محتويات
'); }
الحكمة من مشروعية الحجاب
لم يحرّم الله -عزّ وجلّ- أمراً ولم يجعل معصيةً من الكبائر، إلا وكانت مُحاطة من جميع الجهات حتى لا يتمكّن الناس من الوصول إليها فيقعوا فيها، فمثلاً؛ حرّم الله الزنا، وحرم جميع الوسائل المؤدّية إليه، وحرّم الربا ووسائله، حيث إن الوسائل تكون أكثر من الغايات، فالغاية الواحدة لها أكثر من سبب يوصله، كمن هو في طريقه إلى مكة المكرمة، فجميع شعابها ووديانها وجبالها موصلة إليها، وكلما كان الأمر أشدّ حرمةً كانت الوسائل الموصلة إليه كثيرة، واحتاط الشرع من وقوع الإنسان فيه ولو بوسائل بعيدة، فمن الوسائل المحرمة للزنا مثلاً: النظر، والسفور، والخضوع بالقول، والاختلاط، والغزَل، وهي خطوات أوّلها النظر.[١]
وافتتان الرجل بالمرأة أشدّ، وهو أجرأ منها على الإقدام على الزنا، فكان التشديد عليه في التحريم أكثر من المرأة، مع الشراكة بينهما في التحريم، وللرجل القدرة على أن يأتي بالخطوة فيما بعد النظر، مع احتماله من المرأة أيضاً ولكن من الرجل أشد، فكان التشديد على الرجل في غض البصر، وعلى المرأة في الحجاب، وذلك حتى يقلّ التجاذب فيما بينهما، قال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ).[٢][١]
'); }
فوائد الحجاب
فرض الله الحجاب على النساء، وتعبّدهن به تعبّداً يثاب فاعله ويعاقب تاركه، وتركه يؤدّي إلى الوقوع في الكبائر، وللحجاب فوائد عظيمة ومصالح كبيرة، وفيما يأتي بيان لها بشكلٍ مفصّل:[٣]
- الحجاب طاعة لله -عز وجل- ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم، قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)،[٤] حيث تعيش المؤمنة مع هذا الأمر بالأمن والثقة واليقين.
- الحجاب للمؤمنات؛ فالخطاب خاص بهنّ، بمعنى أن من التزمت بالحجاب كانت هي المؤمنة الحقّ بالله تعالى.
- الحجاب طهارةً لقلب الرجل والمرأة، فالحكم نزل في نساء النبي، ويشمل نساء المؤمنين، والنساء والرجال في كل مكان وزمان بحاجة إلى طهارة القلب وعفّة النفس.
- علامة شرعية على الحرائر العفيفات، وإن صلاح الظاهر فيه دليل على صلاح الباطن، والعفة لا تعرّض المرأة للأذى، خاصة من ضعيفي الإيمان.
- مناسب للغيرة التي جُبل الإنسان السويّ عليها، وهي من آثار تكريم الإنسان، وتعني العاطفة التي تدفع الرجل لصيانة المرأة عن كل محرّم، وقد استقرت هذه الصفة في نفوس العرب منذ الجاهلية، كما إن الحجاب علامة الحياء، والحياء خلق كريم وشعبة من شعب الإيمان.
- دعوة إلى مكارم الأخلاق؛ كالعفة والاحتشام والحياء، كما إنه يقطع الأطماع والخواطر الشيطانيّة عند كل من الرجل والمرأة.
حكم الحجاب
إنّ ستر المرأة لشعرها وبدنها كلّه ما عدا الوجه والكفّين هو قول لازم عند أهل العلم، ولا خلاف في ذلك أبداً، وكذلك القدمان سترهما أمام الرجال لازم عند جمهور العلماء، أما الوجه والكفّان فقد وقع الخلاف فيهما عند أهل العلم، فقال بعضهم أنه لا يجب على المرأة سترهما ما لم يكن فيهما شيئاً من المحسّنات، وقال الفريق الآخر من العلماء أنه يجب سترهما إلا عن المحرّم، أو عن الخاطب الذي يريد النظر إلى مخطوبته، ومن الأدلّة على هذا القول، قوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)،[٥] وقالوا حتى لو كان كانت الآية في زوجات النبي، فإن الدليل عام حتى يجيء ما يخصّصه، وإن كان ذلك أطهر لقلوب زوجات النبي فإن الحاجة لغيرهنّ أشد.[٦]
صفات الحجاب الشرعي
يجب أن يتّصف الحجاب بصفاتٍ حتى يكون شرعيّاً، وفيما يأتي بيانٌ لهذه الصفات بشكل مفصّل:[٧]
- أن تستر المرأة جميع بدنها، وقد أباح بعض العلماء كشف الوجه والكفّين بشرط عدم حصول الفتنة منها وعليها.
- أن لا يكون الحجاب في نفسه زينة، لقوله تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)،[٨] فإن الله -تعالى- قد شرع الحجاب حتى يستر زينة المرأة، فليس من المعقول أن يكون هو الزينة.
- أن لا يشفّ؛ فالشفّاف يجعل المرأة عارية في الحقيقة، وقد حذّر رسول الله من رجالٍ في آخر الزمان نساؤهم كاسيات عاريات.
- أن يكون واسعاً فضفاضاً غير ضيّق، لأن الغرض منه منع الفتنة، واللباس الضيق لا يحقق ذلك الغرض.
- أن لا يكون عليه بخور أو طيب، ولا تقصد المرأة بلباسه الشهرة بين الناس.
- أن تجتنب المرأة الاختلاط مع الرجال، ويحرم عليها إظهار محاسنها إلا لزوجها، لما في ذلك من الفتنة.[٩]
- أن تتحجّب المرأة أمام كل من ليس بمحرم لها من الرجال، كابن عمها، وزوج أختها، لأنهم ليسوا بمحارم لها.[٩]
قبائح التبرج
إن للتبرّج العديد من القبائح، ومنها:[١٠]
- معصية الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، ومن يعصِ الله ورسوله فلا يضرّ إلا نفسه.
- التبرج كبيرة مهلكة؛ فقد بايع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أميمة بنت رقيقة على عدم التبرج كتبرّج الجاهلية.
- سبب يجلب اللعن والطرد من رحمة الله تعالى.
- صفة من صفات أهل النار، قال رسول الله: (صِنْفانِ مِن أهْلِ النَّارِ لَمْ أرَهُما، قَوْمٌ معهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بها النَّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، ولا يَجِدْنَ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذا وكَذا).[١١]
- التبرج نفاق، وفيه تهتك، وفضيحة، وفاحشة.
- سنّة إبليسية؛ فإبليس هو ما أسس فكرة التبرج، وهو إمام لكل ما أطاعه وعصى الله.
- طريقة جاهلية منتنة.
- التبرّج من التخلّف والانحطاط، فقد كرّم الله -تعالى- الإنسان، وأنعم عليه بحب الستر وصيانة النفس، وفطره على صيانة نفسه والمحافظة عليها بالعفاف والستر.
المراجع
- ^ أ ب عبد العزيز الطريفي، الحجاب في الشرع والفطرة (الطبعة الأولى)، صفحة 29-34. بتصرّف.
- ↑ سورة النور، آية: 30.
- ↑ علي الأهدل (19-8-2014)، “فوائد الحجاب”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-4-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 36.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 53.
- ↑ “تفصيل أقوال أهل العلم في الحجاب”، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 7-4-2019. بتصرّف.
- ↑ “الحجاب الذي يُدخل الجنة “، www.ar.islamway.net، 8-5-2014، اطّلع عليه بتاريخ 9-4-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة النور، آية: 31.
- ^ أ ب “صفة الحجاب الشرعي”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 9-4-2019. بتصرّف.
- ↑ محمد المقدم، “الحجاب لماذا ؟؟”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-4-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2128، صحيح.