محتويات
'); }
تعريف الطهارة وحكمها
الطهارة أي النظافة، وهي نقيض النجاسة، ويمكن تعريفها لغة بأنها غسل أعضاءٍ مخصوصة بالماء للتطهّر بصفة معيّنة،[١] أما شرعاً فهي زوال الحدث وارتفاع الخبث، وقد قسّم العلماء الحدث إلى قسمين؛ الأول الحدث الأصغر، حيث يجب به الوضوء فقط كخروج الريح أو الغائط، والقسم الثاني الحدث الأكبر، ويجب به الاغتسال كالحيض والجنابة، ويُقصد بالحدث الشيء المعنوي الذي يقوم بالبدن ويمنع صاحبه من أداء الصلاة ونحوها، أما الخبث فهي نجاسة محسوسة أي مادية، وتصيب البدن أو الثياب أو المكان، كالبول أو دم الحيض وغيره.[٢]
ومن الجدير بالذكر أن الطهارة لها شأن عظيم وأهمية كبيرة في الإسلام، فهي شرط من شروط صحة الكثير من العبادات ومنها: الصلاة والطواف، كما إن الله -عز وجل- أثنى على المتطهرين خيراً، قال تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)،[٣] ومن أسباب العذاب في القبر التقصير في التطهّر من النجاسات، والطهارة شطر الإيمان، والإنسان مفطور عليها ومجبول على حب الجمال والنظافة، والنفور من النجاسة والأوساخ، وبالطهارة يحمي الإنسان نفسه من الكثير من الأمراض،[٢] وقد أجمع العلماء على وجوب الغسل للحائض والنفاس، ومن الأدلة على ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لفاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها: (إِذَا أقْبَلَتِ الحَيْضَةُ، فَدَعِي الصَّلَاةَ، وإذَا أدْبَرَتْ، فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وصَلِّي)،[٤] ويحرم على الحائض الصلاة، أو الوطء، أو الصوم.[٥]
'); }
كيفية الطهارة من الحيض
إن للغسل نوعان؛ غسلٌ مجزئ، وهو الغسل الواجب، أي الذي يأتي فيه المسلم بالواجبات فقط، والغسل كامل، ويُقصد به الإتيان بالسنن والمستحبات التي كان يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيما يأتي بيان لكلا النوعين بالتفصيل:[٦][٧]
- الغسل المجزئ: وفي هذا الغسل يكتفي المسلم بالإتيان بالواجبات دون السنن والمستحبات، بحيث ينوي الطهارة، فيزيل ما أصابه من النجاسة، وبعد ذلك يعم بدنه كله بالماء على أي طريقة كانت، حتى لو نزل بماء سباحة، مع المضمضة والاستنشاق على القول الصحيح للحنابلة والحنفية، وقال الشافعي بأنهما سنة.
- الغسل الكامل: حيث ينوي المسلم الطهارة، ثم يغسل يداه ثلاث مرات، وبعد ذلك يغسل موضع الأذى، ثم يتوضّأ كوضوء الصلاة، ثم يغسل رأسه ثلاث مرات يروي بها أصول شعره، وبعد ذلك يعمّ بدنه بالماء، فيبدأ أولاً من الشق الأيمن، ثم ينتقل إلى الشق الأيسر، مع مراعاة وصول الماء لشعره وكل أجزاء جسده، والدليل على ذلك ما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بيَمِينِهِ علَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ المَاءَ فيُدْخِلُ أصَابِعَهُ في أُصُولِ الشَّعْرِ، حتَّى إذَا رَأَى أنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ، ثُمَّ أفَاضَ علَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ)،[٨] وتجدر الإشارة إلى أن الغسل في الجنابة كالغسل في الحيض لا فرق بينهما.
علامة الطهر من الحيض
تعرف المرأة أنها طهُرت من خلال أمرين اثنين، وهما:[٩]
- القصة البيضاء: حيث إنه سائل أبيض رقيق تعلمه النساء، يخرج من الرحم آخر الحيض، ويدل على الطهر وانقطاع الدم، وليست جميع النساء يرون هذه العلامة.
- الجفاف التام: حيث إن المرأة إن لم تكن تعرف أنها طهرت من خلال القصة البيضاء، فإنها تدخل القطنة في الموضع، فإن خرجت نظيفة ليس عليها أثراً من دمٍ أو كدرةٍ أو صفرةٍ، فإنها تعلم أنها طاهرة، فتغتسل وتصلي، لكن إذا رأت أثراً من الصفرة أو الكدرة فإنها لا زالت حائض، لذلك تنتظر إلى حين رؤية الجفاف التام، ولا تنافي الإفرازات البيضاء ذلك، حيث إن الرحم لا يخلو منها غالبا.
أحكام الحيض
لقد ذكر العلماء أحكاماً ومسائل كثيرة متعلّقة بالحيض، ومن أهمّها ما يأتي:[١٠]
- الصلاة: حيث لا تصح الصلاة من الحائض، فالحيض مُسقط للصلاة، ويحرم على المرأة الصلاة في تلك الفترة، ولكن إن أدركت من الصلاة مقدار ركعة كاملة، فوجب عليها قضاء تلك الصلاة، فمثلا لو حاضت المرأة بعد دخول وقت صلاة العصر بمقدار ركعة كاملة، يجب عليها قضاء العصر بعد أن تطهر، وكذلك الأمر لو حاضت قبل طلوع الشمس بمقدر ركعة، فإنها تقضي صلاة الفجر بعد طهارتها، ولا تجب الصلاة عليها إن لم يتّسع الوقت لمقدار ركعة كاملة، ويدل على ما سبق قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه: (مَن أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ، فقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ).[١١]
- قراءة القرآن الكريم: حيث إن الجميع متفق على جواز قراءة الحائض للقرآن عن ظهر قلب أو من خلال النظر بدون النطق به، وقد ورد في القراءة مع النطق تفصيل في كلام العلماء، وهو كما يأتي:
- جمهور العلماء: حيث يرون أنه لا يجوز.
- مالك وقول عند الشافعي: يرون أنه جائز، وهو قول البخاري وابن المنذر وابن جرير الطبري -رحمهم الله- جميعاً.
- شيخ الإسلام ابن تيمية: حيث قال: “ليس في منعها من القرآن سنة أصلاً ، فإن قوله: “لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن”، حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث”، ويكمل فيقول أنه لو كان منهياً عنه وممنوع لبيّنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأمّته، ولعلمته أمهات المؤمنين، ونقل بين الناس، فإذا لم ينه عن رسول الله فلا يجوز لنا أن نجعله حراماً.
- الصيام: فأما النفل فلا يجوز لها صيامه، وأما الفرض فيسقط عنها ولا يجوز صيامه، ولكنها تقضيه بعد طهارتها، ولو حاضت المرأة في صيام الفرض قبل الغروب بلحظة، وجب عليها القضاء، وكذلك الأمر لو طهرت بعد الفجر بلحظة، فإنها تفطر في ذلك اليوم ولا تصومه، ووجب عليها القضاء، وإن طهرت قبل الفجر ولو بلحظة، فإنها تصوم ذلك اليوم حتى لو أخّرت الاغتسال إلى ما بعد الفجر.
- الطواف حول الكعبة: يسقط عن المرأة الطواف حول البيت، ويحرم عليها سواء كان الطواف نفلاً أم فرضاً، لكن ما تبقّى من الأعمال كالسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة ومنى، وغيرها من مناسك الحج والعمرة فليس حراماً عليها، ويسقط عنها طواف الوداع إذا حاضت بعد أدائها لجميع المناسك وبقيت على ذلك إلى حين خروجها، لكن طواف العمرة والحج لا يسقط عنها، وتؤدّيه بعد طهارتها.
- المكث بالمسجد: فيحرم عليها المكوث بالمسجد، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَعْتَزِلُ الحُيَّضُ المُصَلَّى).[١٢]
المراجع
- ↑ “تعريف و معنى طهارة في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد الشوبكي (13-3-2015)، “أهمية الطهارة وتعريفها وحكمها”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 222.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 331، صحيح.
- ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1404-1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 204، جزء 31. بتصرّف.
- ↑ “صفة الغسل الكامل والمجزئ”، www.islamqa.info، 2006-10-7، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2019. بتصرّف.
- ↑ “كيفية الغسل وموجباته وأنواعه”، www.fatwa.islamweb.net، 2001-5-8، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 316، صحيح.
- ↑ “علامة الطهر من الحيض”، wwww.fatwa.islamweb.net، 2012-10-24، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2019. بتصرّف.
- ↑ “أحكام الحيض”، www.islamqa.info، 2006-9-30، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 580، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم عطية نسيبة الأنصارية، الصفحة أو الرقم: 324، صحيح.