحل العمرية الأخرى، ويمكن ببساطة فهم الداء ببيان أنّه يتمثل بفقدان السيطرة على العضلات بشكل يتطور بمرور الوقت، ممّا يتسبب بمعاناة الشخص من ارتعاش الأطراف واهتزاز الرأس أثناء الراحة، إضافة إلى مواجهة الشخص مشاكل على مستوى التوازن وبطء الحركة، وتجدر الإشارة إلى أنّ قدرة المرض على التأثير في الجسم تتفاوت بين المصابين، فالبعض قادر على القيام بوظائفه ومهامه اليومية بشكلٍ عاديّ، أمّا البعض الآخر فقد يتسبب الداء بمنعهم من ممارسة أنشطتهم اليومية كما يجب، ومن الجدير بالذكر أنّ المرض قد يتقدم إلى مرحلة يتسبب بعدم قدرة الشخص على الكلام، أو المشي، أو إتمام المهام البسيطة الموكلة إليه. وفي ظل هذا الكلام يجدر التنبيه إلى أنّ الأعمار المتوقعة للمصابين بمرض باركنسون لا تختلف عن الأشخاص غير المصابين به، بمعنى آخر أنّ هذا الداء لا يتسبب بالموت، وهذا لا يمنع أنّه يزيد من خطر معاناة الشخص من بعض المضاعفات التي قد تتسبب بوفاته مثل الإصابة بالالتهاب الرئويّ (بالإنجليزية: Pneumonia) والتعرّض للضربات والوقوع.[١]

آلية مرض الباركنسون

من التراكيب العصبية الموجودة في الدماغ ما يُعرف بالعقد القاعدية (بالإنجليزية: Basal Ganglia)، وتتكون من مجموعة كبيرة من الأعصاب المهمة، وتتمثل وظيفتها الأساسية بتنسيق حركات العضلات وتسهيلها، إضافة إلى تنسيق وتنظيم تغيرات وضعيات الجسم المختلفة، وكما هو معروف؛ حتى تتحرك العضلة كما هو الحال عند رفع الذراع مثلاً، فإنّ الدماغ يُرسل إشارة عصبية إلى العقد القاعدية لتقوم العقد القاعدية بدورها بإطلاق ما يُعرف بالنواقل العصبية (بالإنجليزية: Neurotransmitters)، وفي الحقيقة يُمثّل الدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine) الناقل العصبيّ الرئيسيّ في العقد القاعدية، وبإطلاق العقد القاعدية هذه النواقل العصبية، تقوم النواقل العصبية بتحفيز الخلايا العصبية المجاورة، ليتسمر انتقال الإشارة المنقولة من الدماغ بين الأعصاب وصولاً إلى العضو أو الجزء المعنيّ، وهو الذراع في مثالنا السابق. وفي الحقيقة يتمثل مرض الباركنسون بحدوث تلف في الخلايا العصبية الموجودة في العقد القاعدية، ممّا يُقلل من قدرتها على إنتاج الدوبامين وإطلاقه، وهذا بدوره يُحدث اختلالات في قدرة الأعصاب المعنيّة على التواصل فيما بينها، ممّا يتسبب بمعاناة المصاب من مشاكل على مستوى التحكم بالعضلات وحركتها، فيُعاني المصاب من الرعاش، واضطرابات في الحركة عامة.[٢]

على الرغم من عدم معرفة المُسبّب الحقيقي لحدوث مرض باركنسون، ولكن أوضحت نظرية أنّ هناك تفسير قد يكون مقبولاً لحدوث هذا الداء، وبيّنت هذه النظرية أنّ الأمر قائم على تراكم غير طبيعي لبروتين مسؤول عن تحقيق التواصل الصحيح بين الخلايا العصبية، ويُعرف هذا البروتين بساينوسلين (بالإنجليزية: Synuclein)، ويُعرف هذا التراكم غير الطبيعيّ بأجسام ليوي (بالإنجليزية: Lewy bodies)، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الأجسام تتراكم في أجزاء مختلفة من الدماغ فتؤثر بشكلٍ سلبيّ في وظيفته وقدرته على القيام بمهامّه، إضافة إلى ما سبق وُجد أنّ الأشخاص الذين يُعانون من مرض الباركنسون لديهم أقارب يُعانون منه كذلك، وهذا ما يُعطي انطباعاً باحتمالية وجود تأثير للجينات في ظهور هذا الداء.[٢]

علاج مرض الباركنسون

حتى هذه اللحظة، لا يوجد علاج لمرض الباركنسون، ولكن يُعتقد أنّ هناك مجموعة من الخيارات العلاجية التي لها القدرة في السيطرة على الأعراض بالإضافة إلى تحسين نوعية حياة المصاب، نذكر منها ما يأتي:[٣]

  • الخيارات الدوائية: وتُستخدم للسيطرة على الأعراض الرئيسية لمرض الباركنسون والتي تتمثل بالرعاش والمعاناة من اضطرابات الحركة، ويجدر التنبيه إلى أنّ الأدوية المتوافرة لا تُجدي نفعاً في علاج كل المصابين بمرض الباركنسون، ويمكن تقسيم الخيارات الدوائية التي يمكن استخدامها في علاج مرض الباركنسون كما يأتي:
    • ليفودوبا.
    • محفز للدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine agonists).
    • مثبطات أكسيداز أحادي الأمين (بالإنجليزية: Monoamine oxidase-B inhibitors)، ومن الأمثلة عليها راساجيلين (بالإنجليزية: Rasagiline) وسيليجيلين (بالإنجليزية: Selegiline).
    • مثبطات ناقلة ميثيل الكاتيكول (بالإنجليزية: Catechol-O-methyltransferase inhibitors).
    • آبومورفين (بالإنجليزية: Apomorphine).
    • الديودوبا (بالإنجليزية: Duodopa).
  • الخيارات الجراحية: يندر استخدام الخيارات الجراحية في السيطرة على مرض الباركنسون، وإنّ النوع المعتمد من الجراحة في مثل هذه الحالات هو ما يُعرف بتحفيز عميق للدماغ (بالإنجليزية: Deep brain stimulation).
  • علاجات أخرى: وتهدف إلى دعم المريض وذلك بغرض تسهيل حياته ومساعدته على التأقلم مع أعراض المرض، ومنها العلاج الفيزيائيّ (بالإنجليزية: Physiotherapy) الذي يقوم على ممارسة التمارين الرياضية والحركة لتخفيف آلام المفاصل وتيبّس العضلات وتصلّبها، والعلاج الوظيفي (بالإنجليزية: Occupational therapy) الذي يقوم على معرفة الصعوبات والمشاكل التي تواجه المصاب ومحاولة إيجاد حلول لها وزيادة قدرته على الاعتماد على نفسه، ومن العلاجات الأخرى المتبعة أيضاً ما يُعرف بالعلاج المتعلق بالنطق واللغة، وكذلك هناك بعض النصائح على مستوى التغذية التي تُقدّم للمصابين بمرض الباركنسون مثل ضرورة الإكثار من تناول الألياف وشرب الماء لتجنب الإصابة بالإمساك، وإجراء بعض التغييرات على مستوى الغذاء لتجنب فقدان الوزن غير المقصود.

فيديو عن علاقة العمر والتاريخ الوراثي لمرضى الرعاش

يتحدّث الفيديو عن علاقة العمر والتاريخ الوراثي بمرض الرعاش.

المراجع

  1. “Parkinson’s Disease Symptoms, Signs, Causes, Stages, and Treatment”, www.medicinenet.com, Retrieved May 10, 2018. Edited.
  2. ^ أ ب “Parkinson Disease (PD)”, www.msdmanuals.com, Retrieved May 10, 2018. Edited.
  3. “Parkinson’s disease”, www.nhs.uk, Retrieved May 10, 2018. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق

مقالات ذات صلة

مرض الباركنسون

يعود مرض الباركنسون (بالإنجليزية: Parkinson’s disease) إلى خمسة ألاف عام قبل الميلاد، وقد عُرف لأول مرة في الحضارة الهندية القديمة، وأطلق عليه اسم (Kampavata)، وقد عُولج باستخدام بذور بعض النباتات المحتوية على ما يُعرف اليوم باسم ليفودوبا (بالإنجليزية: Levodopa)، وفي عام 1817 م أوضح الطبيب البريطانيّ جيمس باركنسون حقيقة المرض، ومن يومها عُرف هذا الداء بهذا الاسم. يُعتبر مرض باركنسون من أشهر المشاكل والاضطرابات العصبية، إضافة إلى أنّه أكثر اضطرابات الحركة شيوعاً وانتشاراً، ويُصيب هذا الداء في العادة الأشخاص الذين تجاوزا الستين من العمر، وهذا لا يمنع احتمالية ظهوره في المراحل العمرية الأخرى، ويمكن ببساطة فهم الداء ببيان أنّه يتمثل بفقدان السيطرة على العضلات بشكل يتطور بمرور الوقت، ممّا يتسبب بمعاناة الشخص من ارتعاش الأطراف واهتزاز الرأس أثناء الراحة، إضافة إلى مواجهة الشخص مشاكل على مستوى التوازن وبطء الحركة، وتجدر الإشارة إلى أنّ قدرة المرض على التأثير في الجسم تتفاوت بين المصابين، فالبعض قادر على القيام بوظائفه ومهامه اليومية بشكلٍ عاديّ، أمّا البعض الآخر فقد يتسبب الداء بمنعهم من ممارسة أنشطتهم اليومية كما يجب، ومن الجدير بالذكر أنّ المرض قد يتقدم إلى مرحلة يتسبب بعدم قدرة الشخص على الكلام، أو المشي، أو إتمام المهام البسيطة الموكلة إليه. وفي ظل هذا الكلام يجدر التنبيه إلى أنّ الأعمار المتوقعة للمصابين بمرض باركنسون لا تختلف عن الأشخاص غير المصابين به، بمعنى آخر أنّ هذا الداء لا يتسبب بالموت، وهذا لا يمنع أنّه يزيد من خطر معاناة الشخص من بعض المضاعفات التي قد تتسبب بوفاته مثل الإصابة بالالتهاب الرئويّ (بالإنجليزية: Pneumonia) والتعرّض للضربات والوقوع.[١]

آلية مرض الباركنسون

من التراكيب العصبية الموجودة في الدماغ ما يُعرف بالعقد القاعدية (بالإنجليزية: Basal Ganglia)، وتتكون من مجموعة كبيرة من الأعصاب المهمة، وتتمثل وظيفتها الأساسية بتنسيق حركات العضلات وتسهيلها، إضافة إلى تنسيق وتنظيم تغيرات وضعيات الجسم المختلفة، وكما هو معروف؛ حتى تتحرك العضلة كما هو الحال عند رفع الذراع مثلاً، فإنّ الدماغ يُرسل إشارة عصبية إلى العقد القاعدية لتقوم العقد القاعدية بدورها بإطلاق ما يُعرف بالنواقل العصبية (بالإنجليزية: Neurotransmitters)، وفي الحقيقة يُمثّل الدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine) الناقل العصبيّ الرئيسيّ في العقد القاعدية، وبإطلاق العقد القاعدية هذه النواقل العصبية، تقوم النواقل العصبية بتحفيز الخلايا العصبية المجاورة، ليتسمر انتقال الإشارة المنقولة من الدماغ بين الأعصاب وصولاً إلى العضو أو الجزء المعنيّ، وهو الذراع في مثالنا السابق. وفي الحقيقة يتمثل مرض الباركنسون بحدوث تلف في الخلايا العصبية الموجودة في العقد القاعدية، ممّا يُقلل من قدرتها على إنتاج الدوبامين وإطلاقه، وهذا بدوره يُحدث اختلالات في قدرة الأعصاب المعنيّة على التواصل فيما بينها، ممّا يتسبب بمعاناة المصاب من مشاكل على مستوى التحكم بالعضلات وحركتها، فيُعاني المصاب من الرعاش، واضطرابات في الحركة عامة.[٢]

على الرغم من عدم معرفة المُسبّب الحقيقي لحدوث مرض باركنسون، ولكن أوضحت نظرية أنّ هناك تفسير قد يكون مقبولاً لحدوث هذا الداء، وبيّنت هذه النظرية أنّ الأمر قائم على تراكم غير طبيعي لبروتين مسؤول عن تحقيق التواصل الصحيح بين الخلايا العصبية، ويُعرف هذا البروتين بساينوسلين (بالإنجليزية: Synuclein)، ويُعرف هذا التراكم غير الطبيعيّ بأجسام ليوي (بالإنجليزية: Lewy bodies)، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الأجسام تتراكم في أجزاء مختلفة من الدماغ فتؤثر بشكلٍ سلبيّ في وظيفته وقدرته على القيام بمهامّه، إضافة إلى ما سبق وُجد أنّ الأشخاص الذين يُعانون من مرض الباركنسون لديهم أقارب يُعانون منه كذلك، وهذا ما يُعطي انطباعاً باحتمالية وجود تأثير للجينات في ظهور هذا الداء.[٢]

علاج مرض الباركنسون

حتى هذه اللحظة، لا يوجد علاج لمرض الباركنسون، ولكن يُعتقد أنّ هناك مجموعة من الخيارات العلاجية التي لها القدرة في السيطرة على الأعراض بالإضافة إلى تحسين نوعية حياة المصاب، نذكر منها ما يأتي:[٣]

  • الخيارات الدوائية: وتُستخدم للسيطرة على الأعراض الرئيسية لمرض الباركنسون والتي تتمثل بالرعاش والمعاناة من اضطرابات الحركة، ويجدر التنبيه إلى أنّ الأدوية المتوافرة لا تُجدي نفعاً في علاج كل المصابين بمرض الباركنسون، ويمكن تقسيم الخيارات الدوائية التي يمكن استخدامها في علاج مرض الباركنسون كما يأتي:
    • ليفودوبا.
    • محفز للدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine agonists).
    • مثبطات أكسيداز أحادي الأمين (بالإنجليزية: Monoamine oxidase-B inhibitors)، ومن الأمثلة عليها راساجيلين (بالإنجليزية: Rasagiline) وسيليجيلين (بالإنجليزية: Selegiline).
    • مثبطات ناقلة ميثيل الكاتيكول (بالإنجليزية: Catechol-O-methyltransferase inhibitors).
    • آبومورفين (بالإنجليزية: Apomorphine).
    • الديودوبا (بالإنجليزية: Duodopa).
  • الخيارات الجراحية: يندر استخدام الخيارات الجراحية في السيطرة على مرض الباركنسون، وإنّ النوع المعتمد من الجراحة في مثل هذه الحالات هو ما يُعرف بتحفيز عميق للدماغ (بالإنجليزية: Deep brain stimulation).
  • علاجات أخرى: وتهدف إلى دعم المريض وذلك بغرض تسهيل حياته ومساعدته على التأقلم مع أعراض المرض، ومنها العلاج الفيزيائيّ (بالإنجليزية: Physiotherapy) الذي يقوم على ممارسة التمارين الرياضية والحركة لتخفيف آلام المفاصل وتيبّس العضلات وتصلّبها، والعلاج الوظيفي (بالإنجليزية: Occupational therapy) الذي يقوم على معرفة الصعوبات والمشاكل التي تواجه المصاب ومحاولة إيجاد حلول لها وزيادة قدرته على الاعتماد على نفسه، ومن العلاجات الأخرى المتبعة أيضاً ما يُعرف بالعلاج المتعلق بالنطق واللغة، وكذلك هناك بعض النصائح على مستوى التغذية التي تُقدّم للمصابين بمرض الباركنسون مثل ضرورة الإكثار من تناول الألياف وشرب الماء لتجنب الإصابة بالإمساك، وإجراء بعض التغييرات على مستوى الغذاء لتجنب فقدان الوزن غير المقصود.

فيديو عن علاقة العمر والتاريخ الوراثي لمرضى الرعاش

يتحدّث الفيديو عن علاقة العمر والتاريخ الوراثي بمرض الرعاش.

المراجع

  1. “Parkinson’s Disease Symptoms, Signs, Causes, Stages, and Treatment”, www.medicinenet.com, Retrieved May 10, 2018. Edited.
  2. ^ أ ب “Parkinson Disease (PD)”, www.msdmanuals.com, Retrieved May 10, 2018. Edited.
  3. “Parkinson’s disease”, www.nhs.uk, Retrieved May 10, 2018. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى