جديد ما نتيجة غزوة حنين

'); }

نتائج غزوة حنين

انتصار المسلمين

تعدّ غزوة حُنين بالنسبة للمسلمين تجربةً عظيمةً خاضوها أمام أعدائهم، فقد رأوا قوّة المشركين وفرّ منهم من دخل بالإسلام جديداً، ثم وفي نفس المعركة عاشوا لذّة الانتصار، كما كانت غزوة حنين الغزوة الأخيرة التي يخوضها المسلمون ضدّ المشركين في الجزيرة،[١] وخرج المسلمون منها بغنائم عظيمة، تمثّلت بأسر ستة آلاف، وكانت منهم أخت الرسول من الرضاعة؛ الشيماء بنت الحارث السعدية، فلمّا أحضروها عرّفت بنفسها لرسول الله، فعرفها وبسط لها رداءه لتجلس عليه، ثم أعادها إلى قومها، ومن الغنائم التي حصّلها المسلمون؛ أربعةٌ وعشرون ألفٍ من الإبل، وأكثر من أربعين ألف من الغَنَم، ومن الفضّة أربع آلاف أوقيّة، ولم يقم رسول الله بتوزيعها، فقد جمعها ووضعها في الجعرانة، وجعل مسعود بن عمرو الغفاري حارساً عليها، وأجّل تقسيمها بعد انتهائه من غزوة الطائف،[٢] وما كان انتصار المسلمين في هذه الغزوة بكثرة العدد؛ وإنما بما رَسَخ في قلوبهم من الإيمان بالله الذي دفعهم للثّبات في أرض المعركة والقتال ضدّ عدوّهم.[٣]

مصير هوازن بعد غزوة حنين

عاد من نجا من المشركين إلى الطائف مع قائدهم مالك بن عوف، أمّا الهاربين فقد ألحق بهم رسول الله مجموعاتٍ من المسلمين كي يقتلوهم، حيث بعث عبيد بن سليم الأسلمي خلف من هرب إلى أوطاس، فقتل ثلاثمئة قتيل من بينهم دريد بن الصمّة من بني مالك، كما قتل عدداً كبيراً من بني نصر من قبيلة رئاب، وأصيب عبيد الأسلمي أثناء القتال، فسلّم قيادة المسلمين إلى أبي موسى الأشعري، وطلب منه أن يوصل سلامه للنبي وأن يستغفر له، وقاتل المسلمون حتى ظفِروا بالنصر.[٤]

'); }

انهيار الوثنية في جزيرة العرب

كانت غزوة حنين آخر غزوة يخوضها المسلمون، بعدها فرغت قِوى الأعداء، وتفرّقت جموعهم، وألان الله قلوبهم للإسلام،[٥] ولعلّ من أعظم ما خرج به الإسلام والمسلمون من هذه الغزوة؛ اندحار الشّرك، وتحطيم ما كانوا يعبدونه من الأصنام والأوثان،[٦] وقد بدأت الوفود بعد ذلك تأتي إلى المدينة المنورة معلنةً دخولها في الإسلام، أمّا القبائل التي أصرّت على عنادها فقد أرسل إليها رسول الله مجموعةً من السرايا التي قضت على مقاومتهم، ولم تأتي السنة العاشرة من الهجرة إلّا والإسلام يتجلّى في الجزيرة العربية، سِوى مجموعةً من اليهود والنصارى المقيمين فيها ضمن شروطٍ وبنودٍ اتّفقوا عليها مع المسلمين، وأبرزها دفع الجزية، والبقاء تحت سلطة الحاكم المسلم، وعدم الخروج عنه.[٧]

تعريف بغزوة حنين

كانت قبيلتي هوازن وثقيف من أقوى القبائل العربية، ومع انتشار الإسلام واستمرار دخول الناس فيه، خافت من غزو رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لها، فقرّرت أن تُهاجم المسلمين قبل أن يهاجموهم، فجهّزت جيشاً مكوّناً من عشرين ألف مقاتل، بقيادة سيّدٍ من سادات هوازن اسمه مالك بن عوف، وقد رتّب جيشه صفوفاً؛ فجعل الخيل في المقدمة، ثم الرجال، ومن خلفهم وضع نساءَهم وأولادهم، وأموالهم، بقصد أن يدفعهم ويشجّعهم على الثبات في أرض المعركة، فوجود أغلى ما يملكون خلفهم سيكون دافعاً لهم للمقاتلة بكل ما يملكون، ووضع الغنم خلف النّساء، ووضع الإبل خلف الغنم، ثم وقف يخطب بهم ويرفع من عزيمتهم، ويحثّهم على المقاتلة والثّبات في أرض المعركة، وكان قد نَصب مجموعةً من الأفخاخ للمسلمين، وقد نجّاهم الله -عزّ وجلّ- منها بلطفه وحمايته، وأمر جيشه ببدء القتال، كوْن القوّة تتمركز في الغالب للمهاجم لا المدافع، ولمّا علِم رسول الله بذلك أرسل أبا حدرد الأسلميّ ليمكث بينهم ويعلم أخبارهم، ثم يعود لرسول الله ويخبره بما رأى، فلمّا جاء وأخبره بما رتّبوا له، نظّم الرسول جيشاً مكوّناً من اثني عشر ألف مقاتل ليواجههم بهم.[٨]

وكانت هذه الأحداث بعد فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة في شهر شوال، والسبب الرئيس الذي دفع هوازن وثقيف بتجهيز جيشٍ ضدّ المسلمين؛ هو خوفهم من رسول الله بعدما فَتح مكة، فخافوا أن يتوجّه إليهم فيقاتلهم، فعزموا على البدء بقتاله قبل ذلك، فلمّا علم رسول الله بما فعلوا جَهّز جيشه وسار نحوهم، ووصل إلى وادي حُنَيْن والتقى بهم، فانقضّ المسلمون عليهم حتى هزموهم، وبدأ المسلمون بجمع الغنائم، فهجم عليهم المشركون، فتفرّقوا وتشتّتوا، وتراجع منهم من كان حديث العهد بالإسلام، وكان قد أُشيع بين المسلمين خبر موت رسول الله، ممّا دفعهم لأن يلقوا بأسلحتهم جانباً ويُوقِفوا القتال، ورسول الله يقاتل على بغلته ثابتاً في أرض المعركة، ويقول: (أنَا النبيُّ لا كَذِبْ، أنَا ابنُ عبدِ المُطَّلِبْ)،[٩] فجاء العباس -رضي الله عنه- وجعل ينادي بالمسلمين ويخبرهم أنّ رسول الله ما زال حيّاً، فبدأ المسلمون بالعودة والقتال، وانتصروا مرّةً أخرى، وحصلوا على غنائم ليست بالقليلة، وقام رسول الله بتوزيعها على من كان حديث الدخول بالإسلام، ولم يعطِ منها شيئاً للأنصار كونه ضامناً إسلامهم وثباتهم.[١٠]

المراجع

  1. إبراهيم قريبي (1412)، مرويات غزوة حنين وحصار الطائف (الطبعة الأولى)، المدينة المنورة: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، صفحة 185. بتصرّف.
  2. صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الهلال، صفحة 384. بتصرّف.
  3. محمود خطاب (1422)، الرسول القائد (الطبعة السادسة)، بيروت: دار الفكر، صفحة 485. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (الطبعة الرابعة)، جدة: دار الوسيلة للنشر والتويع، صفحة 380، جزء 1. بتصرّف.
  5. علي الندوي (1425)، السيرة النبوية لأبي الحسن الندوي (الطبعة الثانية عشر)، دمشق: دار ابن كثير، صفحة 471. بتصرّف.
  6. إبراهيم قريبي (1412)، مرويات غزوة حنين وحصار الطائف (الطبعة الأولى)، المدينة المنورة: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، صفحة 744، جزء 2. بتصرّف.
  7. محمد باشميل (1988)، موسوعة الغزوات الكبرى، غزوة حنين (الطبعة الثالثة)، القاهرة: المطبعة السلفية، صفحة 253. بتصرّف.
  8. صالح عبد الواحد (1428)، سبل السلام من صحيح سيرة خير الانام عليه الصلاة والسلام (الطبعة الثانية)، ناقص: مكتبة الغرباء الأثرية، صفحة 511-512.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 2930، صحيح.
  10. مصطفى السباعي (1985)، السيرة النبوية – دروس وعبر (الطبعة الثالثة)، دمشق: المكتب الإسلامي، صفحة 102-103. بتصرّف.
Exit mobile version