حكم و مواعظ دينية

جديد كيفية الاستعانة بالصبر والصلاة

كيفية الاستعانة بالصبر والصلاة

أَمَرَ الله -تعالى- عباده المؤمنين بالاستعانة بالصبر والصلاة في العديد من الآيات، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)،[١][٢] وفيما يأتي بيان توضيح المفسّرين لكيفية الاستعانة بالصبر والصلاة ومعناها:

  • تكون الاستعانة بالصبر من خلال مُجاهدة المسلم ِنفسَه وحَبسِها على ما تَكْره مِنَ العِبادة؛ كالجهاد، لقول الله – تعالى-: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ)،[٣] وقد يُكره العبد نفسه على تْرك المعصية مع حُبِّه لها؛ ابتغاء الأجر من الله -تعالى-، وطلباً لمرضاته، وجاء عن الألوسيّ في تفسيره: إنَّ الله -تعالى- ذكر الصبر قبل الصلاة؛ لأنَّ الصلاة من أنواع الصبرِ، كما أنَّ الصلاة تحتاج إلى صبرٍ، كالقيام لصَلاة الفجر في الشتاء.[٤]
  • ذهب مُقاتلٌ إلى أنَّ المعنى: استعينوا على أُمور الآخرة والفلاح بها بالصبر على الفرائض، وخاصّةً الصلاة في أوقاتها؛ فإنَّها مغفرةً للذُنوب. والاستعانة بالصبر تكون من خلال حَبْس النفس عن الشَّهوات والمُحرّمات،[٥]
  • جاء في تفسير الطبريّ أنّ على المسلم الاستعانة بالصبر والصلاة؛ ابتغاء مرضاة الله -تعالى-، وذلك من طاعته -عزّ وجل-.[٦]
  • فسّر الماورديّ -رحمه الله- معنى الثبات على الصبر لقولين، أولهما: الثبات على ما أَمَرَ الله -تعالى- به، والثانيّ: الصيام الذي قُصد به وجه الله -تعالى-، وأمّا معنى الاستعانة بالصلاة فتعني: الاستعانة بأجرها وثوابِهِا، أو ما يُتلى بها؛ لتكون عوناً للمُسلم على طاعة الله -تعالى-.[٢]

سبب اقتران الصبر بالصلاة

إنّ مما يشار إليه رَبْطُ الله -تعالى- بين الصبر والصلاة في القرآن الكريم، وخاصّةً في أوقات الشِّدة، كالجِهاد؛ لِمَا في الصلاة من السّكينة في الرُّوح، والرِّضا، وراحة البال، وتربط المسلم بِخالقه، كما أن الخُشوع فيها يُخرج المسلمَ من تعب الدُنيا إلى الجنَّة ونعيمها، وهذا الخُشوع لا بُدّ له من الصبر على أداء الصلاة وإقامتها بِكُلِّ شُروطها وأركانها، مما يُساعد المسلم على الصبر في الدُنيا حتى يلقى ربه،[٧] وجاء في تفسير النّسفيّ أنّه بالصَّبر تُنالُ الفضائل، وبالصلاة يُبتعدُ عن الرذائل.[٨]

فضل الصلاة

إنّ للصِّلاة الكثير من الفضائل التي تعود على الفرد والمُجتمع، ومنها ما يأتي:[٩]

  • أعظم أركان الإسلام، وهي أُمّ العِبادات، ومن أعظم ما يَتقرَّبُ به المُسلم لربِّه.
  • تنهى عن المُنكر، وتعصم من الشهوات، وتُكفّر الخطايا والسيئات، وتحفظ صاحبها من الكُربات.
  • طريق للفلاح يوم القيامة، وتُنجي من عذاب الآخرة.
  • طريق الهداية، وشُكر الله -تعالى- على نِعمه.
  • عمود الدين، وأوّلُ الطاعات وأهمُّها، ومما جاء في فضلها، قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاةٌ مَكْتُوبَةٌ فيُحْسِنُ وُضُوءَها وخُشُوعَها ورُكُوعَها، إلَّا كانَتْ كَفَّارَةً لِما قَبْلَها مِنَ الذُّنُوبِ ما لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وذلكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ).[١٠][١١]
  • خُشوع المسلم في الصلاة يُكسبه العديد من الفضائل، فتكونُ كفْارةً لِمَا سبقها مِن الذُنوب؛ إنْ صلى ركعتين لا يُحدّثُ فيهما نفسه، لفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- حيث قال: (رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَوَضَّأُ نَحْوَ وُضُوئِي هذا، وقالَ: مَن تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هذا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ فِيهِما نَفْسَهُ، غَفَرَ اللَّهُ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).[١٢]
  • الإقبال عليها من أسباب دُخول الجنَّة، ولو كان ذلك بصلاة ركعتين، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما مِن مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ عليهما بقَلْبِهِ ووَجْهِهِ، إلَّا وجَبَتْ له الجَنَّةُ)،[١٣] كما أنَّ الخُشوعَ فيها سببٌ لِنَيل المغفرة والأجر الكبير، وسببٌ للِنّجاح والفوز والسعادة في الدُّنيا والآخرة، لقول الله- تعالى-: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ).[١٤][١٥]
  • الصلاة أوّلُ ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن كانت الصلاة صالحة، كانت فوزاً لصاحِبِها، كما أنّها من سُنن الهُدى، وهَدي النبي -عليه الصلاة والسلام- وشريعته لأُمته، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنْ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَلَّمَنَا سُنَنَ الهُدَى، وإنَّ مِن سُنَنَ الهُدَى الصَّلَاةَ في المَسْجِدِ الذي يُؤَذَّنُ فِيهِ).[١٦][١٧]
  • الصلاة سببٌ لرؤية المُسلم وجه ربِّه في الجنَّة، قال الله -تعالى-: (لِلَّذينَ أَحسَنُوا الحُسنى وَزِيادَةٌ).[١٨][١٩]

فضل الصبر

إنَّ للصبر العديد من الفضائل، وهي فيما يأتي:[٢٠][٢١]

  • البِشارة من الله -تعالى- للمسلم الصابر عند المُصيبة بالصِّلاة والرَّحمة، وكذلك الهِداية، لقول الله -تعالى-: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).[٢٢]
  • نيْل الصابر أجره بغير حِساب، لقوله الله -تعالى-: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)،[٢٣] كما أنَّها سببٌ لِمعيَّة الله -تعالى-، لقول الله -تعالى-: (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).[٢٤]
  • الصبرُ سببٌ للتوفيق والنّصر وإجابة الدَّعوة من الله -تعالى-.
  • الصبرُ طريقٌ للفلاح، ومحبَّة الله -تعالى-، والفوز بالجنَّة، وسببٌ للإِمامة و التَّقدُّم في الدِين، قال -تعالى-: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ).[٢٥]
  • مُضاعفة الأجرِ للمسلم الصابر، لقول الله -تعالى-: (أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا).[٢٦][٢٧]

المراجع

  1. سورة البقرة، آية: 153.
  2. ^ أ ب علي بن محمد بن محمد بن حبيب، الشهير بالماوردي، تفسير الماوردي = النكت والعيون، بيروت/ لبنان: دار الكتب العلمية ، صفحة 208-209، جزء 1. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية: 216.
  4. عبد الحي بن يوسف، دروس الشيخ عبد الحي يوسف، صفحة 6، جزء 42. بتصرّف.
  5. علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي (1430 هـ)، التَّفْسِيرُ البَسِيْط (الطبعة الأولى)، السعودية: عمادة البحث العلمي – جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، صفحة 422، جزء 3. بتصرّف.
  6. محمد بن جرير بن يزيد بن كثير أبو جعفر الطبري (2000)، جامع البيان في تأويل القرآن (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 214، جزء 3. بتصرّف.
  7. دعاء بيطار، “واستعينوا بالصبر والصلاة إنّ الله مع الصابرين”، www.bohooth.org، اطّلع عليه بتاريخ 18-1-2021. بتصرّف.
  8. عبد الله النسفي (1998)، تفسير النسفي (مدارك التنزيل وحقائق التأويل) (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكلم الطيب، صفحة 143، جزء 1. بتصرّف.
  9. محمد أحمد إسماعيل المقدم، لماذا نصلي، صفحة 2، جزء 8. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 228، صحيح.
  11. نجم الدين، أبو العباس، أحمد بن عبد الرحمن بن قدامة المقدسي (1978 )، مُخْتََصَرُ مِنْهَاجِ القَاصِدِينْ، دمشق: مكتَبَةُ دَارِ البَيَانْ، صفحة 28-29. بتصرّف.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 164، صحيح.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 234، صحيح.
  14. سورة المؤمنون، آية: 1-2.
  15. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، الخشوع في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 20-21، جزء 1. بتصرّف.
  16. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 654، صحيح.
  17. محمد أحمد إسماعيل المقدم، لماذا نصلي، صفحة 20-21، جزء 3. بتصرّف.
  18. سورة يونس، آية: 26.
  19. محمد أحمد إسماعيل المقدم، لماذا نصلي، صفحة 6، جزء 7. بتصرّف.
  20. أحمد فريد، دروس الشيخ أحمد فريد، صفحة 7، جزء 57. بتصرّف.
  21. عبد الحي بن يوسف، دروس الشيخ عبد الحي يوسف، صفحة 7، جزء 42. بتصرّف.
  22. سورة البقرة، آية: 155-157.
  23. سورة الزمر، آية: 10.
  24. سورة الأنفال، آية: 46.
  25. سورة السجدة، آية: 24.
  26. سورة القصص، آية: 54.
  27. مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف (1433هـ)، موسوعة الأخلاق الإسلامية، الدرر السنية dorar.net ، صفحة 309، جزء 1. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى