مصطلحات إسلامية

جديد ما معنى الخلافة

إنّ للحديث عن الخلافة بشكل عامّ والخلافة الإسلاميّة بشكل خاصّ باب كبير له فروع وأفكار عدّة، وفي البداية سنتحدّث عن الخلافة بشكل عامّ، فالخلافة في اللغة: تشتقّ من (خَلَفَ)، وخلف رفيقه: أي صار خلفه وناب مكانه، والخلافة: هي الإمامة أو الإمارة، ويُقال: عاش في عصر الخلافة: أي عاش في المرحلة التي حكم فيها الخلفاء الرّاشدون ومن جاؤوا بعدهم، وأمّا الخلافة اصطلاحاً: فهي الإصطفاء؛ أي أنّ الله اصطفى بني البشر من دون الخلق كلّه من الملائكة والجنّ والحيوانات، ليستخلفهم في الأرض ويعمروها بما فيه صلاحها، كما أنّ الخلافة هنا تكون باختيار الله لنبي ورسول يصطفيه من بني البشر جمعاً ليكون قائداً بوحي من الله وينقل رسالات الله للبشرية.

ما معنى الخلافة

لقد جاء بعد النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – الخلافة الرّاشدة، والتي خلفه فيها الخلفاء الأربعة، وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله عنهم جميعاً، وقد جاء في التنويه بخلافتهم قول النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – كما في سنن أبي داود، أنّ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – قال:” خلافة النبوّة ثلاثون سنةً، ثمّ يؤتي الله الملك من يشاء أو ملكه من يشاء “، قال الألباني: حسن صحيح.

وفي الترمذي عن سعيد بن جمهان قال حدثني سفينة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” الخلافة في أمّتي ثلاثون سنةً، ثم ملك بعد ذلك، ثمّ قال لي سفينة: أمسك خلافة أبي بكر، ثمّ قال وخلافة عمر، وخلافة عثمان، ثمّ قال لي أمسك خلافة علي، قال فوجدناها ثلاثين سنةً “.

ومن بعد ذلك جاءت دولة بني أميّة، ومن بعدها دولة العباسيين، وفي آخر زمن العباسيين ظهرت دول أخرى في الأندلس وفي المغرب الأقصى وشمال أفريقية، فأمّا ما جاء بعد خلافة الخلفاء الرّاشدين فإنّه لا يعتبر خلافةً، بل هي ممالك، ولكن من البشائر التي تأتي مستقبلاً هي عودة الخلافة الرّاشدة، وهذا ما يبشرنا به الحديث:” تكون النّبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثمّ يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثمّ تكون خلافة على منهاج النبوّة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثمّ يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثمّ تكون ملكاً عاضاً فتكون ما شاء الله أن تكون، ثمّ يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثمّ تكون ملكاً جبرياً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثمّ يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثمّ تكون خلافة على منهاج النبوّة، ثمّ سكت “، رواه أحمد والبزار والطبراني، وصحّحه العراقي ووافقه الشّيخ الألباني. (1)

الخلفاء الرّاشدون

إنّ الخلفاء الرّاشدين هم أربعة، أبو بكر الصّديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفّان، وعلي بن أبي طالب، وهم معروفون ومشهورون رضي الله عنهم أجمعين، وجميعهم من المبشّرين بالجنّة، وقد أمرنا النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – بالاقتداء بسنّتهم، وذلك كما في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره بإسناد صحيح:” فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديين من بعدي، تمسّكوا بها وعضوا عليها بالنّواجذ “، وفيما يلي شرح بسيط عن كلّ منهم. (2)

أبو بكر الصديق

إنّ أبو بكر الصّديق هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن كعب التيمي القرشي، وكنيته أبو بكر، وأمّه أمّ الخير، سلمى بنت صخر بن عامر التيمي، وقد ولد في عام 51 ق.هـ، أي 573 م، وهو أوّل من آمن برسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – من الرّجال، ويعتبر أوّل الخلفاء الرّاشدين.

وقد سمّي أبو بكر بالصّديق لأنّه صدّق النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – في خبر الإسراء، وقيل أنّه سمي بذلك لأنّه كان يصدّق النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – في كلّ خبر يجيئه من السّماء، وكان أبو بكر يلقب بالعتيق، لأنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – قال له:” يا أبا بكر أنت عتيق الله من النّار “.

وقد كان سيّداً من سادات قريش، وغنيّاً، ومن كبار موسريهم، وكان من الأشخاص الذين حرّموا الخمر على أنفسهم في الجاهليّة، وكانت له في عصر النّبوة مواقف كبيرة، فقد شهد الحروب، واحتمل الشّدائد في سبيل الدّين، وبذل الأموال، وكان رفيق النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – عندما هاجر إلى المدينة، وإليه عهد النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – بالنّاس عندما اشتدّ به المرض، وبويع بالخلافة في اليوم الذي توفي فيه النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – سنة 11 للهجرة، وقد قام بمحاربة المرتدّين والممتنعين عن أداء الزكاة، ورفع دعائم الإسلام، وقد تمّ في أيّامه افتتاح بعض بلاد الشّام والعراق، وقد توفّي في ليلة الثّلاثاء، لثمان خلون من جمادى الآخرة، وهو ابن ثلاث وستّين سنةً، وكانت مدّة خلافته سنتين وثلاثة أشهر ونصف.

عمر بن الخطاب

إنّ عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى العدوي القرشي هو أبو حفص، وقد لقّبه النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – بالفاروق، وأمّه هي حنتمة بنت هشام بن المغيرة المخزومية، وهي أخت أبي جهل عمرو بن هشام، ويعتبر عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الرّاشدين، وهو أوّل من لقّب بأمير المؤمنين، وكان في أيّام الجاهليّة من أبطال قريش وأشرافهم، وكانت له السّفارة فيهم، وقد أسلم قبل الهجرة بخمس سنوات، وشهد الوقائع كلها مع النّبي صلّى الله عليه وسلّم، حيث أرسله النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – في عدّة سرايا.

وقد بويع عمر بن الخطاب بالخلافة في اليوم الذي توفي فيه أبو بكر الصّديق وبعهد منه، وذلك بعد استشارة النّاس فيه فوافقوه، وقد ولاه أبو بكر القضاء في عهده، فكان عمر بن الخطاب أوّل قاضٍ في الإسلام، ولم يأته مدّة ولايته القضاء متخاصمان، وذلك لأنّ طلاوة الإيمان وأخوة الإسلام منعت النّاس من الاختصام فيما بينهم، وقد قام بقطع العطاء عن المؤلفة قلوبهم بعد أن اعتزّ الإسلام وقوية شوكته، وقام بإخضاع أراضي البلاد المفتوحة عنوة للخراج، ولم يقسّمها بين الغانمين، وذلك لكي يستكملوا فريضة الجهاد، وأعادها إلى أصحابها الذين كانوا عليها وجعل خراجها حقا للمسلمين.

وكان عمر بن الخطاب هو أوّل من بدأ التّأريخ بسنّة الهجرة النّبوية، وكان أيضاً أوّل من دوّن الدّواوين في الإسلام، وقام بجعلها على الطريقة الفارسيّة، وذلك لإحصاء الأعطيات، وتوزيع المرتبات لأصحابها حسب أسبقيتهم في الإسلام، وقام باتخاذ بيت مال المسلمين.

عثمان بن عفان

وهو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، الأموي القرشي، أبو عبد الله وأبو عمرو، وأمّه هي أروى بنت كريز بن حبيب بن عبد شمس، كان من كبار رجال الإسلام الذين اعتزّ بهم عند ظهوره، وقد ولد في مكة المكرمة، وأسلم بعد البعثة بقليل، وكان رضي الله عنه غنيّاً، وشريفاً في أيّام الجاهليّة، ومن أعظم الأعمال التي قام بها تجهيزه لجيش العسرة في السّنة التّاسعة للهجرة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد غزا فيه تبوك، وهو واحد من العشرة المبشّرين بالجنّة، وقد تولّى الخلافة بعد اغتيال عمر بن الخطاب، فهو ثالث الخلفاء الرّاشدين، وفي اختياره للخلافة قصة تعرف بقصة الشّورى.

علي بن أبي طالب

هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، أبو الحسن، وأمّه هي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف القرشيّة الهاشميّة، وهو أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الرّاشدين، وواحد من العشرة المبشّرين بالجنّة، وأوّل من أسلم من الفتيان، وهو ابن عمّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – وصهره، وواحد من أشجع الأبطال، ومن أكابر الخطباء والفصحاء والعلماء بالقضاء والإفتاء، وقد كان اللواء في يده في أكثر المشاهد، ولم يتخلف عن مشهد من المشاهد إلا في غزوة تبوك ليرعى عياله، وقد اختاره عمر بن الخطاب بعد طعنه بين السّتة من أصحاب الشورى ليخلفه واحد منهم، وهم علي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزّبير بن العوام، وعبد الرّحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص، وقد بويع بالخلافة بعد مقتل عثمان بن عفان سنة 35هـ.

المراجع

(1) بتصرّف عن فتوى رقم 158991/ الخلافة في التاريخ الإسلامي/ 19-6-2011/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ .islamweb.net

(2) بتصرّف عن فتوى رقم 40659/ نبذة مختصرة عن الخلفاء الراشدين الأربعة/2-12-2003/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ .islamweb.net

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى