النوافل

أفضل وقت لقيام الليل

أفضل وقت لقيام الليل

الوقت المشروع لقيام الليل يبدأ منذ صلاة العشاء، وينتهي بطلوع الفجر، وبذلك يكون وقته واسعاً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى صلاة الوتر، وصلاة التراويح،[١] وقد أجاز العلماء أن يُصلّي المسلم القيام في أوّل الليل، أو في أوسطه، أو في آخره، وهو فِعل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ كان يُنوّع في أوقات نومه بالليل، فمتى تيسّر له قام إلى الصلاة، وقد ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قوله في فِعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما كنَّا نشاءُ أن نرى رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في اللَّيلِ مصلِّيًا إلاَّ رأيناهُ ولاَ نشاءُ أن نراهُ نائمًا إلاَّ رأيناه)،[٢][٣] ويُشار إلى أنّ للعلماء في أفضل وقت لقيام الليل أقوال، وبيانها فيما يأتي:

  • جمهور الفقهاء: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة إلى أنّ القيام في السُّدسَين: الرابع، والخامس من الليل أفضل؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْل، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا).[٤] والنصف الأخير من الليل أفضل للقيام لِمَن أراد أن يجعل الليل نصفَين، وإن أراد تقسيمه إلى أثلاث، فقيام الثُّلُث الأوسط أفضل، وينام في الثُّلثَين: الأوّل، والأخير؛ لكون المَشقّة في الوسط أكبر، والمُستيقِظين للصلاة فيه أقلّ، وكره الحنابلة والشافعية قيام الليل كلّه؛ إذ لم يرد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قام الليل كلّه مُصلِّياً حتى طلع الصبح إلّا فيما ورد من قيامه في العشر الأواخر من شهر رمضان؛ لحديث عائشة: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ).[٥][٦]
  • المالكيّة: ذهبوا إلى أنّ الصلاة في الثُّلث الأخير من الليل أفضل لِمَن اعتاد الاستيقاظ فيه، أمّا مَن اعتاد الرقود آخر الليل وعدم الاستيقاظ، فالأفضل أن يحتاط ويُصلّي في أوّل الليل.[٦]

حُكم قيام الليل كاملاً

قيام الليل عبادة عظيمة القَدْر عند الله -سبحانه وتعالى-، فقد وصفَ بها عبادَه الصالحين المُقرَّبين، وكلّ صلاة يُصلّيها العبد في الليل بعد صلاة العشاء هي صلاة قيامٍ لليل، ويجوز أن يقومه المسلم في أيّ وقت من الليل ما بين العشاء والفجر، ولكن يُكرَه أن يُداوم على قيامه كلّه بصفة مُستمِرّة،[٧] وتجدر الإشارة إلى أنّ قيام الليل كان مِمّا داوم عليه الصالحون؛ فمنهم من كان يقومه كلّه، ومنهم من كان يقوم بعضه، وقد شرع الله -تعالى- قيام جزء من الليل، فقال: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ*قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً*نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً*أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)،[٨] كما لم يقم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الليل كلّه، ولا أصحابه من بَعده، والذي ورد عنه -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان ينام جزءاً من الليل؛ ثُلُثه، أو سُدُسه، أو نَحوٍ من ذلك، ومن الغُلوّ أن يداوم المسلم على القيام دون أيّ نوم في الليل.[٩]

أجر قيام الليل في الدُّنيا والآخرة

يجتمع في قيام الليل حصول الأجر للعبد في الدُّنيا، والآخرة؛ فتتحصّل اللذّة بالقيام في الدُّنيا ويعيشها في لحظتها، كما يجد في صحيفته في الآخرة أجراً عظيماً، ومقاماً رفيعاً، ومن الفائدة التي تعود على العبد من قيام الليل في الحياة الدُّنيا أنّ صلاته تكون رادعاً له عن اقتراف المعاصي، أو إتيان المُنكَرات، كما يتجنّب الفحشاء؛ لقوله -تعالى-: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)،[١٠] كما أنّ القيام طاردٌ للعجز، والوَهَن، والكسل عن المسلم، وذلك أدعى لأن يتحصّل المسلم على الخير الذي يبغيه في دُنياه؛ إذ يُناجي ربّه ويدعوه بمصالح الدُّنيا، فيستجيب الله دعاءه؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ مِنَ اللَّيْلِ ساعَةً، لا يُوافِقُها عَبْدٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا، إلَّا أعْطاهُ إيَّاهُ.).[١١][١٢]

ويحتسب المسلم عبادته لله -تعالى-؛ لينالَ الأجر يوم القيامة، كما يتحصّل قائم الليل على رضا الله -سبحانه وتعالى- في الآخرة؛ فهو يترك نومَه، ولذّتَه، وأهلَه، ويقوم لله ساجداً، وراكعاً، وقد ورد الوعد بالنعيم له في قوله -تعالى-: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ*فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)،[١٣][١٢] ويقتدي المسلم بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في القيام؛ فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يقوم من الليل حتى تتورّم قدماه قياماً يشكر الله -تعالى- فيه على نِعَمه التي أنعمَها عليه، وقد أخبرت عائشة -رضي الله عنها- عن فِعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فقالت: (أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا).[١٤][١٥]

المراجع

  1. محمود عبداللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 75، جزء 3. بتصرّف.
  2. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1626، صحيح.
  3. كمال بن السيد سالم (2003م)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوقيفية، صفحة 400. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1131، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1174، صحيح.
  6. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 119-120، جزء 34. بتصرّف.
  7. “حكم قيام الليل كله على الدوام”، aliftaa.jo، 11-11-2012، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2020. بتصرّف.
  8. سورة المزمل، آية: 1-4.
  9. سلمان العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 44. بتصرّف.
  10. سورة العنكبوت، آية: 45.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم: 757، صحيح.
  12. ^ أ ب رقية المحارب، الإبانة عن أسباب الإعانة على صلاة الفجر وقيام الليل، صفحة 20-26. بتصرّف.
  13. سورة السجدة، آية: 15-16.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4837، صحيح.
  15. “من فوائد قيام الليل الدنيوية والأخروية”، www.islamweb.net، 6-1-2009، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أفضل وقت لقيام الليل

الوقت المشروع لقيام الليل يبدأ منذ صلاة العشاء، وينتهي بطلوع الفجر، وبذلك يكون وقته واسعاً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى صلاة الوتر، وصلاة التراويح،[١] وقد أجاز العلماء أن يُصلّي المسلم القيام في أوّل الليل، أو في أوسطه، أو في آخره، وهو فِعل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ كان يُنوّع في أوقات نومه بالليل، فمتى تيسّر له قام إلى الصلاة، وقد ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قوله في فِعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما كنَّا نشاءُ أن نرى رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في اللَّيلِ مصلِّيًا إلاَّ رأيناهُ ولاَ نشاءُ أن نراهُ نائمًا إلاَّ رأيناه)،[٢][٣] ويُشار إلى أنّ للعلماء في أفضل وقت لقيام الليل أقوال، وبيانها فيما يأتي:

  • جمهور الفقهاء: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة إلى أنّ القيام في السُّدسَين: الرابع، والخامس من الليل أفضل؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْل، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا).[٤] والنصف الأخير من الليل أفضل للقيام لِمَن أراد أن يجعل الليل نصفَين، وإن أراد تقسيمه إلى أثلاث، فقيام الثُّلُث الأوسط أفضل، وينام في الثُّلثَين: الأوّل، والأخير؛ لكون المَشقّة في الوسط أكبر، والمُستيقِظين للصلاة فيه أقلّ، وكره الحنابلة والشافعية قيام الليل كلّه؛ إذ لم يرد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قام الليل كلّه مُصلِّياً حتى طلع الصبح إلّا فيما ورد من قيامه في العشر الأواخر من شهر رمضان؛ لحديث عائشة: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ).[٥][٦]
  • المالكيّة: ذهبوا إلى أنّ الصلاة في الثُّلث الأخير من الليل أفضل لِمَن اعتاد الاستيقاظ فيه، أمّا مَن اعتاد الرقود آخر الليل وعدم الاستيقاظ، فالأفضل أن يحتاط ويُصلّي في أوّل الليل.[٦]

حُكم قيام الليل كاملاً

قيام الليل عبادة عظيمة القَدْر عند الله -سبحانه وتعالى-، فقد وصفَ بها عبادَه الصالحين المُقرَّبين، وكلّ صلاة يُصلّيها العبد في الليل بعد صلاة العشاء هي صلاة قيامٍ لليل، ويجوز أن يقومه المسلم في أيّ وقت من الليل ما بين العشاء والفجر، ولكن يُكرَه أن يُداوم على قيامه كلّه بصفة مُستمِرّة،[٧] وتجدر الإشارة إلى أنّ قيام الليل كان مِمّا داوم عليه الصالحون؛ فمنهم من كان يقومه كلّه، ومنهم من كان يقوم بعضه، وقد شرع الله -تعالى- قيام جزء من الليل، فقال: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ*قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً*نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً*أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)،[٨] كما لم يقم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الليل كلّه، ولا أصحابه من بَعده، والذي ورد عنه -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان ينام جزءاً من الليل؛ ثُلُثه، أو سُدُسه، أو نَحوٍ من ذلك، ومن الغُلوّ أن يداوم المسلم على القيام دون أيّ نوم في الليل.[٩]

أجر قيام الليل في الدُّنيا والآخرة

يجتمع في قيام الليل حصول الأجر للعبد في الدُّنيا، والآخرة؛ فتتحصّل اللذّة بالقيام في الدُّنيا ويعيشها في لحظتها، كما يجد في صحيفته في الآخرة أجراً عظيماً، ومقاماً رفيعاً، ومن الفائدة التي تعود على العبد من قيام الليل في الحياة الدُّنيا أنّ صلاته تكون رادعاً له عن اقتراف المعاصي، أو إتيان المُنكَرات، كما يتجنّب الفحشاء؛ لقوله -تعالى-: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)،[١٠] كما أنّ القيام طاردٌ للعجز، والوَهَن، والكسل عن المسلم، وذلك أدعى لأن يتحصّل المسلم على الخير الذي يبغيه في دُنياه؛ إذ يُناجي ربّه ويدعوه بمصالح الدُّنيا، فيستجيب الله دعاءه؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ مِنَ اللَّيْلِ ساعَةً، لا يُوافِقُها عَبْدٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا، إلَّا أعْطاهُ إيَّاهُ.).[١١][١٢]

ويحتسب المسلم عبادته لله -تعالى-؛ لينالَ الأجر يوم القيامة، كما يتحصّل قائم الليل على رضا الله -سبحانه وتعالى- في الآخرة؛ فهو يترك نومَه، ولذّتَه، وأهلَه، ويقوم لله ساجداً، وراكعاً، وقد ورد الوعد بالنعيم له في قوله -تعالى-: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ*فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)،[١٣][١٢] ويقتدي المسلم بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في القيام؛ فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يقوم من الليل حتى تتورّم قدماه قياماً يشكر الله -تعالى- فيه على نِعَمه التي أنعمَها عليه، وقد أخبرت عائشة -رضي الله عنها- عن فِعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فقالت: (أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا).[١٤][١٥]

المراجع

  1. محمود عبداللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 75، جزء 3. بتصرّف.
  2. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1626، صحيح.
  3. كمال بن السيد سالم (2003م)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوقيفية، صفحة 400. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1131، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1174، صحيح.
  6. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 119-120، جزء 34. بتصرّف.
  7. “حكم قيام الليل كله على الدوام”، aliftaa.jo، 11-11-2012، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2020. بتصرّف.
  8. سورة المزمل، آية: 1-4.
  9. سلمان العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 44. بتصرّف.
  10. سورة العنكبوت، آية: 45.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم: 757، صحيح.
  12. ^ أ ب رقية المحارب، الإبانة عن أسباب الإعانة على صلاة الفجر وقيام الليل، صفحة 20-26. بتصرّف.
  13. سورة السجدة، آية: 15-16.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4837، صحيح.
  15. “من فوائد قيام الليل الدنيوية والأخروية”، www.islamweb.net، 6-1-2009، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أفضل وقت لقيام الليل

الوقت المشروع لقيام الليل يبدأ منذ صلاة العشاء، وينتهي بطلوع الفجر، وبذلك يكون وقته واسعاً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى صلاة الوتر، وصلاة التراويح،[١] وقد أجاز العلماء أن يُصلّي المسلم القيام في أوّل الليل، أو في أوسطه، أو في آخره، وهو فِعل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ كان يُنوّع في أوقات نومه بالليل، فمتى تيسّر له قام إلى الصلاة، وقد ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قوله في فِعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما كنَّا نشاءُ أن نرى رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في اللَّيلِ مصلِّيًا إلاَّ رأيناهُ ولاَ نشاءُ أن نراهُ نائمًا إلاَّ رأيناه)،[٢][٣] ويُشار إلى أنّ للعلماء في أفضل وقت لقيام الليل أقوال، وبيانها فيما يأتي:

  • جمهور الفقهاء: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة إلى أنّ القيام في السُّدسَين: الرابع، والخامس من الليل أفضل؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْل، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا).[٤] والنصف الأخير من الليل أفضل للقيام لِمَن أراد أن يجعل الليل نصفَين، وإن أراد تقسيمه إلى أثلاث، فقيام الثُّلُث الأوسط أفضل، وينام في الثُّلثَين: الأوّل، والأخير؛ لكون المَشقّة في الوسط أكبر، والمُستيقِظين للصلاة فيه أقلّ، وكره الحنابلة والشافعية قيام الليل كلّه؛ إذ لم يرد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قام الليل كلّه مُصلِّياً حتى طلع الصبح إلّا فيما ورد من قيامه في العشر الأواخر من شهر رمضان؛ لحديث عائشة: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ).[٥][٦]
  • المالكيّة: ذهبوا إلى أنّ الصلاة في الثُّلث الأخير من الليل أفضل لِمَن اعتاد الاستيقاظ فيه، أمّا مَن اعتاد الرقود آخر الليل وعدم الاستيقاظ، فالأفضل أن يحتاط ويُصلّي في أوّل الليل.[٦]

حُكم قيام الليل كاملاً

قيام الليل عبادة عظيمة القَدْر عند الله -سبحانه وتعالى-، فقد وصفَ بها عبادَه الصالحين المُقرَّبين، وكلّ صلاة يُصلّيها العبد في الليل بعد صلاة العشاء هي صلاة قيامٍ لليل، ويجوز أن يقومه المسلم في أيّ وقت من الليل ما بين العشاء والفجر، ولكن يُكرَه أن يُداوم على قيامه كلّه بصفة مُستمِرّة،[٧] وتجدر الإشارة إلى أنّ قيام الليل كان مِمّا داوم عليه الصالحون؛ فمنهم من كان يقومه كلّه، ومنهم من كان يقوم بعضه، وقد شرع الله -تعالى- قيام جزء من الليل، فقال: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ*قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً*نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً*أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)،[٨] كما لم يقم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الليل كلّه، ولا أصحابه من بَعده، والذي ورد عنه -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان ينام جزءاً من الليل؛ ثُلُثه، أو سُدُسه، أو نَحوٍ من ذلك، ومن الغُلوّ أن يداوم المسلم على القيام دون أيّ نوم في الليل.[٩]

أجر قيام الليل في الدُّنيا والآخرة

يجتمع في قيام الليل حصول الأجر للعبد في الدُّنيا، والآخرة؛ فتتحصّل اللذّة بالقيام في الدُّنيا ويعيشها في لحظتها، كما يجد في صحيفته في الآخرة أجراً عظيماً، ومقاماً رفيعاً، ومن الفائدة التي تعود على العبد من قيام الليل في الحياة الدُّنيا أنّ صلاته تكون رادعاً له عن اقتراف المعاصي، أو إتيان المُنكَرات، كما يتجنّب الفحشاء؛ لقوله -تعالى-: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)،[١٠] كما أنّ القيام طاردٌ للعجز، والوَهَن، والكسل عن المسلم، وذلك أدعى لأن يتحصّل المسلم على الخير الذي يبغيه في دُنياه؛ إذ يُناجي ربّه ويدعوه بمصالح الدُّنيا، فيستجيب الله دعاءه؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ مِنَ اللَّيْلِ ساعَةً، لا يُوافِقُها عَبْدٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا، إلَّا أعْطاهُ إيَّاهُ.).[١١][١٢]

ويحتسب المسلم عبادته لله -تعالى-؛ لينالَ الأجر يوم القيامة، كما يتحصّل قائم الليل على رضا الله -سبحانه وتعالى- في الآخرة؛ فهو يترك نومَه، ولذّتَه، وأهلَه، ويقوم لله ساجداً، وراكعاً، وقد ورد الوعد بالنعيم له في قوله -تعالى-: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ*فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)،[١٣][١٢] ويقتدي المسلم بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في القيام؛ فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يقوم من الليل حتى تتورّم قدماه قياماً يشكر الله -تعالى- فيه على نِعَمه التي أنعمَها عليه، وقد أخبرت عائشة -رضي الله عنها- عن فِعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فقالت: (أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا).[١٤][١٥]

المراجع

  1. محمود عبداللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 75، جزء 3. بتصرّف.
  2. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1626، صحيح.
  3. كمال بن السيد سالم (2003م)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوقيفية، صفحة 400. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1131، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1174، صحيح.
  6. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 119-120، جزء 34. بتصرّف.
  7. “حكم قيام الليل كله على الدوام”، aliftaa.jo، 11-11-2012، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2020. بتصرّف.
  8. سورة المزمل، آية: 1-4.
  9. سلمان العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 44. بتصرّف.
  10. سورة العنكبوت، آية: 45.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم: 757، صحيح.
  12. ^ أ ب رقية المحارب، الإبانة عن أسباب الإعانة على صلاة الفجر وقيام الليل، صفحة 20-26. بتصرّف.
  13. سورة السجدة، آية: 15-16.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4837، صحيح.
  15. “من فوائد قيام الليل الدنيوية والأخروية”، www.islamweb.net، 6-1-2009، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أفضل وقت لقيام الليل

الوقت المشروع لقيام الليل يبدأ منذ صلاة العشاء، وينتهي بطلوع الفجر، وبذلك يكون وقته واسعاً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى صلاة الوتر، وصلاة التراويح،[١] وقد أجاز العلماء أن يُصلّي المسلم القيام في أوّل الليل، أو في أوسطه، أو في آخره، وهو فِعل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ كان يُنوّع في أوقات نومه بالليل، فمتى تيسّر له قام إلى الصلاة، وقد ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قوله في فِعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما كنَّا نشاءُ أن نرى رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في اللَّيلِ مصلِّيًا إلاَّ رأيناهُ ولاَ نشاءُ أن نراهُ نائمًا إلاَّ رأيناه)،[٢][٣] ويُشار إلى أنّ للعلماء في أفضل وقت لقيام الليل أقوال، وبيانها فيما يأتي:

  • جمهور الفقهاء: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة إلى أنّ القيام في السُّدسَين: الرابع، والخامس من الليل أفضل؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْل، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا).[٤] والنصف الأخير من الليل أفضل للقيام لِمَن أراد أن يجعل الليل نصفَين، وإن أراد تقسيمه إلى أثلاث، فقيام الثُّلُث الأوسط أفضل، وينام في الثُّلثَين: الأوّل، والأخير؛ لكون المَشقّة في الوسط أكبر، والمُستيقِظين للصلاة فيه أقلّ، وكره الحنابلة والشافعية قيام الليل كلّه؛ إذ لم يرد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قام الليل كلّه مُصلِّياً حتى طلع الصبح إلّا فيما ورد من قيامه في العشر الأواخر من شهر رمضان؛ لحديث عائشة: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ).[٥][٦]
  • المالكيّة: ذهبوا إلى أنّ الصلاة في الثُّلث الأخير من الليل أفضل لِمَن اعتاد الاستيقاظ فيه، أمّا مَن اعتاد الرقود آخر الليل وعدم الاستيقاظ، فالأفضل أن يحتاط ويُصلّي في أوّل الليل.[٦]

حُكم قيام الليل كاملاً

قيام الليل عبادة عظيمة القَدْر عند الله -سبحانه وتعالى-، فقد وصفَ بها عبادَه الصالحين المُقرَّبين، وكلّ صلاة يُصلّيها العبد في الليل بعد صلاة العشاء هي صلاة قيامٍ لليل، ويجوز أن يقومه المسلم في أيّ وقت من الليل ما بين العشاء والفجر، ولكن يُكرَه أن يُداوم على قيامه كلّه بصفة مُستمِرّة،[٧] وتجدر الإشارة إلى أنّ قيام الليل كان مِمّا داوم عليه الصالحون؛ فمنهم من كان يقومه كلّه، ومنهم من كان يقوم بعضه، وقد شرع الله -تعالى- قيام جزء من الليل، فقال: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ*قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً*نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً*أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)،[٨] كما لم يقم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الليل كلّه، ولا أصحابه من بَعده، والذي ورد عنه -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان ينام جزءاً من الليل؛ ثُلُثه، أو سُدُسه، أو نَحوٍ من ذلك، ومن الغُلوّ أن يداوم المسلم على القيام دون أيّ نوم في الليل.[٩]

أجر قيام الليل في الدُّنيا والآخرة

يجتمع في قيام الليل حصول الأجر للعبد في الدُّنيا، والآخرة؛ فتتحصّل اللذّة بالقيام في الدُّنيا ويعيشها في لحظتها، كما يجد في صحيفته في الآخرة أجراً عظيماً، ومقاماً رفيعاً، ومن الفائدة التي تعود على العبد من قيام الليل في الحياة الدُّنيا أنّ صلاته تكون رادعاً له عن اقتراف المعاصي، أو إتيان المُنكَرات، كما يتجنّب الفحشاء؛ لقوله -تعالى-: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)،[١٠] كما أنّ القيام طاردٌ للعجز، والوَهَن، والكسل عن المسلم، وذلك أدعى لأن يتحصّل المسلم على الخير الذي يبغيه في دُنياه؛ إذ يُناجي ربّه ويدعوه بمصالح الدُّنيا، فيستجيب الله دعاءه؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ مِنَ اللَّيْلِ ساعَةً، لا يُوافِقُها عَبْدٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا، إلَّا أعْطاهُ إيَّاهُ.).[١١][١٢]

ويحتسب المسلم عبادته لله -تعالى-؛ لينالَ الأجر يوم القيامة، كما يتحصّل قائم الليل على رضا الله -سبحانه وتعالى- في الآخرة؛ فهو يترك نومَه، ولذّتَه، وأهلَه، ويقوم لله ساجداً، وراكعاً، وقد ورد الوعد بالنعيم له في قوله -تعالى-: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ*فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)،[١٣][١٢] ويقتدي المسلم بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في القيام؛ فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يقوم من الليل حتى تتورّم قدماه قياماً يشكر الله -تعالى- فيه على نِعَمه التي أنعمَها عليه، وقد أخبرت عائشة -رضي الله عنها- عن فِعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فقالت: (أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا).[١٤][١٥]

المراجع

  1. محمود عبداللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 75، جزء 3. بتصرّف.
  2. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1626، صحيح.
  3. كمال بن السيد سالم (2003م)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوقيفية، صفحة 400. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1131، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1174، صحيح.
  6. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 119-120، جزء 34. بتصرّف.
  7. “حكم قيام الليل كله على الدوام”، aliftaa.jo، 11-11-2012، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2020. بتصرّف.
  8. سورة المزمل، آية: 1-4.
  9. سلمان العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 44. بتصرّف.
  10. سورة العنكبوت، آية: 45.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم: 757، صحيح.
  12. ^ أ ب رقية المحارب، الإبانة عن أسباب الإعانة على صلاة الفجر وقيام الليل، صفحة 20-26. بتصرّف.
  13. سورة السجدة، آية: 15-16.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4837، صحيح.
  15. “من فوائد قيام الليل الدنيوية والأخروية”، www.islamweb.net، 6-1-2009، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

أفضل وقت لقيام الليل

الوقت المشروع لقيام الليل يبدأ منذ صلاة العشاء، وينتهي بطلوع الفجر، وبذلك يكون وقته واسعاً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى صلاة الوتر، وصلاة التراويح،[١] وقد أجاز العلماء أن يُصلّي المسلم القيام في أوّل الليل، أو في أوسطه، أو في آخره، وهو فِعل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ كان يُنوّع في أوقات نومه بالليل، فمتى تيسّر له قام إلى الصلاة، وقد ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قوله في فِعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما كنَّا نشاءُ أن نرى رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في اللَّيلِ مصلِّيًا إلاَّ رأيناهُ ولاَ نشاءُ أن نراهُ نائمًا إلاَّ رأيناه)،[٢][٣] ويُشار إلى أنّ للعلماء في أفضل وقت لقيام الليل أقوال، وبيانها فيما يأتي:

  • جمهور الفقهاء: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة إلى أنّ القيام في السُّدسَين: الرابع، والخامس من الليل أفضل؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْل، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا).[٤] والنصف الأخير من الليل أفضل للقيام لِمَن أراد أن يجعل الليل نصفَين، وإن أراد تقسيمه إلى أثلاث، فقيام الثُّلُث الأوسط أفضل، وينام في الثُّلثَين: الأوّل، والأخير؛ لكون المَشقّة في الوسط أكبر، والمُستيقِظين للصلاة فيه أقلّ، وكره الحنابلة والشافعية قيام الليل كلّه؛ إذ لم يرد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قام الليل كلّه مُصلِّياً حتى طلع الصبح إلّا فيما ورد من قيامه في العشر الأواخر من شهر رمضان؛ لحديث عائشة: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ).[٥][٦]
  • المالكيّة: ذهبوا إلى أنّ الصلاة في الثُّلث الأخير من الليل أفضل لِمَن اعتاد الاستيقاظ فيه، أمّا مَن اعتاد الرقود آخر الليل وعدم الاستيقاظ، فالأفضل أن يحتاط ويُصلّي في أوّل الليل.[٦]

حُكم قيام الليل كاملاً

قيام الليل عبادة عظيمة القَدْر عند الله -سبحانه وتعالى-، فقد وصفَ بها عبادَه الصالحين المُقرَّبين، وكلّ صلاة يُصلّيها العبد في الليل بعد صلاة العشاء هي صلاة قيامٍ لليل، ويجوز أن يقومه المسلم في أيّ وقت من الليل ما بين العشاء والفجر، ولكن يُكرَه أن يُداوم على قيامه كلّه بصفة مُستمِرّة،[٧] وتجدر الإشارة إلى أنّ قيام الليل كان مِمّا داوم عليه الصالحون؛ فمنهم من كان يقومه كلّه، ومنهم من كان يقوم بعضه، وقد شرع الله -تعالى- قيام جزء من الليل، فقال: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ*قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً*نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً*أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)،[٨] كما لم يقم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الليل كلّه، ولا أصحابه من بَعده، والذي ورد عنه -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان ينام جزءاً من الليل؛ ثُلُثه، أو سُدُسه، أو نَحوٍ من ذلك، ومن الغُلوّ أن يداوم المسلم على القيام دون أيّ نوم في الليل.[٩]

أجر قيام الليل في الدُّنيا والآخرة

يجتمع في قيام الليل حصول الأجر للعبد في الدُّنيا، والآخرة؛ فتتحصّل اللذّة بالقيام في الدُّنيا ويعيشها في لحظتها، كما يجد في صحيفته في الآخرة أجراً عظيماً، ومقاماً رفيعاً، ومن الفائدة التي تعود على العبد من قيام الليل في الحياة الدُّنيا أنّ صلاته تكون رادعاً له عن اقتراف المعاصي، أو إتيان المُنكَرات، كما يتجنّب الفحشاء؛ لقوله -تعالى-: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)،[١٠] كما أنّ القيام طاردٌ للعجز، والوَهَن، والكسل عن المسلم، وذلك أدعى لأن يتحصّل المسلم على الخير الذي يبغيه في دُنياه؛ إذ يُناجي ربّه ويدعوه بمصالح الدُّنيا، فيستجيب الله دعاءه؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ مِنَ اللَّيْلِ ساعَةً، لا يُوافِقُها عَبْدٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا، إلَّا أعْطاهُ إيَّاهُ.).[١١][١٢]

ويحتسب المسلم عبادته لله -تعالى-؛ لينالَ الأجر يوم القيامة، كما يتحصّل قائم الليل على رضا الله -سبحانه وتعالى- في الآخرة؛ فهو يترك نومَه، ولذّتَه، وأهلَه، ويقوم لله ساجداً، وراكعاً، وقد ورد الوعد بالنعيم له في قوله -تعالى-: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ*فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)،[١٣][١٢] ويقتدي المسلم بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في القيام؛ فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يقوم من الليل حتى تتورّم قدماه قياماً يشكر الله -تعالى- فيه على نِعَمه التي أنعمَها عليه، وقد أخبرت عائشة -رضي الله عنها- عن فِعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فقالت: (أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا).[١٤][١٥]

المراجع

  1. محمود عبداللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 75، جزء 3. بتصرّف.
  2. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1626، صحيح.
  3. كمال بن السيد سالم (2003م)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوقيفية، صفحة 400. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1131، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1174، صحيح.
  6. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 119-120، جزء 34. بتصرّف.
  7. “حكم قيام الليل كله على الدوام”، aliftaa.jo، 11-11-2012، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2020. بتصرّف.
  8. سورة المزمل، آية: 1-4.
  9. سلمان العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 44. بتصرّف.
  10. سورة العنكبوت، آية: 45.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم: 757، صحيح.
  12. ^ أ ب رقية المحارب، الإبانة عن أسباب الإعانة على صلاة الفجر وقيام الليل، صفحة 20-26. بتصرّف.
  13. سورة السجدة، آية: 15-16.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4837، صحيح.
  15. “من فوائد قيام الليل الدنيوية والأخروية”، www.islamweb.net، 6-1-2009، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أفضل وقت لقيام الليل

الوقت المشروع لقيام الليل يبدأ منذ صلاة العشاء، وينتهي بطلوع الفجر، وبذلك يكون وقته واسعاً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى صلاة الوتر، وصلاة التراويح،[١] وقد أجاز العلماء أن يُصلّي المسلم القيام في أوّل الليل، أو في أوسطه، أو في آخره، وهو فِعل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ كان يُنوّع في أوقات نومه بالليل، فمتى تيسّر له قام إلى الصلاة، وقد ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قوله في فِعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما كنَّا نشاءُ أن نرى رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في اللَّيلِ مصلِّيًا إلاَّ رأيناهُ ولاَ نشاءُ أن نراهُ نائمًا إلاَّ رأيناه)،[٢][٣] ويُشار إلى أنّ للعلماء في أفضل وقت لقيام الليل أقوال، وبيانها فيما يأتي:

  • جمهور الفقهاء: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة إلى أنّ القيام في السُّدسَين: الرابع، والخامس من الليل أفضل؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْل، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا).[٤] والنصف الأخير من الليل أفضل للقيام لِمَن أراد أن يجعل الليل نصفَين، وإن أراد تقسيمه إلى أثلاث، فقيام الثُّلُث الأوسط أفضل، وينام في الثُّلثَين: الأوّل، والأخير؛ لكون المَشقّة في الوسط أكبر، والمُستيقِظين للصلاة فيه أقلّ، وكره الحنابلة والشافعية قيام الليل كلّه؛ إذ لم يرد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قام الليل كلّه مُصلِّياً حتى طلع الصبح إلّا فيما ورد من قيامه في العشر الأواخر من شهر رمضان؛ لحديث عائشة: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ).[٥][٦]
  • المالكيّة: ذهبوا إلى أنّ الصلاة في الثُّلث الأخير من الليل أفضل لِمَن اعتاد الاستيقاظ فيه، أمّا مَن اعتاد الرقود آخر الليل وعدم الاستيقاظ، فالأفضل أن يحتاط ويُصلّي في أوّل الليل.[٦]

حُكم قيام الليل كاملاً

قيام الليل عبادة عظيمة القَدْر عند الله -سبحانه وتعالى-، فقد وصفَ بها عبادَه الصالحين المُقرَّبين، وكلّ صلاة يُصلّيها العبد في الليل بعد صلاة العشاء هي صلاة قيامٍ لليل، ويجوز أن يقومه المسلم في أيّ وقت من الليل ما بين العشاء والفجر، ولكن يُكرَه أن يُداوم على قيامه كلّه بصفة مُستمِرّة،[٧] وتجدر الإشارة إلى أنّ قيام الليل كان مِمّا داوم عليه الصالحون؛ فمنهم من كان يقومه كلّه، ومنهم من كان يقوم بعضه، وقد شرع الله -تعالى- قيام جزء من الليل، فقال: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ*قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً*نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً*أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)،[٨] كما لم يقم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الليل كلّه، ولا أصحابه من بَعده، والذي ورد عنه -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان ينام جزءاً من الليل؛ ثُلُثه، أو سُدُسه، أو نَحوٍ من ذلك، ومن الغُلوّ أن يداوم المسلم على القيام دون أيّ نوم في الليل.[٩]

أجر قيام الليل في الدُّنيا والآخرة

يجتمع في قيام الليل حصول الأجر للعبد في الدُّنيا، والآخرة؛ فتتحصّل اللذّة بالقيام في الدُّنيا ويعيشها في لحظتها، كما يجد في صحيفته في الآخرة أجراً عظيماً، ومقاماً رفيعاً، ومن الفائدة التي تعود على العبد من قيام الليل في الحياة الدُّنيا أنّ صلاته تكون رادعاً له عن اقتراف المعاصي، أو إتيان المُنكَرات، كما يتجنّب الفحشاء؛ لقوله -تعالى-: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)،[١٠] كما أنّ القيام طاردٌ للعجز، والوَهَن، والكسل عن المسلم، وذلك أدعى لأن يتحصّل المسلم على الخير الذي يبغيه في دُنياه؛ إذ يُناجي ربّه ويدعوه بمصالح الدُّنيا، فيستجيب الله دعاءه؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ مِنَ اللَّيْلِ ساعَةً، لا يُوافِقُها عَبْدٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا، إلَّا أعْطاهُ إيَّاهُ.).[١١][١٢]

ويحتسب المسلم عبادته لله -تعالى-؛ لينالَ الأجر يوم القيامة، كما يتحصّل قائم الليل على رضا الله -سبحانه وتعالى- في الآخرة؛ فهو يترك نومَه، ولذّتَه، وأهلَه، ويقوم لله ساجداً، وراكعاً، وقد ورد الوعد بالنعيم له في قوله -تعالى-: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ*فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)،[١٣][١٢] ويقتدي المسلم بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في القيام؛ فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يقوم من الليل حتى تتورّم قدماه قياماً يشكر الله -تعالى- فيه على نِعَمه التي أنعمَها عليه، وقد أخبرت عائشة -رضي الله عنها- عن فِعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فقالت: (أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا).[١٤][١٥]

المراجع

  1. محمود عبداللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 75، جزء 3. بتصرّف.
  2. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1626، صحيح.
  3. كمال بن السيد سالم (2003م)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوقيفية، صفحة 400. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1131، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1174، صحيح.
  6. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 119-120، جزء 34. بتصرّف.
  7. “حكم قيام الليل كله على الدوام”، aliftaa.jo، 11-11-2012، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2020. بتصرّف.
  8. سورة المزمل، آية: 1-4.
  9. سلمان العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 44. بتصرّف.
  10. سورة العنكبوت، آية: 45.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم: 757، صحيح.
  12. ^ أ ب رقية المحارب، الإبانة عن أسباب الإعانة على صلاة الفجر وقيام الليل، صفحة 20-26. بتصرّف.
  13. سورة السجدة، آية: 15-16.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4837، صحيح.
  15. “من فوائد قيام الليل الدنيوية والأخروية”، www.islamweb.net، 6-1-2009، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أفضل وقت لقيام الليل

الوقت المشروع لقيام الليل يبدأ منذ صلاة العشاء، وينتهي بطلوع الفجر، وبذلك يكون وقته واسعاً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى صلاة الوتر، وصلاة التراويح،[١] وقد أجاز العلماء أن يُصلّي المسلم القيام في أوّل الليل، أو في أوسطه، أو في آخره، وهو فِعل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ كان يُنوّع في أوقات نومه بالليل، فمتى تيسّر له قام إلى الصلاة، وقد ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قوله في فِعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما كنَّا نشاءُ أن نرى رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في اللَّيلِ مصلِّيًا إلاَّ رأيناهُ ولاَ نشاءُ أن نراهُ نائمًا إلاَّ رأيناه)،[٢][٣] ويُشار إلى أنّ للعلماء في أفضل وقت لقيام الليل أقوال، وبيانها فيما يأتي:

  • جمهور الفقهاء: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة إلى أنّ القيام في السُّدسَين: الرابع، والخامس من الليل أفضل؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْل، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا).[٤] والنصف الأخير من الليل أفضل للقيام لِمَن أراد أن يجعل الليل نصفَين، وإن أراد تقسيمه إلى أثلاث، فقيام الثُّلُث الأوسط أفضل، وينام في الثُّلثَين: الأوّل، والأخير؛ لكون المَشقّة في الوسط أكبر، والمُستيقِظين للصلاة فيه أقلّ، وكره الحنابلة والشافعية قيام الليل كلّه؛ إذ لم يرد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قام الليل كلّه مُصلِّياً حتى طلع الصبح إلّا فيما ورد من قيامه في العشر الأواخر من شهر رمضان؛ لحديث عائشة: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ).[٥][٦]
  • المالكيّة: ذهبوا إلى أنّ الصلاة في الثُّلث الأخير من الليل أفضل لِمَن اعتاد الاستيقاظ فيه، أمّا مَن اعتاد الرقود آخر الليل وعدم الاستيقاظ، فالأفضل أن يحتاط ويُصلّي في أوّل الليل.[٦]

حُكم قيام الليل كاملاً

قيام الليل عبادة عظيمة القَدْر عند الله -سبحانه وتعالى-، فقد وصفَ بها عبادَه الصالحين المُقرَّبين، وكلّ صلاة يُصلّيها العبد في الليل بعد صلاة العشاء هي صلاة قيامٍ لليل، ويجوز أن يقومه المسلم في أيّ وقت من الليل ما بين العشاء والفجر، ولكن يُكرَه أن يُداوم على قيامه كلّه بصفة مُستمِرّة،[٧] وتجدر الإشارة إلى أنّ قيام الليل كان مِمّا داوم عليه الصالحون؛ فمنهم من كان يقومه كلّه، ومنهم من كان يقوم بعضه، وقد شرع الله -تعالى- قيام جزء من الليل، فقال: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ*قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً*نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً*أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)،[٨] كما لم يقم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الليل كلّه، ولا أصحابه من بَعده، والذي ورد عنه -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان ينام جزءاً من الليل؛ ثُلُثه، أو سُدُسه، أو نَحوٍ من ذلك، ومن الغُلوّ أن يداوم المسلم على القيام دون أيّ نوم في الليل.[٩]

أجر قيام الليل في الدُّنيا والآخرة

يجتمع في قيام الليل حصول الأجر للعبد في الدُّنيا، والآخرة؛ فتتحصّل اللذّة بالقيام في الدُّنيا ويعيشها في لحظتها، كما يجد في صحيفته في الآخرة أجراً عظيماً، ومقاماً رفيعاً، ومن الفائدة التي تعود على العبد من قيام الليل في الحياة الدُّنيا أنّ صلاته تكون رادعاً له عن اقتراف المعاصي، أو إتيان المُنكَرات، كما يتجنّب الفحشاء؛ لقوله -تعالى-: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)،[١٠] كما أنّ القيام طاردٌ للعجز، والوَهَن، والكسل عن المسلم، وذلك أدعى لأن يتحصّل المسلم على الخير الذي يبغيه في دُنياه؛ إذ يُناجي ربّه ويدعوه بمصالح الدُّنيا، فيستجيب الله دعاءه؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ مِنَ اللَّيْلِ ساعَةً، لا يُوافِقُها عَبْدٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا، إلَّا أعْطاهُ إيَّاهُ.).[١١][١٢]

ويحتسب المسلم عبادته لله -تعالى-؛ لينالَ الأجر يوم القيامة، كما يتحصّل قائم الليل على رضا الله -سبحانه وتعالى- في الآخرة؛ فهو يترك نومَه، ولذّتَه، وأهلَه، ويقوم لله ساجداً، وراكعاً، وقد ورد الوعد بالنعيم له في قوله -تعالى-: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ*فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)،[١٣][١٢] ويقتدي المسلم بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في القيام؛ فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يقوم من الليل حتى تتورّم قدماه قياماً يشكر الله -تعالى- فيه على نِعَمه التي أنعمَها عليه، وقد أخبرت عائشة -رضي الله عنها- عن فِعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فقالت: (أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا).[١٤][١٥]

المراجع

  1. محمود عبداللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 75، جزء 3. بتصرّف.
  2. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1626، صحيح.
  3. كمال بن السيد سالم (2003م)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوقيفية، صفحة 400. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1131، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1174، صحيح.
  6. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 119-120، جزء 34. بتصرّف.
  7. “حكم قيام الليل كله على الدوام”، aliftaa.jo، 11-11-2012، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2020. بتصرّف.
  8. سورة المزمل، آية: 1-4.
  9. سلمان العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 44. بتصرّف.
  10. سورة العنكبوت، آية: 45.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم: 757، صحيح.
  12. ^ أ ب رقية المحارب، الإبانة عن أسباب الإعانة على صلاة الفجر وقيام الليل، صفحة 20-26. بتصرّف.
  13. سورة السجدة، آية: 15-16.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4837، صحيح.
  15. “من فوائد قيام الليل الدنيوية والأخروية”، www.islamweb.net، 6-1-2009، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أفضل وقت لقيام الليل

الوقت المشروع لقيام الليل يبدأ منذ صلاة العشاء، وينتهي بطلوع الفجر، وبذلك يكون وقته واسعاً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى صلاة الوتر، وصلاة التراويح،[١] وقد أجاز العلماء أن يُصلّي المسلم القيام في أوّل الليل، أو في أوسطه، أو في آخره، وهو فِعل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ كان يُنوّع في أوقات نومه بالليل، فمتى تيسّر له قام إلى الصلاة، وقد ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قوله في فِعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما كنَّا نشاءُ أن نرى رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في اللَّيلِ مصلِّيًا إلاَّ رأيناهُ ولاَ نشاءُ أن نراهُ نائمًا إلاَّ رأيناه)،[٢][٣] ويُشار إلى أنّ للعلماء في أفضل وقت لقيام الليل أقوال، وبيانها فيما يأتي:

  • جمهور الفقهاء: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة إلى أنّ القيام في السُّدسَين: الرابع، والخامس من الليل أفضل؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْل، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا).[٤] والنصف الأخير من الليل أفضل للقيام لِمَن أراد أن يجعل الليل نصفَين، وإن أراد تقسيمه إلى أثلاث، فقيام الثُّلُث الأوسط أفضل، وينام في الثُّلثَين: الأوّل، والأخير؛ لكون المَشقّة في الوسط أكبر، والمُستيقِظين للصلاة فيه أقلّ، وكره الحنابلة والشافعية قيام الليل كلّه؛ إذ لم يرد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قام الليل كلّه مُصلِّياً حتى طلع الصبح إلّا فيما ورد من قيامه في العشر الأواخر من شهر رمضان؛ لحديث عائشة: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ).[٥][٦]
  • المالكيّة: ذهبوا إلى أنّ الصلاة في الثُّلث الأخير من الليل أفضل لِمَن اعتاد الاستيقاظ فيه، أمّا مَن اعتاد الرقود آخر الليل وعدم الاستيقاظ، فالأفضل أن يحتاط ويُصلّي في أوّل الليل.[٦]

حُكم قيام الليل كاملاً

قيام الليل عبادة عظيمة القَدْر عند الله -سبحانه وتعالى-، فقد وصفَ بها عبادَه الصالحين المُقرَّبين، وكلّ صلاة يُصلّيها العبد في الليل بعد صلاة العشاء هي صلاة قيامٍ لليل، ويجوز أن يقومه المسلم في أيّ وقت من الليل ما بين العشاء والفجر، ولكن يُكرَه أن يُداوم على قيامه كلّه بصفة مُستمِرّة،[٧] وتجدر الإشارة إلى أنّ قيام الليل كان مِمّا داوم عليه الصالحون؛ فمنهم من كان يقومه كلّه، ومنهم من كان يقوم بعضه، وقد شرع الله -تعالى- قيام جزء من الليل، فقال: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ*قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً*نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً*أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)،[٨] كما لم يقم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الليل كلّه، ولا أصحابه من بَعده، والذي ورد عنه -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان ينام جزءاً من الليل؛ ثُلُثه، أو سُدُسه، أو نَحوٍ من ذلك، ومن الغُلوّ أن يداوم المسلم على القيام دون أيّ نوم في الليل.[٩]

أجر قيام الليل في الدُّنيا والآخرة

يجتمع في قيام الليل حصول الأجر للعبد في الدُّنيا، والآخرة؛ فتتحصّل اللذّة بالقيام في الدُّنيا ويعيشها في لحظتها، كما يجد في صحيفته في الآخرة أجراً عظيماً، ومقاماً رفيعاً، ومن الفائدة التي تعود على العبد من قيام الليل في الحياة الدُّنيا أنّ صلاته تكون رادعاً له عن اقتراف المعاصي، أو إتيان المُنكَرات، كما يتجنّب الفحشاء؛ لقوله -تعالى-: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)،[١٠] كما أنّ القيام طاردٌ للعجز، والوَهَن، والكسل عن المسلم، وذلك أدعى لأن يتحصّل المسلم على الخير الذي يبغيه في دُنياه؛ إذ يُناجي ربّه ويدعوه بمصالح الدُّنيا، فيستجيب الله دعاءه؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ مِنَ اللَّيْلِ ساعَةً، لا يُوافِقُها عَبْدٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا، إلَّا أعْطاهُ إيَّاهُ.).[١١][١٢]

ويحتسب المسلم عبادته لله -تعالى-؛ لينالَ الأجر يوم القيامة، كما يتحصّل قائم الليل على رضا الله -سبحانه وتعالى- في الآخرة؛ فهو يترك نومَه، ولذّتَه، وأهلَه، ويقوم لله ساجداً، وراكعاً، وقد ورد الوعد بالنعيم له في قوله -تعالى-: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ*فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)،[١٣][١٢] ويقتدي المسلم بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في القيام؛ فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يقوم من الليل حتى تتورّم قدماه قياماً يشكر الله -تعالى- فيه على نِعَمه التي أنعمَها عليه، وقد أخبرت عائشة -رضي الله عنها- عن فِعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فقالت: (أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا).[١٤][١٥]

المراجع

  1. محمود عبداللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 75، جزء 3. بتصرّف.
  2. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1626، صحيح.
  3. كمال بن السيد سالم (2003م)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوقيفية، صفحة 400. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1131، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1174، صحيح.
  6. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 119-120، جزء 34. بتصرّف.
  7. “حكم قيام الليل كله على الدوام”، aliftaa.jo، 11-11-2012، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2020. بتصرّف.
  8. سورة المزمل، آية: 1-4.
  9. سلمان العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 44. بتصرّف.
  10. سورة العنكبوت، آية: 45.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم: 757، صحيح.
  12. ^ أ ب رقية المحارب، الإبانة عن أسباب الإعانة على صلاة الفجر وقيام الليل، صفحة 20-26. بتصرّف.
  13. سورة السجدة، آية: 15-16.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4837، صحيح.
  15. “من فوائد قيام الليل الدنيوية والأخروية”، www.islamweb.net، 6-1-2009، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى