كيف يكون العرس الإسلامي

'); }

كيف يكون العرس الإسلامي

إشهار الزواج بالغناء والدّف وغيره

يُسنّ في الإسلام إشهار الزواج وإعلانه؛ كالضرب عليه بالدُفوف، قال النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (فَصْلُ ما بين الحَلالِ والحَرَامِ الدُّفُّ، والصَّوْتُ في النِّكَاحِ)،[١] وكذلك يجوز الإشهار بالغناء المُباح، أو الغزل غير المُخصّص بأشخاص، فقد ثبت أن عائشة -رضي الله عنها- زوّجت يتيمةً لأحد الأنصار، فلما عادت سألها النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- عن قولهم في العُرس، فأخبرته أنها سلّمت عليها ودعت لها بالبركة، فقال لها: (إنَّ الأنصارَ قومٌ فيهم غَزَلٌ، فلَو بعثتُمْ معَها من يقولُ: آتيناكم آتيناكم، فحيَّانا وحيَّاكُم)،[٢] وذهب أكثر الفُقهاء إلى أن الإشهاد شرطٌ لِصحة عقد الزواج، في حين يرى المالكيّة أنّ الإشهاد مندوبٌ إليه عند العقد؛ للخُروج من الخِلاف.[٣]

فالضّرب على الدّفوف مع الغناء المباح وعمل الولائم من الأعمال المسنون فِعلُها للنِساء في الأعراس، بشرط أن يكون ذلك بعيداً عن الرِجال، وستأتي ضوابط العرس الإسلامي لاحقاً في المقال،[٤] واستدلّ الفُقهاء على استحباب إشهار الزواج وإعلانه، وكذلك الضرب عليه بالدُّف؛ فهو دليلٌ على الإشهار، بِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (أعلنوا هذا النكاحَ واجعلوه في المساجدِ واضربوا عليه الدُّفَّ).[٥][٦]

'); }

وليمة العرس

تُعرّف الوليمة بأنّها ما يُعدُّ من الطعام بمناسبة الزواج، وشَرَعها الإسلام من باب الإعلان عن الزواج، والفرح به من قِبل الزوجين والأهل والأقارب، وتكريماً لمن حضر، ويجوزُ عملها عند العقد أو بعد ذلك، كما يجوز عملها عند الدُخول أو بعده، ويرجع الأمر في ذلك إلى العُرف،[٧] ورغّب الفُقهاء في عمل الوليمة، وقالوا باستحبابها، وذهب بعضهم إلى وُجوبها، وكُل ذلك لِثُبوتها عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بالقول والفعل،[٨] فلم يُرخّص الإمام الشافعي مثلاً بتركها؛ لأن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- لم يُذكر عنه أنّه تَرَكها.[٩]

وذهب الفقهاء إلى استحباب إجابة الدعوة إلى الوليمة، لكنّ أكثرهم قالوا بوجوب حضورها،[١٠] فقد سُئل ابنُ تيمية عن وليمة العُرس فأجاب: “إنّها سُنَّةٌ وَالْإِجَابَةُ إلَيْهَا مَأْمُورٌ بِهَا، وهذا باتفاق العُلماء؛ لِما في ذلك من إظهار الزواج وإشهاره”.[١١] واستدلّ من قال بوجوب حضور وليمة العرس بالعديد من الأدلة، كقول النبيّ عليه الصلاةُ والسلام-: (شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الوَلِيمَةِ، يُدْعَى لَهَا الأغْنِيَاءُ ويُتْرَكُ الفُقَرَاءُ، ومَن تَرَكَ الدَّعْوَةَ فقَدْ عَصَى اللَّهَ ورَسوله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)؛[١٢] والمُراد بالوليمة في حال إطلاقها؛ وليمة الأعراس، وفي الحديث دلالةٌ على وُجوب تلبية الدعوة،[١٣] وجاء عن الإمام الشافعيّ بأن إجابة الدعوة إلى وليمة العُرس من الفرائض العينيّة لمن دُعيَ إليها، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إذا دُعِيَ أحَدُكُمْ إلى الوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِها).[١٤][١٥]

ضوابط العرس الإسلامي

توجد العديد من الضوابط في الأعراس الإسلاميّة، ومن هذه الضوابط ما يأتي:[١٦]

  • التزيُّن المُنضبط سواءً كان ذلك للزوج أو الزوجة، فلا يجوز كشف العورات، وتتجنّب العروس كشف مفاتنها أمام الرجال الأجانب عنها، أو الرقص أمامهم، وتجتنب الذهاب إلى الكوافير إن كان رَجُلاً.
  • الابتعاد عن التبذير والإسراف في تكاليف الزواج، وما يتّصل بذلك في العرس، كالاستعانة ببعض المُغنيين أو المُغنيات وإعطائهم الكثير من الأموال، والابتعاد عن إقامة العرس في الأماكن التي تُكلّف أموالاً كثيرة، فهو من الإسراف، كما لا يصحّ للعروس أن تترك صلاة الفرض في يوم عُرسها؛ مخافة إزالة المساحيق أو الزينة التي تكون عليها، فتحتاط لذلك سابقاً حتى لا تُضيّع الصلاة.[١٦][١٧]
  • عدم وُجود شيء من المُحرمات أو المُنكرات؛ كالاختلاط المُحرم بين النساء والرجال، أو الغناء الفاحش؛ أي الذي يحتوي على ألفاظ قبيحة، وأمّا الأغاني الداعية إلى الفضيلة فلا بأس بها.[١٨][١٩]
  • اجتناب تقديم المُحرّمات؛ كالخمر.[١٩]

المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن محمد بن حاطب، الصفحة أو الرقم: 3369، حسن.
  2. رواه الألباني، في غاية المرام، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 398، حسن.
  3. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 6618-6619، جزء 9. بتصرّف.
  4. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى، الرياض: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء – الإدارة العامة للطبع، صفحة 123، جزء 19. بتصرّف.
  5. رواه محمد بن جار الله الصعدي، في النوافخ العطرة، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 48، حسن.
  6. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 40، جزء 30. بتصرّف.
  7. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 75، جزء 4. بتصرّف.
  8. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 336، جزء 20. بتصرّف.
  9. علي بن محمد الشهير بالماوردي (1999)، الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي وهو شرح مختصر المزني (الطبعة الأولى)، بيروت – لبنان: دار الكتب العلمية ، صفحة 555، جزء 9. بتصرّف.
  10. الحسين بن محمد المعروف بالمَغرِبي (2007)، البدرُ التمام شرح بلوغ المرام (الطبعة الأولى)، مراكش – المغرب: دار هجر، صفحة 303، جزء 7. بتصرّف.
  11. تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (1995)، مجموع الفتاوى (الطبعة الأولى)، المدينة النبوية: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 206، جزء 32. بتصرّف.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 5177، صحيح.
  13. إبراهيم بن علي بن عبيد العبيد (2001)، بحث في إجابة الدعوة (الطبعة الثالثة والثلاثون)، المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، صفحة 114، جزء الحادي عشر بعد المائة. بتصرّف.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر ، الصفحة أو الرقم: 5173، صحيح.
  15. مُصطفى الخِنْ، مُصطفى البُغا، علي الشّرْبجي (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 97، جزء 4. بتصرّف.
  16. ^ أ ب كمال بن السيد سالم (2003)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوفيقية، صفحة 179-181، جزء 3. بتصرّف.
  17. محمد بن صالح بن محمد العثيمين، اللقاء الشهري، صفحة 6، جزء 29. بتصرّف.
  18. دار الإفتاء الأُردُنيّة، “ما حكم حضور حفلات الصالات أو الفنادق إذا كانت للأقارب، وإذا لم نحضر عتبوا علينا؟”، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 15-3-2021. بتصرّف.
  19. ^ أ ب وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 2666، جزء 4. بتصرّف.
Exit mobile version