علم النفس

جديد علم نفس نمو الطفل

علم النّفس

يسمّى العلم الذي يدرس تفاعل السلوك الإنساني مع البيئة التي تحيط به كالبيئة الاجتماعيّة أو الطبيعيّة بعلم النّفس، ولقد تمّ تفسير السلوك على أنّه استجابة لمثير ما، حيث تختلف هذه الاستجابة باختلاف المثير، إذ يمكن أن تكون الاستجابة حركيّة، أوفسيولوجيّة، أو انفعاليّة، أو لفظية، وقد تكون الكفّ عن الحركة أو الكلام.

يقسم هذا العلم لعدّة أقسام منها علم نفس النّمو الذي هو محور مقالنا والذي قد تجدونه بأسماء أخرى كسيكولوجية الطفولة والمراهقة، وعلم النفس الارتقائي، وعلم النفس التكويني، ويدرس هذا القسم مراحل نموّ الإنسان منذ الطفولة وتفاعلها مع المحيط من وجهة نظر نفسيّة.

علم النفس ونمو الأطفال

يعيش الأطفال في مراحل نموّهم الجسدي المختلفة عدّة تغيّرات فيسيولوجيّة ونفسيّة، ولكن المجتمع يلتفت عادةً إلى المادة (كطول قامة الطفل على سبيل المثال)، بل حتى في الأطوار الأولى من تخلّق الطفل يُقاس نموّه حسب تخلّق الأعضاء والأجهزة الحيويّة في جسمه، وبعد ولادته يلتفت المجتمع إلى وزنه وأسنانه وهكذا، حتى ينمو الطّفل وليس لديه دليل على نموّه سوى حجم جسده، في هذا الحين ومع كلّ رحلة يكتسب فيها الطفل نموّاً ماديّاً يكتسب أيضاً نموّاً نفسيّاً يخفى عن الأنظار، وبما أنّه يمكن تقييم ما إذا كان النموّ الماديّ صحيّاً، فأيضاً يمكن تقييم الحالة النفسيّة للطفل، وما إذا كان ينمو وهو بصحّة نفسيّة أم لا.

خصائص مراحل النمو النفسي للطفل

يعدّ العامل النفسيٌّ الأرجح لتفسير التفاوت في استجابة الأطفال، وتفاعلهم مع البيئة التي تحيطهم، حيث تمتاز كلّ مرحلةٍ بخصائص نفسيّة تختلف عن الأخرى، وتتداخل الصحّة النفسيّة في تأثيرها على الطفل مع الصحّة الجسديّة في أماكن أخرى أيضاً.

مرحلة ما قبل الولادة

لا يبدأ عمر الطفل منذ ولادته كما هو معروف بل منذ بِدء تخلّقه في رحم الأم، وهذا ما أثبتته الدّراسات الحديثة التي تمّ إجراؤها على حديثي الولادة، حيث تمّت مراقبة سلوك أطفالٍ تمتّعت أمهاتهم بحالة نفسيّة جيّدة أثناء حملهنّ بهم، وآخرون واجهت أمهاتهم فترات عصيبة جعلت حالتها النفسيّة سيّئة، وكانت النتيجة أن أطفال السّيدات اللواتي كانت حالتهنّ النفسية جيّدة امتزن بالهدوء، وفترات النوم المعتدلة والمستقرّة مقارنة مع أطفال السيّدات اللواتي واجهن مشاكل نفسيّة حيث اتّصف أطفالهنّ بالبكاء الشديد، وقلّة استقرار ساعات النوم.

مرحلة حديثي الولادة

تمتدّ من لحظة ولادة الطفل إلى حين بدئه بالمشي، حيث يمكن أن تستمر هذه المرحلة لعامين، يكون الطّفل فيها شديد التعلّق بوالدته، ولقد أشارت الدراسات التي أجريت لفهم السيكولوجيّة الإجراميّة إلى أنّ معظم المجرمين حينما كانوا حديثي الولادة عانوا من فقدان والداتهم (مع عدم وجود من يرعاهم)، أو من الإهمال، إذ أنّ ترك الأطفال لفترات طويلة دون احتواء احتياجاتهم (كالحاجة للطعام) أورث طباعاً إجراميّةً لديهم.

مرحلة الطفولة المبكرة

من عامين وحتى ستة أعوام،  يبدأ الطفل في هذه المرحلة بمحاولة الاعتماد على نفسه حيث يبدأ بالتعبير عن نفسه ومحاولة الوصول إلى ما يريد باستخدام حواسه وكلِّ ما يدرك أنّه يستطيع من خلاله الوصول إلى مايريد كالبكاء مثلاً، ويبدأ كذلك بخلق ذوقه حيث في خواتم هذه المرحلة يرفض بعض الأشياء ويتقبّل أخرى، وتتميّز هذه المرحلة بسرعة التطوّر الفكري والجسدي لدى الطفل، ويجب التنويه إلى أنّ هذه المرحلة كالتّربة الخصبة، إذ أنّ ما يُغرَس في هذه المرحلة ينمو حتماً، فإذا غَرس الأبوان قيمة القناعة لدى الطفل فإنّها ستنمو لديه وسينتج طفل يسعد بما هو بسيط ويهتمّ بالقيم المعنويّة خلف الأشياء، كما أنّ هذه المرحلة تحدد طبيعة التفاعل اتجاه المجتمع الأصغر الأسرة، والمجتمع الأكبر خارج أسوار المنزل، فعلى سبيل المثال قيمة تقدير جهود الأمّ والأب أو مساعدة الآخرين، تُزرَع في هذه المرحلة ويصعبُ تداركها في المراحل الأخرى. 

مرحلة الطفولة المتوسّطة

تبدأ من السابعة وحتى عمر المراهقة (الذي يختلف حسب الطبيعة الفيسيولوجية)، في هذه المرحلة تزداد ملكات الطفل الإدراكيّة والمعرفيّة، وتَتحدّد طبيعته (قوي، ضعيف، عنيد، سريع الغضب..)، ويبدأ باكتساب معتقداته من خلال ما يراه لدى المجتمع الذي يعيش فيه، ويبدأ البحث في خواتم هذه المرحلة عن الاستقلال الذّاتي والثقة واكتشاف القدرات وتوسّع المدراك، ولعلّها أكثر المراحل التي تنعكس التجارب فيها على المراحل الأخرى، لذا يجب أن يكون الوالدان واضحين غير متناقضين لايساورهما التردد.

مرحلة الطفولة المتأخّرة

تسبق الطفولة المتأخّرة البلوغ حسب بعض المدارس وتتخطّاه حتى عمر الـ21 أو الـ18 وفق مدارس أخرى، وربما هذه المرحلة أكثر مراحل النموّ صعوبةً وتعقيداً، ولكنّ حل المشاكل في هذه الفترة يكون أسهل بكثير إذا كان قد تمّ الاهتمام بالطفل من الناحية النفسيّة كما يجب الاهتمام به في المراحل التي تسبق هذه المرحلة.

تسهل السيطرة على تقلّب مزاج الطفل الناتج عن عدم توازن مستويات الهرمونات في الجسم وزيادة معدّلات الاستقلاب؛ من خلال التعامل معها على أنّها أمور مؤقتة تحتاج لردود فعل هادئة وحكيمة، ويمكن إعطاء الحريّة ضمن ضوابط أي دون ضغط كبير ومع بعض المراقبة للاطمئنان، ولعلّ أكثر ما يحتاجه الإنسان في هذه المرحلة هو الشعور بالثقة من الوالدين لأنّه إذا لم يجدها بين أفراد عائلته فسيبحث عنها في أماكن أخرى.

مراحل نموّ الإنسان منذ الطفولة وحتى الشباب، تختلف عن بعضها باختلاف ردّة الفعل النفسيّة نحو الأشياء، ولهذا وجب فهم هذا الجانب حتى يكون ما يتمّ تقديمه للأطفالنا هو حقّاً ما يحتاجونه، فالسّيولة النفسيّة أهمّ من السّيولة المالية، وقدرتك على احتواء أطفالك وشحنهم بالطاقة الإيجابيّة ورفع معنوياتهم لهي أثمن زادٍ يلزمهم ليواجهوا مصاعب الحياة مهما كانت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى