النوافل

كيفية صلاة خسوف القمر

كيفية صلاة الخسوف

ورد في صفة صلاة الخسوف ثلاث كيفياتٍ بيّنها العلماء فيما ورد عنهم، وتجدر الإشارة إلى أنّ أي كيفيةٍ تُجزئ في الأداء، وفيما يأتي بيان تلك الكيفيات:

  • الهيئة الأولى: تؤدّى ركعتان على هيئة الصلوات المكتوبة الثنائية؛ كصلاة الجمعة وصلاة الفجر،[١] وقد اكتفى الحنفية بهذه الهيئة لصلاة الخسوف؛ فهي عندهم ركعتان كهيئة صلاة النافلة، لعموم قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا رَأَيْتُمْ شيئًا مِن ذلكَ، فافْزَعُوا إلى ذِكْرِهِ ودُعائِهِ واسْتِغْفارِهِ)،[٢] والصلاة المعهودة في الأذهان هي الصلاة الاعتيادية، وهذا ما استنبطه الحنفية من الأحاديث التي تُفيد بأنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- صلّى بالناس ركعتين دون بيان الكيفية؛ ممّا يعني بأنّها الكيفية المعروفة في غيرها من الصلوات.[٣]
  • الهيئة الثانية: ركعتان دون تطويلٍ مع زيادة ركوعٍ في كلّ ركعةٍ، فيقرأ المصلّي الفاتحة وما تيسّر من القرآن ثمّ يركع وينهض منه، ثمّ يقرأ الفاتحة وما تيسّر من القرآن ويركع مرةً أخرى وينهض من الركوع الثاني، ثم يهوي ساجداً، وبعد إتمام السجدتين والقيام يفعل في الركعة الثانية ما فعل في الأولى دون إطالةٍ.[١]
  • الهيئة الثالثة: تُشبه الهيئة الثانية في الأفعال، إلّا أنّها تختلف عنها في تطويل القراءات وتطويل الركوع والسجود، ودليل ما سبق حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- الذي وصف صلاة الكسوف التي صلّاها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (خَسفَتِ الشَّمسُ فصلَّى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ والنَّاسُ معَه فقامَ قيامًا طويلًا بنحوٍ من سورةِ البقرةِ).[٤][١]

إن الأكمل لمصلّي صلاة الخسوف أن يُطوّل؛ ويصيب السنة التي نقلها ابن عباس في الحديث السابق، وذلك بأن يقرأ في القيام الأول سورة البقرة، وفي القيام الثاني يقرأ سورة آل عمران، وفي الركعة الثانية يقرأ سورة النساء في قيامها الأول، وفي قيامها الثاني يقرأ سورة المائدة، ويطيل التسبيح في الركوع والسجود، فالتطويل والأناة في صلاة الخسوف تشملانهما، فيسبّح المصلي بمقدار مئة آية من سورة البقرة في الركوع الأول، وبمقدار ثمانين آية في الثاني، والركوع الأول من الركعة الثانية بمقدار سبعين آية، والركوع الثاني بمقدار خمسين آية.[١]

تعريف الخسوف

يُقصد بالخسوف ذهاب ضوء القمر كلياً أو جزئياً، وإن ترادف الكسوف بالخسوف يُقصد بهما انجلاء الضوء وذهابه، وإن اختلفا دلّ الكسوف على تغيّر الحالة، ودلّ الخسوف على ذهاب الضوء، فهما من الألفاظ التي إن اجتمعت افترق معناهما وإن افترقا دلّ كلٌّ منهما على معنى الآخر، وقد ورد ذكر ظاهرَتَيْ الكسوف والخسوف في السنّة النبوية من غير تفريقٍ بين الكلمتين، فتارةً يُنسب الخسوف للشمس كما في حديث السيدة أسماء-رضي الله عنها- المتفق على صحته: (خَسَفَتِ الشَّمْسُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَدَخَلْتُ علَى عَائِشَةَ وَهي تُصَلِّي، فَقُلتُ: ما شَأْنُ النَّاسِ يُصَلُّونَ؟ فأشَارَتْ برَأْسِهَا إلى السَّمَاءِ…)،[٥] وتارةً أخرى يُنسب الكسوف للشمس والقمر معاً كما في حديث أبي مسعود -رضي الله عنه-: (إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ لا يَنْكَسِفانِ لِمَوْتِ أحَدٍ مِنَ النَّاسِ، ولَكِنَّهُما آيَتانِ مِن آياتِ اللَّهِ، فإذا رَأَيْتُمُوهُما، فَقُومُوا، فَصَلُّوا)،[٦][٧][٨] والأشهر على ألسنة الفقهاء تخصيص الكسوف للشمس، وتخصيص الخسوف للقمر، وهو الأفصح كما قال الإمام النووي.[٩]

للمزيد من التفاصيل عن تعريف الخسوف والكسوف الاطّلاع على المقالات الآتية:

صلاة الخسوف

تعريفها

تعرّف صلاة الخسوف في الاصطلاح الشرعي بأنّها الصلاة التي تُؤدى بكيفيةٍ مخصوصةٍ عند ذهاب ضوء القمر أو الشمس كلياً أو جزئياً،[١٠] وتتعلّق بها عدّة أحكام فيما يأتي بيان البعض منها بشيءٍ مفصّلٍ.

دليلها وحكمة مشروعيتها

وردت أحاديث كثيرةٌ تدلّ على مشروعية صلاة الكسوف والخسوف، منها أمرُ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الناس بالصلاة والدعاء عند وقوع الكسوف أو الخسوف، إذ قال: (إنَّ الشَّمْسَ والْقَمَرَ آيَتانِ مِن آياتِ اللهِ، يُخَوِّفُ اللَّهُ بهِما عِبادَهُ، وإنَّهُما لا يَنْكَسِفانِ لِمَوْتِ أحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فإذا رَأَيْتُمْ مِنْها شيئًا فَصَلُّوا، وادْعُوا اللَّهَ حتَّى يُكْشَفَ ما بكُمْ)،[١١][١٢] وممّا يؤكّد مشروعية صلاة الخسوف ما ثبت عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه صلّى بالناس عندما كُسفت الشمس، ممّا يدل على أنّ صلاة الكسوف والخسوف من السنة الفعليّة، عن أبي بكرة نفيع بن الحارث -رضي الله عنه- قال: (كُنَّا عِنْدَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حتَّى دَخَلَ المَسْجِدَ، فَدَخَلْنَا، فَصَلَّى بنَا رَكْعَتَيْنِ حتَّى انْجَلَتِ الشَّمْسُ).[٢][١٣]

أمّا الحكمة من صلاتي الكسوف والخسوف فتتمثل في تحقيق عبودية الخوف من الله -تعالى-، لقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن الكسوف: (يُخَوِّفُ اللَّهُ بهِما عِبادَهُ)،[١١] ففي الحديث إشارةٌ واضحةٌ إلى أنّ هذه الظاهرة تقذف الخوف في قلب المسلم فيفزع إلى الله بالصلاة والدعاء والتضرّع واللجوء إليه، والخوف في هذه الحالة يدلّ على أن ما يعتري الشمس والقمر من تغيّرٍ لم يعتده الناس تنبيهٌ لهم على قدرة الله بإنزال عقابه بهم، وتذكيرٌ لهم كذلك بيوم القيامة وما يحدث فيه من عجائب في الكون غير ما اعتاده العباد، قال -تعالى-: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)،[١٤] وقال أيضاً: (فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ)،[١٥] ويتجلّى في ظاهرتي الكسوف والخسوف تخويف الناس من قدرة الله على سلب النعم.[١٦]

حُكمها

قال الفقهاء بأنّ الصلاة لكسوف الشمس من السنن المؤكدة الواردة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، أمّا حكم صلاة لخسوف القمر فقد ذهب كلٌّ من الشافعية والحنابلة إلى القول بأنّها سنةٌ مؤكدةٌ، وقال الحنفية بأنّها حسنةٌ، أمّا المالكية فقالوا بأنّها مندوبةٌ،[١٠] وثبت حكمها بالقرآن الكريم والسنة النبوية الفعلية، قال تعالى: (لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّـهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ)،[١٧] كما ورد أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- صلّى بالناس حين كُسفت الشمس في عهده، وبيّن لهم أنّ الكسوف آيةٌ من آيات الله لعباده.[١٨]

وقتها

يبدأ وقت صلاة الخسوف والكسوف من حصولهما إلى انتهائهما، فِهماً من السنة القولية والعملية للنبي -صلّى الله عليه وسلّم-؛ ففي حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-: (قَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حتَّى دَخَلَ المَسْجِدَ، فَدَخَلْنَا، فَصَلَّى بنَا رَكْعَتَيْنِ حتَّى انْجَلَتِ الشَّمْسُ)،[٢] والفزع والإسراع دلالةٌ عمليةٌ على المبادرة لأداء الصلاة حين حدوث الخسوف أو الكسوف، ومن الحديث ذاته يُستدلّ على أنّ وقت الصلاة يستمر إلى انجلاء الخسوف أو الكسوف؛ فقد صلّى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بالناس حتى ذهبا.[١٨]

فواتها

تفوت صلاة الخسوف بانكشاف الخسوف وانتهائه، أو بطلوع الشمس بعد الفجر، أمّا صلاة الكسوف فتفوت بذهاب الكسوف بشكلٍ كاملٍ، أو بغروب الشمس، أمّا الخطبة المتعلّقة بالصلاتين فلا تفوت بانتهاء الكسوف أو الخسوف؛ إذ إنّ خطبة النبي -عليه الصلاة والسلام- كانت بعدهما.[١]

دعاؤها

لم يرد دعاءٌ مأثورٌ عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لصلاة الكسوف والخسوف، إلّا أنه يُحسن بالمسلم الإكثار في ذلك الوقت من الاستغفار والتوبة والإنابة إلى الله -سبحانه-، وطلب الرحمة والمغفرة منه، كما أنّ تطويل الصلاة بحاجةٍ إلى الدعاء والسؤال فيها.[١٩]

حكم إدراك الركعة بإدراك الركوع الثاني

تتفرّد صلاة الخسوف عن غيرها من الصلوات بأنّها تتضمن ركوعين، ومن أدرك الركوع الأول منها فقد أدرك الركعة، أمّا من أدرك الركوع الثاني في الركعة فقد اختلف العلماء في حكم إدراكه للركعة، وفيما يأتي استعراضٌ لآراء المذاهب الأربعة في ذلك:

  • الشافعية: قالوا بأنّ على المصلي اللحاق بالإمام قبل أن يرفع من الركوع الأول ليدرك الركعة من صلاة الخسوف، وإلّا فإنّ الركعة فاتته وإن أدرك الركوع الثاني؛ لأنّه حينها يكون بمثابة من دخل الصلاة بعد اعتدال الإمام من الركوع.[١]
  • الحنابلة: قالوا بأنّ مَن فاته الركوع الأول فقد ضيّع الركعة، ومن أدرك الركوع الثاني فعليه أن يُعيد ركعةً كاملةً بركوعين؛ عِوضاً عن فواتها.[٢٠]
  • المالكية: خالف المالكية الشافعية والحنابلة؛ فاعتبروا أنّ من دخل الصلاة مع الإمام وهو في الركوع الثاني من الركعة فيكون قد أدرك الركعة.[٢١]
  • الحنفية: الخلاف فيمن أدرك الركوع الثاني لركعة صلاة الخسوف لا يعني الحنفية؛ إذ إنّ صفة صلاة الخسوف عندهم كهيئة الصلاة الثنائية.[٢٢]

النداء لصلاة الخسوف

يُنادى لصلاة الخسوف بقول: “الصلاة جامعةٌ”، استناداً لما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَبَعَثَ مُنَادِيًا: بالصَّلَاةُ جَامِعَةٌ)،[٢٣] فقد تضمّن الحديث الأصل الذي بنى عليه أهل العلم أنّ النداء لصلاة الخسوف بذات النداء الوارد في الحديث هو أمرٌ مندوبٌ،[٢٤] ويقصد بالأمر المندوب الأمر الوارد في الشريعة بغير إلزامٍ أو وجوبٍ، وبناءً على ذلك فلا يترتب الإثم على تاركه، بينما ينال مؤدّيه الأجر والثواب.[٢٥]

الجهر والإسرار في القراءة

قال الشافعية بالجهر في صلاة خسوف القمر؛ إذ ألحقوها بصلوات الليل التي تؤدّى بالجهر، وأمّا صلاة كسوف الشمس فتؤدّى بالإسرار،[١] وأيّدهم المالكية والحنفية، وخالفهم أحمد بن حنبل وأبو يوسف من الحنفية محتجّين بحديث عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صلَّى صلاةَ الكُسُوفِ وجَهَرَ بِالقراءةِ فِيها)،[٢٦] كما أنّها كغيرها من صلوات النافلة فيُجهر بها كصلاة العيد والاستسقاء.[٢٧]

الجماعة في صلاتي الخسوف والكسوف

صلاة الخسوف

انقسمت المذاهب الأربعة إلى شطرين بشأن صلاة الخسوف في جماعةٍ، وبيان خلافهم فيما يأتي:

  • القول الأول: ذهب الحنفية إلى اعتبار أنّ صلاة الخسوف صلاةٌ فرديةٌ يصليها كلٌ وحده،[٢٨] وتابعهم المالكية في رأيهم.[٢٩]
  • القول الثاني: قال الحنابلة بسنيّة صلاة الخسوف والكسوف في جماعةٍ ولم يفرّقوا بين الصلاتين،[١٨] وعند الشافعية يُسنّ أن تصلى جماعةً في المسجد.[١]

صلاة الكسوف

اختلف الفقهاء في حكم الجماعة في صلاة الكسوف وبيان خلافهم فيما يأتي:

  • القول الأول: استحبّ المالكية أن يجتمع الرجال دون النساء لصلاة الكسوف في المساجد، وأن يؤدّوها في جماعةٍ.[٣٠]
  • القول الثاني: اعتبروا أنّ الجماعة في صلاة الكسوف سنةٌ مؤكدةٌ، والاجتماع في المسجد لأدائها أفضل، استناداً إلى حديث عائشة -رضي الله عنها-: (خَسَفَتِ الشَّمْسُ في حَيَاةِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَخَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إلى المَسْجِدِ، فَقَامَ وَكَبَّرَ، وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ).[٣١][٣٢]
  • القول الثالث: قال الشافعية بسنيّة أداء صلاة الكسوف في المسجد جماعةً.[١]
  • القول الرابع: تمسّك الحنفية بأن صلاة الكسوف والخسوف تؤدّيان بشكلٍ فرديٍ.[٢٨]

خطبة صلاة الخسوف

تتفاوت أقوال الفقهاء في الخطبة بعد صلاة الخسوف بالتفصيل المبيّن فيما يأتي:

  • الشافعية: يرون أن يكون لصلاة الكسوف أو الخسوف خطبتين بعدها.[١]
  • الحنفية والحنابلة: صرّح الحنفية بعدم وجوب الخطبة في صلاة الخسوف،[٢٨] كما ذهب لذلك الحنابلة، وما ورد من فعل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من أنّه خطب بالناس بعد أن صلّى بالناس الخسوف ما كان إلّا لبيان بعض الأحكام المتعلقة بالصلاة.[٣٣]
  • المالكية: اتخذوا موقفاً وسطاً؛ فقالوا باستحباب نوعٍ من الوعظ بعد الصلاة، لكنّهم لم يروا أن يكون بعدها خطبةً شبيهةً بخطبة الجمعة؛ من جلوس الخطيب والاستراحة القصيرة بين الخطبتين، ودليلهم أنّ الكثير من الصحابة رووا هيئة صلاة الخسوف ولم يذكروا خطبةً بعدها، وما روته السيدة عائشة -رضي الله عنها- محمولٌ على نوعٍ من الوعظ يشبه الخطبة.[٢٩]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر سعيد بن محمد الحضرمي الشافعي (2004)، شرح المقدمة الحضرمية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المنهاج، صفحة 430-433. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو الرقم: 1040، صحيح.
  3. الإمام عبد الله بن محمود الموصلي (2009)، الاختيار لتعليل المختار (الطبعة الأولى)، دمشق: دار الرسالة العالمية، صفحة 240، الجزء 1. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1189، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أسماء بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم: 905، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1041، صحيح.
  7. الشيخ أحمد بن غنيم بن سالم بن مهنا (1997)، الفواكه الدواني على رسالة أبن أبي زيد القيرواني (الطبعة الأولى)، بيروت – لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 426، جزء 1. بتصرّف.
  8. “صلاة الكسوف”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2019. بتصرّف.
  9. بدر الدين العيني، البناية شرح الهداية (الطبعة موقع المكتبة الشاملة الحديثة – فقه حنفي)، صفحة 135 ، جزء 3. بتصرّف.
  10. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 252، جزء 27. بتصرّف.
  11. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 911، صحيح.
  12. عبدالرحمن الجزيري (2002)، الفقه على المذاهب الأربعة، بيروت – لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 330، جزء 1. بتصرّف.
  13. فريق إسلام ويب (18-9-2017)، “السنة الفعليّة ما ورد إلينا من أفعال النبي التي تشير إلى أحكام شرعية”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2019. بتصرّف.
  14. سورة التكوير، آية: 1.
  15. سورة القيامة، آية: 7-9.
  16. “حكمة حدوث الكسوف”، www.al-eman.com/، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2019. بتصرّف.
  17. سورة فصلت، آية: 37.
  18. ^ أ ب ت عبد الرحمن بن قاسم، حاشية الروض المربع، صفحة 524-527، جزء 2. بتصرّف.
  19. الشيخ محمد صالح العثيمين، “باب صلاة الكسوف – المجلد 16 من مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين “، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2019. بتصرّف.
  20. محمد مختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 9، جزء 75. بتصرّف.
  21. الشيخ أحمد بن غنيم بن سالم بن مهنا (1997)، الفواكه الدواني على رسالة أبن أبي زيد القيرواني (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 429. بتصرّف.
  22. فريق إسلام ويب (15-10-2008)، “مذاهب العلماء فيمن فاتته ركعة واحدة من صلاة الخسوف”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2019. بتصرّف.
  23. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1066، صحيح.
  24. كوكب عبيد، فقه العبادات على المذهب المالكي، صفحة 209. بتصرّف.
  25. “إجابة على سؤال عن الواجب والمندوب والمكروه “، www.islamweb.net، 23-4-2002، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2019. بتصرّف.
  26. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 563، حسن صحيح.
  27. الشيخ محمد صالح المنجد (15-4-2011)، “السنة الجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس”، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 18-11-2019. بتصرّف.
  28. ^ أ ب ت الإمام عبد الله بن محمود الموصلي (2009)، الاختيار لتعليل المختار (الطبعة الأولى)، دمشق: دار الرسالة العالمي ، صفحة 242. بتصرّف.
  29. ^ أ ب الشيخ أحمد بن غنيم بن مهنا (1997)، كتاب الفواكه الدواني على رسالة أبن أبي زيد القيرواني (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 430. بتصرّف.
  30. الشيخ أحمد بن غنيم بن مهنا (1997)، الفواكه الدواني على رسالة أبن أبي زيد القيرواني (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية بيروت، صفحة 426 . بتصرّف.
  31. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 901 ، صحيح.
  32. عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي الحنبلي النجدي (1392هـ)، حاشية الروض المربع (الطبعة الأولى)، صفحة 526، جزء 2. بتصرّف.
  33. الشيخ محمد صالح المنجد (29-11-2008)، “حكم خطبة صلاة الكسوف وصفتها”، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2019. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كيفية صلاة الخسوف

ورد في صفة صلاة الخسوف ثلاث كيفياتٍ بيّنها العلماء فيما ورد عنهم، وتجدر الإشارة إلى أنّ أي كيفيةٍ تُجزئ في الأداء، وفيما يأتي بيان تلك الكيفيات:

  • الهيئة الأولى: تؤدّى ركعتان على هيئة الصلوات المكتوبة الثنائية؛ كصلاة الجمعة وصلاة الفجر،[١] وقد اكتفى الحنفية بهذه الهيئة لصلاة الخسوف؛ فهي عندهم ركعتان كهيئة صلاة النافلة، لعموم قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا رَأَيْتُمْ شيئًا مِن ذلكَ، فافْزَعُوا إلى ذِكْرِهِ ودُعائِهِ واسْتِغْفارِهِ)،[٢] والصلاة المعهودة في الأذهان هي الصلاة الاعتيادية، وهذا ما استنبطه الحنفية من الأحاديث التي تُفيد بأنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- صلّى بالناس ركعتين دون بيان الكيفية؛ ممّا يعني بأنّها الكيفية المعروفة في غيرها من الصلوات.[٣]
  • الهيئة الثانية: ركعتان دون تطويلٍ مع زيادة ركوعٍ في كلّ ركعةٍ، فيقرأ المصلّي الفاتحة وما تيسّر من القرآن ثمّ يركع وينهض منه، ثمّ يقرأ الفاتحة وما تيسّر من القرآن ويركع مرةً أخرى وينهض من الركوع الثاني، ثم يهوي ساجداً، وبعد إتمام السجدتين والقيام يفعل في الركعة الثانية ما فعل في الأولى دون إطالةٍ.[١]
  • الهيئة الثالثة: تُشبه الهيئة الثانية في الأفعال، إلّا أنّها تختلف عنها في تطويل القراءات وتطويل الركوع والسجود، ودليل ما سبق حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- الذي وصف صلاة الكسوف التي صلّاها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (خَسفَتِ الشَّمسُ فصلَّى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ والنَّاسُ معَه فقامَ قيامًا طويلًا بنحوٍ من سورةِ البقرةِ).[٤][١]

إن الأكمل لمصلّي صلاة الخسوف أن يُطوّل؛ ويصيب السنة التي نقلها ابن عباس في الحديث السابق، وذلك بأن يقرأ في القيام الأول سورة البقرة، وفي القيام الثاني يقرأ سورة آل عمران، وفي الركعة الثانية يقرأ سورة النساء في قيامها الأول، وفي قيامها الثاني يقرأ سورة المائدة، ويطيل التسبيح في الركوع والسجود، فالتطويل والأناة في صلاة الخسوف تشملانهما، فيسبّح المصلي بمقدار مئة آية من سورة البقرة في الركوع الأول، وبمقدار ثمانين آية في الثاني، والركوع الأول من الركعة الثانية بمقدار سبعين آية، والركوع الثاني بمقدار خمسين آية.[١]

تعريف الخسوف

يُقصد بالخسوف ذهاب ضوء القمر كلياً أو جزئياً، وإن ترادف الكسوف بالخسوف يُقصد بهما انجلاء الضوء وذهابه، وإن اختلفا دلّ الكسوف على تغيّر الحالة، ودلّ الخسوف على ذهاب الضوء، فهما من الألفاظ التي إن اجتمعت افترق معناهما وإن افترقا دلّ كلٌّ منهما على معنى الآخر، وقد ورد ذكر ظاهرَتَيْ الكسوف والخسوف في السنّة النبوية من غير تفريقٍ بين الكلمتين، فتارةً يُنسب الخسوف للشمس كما في حديث السيدة أسماء-رضي الله عنها- المتفق على صحته: (خَسَفَتِ الشَّمْسُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَدَخَلْتُ علَى عَائِشَةَ وَهي تُصَلِّي، فَقُلتُ: ما شَأْنُ النَّاسِ يُصَلُّونَ؟ فأشَارَتْ برَأْسِهَا إلى السَّمَاءِ…)،[٥] وتارةً أخرى يُنسب الكسوف للشمس والقمر معاً كما في حديث أبي مسعود -رضي الله عنه-: (إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ لا يَنْكَسِفانِ لِمَوْتِ أحَدٍ مِنَ النَّاسِ، ولَكِنَّهُما آيَتانِ مِن آياتِ اللَّهِ، فإذا رَأَيْتُمُوهُما، فَقُومُوا، فَصَلُّوا)،[٦][٧][٨] والأشهر على ألسنة الفقهاء تخصيص الكسوف للشمس، وتخصيص الخسوف للقمر، وهو الأفصح كما قال الإمام النووي.[٩]

للمزيد من التفاصيل عن تعريف الخسوف والكسوف الاطّلاع على المقالات الآتية:

صلاة الخسوف

تعريفها

تعرّف صلاة الخسوف في الاصطلاح الشرعي بأنّها الصلاة التي تُؤدى بكيفيةٍ مخصوصةٍ عند ذهاب ضوء القمر أو الشمس كلياً أو جزئياً،[١٠] وتتعلّق بها عدّة أحكام فيما يأتي بيان البعض منها بشيءٍ مفصّلٍ.

دليلها وحكمة مشروعيتها

وردت أحاديث كثيرةٌ تدلّ على مشروعية صلاة الكسوف والخسوف، منها أمرُ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الناس بالصلاة والدعاء عند وقوع الكسوف أو الخسوف، إذ قال: (إنَّ الشَّمْسَ والْقَمَرَ آيَتانِ مِن آياتِ اللهِ، يُخَوِّفُ اللَّهُ بهِما عِبادَهُ، وإنَّهُما لا يَنْكَسِفانِ لِمَوْتِ أحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فإذا رَأَيْتُمْ مِنْها شيئًا فَصَلُّوا، وادْعُوا اللَّهَ حتَّى يُكْشَفَ ما بكُمْ)،[١١][١٢] وممّا يؤكّد مشروعية صلاة الخسوف ما ثبت عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه صلّى بالناس عندما كُسفت الشمس، ممّا يدل على أنّ صلاة الكسوف والخسوف من السنة الفعليّة، عن أبي بكرة نفيع بن الحارث -رضي الله عنه- قال: (كُنَّا عِنْدَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حتَّى دَخَلَ المَسْجِدَ، فَدَخَلْنَا، فَصَلَّى بنَا رَكْعَتَيْنِ حتَّى انْجَلَتِ الشَّمْسُ).[٢][١٣]

أمّا الحكمة من صلاتي الكسوف والخسوف فتتمثل في تحقيق عبودية الخوف من الله -تعالى-، لقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن الكسوف: (يُخَوِّفُ اللَّهُ بهِما عِبادَهُ)،[١١] ففي الحديث إشارةٌ واضحةٌ إلى أنّ هذه الظاهرة تقذف الخوف في قلب المسلم فيفزع إلى الله بالصلاة والدعاء والتضرّع واللجوء إليه، والخوف في هذه الحالة يدلّ على أن ما يعتري الشمس والقمر من تغيّرٍ لم يعتده الناس تنبيهٌ لهم على قدرة الله بإنزال عقابه بهم، وتذكيرٌ لهم كذلك بيوم القيامة وما يحدث فيه من عجائب في الكون غير ما اعتاده العباد، قال -تعالى-: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)،[١٤] وقال أيضاً: (فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ)،[١٥] ويتجلّى في ظاهرتي الكسوف والخسوف تخويف الناس من قدرة الله على سلب النعم.[١٦]

حُكمها

قال الفقهاء بأنّ الصلاة لكسوف الشمس من السنن المؤكدة الواردة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، أمّا حكم صلاة لخسوف القمر فقد ذهب كلٌّ من الشافعية والحنابلة إلى القول بأنّها سنةٌ مؤكدةٌ، وقال الحنفية بأنّها حسنةٌ، أمّا المالكية فقالوا بأنّها مندوبةٌ،[١٠] وثبت حكمها بالقرآن الكريم والسنة النبوية الفعلية، قال تعالى: (لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّـهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ)،[١٧] كما ورد أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- صلّى بالناس حين كُسفت الشمس في عهده، وبيّن لهم أنّ الكسوف آيةٌ من آيات الله لعباده.[١٨]

وقتها

يبدأ وقت صلاة الخسوف والكسوف من حصولهما إلى انتهائهما، فِهماً من السنة القولية والعملية للنبي -صلّى الله عليه وسلّم-؛ ففي حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-: (قَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حتَّى دَخَلَ المَسْجِدَ، فَدَخَلْنَا، فَصَلَّى بنَا رَكْعَتَيْنِ حتَّى انْجَلَتِ الشَّمْسُ)،[٢] والفزع والإسراع دلالةٌ عمليةٌ على المبادرة لأداء الصلاة حين حدوث الخسوف أو الكسوف، ومن الحديث ذاته يُستدلّ على أنّ وقت الصلاة يستمر إلى انجلاء الخسوف أو الكسوف؛ فقد صلّى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بالناس حتى ذهبا.[١٨]

فواتها

تفوت صلاة الخسوف بانكشاف الخسوف وانتهائه، أو بطلوع الشمس بعد الفجر، أمّا صلاة الكسوف فتفوت بذهاب الكسوف بشكلٍ كاملٍ، أو بغروب الشمس، أمّا الخطبة المتعلّقة بالصلاتين فلا تفوت بانتهاء الكسوف أو الخسوف؛ إذ إنّ خطبة النبي -عليه الصلاة والسلام- كانت بعدهما.[١]

دعاؤها

لم يرد دعاءٌ مأثورٌ عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لصلاة الكسوف والخسوف، إلّا أنه يُحسن بالمسلم الإكثار في ذلك الوقت من الاستغفار والتوبة والإنابة إلى الله -سبحانه-، وطلب الرحمة والمغفرة منه، كما أنّ تطويل الصلاة بحاجةٍ إلى الدعاء والسؤال فيها.[١٩]

حكم إدراك الركعة بإدراك الركوع الثاني

تتفرّد صلاة الخسوف عن غيرها من الصلوات بأنّها تتضمن ركوعين، ومن أدرك الركوع الأول منها فقد أدرك الركعة، أمّا من أدرك الركوع الثاني في الركعة فقد اختلف العلماء في حكم إدراكه للركعة، وفيما يأتي استعراضٌ لآراء المذاهب الأربعة في ذلك:

  • الشافعية: قالوا بأنّ على المصلي اللحاق بالإمام قبل أن يرفع من الركوع الأول ليدرك الركعة من صلاة الخسوف، وإلّا فإنّ الركعة فاتته وإن أدرك الركوع الثاني؛ لأنّه حينها يكون بمثابة من دخل الصلاة بعد اعتدال الإمام من الركوع.[١]
  • الحنابلة: قالوا بأنّ مَن فاته الركوع الأول فقد ضيّع الركعة، ومن أدرك الركوع الثاني فعليه أن يُعيد ركعةً كاملةً بركوعين؛ عِوضاً عن فواتها.[٢٠]
  • المالكية: خالف المالكية الشافعية والحنابلة؛ فاعتبروا أنّ من دخل الصلاة مع الإمام وهو في الركوع الثاني من الركعة فيكون قد أدرك الركعة.[٢١]
  • الحنفية: الخلاف فيمن أدرك الركوع الثاني لركعة صلاة الخسوف لا يعني الحنفية؛ إذ إنّ صفة صلاة الخسوف عندهم كهيئة الصلاة الثنائية.[٢٢]

النداء لصلاة الخسوف

يُنادى لصلاة الخسوف بقول: “الصلاة جامعةٌ”، استناداً لما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَبَعَثَ مُنَادِيًا: بالصَّلَاةُ جَامِعَةٌ)،[٢٣] فقد تضمّن الحديث الأصل الذي بنى عليه أهل العلم أنّ النداء لصلاة الخسوف بذات النداء الوارد في الحديث هو أمرٌ مندوبٌ،[٢٤] ويقصد بالأمر المندوب الأمر الوارد في الشريعة بغير إلزامٍ أو وجوبٍ، وبناءً على ذلك فلا يترتب الإثم على تاركه، بينما ينال مؤدّيه الأجر والثواب.[٢٥]

الجهر والإسرار في القراءة

قال الشافعية بالجهر في صلاة خسوف القمر؛ إذ ألحقوها بصلوات الليل التي تؤدّى بالجهر، وأمّا صلاة كسوف الشمس فتؤدّى بالإسرار،[١] وأيّدهم المالكية والحنفية، وخالفهم أحمد بن حنبل وأبو يوسف من الحنفية محتجّين بحديث عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صلَّى صلاةَ الكُسُوفِ وجَهَرَ بِالقراءةِ فِيها)،[٢٦] كما أنّها كغيرها من صلوات النافلة فيُجهر بها كصلاة العيد والاستسقاء.[٢٧]

الجماعة في صلاتي الخسوف والكسوف

صلاة الخسوف

انقسمت المذاهب الأربعة إلى شطرين بشأن صلاة الخسوف في جماعةٍ، وبيان خلافهم فيما يأتي:

  • القول الأول: ذهب الحنفية إلى اعتبار أنّ صلاة الخسوف صلاةٌ فرديةٌ يصليها كلٌ وحده،[٢٨] وتابعهم المالكية في رأيهم.[٢٩]
  • القول الثاني: قال الحنابلة بسنيّة صلاة الخسوف والكسوف في جماعةٍ ولم يفرّقوا بين الصلاتين،[١٨] وعند الشافعية يُسنّ أن تصلى جماعةً في المسجد.[١]

صلاة الكسوف

اختلف الفقهاء في حكم الجماعة في صلاة الكسوف وبيان خلافهم فيما يأتي:

  • القول الأول: استحبّ المالكية أن يجتمع الرجال دون النساء لصلاة الكسوف في المساجد، وأن يؤدّوها في جماعةٍ.[٣٠]
  • القول الثاني: اعتبروا أنّ الجماعة في صلاة الكسوف سنةٌ مؤكدةٌ، والاجتماع في المسجد لأدائها أفضل، استناداً إلى حديث عائشة -رضي الله عنها-: (خَسَفَتِ الشَّمْسُ في حَيَاةِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَخَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إلى المَسْجِدِ، فَقَامَ وَكَبَّرَ، وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ).[٣١][٣٢]
  • القول الثالث: قال الشافعية بسنيّة أداء صلاة الكسوف في المسجد جماعةً.[١]
  • القول الرابع: تمسّك الحنفية بأن صلاة الكسوف والخسوف تؤدّيان بشكلٍ فرديٍ.[٢٨]

خطبة صلاة الخسوف

تتفاوت أقوال الفقهاء في الخطبة بعد صلاة الخسوف بالتفصيل المبيّن فيما يأتي:

  • الشافعية: يرون أن يكون لصلاة الكسوف أو الخسوف خطبتين بعدها.[١]
  • الحنفية والحنابلة: صرّح الحنفية بعدم وجوب الخطبة في صلاة الخسوف،[٢٨] كما ذهب لذلك الحنابلة، وما ورد من فعل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من أنّه خطب بالناس بعد أن صلّى بالناس الخسوف ما كان إلّا لبيان بعض الأحكام المتعلقة بالصلاة.[٣٣]
  • المالكية: اتخذوا موقفاً وسطاً؛ فقالوا باستحباب نوعٍ من الوعظ بعد الصلاة، لكنّهم لم يروا أن يكون بعدها خطبةً شبيهةً بخطبة الجمعة؛ من جلوس الخطيب والاستراحة القصيرة بين الخطبتين، ودليلهم أنّ الكثير من الصحابة رووا هيئة صلاة الخسوف ولم يذكروا خطبةً بعدها، وما روته السيدة عائشة -رضي الله عنها- محمولٌ على نوعٍ من الوعظ يشبه الخطبة.[٢٩]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر سعيد بن محمد الحضرمي الشافعي (2004)، شرح المقدمة الحضرمية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المنهاج، صفحة 430-433. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو الرقم: 1040، صحيح.
  3. الإمام عبد الله بن محمود الموصلي (2009)، الاختيار لتعليل المختار (الطبعة الأولى)، دمشق: دار الرسالة العالمية، صفحة 240، الجزء 1. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1189، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أسماء بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم: 905، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1041، صحيح.
  7. الشيخ أحمد بن غنيم بن سالم بن مهنا (1997)، الفواكه الدواني على رسالة أبن أبي زيد القيرواني (الطبعة الأولى)، بيروت – لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 426، جزء 1. بتصرّف.
  8. “صلاة الكسوف”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2019. بتصرّف.
  9. بدر الدين العيني، البناية شرح الهداية (الطبعة موقع المكتبة الشاملة الحديثة – فقه حنفي)، صفحة 135 ، جزء 3. بتصرّف.
  10. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 252، جزء 27. بتصرّف.
  11. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 911، صحيح.
  12. عبدالرحمن الجزيري (2002)، الفقه على المذاهب الأربعة، بيروت – لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 330، جزء 1. بتصرّف.
  13. فريق إسلام ويب (18-9-2017)، “السنة الفعليّة ما ورد إلينا من أفعال النبي التي تشير إلى أحكام شرعية”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2019. بتصرّف.
  14. سورة التكوير، آية: 1.
  15. سورة القيامة، آية: 7-9.
  16. “حكمة حدوث الكسوف”، www.al-eman.com/، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2019. بتصرّف.
  17. سورة فصلت، آية: 37.
  18. ^ أ ب ت عبد الرحمن بن قاسم، حاشية الروض المربع، صفحة 524-527، جزء 2. بتصرّف.
  19. الشيخ محمد صالح العثيمين، “باب صلاة الكسوف – المجلد 16 من مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين “، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2019. بتصرّف.
  20. محمد مختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 9، جزء 75. بتصرّف.
  21. الشيخ أحمد بن غنيم بن سالم بن مهنا (1997)، الفواكه الدواني على رسالة أبن أبي زيد القيرواني (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 429. بتصرّف.
  22. فريق إسلام ويب (15-10-2008)، “مذاهب العلماء فيمن فاتته ركعة واحدة من صلاة الخسوف”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2019. بتصرّف.
  23. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1066، صحيح.
  24. كوكب عبيد، فقه العبادات على المذهب المالكي، صفحة 209. بتصرّف.
  25. “إجابة على سؤال عن الواجب والمندوب والمكروه “، www.islamweb.net، 23-4-2002، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2019. بتصرّف.
  26. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 563، حسن صحيح.
  27. الشيخ محمد صالح المنجد (15-4-2011)، “السنة الجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس”، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 18-11-2019. بتصرّف.
  28. ^ أ ب ت الإمام عبد الله بن محمود الموصلي (2009)، الاختيار لتعليل المختار (الطبعة الأولى)، دمشق: دار الرسالة العالمي ، صفحة 242. بتصرّف.
  29. ^ أ ب الشيخ أحمد بن غنيم بن مهنا (1997)، كتاب الفواكه الدواني على رسالة أبن أبي زيد القيرواني (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 430. بتصرّف.
  30. الشيخ أحمد بن غنيم بن مهنا (1997)، الفواكه الدواني على رسالة أبن أبي زيد القيرواني (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية بيروت، صفحة 426 . بتصرّف.
  31. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 901 ، صحيح.
  32. عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي الحنبلي النجدي (1392هـ)، حاشية الروض المربع (الطبعة الأولى)، صفحة 526، جزء 2. بتصرّف.
  33. الشيخ محمد صالح المنجد (29-11-2008)، “حكم خطبة صلاة الكسوف وصفتها”، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2019. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى