أحكام شرعية

بحث عن تعدد الزوجات

مقالات ذات صلة

تعدد الزوجات

يُعتبر الزّواج وسيلةً ساميةً للتكاثر والتناسل بين أفراد الجنس البشريّ يوصل إلى الغاية الإلهيّة الأولى في استمرار الحياة البشريّة على وجه المعمورة، ومن المسائل بالغة الأهمية بالزواج التي فصَّل الإسلام في حكمها وبيّنها، موضوع التعدد وأحكامه وشروطه وحالاته، حيث جاء بيانه في نصوص السنة النبويّة كما ذكرته الآيات القرآنية في بعض المواضع التي تطرّقت للزواج، ومن ناحيةٍ أخرى فإن تعدد الزوجات عملياً كان سائداً في المجتمعات عموماً، ومنعته بعض الأديان وحرَّمته، فما حكم تعدد الزوجات؟ وما أصل مشروعيته؟ ومتى يُباح التعدد ومتى لا يُباح، ذلك ما ستبحثه هذه المقالة بعد توفيق الله.

تعريف الزواج لغةً واصطلاحاً

  • الزواج لغةً: والتزويج مصدر زوَّج يزوِّج، فهو مزوِّج، والمفعول منه مزوَّج، وزوَّج امرأةً: أي أنكحها لأحد الرجال، ويُقصد به الإذن بالزواج أو ولي المرأة، قال تعالى: (وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ)،[١] أما قولهم: زوَّج الشَّيءَ بالشَّيء، وزوَّجه إليه: أي قرنه به، قال تعالى: (وإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ)،[٢] والنكاح: مصدر نَكَحَ، ونَكَحَ فُلَانٌ امرأَة ينكَحُها: أي تَزوجها، ونَكَحَها يَنْكِحُها: أي بَاضَعَهَا.[٣]
  • الزواج اصطلاحاً: الزواج في الاصطلاح: هو عقدٌ يرد على تملُّك المُتعة قصداً،[٤] أما فقهاء الشافعية فقد عرَّفوا عقد الزواج بأنّه: عقد يتضمّن إباحة الوطء باللفظ الدّال عليه أو اللفظ الآتي،[٥]

أما فقهاء المذهب المالكي فيرون أنّ الزواج يُعرَّف بأنه: عقدٌ يرِدُ على مجرّد متعة التلذّذ بآدمية غير موجبٍ قيمتها ببينة قبله، غير عالمٍ عاقده حرمتها عليه.[٦]

حكم تعدد الزوجات

تعدّد الزّوجات من الأمور التي ورد فيها خلافٌ بين الفقهاء، إلا أنّ الحكم الأصلي له عند الفقهاء هو الجواز، ويدلُّ على ذلك ما جاء في القرآن والسنة، ومنها قول الله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا)،[٧]

أما من السنَّة فدليل جواز التَّعدد هو فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أجمع الصحابة على جواز التعدد، وقام بعضهم به بعد النبي صلى الله عليه وسلم، أما من حيث الحكم الاستثنائي للتعدد فإن الفقهاء يرون أنّ للتعدّد عدة أحكام بحسب حالته، فيرد عليه الوجوب، والتحريم، والكراهة، والاستحباب والندب، ويرجع ذلك للقصد من التعدّد وسببه الفردي عند من يريده.[٨] وفيما يلي حالات وأحكام التعدد:

  • وجوب التعدد: فإن التعدّد في هذه الحالة يكون ضرورةٌ حتمية كأن يكون القصد منه طلب النسل إذا كانت الزوجة الأولى عاجزةً عن الإنجاب، ويرجع ذلك لتقدير الزوج نفسه هل يحتاج للإنجاب ولا تكتمل حياته ولا تستقر إلا به، أم أنه يمكن له الاستغناء عنه، ويمكن أن يكون التعدّد واجباً بل أظهر في الوجوب لمن كانت زوجته تعاني من مرضٍ يصعب مُعاشرتها معه دون ضرر له أو لها، ويجد الرجل في نفسه القدرة على الزواج ولا يصبر عليه، فيجب عليه الزواج ليُعفَّ نفسه من الوقوع في الحرام، وفيما يلي تفصيل الحالات التي يجب فيها التعدد بشكلٍ أوضح:[٨]
    • أن تكون الزوجة الأولى مريضةً بداءٍ يَستحيل في وجوده حصول المعاشرة الزوجية، وحيث أن المعاشرة هي من مقتضيات عقد الزواج فإن التعدد في هذه الحالة يجب على الزوج الذي لا يصبر عن ترك المعاشرة حفظاً له من الوقوع في المعاصي.
    • عدم قدرة الزوجة الأولى على الإنجاب، مع حاجة الزوج ورغبته فيه، حيث أن القصد والغاية من الزواج حصول التناسل والتكاثر بين أفراد الأمة الإسلامية.
  • استحباب التعدد: ربما يكون الزواج في بعض الحالات مُستحباً، وذلك لمن كانت لديه قدرةٌ ماليةٌ وبدنيةٌ على الزواج، مع وجود القدرة عنده على العدل بين زوجاته إن عدَّد.
  • ندب التعدد: يكون التعدد مندوباً في بعض الحالات، وتحديداً فإنه يُندب لمن كان قصده من التعدد الوصول إلى غايةٍ شرعيَّة كأن تكون غايته ونيته تكثير سواد المسلمين، أو حلّ مشكلة العنوسة عند نساء المسليمن، أو أن يخشى على نفسه الوقوع في الحرام بسبب عدم اكتفائه بزوجةٍ واحدة.
  • كراهية التعدد: يُصبح التعدد مكرهاً في حالات معينة؛ كأن يكون لدى الرجل القدرة المالية والجسديّة على التعدد، ولكنه لا يعلم إن عدَّد هل سيعدل بين زوجاته أم لا. فإن غلب عليه الظن بعدم القدرة على العدل أصبح التعدد في حقه مُحرماً.[٨]
  • حُرمة التعدد: كما أن التعدد يكون واجباً وُمستحباً ومكرهاً ومندوباً فإنه يمكن أن يكون مُحرّماً، وذلك لمن لم يملك القدرة عليه، فلم يملك المال الكافي للزواج الثاني، وإن تزوج بالثانية أدى ذلك إلى فقره وعجزه عن الإنفاق على زوجاته وأولاده، أو لم تكن لديه قدرةٌ جسديةٌ للزواج الثاني فيلحق الضرر بنفسه أو بزوجتيه أو إحداهما بعدم القدرة على إعفافها وإشباع رغبتها، أو من حيث عدم القدرة على العدل بين الزوجات إن لجأ إليه.[٨]

الأصل في الزواج التعدد أم الإفراد

اختلف الفقهاء في كون الأصل في الزواج التعدد أم الإفراد، وفيما يلي رأي كل فريقٍ ودليله فيما يخص هذه المسألة تفصيلاً:[٩]

  • الرأي الأول: ذهب فريقٌ من العلماء إلى القول إنّ الأصل في الزواج التعدد، أما الواحدة -الإفراد- في استثناء لقاعدة الزواج التي جاءت في كتاب الله، وقد استدلوا على قولهم بقول الله سبحانه وتعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا)،[٧] فدلالة النص كما يقولون تُشير إلى أن الأصل في الزواج التعدد حيث إنّ الله -سبحانه وتعالى- بدأ بذكر التعدد بقوله تعالى: (مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) ثم انتقل إلى الاستثناء لمن عجز عن التعدد فقال: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً)؛ فدلَّ ذلك على أنّ الواحدة لا يُلجأ إليها إلا لمن كان له وضعٌ استثنائي بعدم وجود القدرة المالية أو الجسدية، أو خشي عدم العدل بين زوجاته.
  • الرأي الثاني: ذهب فريقٌ من الفقهاء إلى القول إنّ الأصل في الزّواج هو الواحدة لا التعدد، ودليلهم قول الله سبحانه وتعالى: (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ)،[١٠] فقد أشارت الآية إلى أن تحقق العدل بين الزوجات الذي هو شرطٌ في إباحة التعدد أمرٌ نادر الحصول، فدلَّ ذلك على أن الأصل الواحدة لأن ذلك هو الغالب، وأن التعدد هو الاستثناء لأنه النادر.

الحكمة من تعدّد الزّوجات

عندما شرَع الإسلام التعدد لم يشرعه لإشباع الغريزة البشرية فحسب، بل في ذلك مجموعةٌ من الغايات السامية التي أراد الشارع الوصول إليها، فإن الإسلام لم يُبح شيئاً إلا لحاجة الناس له، ودوره في تحقيق الاستقرار والأمان لأبناء المجتمع المسلم كمنظومةٍ متكاملةٍ فلم ينظر في ذلك للفرد بل لبى حاجة المجتمع أولاً، ثم انتقل لحاجة الفرد فأشبعها، وفيما يلي بعض الحكم التي أرشد إليها الإسلام عندما شرع التعدد:[١١]

  • يُقصد من التعدّد تكثير سواد المسلمين: فقد دعا إلى التناسل والتكاثر حتى تبقى الأمة الإسلاميّة شابةً فتيّة، ووجه ذلك من خلال اللجوء للزواج الشرعيّ ثم التعدد، حيث إنّ الزواج والتعدد يؤدّي إلى تغليب فئة الشباب المنتجة على فئة كبار السن المستهلكة، مما يؤثر إيجاباً في قوة المجتمع المسلم.
  • مواجهة ظاهرة العنوسة في النساء: من المعلوم أنّ مشاركة الرّجال في الحروب والمعارك تؤدي إلى تغليب فئة النساء على الشباب بسبب حصول القتل في الرجال خاصةً في المعارك، وتَعرّضهم للكوارث الطبيعيّة في العمل الشاق، حيث إنّ المرأة تستعيض عن ذلك بالبقاء في بيتها لرعاية زوجها وأبنائها، لذلك فقد جاء التعدد لتقليل أثر ظاهرة العنوسة في المجتمع الإسلاميّ، ومنع النساء من اللجوء للحرام نتيجة عدم الزواج.
  • التعدد يؤدي إلى الحد من المشاكل الأخلاقية: فإن النساء العوانس ربما يلجأن لإشباع غرائزهن إلى المحرم من القول والفعل كالزنا وغيره، فجاء التعدد ليحل تلك المشكلة من خلال ارتباطهن بأزواج من خلال وسيلة شرعيّة تؤدي إلى إعفافهن وإشباع رغباتهن.

المراجع

  1. سورة الطور، آية: 20.
  2. سورة التكوير، آية: 7.
  3. ابن منظور، لسان العرب، بيروت: دار صادر، صفحة 625، جزء 2. بتصرّف.
  4. عثمان بن علي بن محجن البارعي المعروف بالزيلعي (1313 هـ)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ، بولاق – القاهرة: المطبعة الكبرى الأميرية، صفحة 94، جزء 2. بتصرّف.
  5. أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيثمي (1983)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 183، جزء 7.
  6. عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة 2)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 8، جزء 4.
  7. ^ أ ب سورة النساء، آية: 3.
  8. ^ أ ب ت ث الإمام الشافعي أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبي القرشي (1990)، الأم، بيروت: دار المعرفة، صفحة 155، جزء 5.
  9. أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص الحنفي (1994)، الفصول في الأصول (الطبعة الثانية)، الكويت: وزارة الأوقاف الكويتية، صفحة 27، جزء 4. بتصرّف.
  10. سورة النساء، آية: 129.
  11. محمد صالح المنجد، “حكم تعدد الزوجات والحكمة منه”، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-2017. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

تعدد الزوجات

يُعتبر الزّواج وسيلةً ساميةً للتكاثر والتناسل بين أفراد الجنس البشريّ يوصل إلى الغاية الإلهيّة الأولى في استمرار الحياة البشريّة على وجه المعمورة، ومن المسائل بالغة الأهمية بالزواج التي فصَّل الإسلام في حكمها وبيّنها، موضوع التعدد وأحكامه وشروطه وحالاته، حيث جاء بيانه في نصوص السنة النبويّة كما ذكرته الآيات القرآنية في بعض المواضع التي تطرّقت للزواج، ومن ناحيةٍ أخرى فإن تعدد الزوجات عملياً كان سائداً في المجتمعات عموماً، ومنعته بعض الأديان وحرَّمته، فما حكم تعدد الزوجات؟ وما أصل مشروعيته؟ ومتى يُباح التعدد ومتى لا يُباح، ذلك ما ستبحثه هذه المقالة بعد توفيق الله.

تعريف الزواج لغةً واصطلاحاً

  • الزواج لغةً: والتزويج مصدر زوَّج يزوِّج، فهو مزوِّج، والمفعول منه مزوَّج، وزوَّج امرأةً: أي أنكحها لأحد الرجال، ويُقصد به الإذن بالزواج أو ولي المرأة، قال تعالى: (وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ)،[١] أما قولهم: زوَّج الشَّيءَ بالشَّيء، وزوَّجه إليه: أي قرنه به، قال تعالى: (وإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ)،[٢] والنكاح: مصدر نَكَحَ، ونَكَحَ فُلَانٌ امرأَة ينكَحُها: أي تَزوجها، ونَكَحَها يَنْكِحُها: أي بَاضَعَهَا.[٣]
  • الزواج اصطلاحاً: الزواج في الاصطلاح: هو عقدٌ يرد على تملُّك المُتعة قصداً،[٤] أما فقهاء الشافعية فقد عرَّفوا عقد الزواج بأنّه: عقد يتضمّن إباحة الوطء باللفظ الدّال عليه أو اللفظ الآتي،[٥]

أما فقهاء المذهب المالكي فيرون أنّ الزواج يُعرَّف بأنه: عقدٌ يرِدُ على مجرّد متعة التلذّذ بآدمية غير موجبٍ قيمتها ببينة قبله، غير عالمٍ عاقده حرمتها عليه.[٦]

حكم تعدد الزوجات

تعدّد الزّوجات من الأمور التي ورد فيها خلافٌ بين الفقهاء، إلا أنّ الحكم الأصلي له عند الفقهاء هو الجواز، ويدلُّ على ذلك ما جاء في القرآن والسنة، ومنها قول الله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا)،[٧]

أما من السنَّة فدليل جواز التَّعدد هو فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أجمع الصحابة على جواز التعدد، وقام بعضهم به بعد النبي صلى الله عليه وسلم، أما من حيث الحكم الاستثنائي للتعدد فإن الفقهاء يرون أنّ للتعدّد عدة أحكام بحسب حالته، فيرد عليه الوجوب، والتحريم، والكراهة، والاستحباب والندب، ويرجع ذلك للقصد من التعدّد وسببه الفردي عند من يريده.[٨] وفيما يلي حالات وأحكام التعدد:

  • وجوب التعدد: فإن التعدّد في هذه الحالة يكون ضرورةٌ حتمية كأن يكون القصد منه طلب النسل إذا كانت الزوجة الأولى عاجزةً عن الإنجاب، ويرجع ذلك لتقدير الزوج نفسه هل يحتاج للإنجاب ولا تكتمل حياته ولا تستقر إلا به، أم أنه يمكن له الاستغناء عنه، ويمكن أن يكون التعدّد واجباً بل أظهر في الوجوب لمن كانت زوجته تعاني من مرضٍ يصعب مُعاشرتها معه دون ضرر له أو لها، ويجد الرجل في نفسه القدرة على الزواج ولا يصبر عليه، فيجب عليه الزواج ليُعفَّ نفسه من الوقوع في الحرام، وفيما يلي تفصيل الحالات التي يجب فيها التعدد بشكلٍ أوضح:[٨]
    • أن تكون الزوجة الأولى مريضةً بداءٍ يَستحيل في وجوده حصول المعاشرة الزوجية، وحيث أن المعاشرة هي من مقتضيات عقد الزواج فإن التعدد في هذه الحالة يجب على الزوج الذي لا يصبر عن ترك المعاشرة حفظاً له من الوقوع في المعاصي.
    • عدم قدرة الزوجة الأولى على الإنجاب، مع حاجة الزوج ورغبته فيه، حيث أن القصد والغاية من الزواج حصول التناسل والتكاثر بين أفراد الأمة الإسلامية.
  • استحباب التعدد: ربما يكون الزواج في بعض الحالات مُستحباً، وذلك لمن كانت لديه قدرةٌ ماليةٌ وبدنيةٌ على الزواج، مع وجود القدرة عنده على العدل بين زوجاته إن عدَّد.
  • ندب التعدد: يكون التعدد مندوباً في بعض الحالات، وتحديداً فإنه يُندب لمن كان قصده من التعدد الوصول إلى غايةٍ شرعيَّة كأن تكون غايته ونيته تكثير سواد المسلمين، أو حلّ مشكلة العنوسة عند نساء المسليمن، أو أن يخشى على نفسه الوقوع في الحرام بسبب عدم اكتفائه بزوجةٍ واحدة.
  • كراهية التعدد: يُصبح التعدد مكرهاً في حالات معينة؛ كأن يكون لدى الرجل القدرة المالية والجسديّة على التعدد، ولكنه لا يعلم إن عدَّد هل سيعدل بين زوجاته أم لا. فإن غلب عليه الظن بعدم القدرة على العدل أصبح التعدد في حقه مُحرماً.[٨]
  • حُرمة التعدد: كما أن التعدد يكون واجباً وُمستحباً ومكرهاً ومندوباً فإنه يمكن أن يكون مُحرّماً، وذلك لمن لم يملك القدرة عليه، فلم يملك المال الكافي للزواج الثاني، وإن تزوج بالثانية أدى ذلك إلى فقره وعجزه عن الإنفاق على زوجاته وأولاده، أو لم تكن لديه قدرةٌ جسديةٌ للزواج الثاني فيلحق الضرر بنفسه أو بزوجتيه أو إحداهما بعدم القدرة على إعفافها وإشباع رغبتها، أو من حيث عدم القدرة على العدل بين الزوجات إن لجأ إليه.[٨]

الأصل في الزواج التعدد أم الإفراد

اختلف الفقهاء في كون الأصل في الزواج التعدد أم الإفراد، وفيما يلي رأي كل فريقٍ ودليله فيما يخص هذه المسألة تفصيلاً:[٩]

  • الرأي الأول: ذهب فريقٌ من العلماء إلى القول إنّ الأصل في الزواج التعدد، أما الواحدة -الإفراد- في استثناء لقاعدة الزواج التي جاءت في كتاب الله، وقد استدلوا على قولهم بقول الله سبحانه وتعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا)،[٧] فدلالة النص كما يقولون تُشير إلى أن الأصل في الزواج التعدد حيث إنّ الله -سبحانه وتعالى- بدأ بذكر التعدد بقوله تعالى: (مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) ثم انتقل إلى الاستثناء لمن عجز عن التعدد فقال: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً)؛ فدلَّ ذلك على أنّ الواحدة لا يُلجأ إليها إلا لمن كان له وضعٌ استثنائي بعدم وجود القدرة المالية أو الجسدية، أو خشي عدم العدل بين زوجاته.
  • الرأي الثاني: ذهب فريقٌ من الفقهاء إلى القول إنّ الأصل في الزّواج هو الواحدة لا التعدد، ودليلهم قول الله سبحانه وتعالى: (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ)،[١٠] فقد أشارت الآية إلى أن تحقق العدل بين الزوجات الذي هو شرطٌ في إباحة التعدد أمرٌ نادر الحصول، فدلَّ ذلك على أن الأصل الواحدة لأن ذلك هو الغالب، وأن التعدد هو الاستثناء لأنه النادر.

الحكمة من تعدّد الزّوجات

عندما شرَع الإسلام التعدد لم يشرعه لإشباع الغريزة البشرية فحسب، بل في ذلك مجموعةٌ من الغايات السامية التي أراد الشارع الوصول إليها، فإن الإسلام لم يُبح شيئاً إلا لحاجة الناس له، ودوره في تحقيق الاستقرار والأمان لأبناء المجتمع المسلم كمنظومةٍ متكاملةٍ فلم ينظر في ذلك للفرد بل لبى حاجة المجتمع أولاً، ثم انتقل لحاجة الفرد فأشبعها، وفيما يلي بعض الحكم التي أرشد إليها الإسلام عندما شرع التعدد:[١١]

  • يُقصد من التعدّد تكثير سواد المسلمين: فقد دعا إلى التناسل والتكاثر حتى تبقى الأمة الإسلاميّة شابةً فتيّة، ووجه ذلك من خلال اللجوء للزواج الشرعيّ ثم التعدد، حيث إنّ الزواج والتعدد يؤدّي إلى تغليب فئة الشباب المنتجة على فئة كبار السن المستهلكة، مما يؤثر إيجاباً في قوة المجتمع المسلم.
  • مواجهة ظاهرة العنوسة في النساء: من المعلوم أنّ مشاركة الرّجال في الحروب والمعارك تؤدي إلى تغليب فئة النساء على الشباب بسبب حصول القتل في الرجال خاصةً في المعارك، وتَعرّضهم للكوارث الطبيعيّة في العمل الشاق، حيث إنّ المرأة تستعيض عن ذلك بالبقاء في بيتها لرعاية زوجها وأبنائها، لذلك فقد جاء التعدد لتقليل أثر ظاهرة العنوسة في المجتمع الإسلاميّ، ومنع النساء من اللجوء للحرام نتيجة عدم الزواج.
  • التعدد يؤدي إلى الحد من المشاكل الأخلاقية: فإن النساء العوانس ربما يلجأن لإشباع غرائزهن إلى المحرم من القول والفعل كالزنا وغيره، فجاء التعدد ليحل تلك المشكلة من خلال ارتباطهن بأزواج من خلال وسيلة شرعيّة تؤدي إلى إعفافهن وإشباع رغباتهن.

المراجع

  1. سورة الطور، آية: 20.
  2. سورة التكوير، آية: 7.
  3. ابن منظور، لسان العرب، بيروت: دار صادر، صفحة 625، جزء 2. بتصرّف.
  4. عثمان بن علي بن محجن البارعي المعروف بالزيلعي (1313 هـ)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ، بولاق – القاهرة: المطبعة الكبرى الأميرية، صفحة 94، جزء 2. بتصرّف.
  5. أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيثمي (1983)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 183، جزء 7.
  6. عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة 2)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 8، جزء 4.
  7. ^ أ ب سورة النساء، آية: 3.
  8. ^ أ ب ت ث الإمام الشافعي أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبي القرشي (1990)، الأم، بيروت: دار المعرفة، صفحة 155، جزء 5.
  9. أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص الحنفي (1994)، الفصول في الأصول (الطبعة الثانية)، الكويت: وزارة الأوقاف الكويتية، صفحة 27، جزء 4. بتصرّف.
  10. سورة النساء، آية: 129.
  11. محمد صالح المنجد، “حكم تعدد الزوجات والحكمة منه”، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-2017. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعدد الزوجات

يُعتبر الزّواج وسيلةً ساميةً للتكاثر والتناسل بين أفراد الجنس البشريّ يوصل إلى الغاية الإلهيّة الأولى في استمرار الحياة البشريّة على وجه المعمورة، ومن المسائل بالغة الأهمية بالزواج التي فصَّل الإسلام في حكمها وبيّنها، موضوع التعدد وأحكامه وشروطه وحالاته، حيث جاء بيانه في نصوص السنة النبويّة كما ذكرته الآيات القرآنية في بعض المواضع التي تطرّقت للزواج، ومن ناحيةٍ أخرى فإن تعدد الزوجات عملياً كان سائداً في المجتمعات عموماً، ومنعته بعض الأديان وحرَّمته، فما حكم تعدد الزوجات؟ وما أصل مشروعيته؟ ومتى يُباح التعدد ومتى لا يُباح، ذلك ما ستبحثه هذه المقالة بعد توفيق الله.

تعريف الزواج لغةً واصطلاحاً

  • الزواج لغةً: والتزويج مصدر زوَّج يزوِّج، فهو مزوِّج، والمفعول منه مزوَّج، وزوَّج امرأةً: أي أنكحها لأحد الرجال، ويُقصد به الإذن بالزواج أو ولي المرأة، قال تعالى: (وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ)،[١] أما قولهم: زوَّج الشَّيءَ بالشَّيء، وزوَّجه إليه: أي قرنه به، قال تعالى: (وإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ)،[٢] والنكاح: مصدر نَكَحَ، ونَكَحَ فُلَانٌ امرأَة ينكَحُها: أي تَزوجها، ونَكَحَها يَنْكِحُها: أي بَاضَعَهَا.[٣]
  • الزواج اصطلاحاً: الزواج في الاصطلاح: هو عقدٌ يرد على تملُّك المُتعة قصداً،[٤] أما فقهاء الشافعية فقد عرَّفوا عقد الزواج بأنّه: عقد يتضمّن إباحة الوطء باللفظ الدّال عليه أو اللفظ الآتي،[٥]

أما فقهاء المذهب المالكي فيرون أنّ الزواج يُعرَّف بأنه: عقدٌ يرِدُ على مجرّد متعة التلذّذ بآدمية غير موجبٍ قيمتها ببينة قبله، غير عالمٍ عاقده حرمتها عليه.[٦]

حكم تعدد الزوجات

تعدّد الزّوجات من الأمور التي ورد فيها خلافٌ بين الفقهاء، إلا أنّ الحكم الأصلي له عند الفقهاء هو الجواز، ويدلُّ على ذلك ما جاء في القرآن والسنة، ومنها قول الله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا)،[٧]

أما من السنَّة فدليل جواز التَّعدد هو فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أجمع الصحابة على جواز التعدد، وقام بعضهم به بعد النبي صلى الله عليه وسلم، أما من حيث الحكم الاستثنائي للتعدد فإن الفقهاء يرون أنّ للتعدّد عدة أحكام بحسب حالته، فيرد عليه الوجوب، والتحريم، والكراهة، والاستحباب والندب، ويرجع ذلك للقصد من التعدّد وسببه الفردي عند من يريده.[٨] وفيما يلي حالات وأحكام التعدد:

  • وجوب التعدد: فإن التعدّد في هذه الحالة يكون ضرورةٌ حتمية كأن يكون القصد منه طلب النسل إذا كانت الزوجة الأولى عاجزةً عن الإنجاب، ويرجع ذلك لتقدير الزوج نفسه هل يحتاج للإنجاب ولا تكتمل حياته ولا تستقر إلا به، أم أنه يمكن له الاستغناء عنه، ويمكن أن يكون التعدّد واجباً بل أظهر في الوجوب لمن كانت زوجته تعاني من مرضٍ يصعب مُعاشرتها معه دون ضرر له أو لها، ويجد الرجل في نفسه القدرة على الزواج ولا يصبر عليه، فيجب عليه الزواج ليُعفَّ نفسه من الوقوع في الحرام، وفيما يلي تفصيل الحالات التي يجب فيها التعدد بشكلٍ أوضح:[٨]
    • أن تكون الزوجة الأولى مريضةً بداءٍ يَستحيل في وجوده حصول المعاشرة الزوجية، وحيث أن المعاشرة هي من مقتضيات عقد الزواج فإن التعدد في هذه الحالة يجب على الزوج الذي لا يصبر عن ترك المعاشرة حفظاً له من الوقوع في المعاصي.
    • عدم قدرة الزوجة الأولى على الإنجاب، مع حاجة الزوج ورغبته فيه، حيث أن القصد والغاية من الزواج حصول التناسل والتكاثر بين أفراد الأمة الإسلامية.
  • استحباب التعدد: ربما يكون الزواج في بعض الحالات مُستحباً، وذلك لمن كانت لديه قدرةٌ ماليةٌ وبدنيةٌ على الزواج، مع وجود القدرة عنده على العدل بين زوجاته إن عدَّد.
  • ندب التعدد: يكون التعدد مندوباً في بعض الحالات، وتحديداً فإنه يُندب لمن كان قصده من التعدد الوصول إلى غايةٍ شرعيَّة كأن تكون غايته ونيته تكثير سواد المسلمين، أو حلّ مشكلة العنوسة عند نساء المسليمن، أو أن يخشى على نفسه الوقوع في الحرام بسبب عدم اكتفائه بزوجةٍ واحدة.
  • كراهية التعدد: يُصبح التعدد مكرهاً في حالات معينة؛ كأن يكون لدى الرجل القدرة المالية والجسديّة على التعدد، ولكنه لا يعلم إن عدَّد هل سيعدل بين زوجاته أم لا. فإن غلب عليه الظن بعدم القدرة على العدل أصبح التعدد في حقه مُحرماً.[٨]
  • حُرمة التعدد: كما أن التعدد يكون واجباً وُمستحباً ومكرهاً ومندوباً فإنه يمكن أن يكون مُحرّماً، وذلك لمن لم يملك القدرة عليه، فلم يملك المال الكافي للزواج الثاني، وإن تزوج بالثانية أدى ذلك إلى فقره وعجزه عن الإنفاق على زوجاته وأولاده، أو لم تكن لديه قدرةٌ جسديةٌ للزواج الثاني فيلحق الضرر بنفسه أو بزوجتيه أو إحداهما بعدم القدرة على إعفافها وإشباع رغبتها، أو من حيث عدم القدرة على العدل بين الزوجات إن لجأ إليه.[٨]

الأصل في الزواج التعدد أم الإفراد

اختلف الفقهاء في كون الأصل في الزواج التعدد أم الإفراد، وفيما يلي رأي كل فريقٍ ودليله فيما يخص هذه المسألة تفصيلاً:[٩]

  • الرأي الأول: ذهب فريقٌ من العلماء إلى القول إنّ الأصل في الزواج التعدد، أما الواحدة -الإفراد- في استثناء لقاعدة الزواج التي جاءت في كتاب الله، وقد استدلوا على قولهم بقول الله سبحانه وتعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا)،[٧] فدلالة النص كما يقولون تُشير إلى أن الأصل في الزواج التعدد حيث إنّ الله -سبحانه وتعالى- بدأ بذكر التعدد بقوله تعالى: (مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) ثم انتقل إلى الاستثناء لمن عجز عن التعدد فقال: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً)؛ فدلَّ ذلك على أنّ الواحدة لا يُلجأ إليها إلا لمن كان له وضعٌ استثنائي بعدم وجود القدرة المالية أو الجسدية، أو خشي عدم العدل بين زوجاته.
  • الرأي الثاني: ذهب فريقٌ من الفقهاء إلى القول إنّ الأصل في الزّواج هو الواحدة لا التعدد، ودليلهم قول الله سبحانه وتعالى: (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ)،[١٠] فقد أشارت الآية إلى أن تحقق العدل بين الزوجات الذي هو شرطٌ في إباحة التعدد أمرٌ نادر الحصول، فدلَّ ذلك على أن الأصل الواحدة لأن ذلك هو الغالب، وأن التعدد هو الاستثناء لأنه النادر.

الحكمة من تعدّد الزّوجات

عندما شرَع الإسلام التعدد لم يشرعه لإشباع الغريزة البشرية فحسب، بل في ذلك مجموعةٌ من الغايات السامية التي أراد الشارع الوصول إليها، فإن الإسلام لم يُبح شيئاً إلا لحاجة الناس له، ودوره في تحقيق الاستقرار والأمان لأبناء المجتمع المسلم كمنظومةٍ متكاملةٍ فلم ينظر في ذلك للفرد بل لبى حاجة المجتمع أولاً، ثم انتقل لحاجة الفرد فأشبعها، وفيما يلي بعض الحكم التي أرشد إليها الإسلام عندما شرع التعدد:[١١]

  • يُقصد من التعدّد تكثير سواد المسلمين: فقد دعا إلى التناسل والتكاثر حتى تبقى الأمة الإسلاميّة شابةً فتيّة، ووجه ذلك من خلال اللجوء للزواج الشرعيّ ثم التعدد، حيث إنّ الزواج والتعدد يؤدّي إلى تغليب فئة الشباب المنتجة على فئة كبار السن المستهلكة، مما يؤثر إيجاباً في قوة المجتمع المسلم.
  • مواجهة ظاهرة العنوسة في النساء: من المعلوم أنّ مشاركة الرّجال في الحروب والمعارك تؤدي إلى تغليب فئة النساء على الشباب بسبب حصول القتل في الرجال خاصةً في المعارك، وتَعرّضهم للكوارث الطبيعيّة في العمل الشاق، حيث إنّ المرأة تستعيض عن ذلك بالبقاء في بيتها لرعاية زوجها وأبنائها، لذلك فقد جاء التعدد لتقليل أثر ظاهرة العنوسة في المجتمع الإسلاميّ، ومنع النساء من اللجوء للحرام نتيجة عدم الزواج.
  • التعدد يؤدي إلى الحد من المشاكل الأخلاقية: فإن النساء العوانس ربما يلجأن لإشباع غرائزهن إلى المحرم من القول والفعل كالزنا وغيره، فجاء التعدد ليحل تلك المشكلة من خلال ارتباطهن بأزواج من خلال وسيلة شرعيّة تؤدي إلى إعفافهن وإشباع رغباتهن.

المراجع

  1. سورة الطور، آية: 20.
  2. سورة التكوير، آية: 7.
  3. ابن منظور، لسان العرب، بيروت: دار صادر، صفحة 625، جزء 2. بتصرّف.
  4. عثمان بن علي بن محجن البارعي المعروف بالزيلعي (1313 هـ)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ، بولاق – القاهرة: المطبعة الكبرى الأميرية، صفحة 94، جزء 2. بتصرّف.
  5. أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيثمي (1983)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 183، جزء 7.
  6. عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة 2)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 8، جزء 4.
  7. ^ أ ب سورة النساء، آية: 3.
  8. ^ أ ب ت ث الإمام الشافعي أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبي القرشي (1990)، الأم، بيروت: دار المعرفة، صفحة 155، جزء 5.
  9. أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص الحنفي (1994)، الفصول في الأصول (الطبعة الثانية)، الكويت: وزارة الأوقاف الكويتية، صفحة 27، جزء 4. بتصرّف.
  10. سورة النساء، آية: 129.
  11. محمد صالح المنجد، “حكم تعدد الزوجات والحكمة منه”، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-2017. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى