معارك و غزوات

جديد قائد معركة حطين

معركة حطّين

تُعدّ معركة حطّين من المعارك المشهورة في تاريخ الإسلام، انتصر فيها المسلمون، وقد وقعت مُجريات هذه المعركة في آخر عشرة أيام من شهر ربيع الثاني، من سنة خمسمئةٍ وثلاثٍ وثمانين من هجرة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، حيث سيّر نصارى أوروبا جيوشاً جرّارةً لانتزاع بيت المقدس، فكان لهم ذلك؛ لِما كان عليه المسلمون من الضّعف والجهل، واختلاف في الأمر فيما بينهم، وبقي المسلمون في حروب مستمرّة مع النّصارى طيلة واحدٍ وتسعين عاماً، حتّى وقعت معركة حطّين، بقيادة شخصيّة إسلاميّة عظيمة، فمن هو قائد معركة حطّين، وكيف كان استعداده لها، وما هي أبرز النتائج المترتّبة عليها؟[١]

صلاح الدّين الأيوبيّ قائد معركة حطّين

قائد معركة حطّين هو صلاح الدّين الأيوبيّ، الذي ينتمي إلى آل أيوب الذين كانوا في العراق، ثمّ دخلوا مع القائد نور الدّين في جيشه، فأبلوا بلاءً حَسناً في قتال الصليبيّين، وكان القائد صلاح الدّين فارساً، مُتقِناً لمهارات القتال وقيادة الجيوش، ويُجيد فنون الحرب المتنوّعة، وأكمل مسيرات البطولة في ساحات الجهاد وطرد المستعمرين، فاشتبك مع الغزاة الصليبيّين في عدّة معارك، وفتح الكثير من المدن التي كانت تحت سيطرة الكفّار؛ ففتح مدينة يافا، وصيدا، وجبيل، وعكّا، وعسقلان، هادفاً بذلك إلى عزل مدينة القدس عمّا يُجاورها من المدن؛ استعداداً للمعركة الفاصلة، وكان القائد صلاح الدّين الأيوبيّ يخشى ويخاف على نفسه وعلى جنده من الوقوع في المعاصي أكثر ممّا يخاف من العدوّ، فكان حريصاً على إرضاء الله سبحانه وتعالى، ولم يبقَ أمامه إلّا أن يضع الخطّة الحربيّة الحاسمة لتحرير القدس.[٢]

الاستعداد لمعركة حطّين

حشد صلاح الدّين الأيوبيّ قوّاته، وتولّى بنفسه قيادة الجيش، حيث تقدّم بدايةً إلى مدينة طبريّا فحاصرها، واخترق بعضاً من أبراجها، حتّى أيّده الله -تعالى- بالنّصر، ووقعت المدينة جميعها تحت إمرته، أمّا الصليبيّون فقد كانوا مجتمعين في معسكر صفّوريّة قُرب مدينة عكّا، وهو موقع إستراتيجيّ؛ بسبب توفّر الماء، وكانت المراعي كذلك متوفّرة للخيول، لذلك كانت مهاجمة الصليبيين وهم في معسكرهم بمثابة مغامرة، وفُرَص النّجاح في الهجوم ضعيفة، فكانت الخطّة من القائد صلاح الدّين باستدراج الصليبيّين، وإخراجهم من معسكرهم الحصين في صفّورية؛ للتوجّه إلى ملاقاته في المكان الذي يريده، فكان له ذلك.[٢]

توجّه القائد صلاح الدين الأيوبيّ بجيش المسلمين عابراً التلال، حتّى بلغ قرية حطّين؛ وهي قرية وافرة المراعي والمياه، أمّا الصليبيّون فقد أجهدهم الظَّمَأ، وغادروا حدائق صفّوريّة ومراعيها إلى تلالٍ لا ماء فيها ولا شجر ولا ظلّ، وكانت الكمائن التي نصبها المسلمون لهم تهاجمهم من المقدّمة والمؤخّرة، حتّى بدأوا يتساقطون على الطريق، إلى أن وصلوا إلى هضبة حطّين الجافّة، بينما كان المسلمون معسكرين في الوادي المعشّب، فأمضى الصليبيّون ليلتهم يشربون الخمر بدلاً من الماء، أمّا المسلمون فقد أمضوها بترديد الأدعية، والتّهليل، والتكبير.[٢]

نتائج معركة حطّين

كانت لمعركة حطين عدّة نتائج، من أهمّها ما يأتي:[٣]

  • معركة حطّين معركة حاسمة وفاصلة؛ لأنّها غيّرت التوزيعات السياسيّة في المنطقة، ففُتِحت في أعقابها مدن الساحل الشاميّ، وتساقطت عدّة مدن في أيدي المسلمين، منها: عكّا، ويافا، وصيدا، وبيروت، كما عكست هذه المعركة صورة التفوّق العسكريّ السّاحق للمسلمين ضدّ أعدائهم الصليبيّين، وتهاوت القلاع الصليبيّة التي طالما شنّت غاراتٍ على المناطق التي يوجد فيها المسلمون، ومن هذه القلاع: قلعة طبريّا، وصفد، وهونين.
  • معركة حطّين هي بداية لنهاية الوجود الصليبيّ في المنطقة؛ فقد كانت هذه المعركة كارثةً عسكريّةً عظيمةً حلّت بالصليبيين، وبشرى للمسلمين بالقضاء على أكبر حركة استعماريّة كانت في العصور الوسطى، كما شكّلت حدّاً تراجع عنده الزحف الصليبيّ باتجاه الشرق الإسلاميّ، كما أنّ هذه المعركة أكّدت أهميّة الوحدة بين الأقطار الجغرافيّة للمنطقة في مواجهة الأخطار، وأنّه من المُمكن قهر قوّة الصليبيين.
  • ارتفاع منزلة القائد صلاح الدين الأيوبيّ ومكانته، فقد أصبح بعد معركة حطّين في صفوف كِبار المجاهدين والحكّام المسلمين، كما أعاد للمسلمين الثّقة بأنفسهم، وأعاد لهم كرامتهم التي كانوا قد فقدوها بعد وفاة نور الدين محمود بن زنكيّ، فقد كان لنصر المسلمين في معركة حطّين صدى في نفوس المسلمين بشكلٍ عامٍ، وفي نفوس أهل دمشق بشكلٍ خاصٍ؛ لأنّ دمشق كانت آنذاك مركزاً لأعماله، ومقرّاً له.
  • معركة حطين كانت بمثابة مفتاح لتحرير بيت المقدس، وباقي مدن فلسطين، وقد وصفها ابن واصل بقوله: (كانت وقعة حطّين مفتاح الفتوح الإسلاميّة، وبها تيسّر فتح بيت المقدس).
  • معركة حطّين بيّنت أهميّة الموقع الجغرافي للشرق الإسلاميّ، وضرورة توظيف معطيات هذا الموقع واستثمار ميّزاته، بحيث يصبح عاملاً من عوامل القوّة الذاتيّة، وبيّنت أيضاً أهميّة مِصر في الربط بين دول العالم الإسلاميّ في الشّرق، وأهميّة أرض فلسطين التي تربط بين بلاد الشّام ومِصر.
  • تحقّق الهيبة لصلاح الدّين الممزوجة بالإعجاب والإجلال؛ فقد أصبحت لاسمه بعد الانتصار في معركة حطّين رهبة ممزوجة بالإعجاب في قلوب الصليبيين؛ وذلك لِما اتّصفت به فتوحاته من شهامةٍ ومروءةٍ، كما كان لتسامحه معهم ومعاملته لأسراهم الأثر الكبير في استسلام العديد من المدن والحُصون دون أيّة مقاومة.
  • المقدمات السياسيّة، والتنظيميّة، والإصلاحيّة، والإحيائيّة، كان لها الأثر الكبير في الانتصارات التي حقّقها صلاح الدّين، فلم تأتِ هذه الانتصارات دون أيّ جهد، فقد استُمِرّ العمل عليها من أكثر من قرن، وبدأ قطف ثمارها في عهد كلٍّ من عماد الدّين زنكي، ونور الدّين زنكي.

المراجع

  1. د. إبراهيم بن محمد الحقيل (5-11-2007)، “معركة حطّين”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-1-2018. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت د. أحمد الخاني (17-12-2014)، “صلاح الدين الأيوبيّ فاتح القدس ومعركته حطّين”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-1-2018. بتصرّف.
  3. د. علي الصلابي (22-7-2013)، “نتائج معركة حطّين”، WWW.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-1-2018. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى