معارك و غزوات

جديد ما سبب تسمية غزوة أحد بهذا الاسم

ما سبب تسمية غزوة أحد بهذا الاسم

أُحُد هو جبلٌ من جبال المدينة المنورة، سُمّي بذلك لتفرّده وانفصاله عن الجبال الأُخرى، وقد ذُكر جبل أُحُد في السُنّة النبويّة المُطهّرة، قال فيه النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا ونُحِبُّهُ)،[١] وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (صَعِدَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُحُدًا ومعهُ أبو بَكْرٍ، وعُمَرُ، وعُثْمانُ، فَرَجَفَ، وقالَ: اسْكُنْ أُحُدُ -أظُنُّهُ ضَرَبَهُ برِجْلِهِ-، فليسَ عَلَيْكَ إلَّا نَبِيٌّ، وصِدِّيقٌ، وشَهِيدانِ).[٢] وقد وقعت غزوة أُحُد في الحادي عشر من شهر شوال من السنة الثالثة للهجرة، وذلك بسبب اعتداء مشركي قريش على المسلمين في المدينة المنورة ثأراً لِما لَاقوه منهم في غزوة بدر، فخرج النبيّ -عليه الصلاة السلام- مع أصحابه لمحاربتهم، و تَرَك أمور المدينة بيد عبد الله بن أم مكتوم -رضي الله عنه-،[٣][٤] ويقع جبل أُحد شمال المدينة المنوّرة، وقد سُمّيت غزوة أحد بهذا الاسم بسبب اقتتال المسلمين والمشركين بجانب هذا الجبل.[٥][٦]

سبب غزوة أحد

إنّ قريشاً لم تقبَل هزيمتها من قِبَل المسلمين في غزوة بدر؛ فقد تكبّدوا خسائر ماديّة ومعنويّة، وقُتِل عددٌ من كِبار قريش وزعمائها، لذلك أصّرت قريش على ردّ اعتبارها بين العرب والانتقام من محمدٍ وأصحابه، وقد كان من أكثر زعماء قريش تشجيعاً لهذه الحرب عِكْرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أميّة، وأبو سفيان بن حَرب، وعبد الله بن أبي ربيعة. فبدأت قريش بالتّجهيز للمعركة، وأقنعَت أصحاب القوافل التي نجا بها أبو سُفيان في بدر لِتُساهم في أخذ الانتقام معهم، وقد كانت ألفَ بعيرٍ وخمسين ألفَ دينارٍ، وبدأوا يُحرِّضون ويَجمعون قبائل العرب الأخرى على محمدٍ وأصحابه، فاستجاب لهم أبو عزّة، ومسافع بن عبد مناف، وهبيرة بن أبي وهب، وكانوا يُثيرون غضب بني كنانة وأهل تِهامة بأشعارهم ليدفعوهم لمحاربة الرسول -عليه الصلاة والسلام-.[٧]

وكان أبو سفيان بن حَرب الأكثر تحريضاً وإصْراراً على مُقاتلة المسلمين، فقد جمع ثلاثة آلافٍ من قريشٍ وحُلفائها ومن الأحابيش، فأخذوا معهم نساءهم ليثْبُتوا في أرض المعركة دفاعاً عنهم، واتّجهوا للمدينة المنوّرة، ونزلوا في منطقةٍ قُرب جبل أُحُد تُسمى العينين.[٨][٩]

نتائج غزوة أحد

كان النّصر حَليف المسلمين خِلال معركة أُحد حتى باغَتَهم الِتفافُ خالد بن الوليد ومنْ مَعَه من المشركين قاطعين طريق الرَّجعة على المسلمين، وكان باقي المشركين يُقاتلونهم من الأمام، ممّا زاد في خسائر المسلمين. وذهب بعض أهل العلم إلى عدم اعتبار غزوة أُحد هزيمة بحقّ المسلمين؛ لأنّ من شروط الحروب أنْ تُجنَى ثمارُها، وقد كان هدف المشركين الأساسيّ في هذه المعركة هو القضاء على قوّة المسلمين وكَسر شوكتهم مادياً ومعنوياً، وذلك لم يَحصل رغم استشهاد العديد من الصّحابة في هذه المعركة، وكان المشركون قد عزموا على مُلاقاة المسلمين وقِتالهم في اليوم الثاني في حمراء الأسد، لكّنهم تراجعوا عن ذلك لمّا رأوا تأهُّب المسلمين لهم.[١٠] وقد استُشهد في غزوة أُحد الكثير من المسلمين على عكس المشركين الذين قُتل منهم أربعةٌ وعشرون رجلاً فقط، أمّا شُهداء المسلمين فكانوا سبعين شهيداً، استناداً لِما رواه البراء بن العازب -رضي الله عنه- حيث قال: (فأصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ).[١١][١٢]

وقد ورد أن شُهداء المسلمين من الأنصار كانوا أربعةً وستّين ومن المهاجرين ستّة، إذ أخرج الإمام الترمذي -رحمه الله- في سننه عن أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه- قال: (لَمَّا كان يومُ أُحُدٍ، أُصِيبَ من الأنصارِ أَرْبَعَةٌ وسِتُّونَ رجلًا، ومن المهاجِرِينَ سِتَّةٌ منهم حمزةٌ، فمَثَّلُوا بهم).[١٣] وكان من بين الشُهداء عمّ النبيّ -عليه الصلاة السلام- حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه-، وآخرون من خِيرة الصحابة، فأمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بدفن الشّهداء بملابسهم وصلّى عليهم جميعاً، فقد نُقل عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنه قال: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَجْمَعُ بيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِن قَتْلَى أُحُدٍ في ثَوْبٍ واحِدٍ، ثُمَّ يقولُ: أيُّهُمْ أكْثَرُ أخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ له إلى أحَدٍ قَدَّمَهُ في اللَّحْدِ، وقالَ: أنَا شَهِيدٌ علَى هَؤُلَاءِ يَومَ القِيَامَةِ وأَمَرَ بدَفْنِهِمْ بدِمَائِهِمْ، ولَمْ يُصَلِّ عليهم ولَمْ يُغَسَّلُوا)،[١٤] إلا أنه ورد أنَّ حمزة وأبا حنظلة -رضي الله عنهم- كانت الملائكة قد غسَّلتهم؛ وذلك لكرامتهم ومرتبتهم الرفيعة التي حظوا بها عند الله -تعالى-.[١٢]

وكان السّبب الرئيس في ضَعف المسلمين رغم انتصارهم الأَوّليّ على المشركين؛ هو عدم التزام الرُّماة بكلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومُخالفة أمره، حيث أمرهم بعدم التزحزح عن مكانهم لأيّ سببٍ كان، لكنّهم عندما رأوا تَخبُّط المشركين وتراجعهم، قرّروا النّزول لالتقاط الغنائم التي خلّفها المشركون، وقد كانوا خمسين رامياً، فنزل أربعون منهم رغم تحذير قائدهم عبد الله بن الجبير -رضي الله عنه-، فانتبه خالد بن الوليد لهذه الثّغرة، فالتفَّ عليهم سريعاً وحاصرهم، وبثَّ في قلوب المشركين الحماسةَ لإكمال القتال. فقد روى البراء بن عازب -رضي الله عنه- ما حصل في هذا الموقف، فقال: (لَقِينَا المُشْرِكِينَ يَومَئذٍ، وأَجْلَسَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَيْشًا مِنَ الرُّمَاةِ، وأَمَّرَ عليهم عَبْدَ اللَّهِ، وقالَ: لا تَبْرَحُوا، إنْ رَأَيْتُمُونَا ظَهَرْنَا عليهم فلا تَبْرَحُوا، وإنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فلا تُعِينُونَا فَلَمَّا لَقِينَا هَرَبُوا حتَّى رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ في الجَبَلِ، رَفَعْنَ عن سُوقِهِنَّ، قدْ بَدَتْ خَلَاخِلُهُنَّ، فأخَذُوا يقولونَ: الغَنِيمَةَ الغَنِيمَةَ، فَقالَ عبدُ اللَّهِ: عَهِدَ إلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ لا تَبْرَحُوا، فأبَوْا، فَلَمَّا أبَوْا صُرِفَ وُجُوهُهُمْ، فَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلًا).[١٥][١٦]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو حميد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 1481، صحيح.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3699، صحيح.
  3. حسن المشاط (1426هـ)، إنارة الدجى في مغازي خير الورى صلى الله عليه وآله وسلم (الطبعة الثانية)، المملكة العربية السعودية – جدة: دار المنهاج، صفحة 242-243. بتصرّف.
  4. أحمد غلوش (2004م)، السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني (الطبعة الأولى)، لبنان – بيروت: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 320. بتصرّف.
  5. محمد الصبحي (2004م)، شهداء أحد الذين ذكرهم ابن إسحاق في مغازيه (الطبعة السادسة والثلاثون)، المملكة العربية السعودية – المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، صفحة 371. بتصرّف.
  6. محمد بن عبد الباقي (1996م)، شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (الطبعة الأولى)، لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 386، جزء 2. بتصرّف.
  7. موسى العازمي (2011م)، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (الطبعة الأولى)، الكويت: المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 564، جزء 2. بتصرّف.
  8. عبد الله الرسي، دروس للشيخ عبد الله حماد الرسي، صفحة 3، جزء 110. بتصرّف.
  9. السيد الجميلى (1416ه)، غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لبنان – بيروت: دار ومكتبة الهلال، صفحة 45. بتصرّف.
  10. محمد النجار، القول المبين في سيرة سيد المرسلين، لبنان – بيروت: دار الندوة الجديدة، صفحة 252-253. بتصرّف.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 3039، صحيح.
  12. ^ أ ب أحمد غلوش (2004م)، السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني (الطبعة الأولى)، لبنان – بيروت: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 361-363. بتصرّف.
  13. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 3129، حسن غريب.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 4079، صحيح.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 4043، صحيح.
  16. راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 5-6، جزء 25. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى